الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

سعاد حسني .. سارقة الكاميرا وفتاة أحلام الملايين في الفن والحياة

سعاد حسني .. سارقة الكاميرا وفتاة أحلام الملايين في الفن والحياة
24 يونيو 2010 21:13
عبدالعزيز محمد الشهير بزيزو يحمل يومياً كيساً مليئاً بالقمامة، والزجاجات الفارغة‏ ويطوف ميادين وشوارع القاهرة‏، حافي القدمين‏،‏ وينام على الأرصفة‏،‏ يتمتم بكلمات لا تنطق سوى حروف اسم سعاد. وعبدالعزيز ليس اسماً وهمياً لكنه مسجل في نقابة السينمائيين‏،‏ وواحد من ضحايا السندريلا‏ سعاد حسني ظل عاشقاً لها ويحلم بالزواج منها‏،‏ وعندما رفضته أصيب بالجنون‏، وأخذ الكل يناديه مجنون سعاد حسني‏.‏ لم يكن زيزو وحده مجنون السندريلا، فهناك غيره كثيرون فمن لم يتزوجها في الحقيقة ظل يحلم بالزواج منها،‏ ومن لم يتزوجها في الخيال تزوجها في الأفلام‏. ‏في سجلات الأحوال الشخصية هناك أربع أزواج لها، هم صلاح كريم وعلي بدرخان وزكي فطين عبدالوهاب وماهر عواد وسجلات الشائعات تعرف اثنين هما عبدالحليم حافظ‏،‏ والمليونير السعودي محمد القزاز‏.‏ أما سجلات السينما فتشهد على ‏14‏ زوجاً أولهم صلاح ذو الفقار في “مال ونساء” عام ‏1960، وآخرهم عبدالعزيز مخيون في “الجوع” عام ‏1988‏. ولأن السندريلا أثارت بزواجها وقصص حبها جدلاً واسعاً في الواقع والسينما كان لا بد أن نفتح ملف زواجها السينمائي مع أزواجها السينمائيين الباقين على قيد الحياة في ذكرى رحيلها التاسعة‏.‏ وجه موهوب في فيلم‏ “القاهرة ‏30”‏ أسند المخرج الراحل صلاح أبو سيف البطولة إلى حمدي أحمد ليلعب دور “محجوب عبدالدايم” الشاب الذي أنهكه الفقر والحقد فحطم كل أخلاقياته وتحول إلى انتهازي مفعم بالمرارة ومستعد لعمل أي شيء من أجل الحصول على مكان وسط هذا الصراع الوحشي الفاسد‏،‏ حتى أنه في نهاية الفيلم وبعد افتضاح أمره هو وزوجته “إحسان شحاتة” نجده يستنهضها لمواصلة حياة التسلق والانتهازية والنجاح‏.‏ وعن ذكرياته مع السندريلا يقول حمدي أحمد: ترجع معرفتي بها إلى طفولتها حيث كانت تربطني صداقة وطيدة بزوج والدتها عبدالمنعم حافظ الذي كان يرعاها‏، وفي تلك الفترة أقمنا كشباب جامعيين متحمسين مشروعاً لمحو أمية النساء في المنطقة التي تسكنها وهي حي شبرا‏، وأشرفت مع الراحل إبراهيم سعفان على تعليمها مبادئ القراءة والكتابة‏،‏ وأظهرت سعاد تفوقاً كبيراً في التعليم‏، ولاحظت أنها تتمتع بوجه موهوب لا تستطيع أن تحول عينيك عنه‏، حتى لو كانت وسط مليون طفل‏،‏ ثم انقطعت صلتي بها‏.‏ وقال : في عام ‏1963‏ رشحني المخرج صلاح أبو سيف لبطولة فيلم‏ “القاهرة ‏30”‏ وبعد فترة طويلة من تعديل وتغيير السيناريو بدأنا التصوير‏،‏ وفي أول يوم قال لي المخرج عايز أعرفك بسعاد حسني‏، فقلت له بسرعة عارفها‏، ولكني تراجعت خوفاً من أن يعرف أحد شيئاً عن حياتها الخاصة، لا سيما أنها كانت نجمة كبيرة‏.‏ فقال لي أبو سيف‏‏ هل تقابلتما من قبل؟ فقلت له‏..‏ لا‏ ولكني أعرفها كفنانة كبيرة‏،‏ وعندما قابلتها أظهرت عدم معرفتي بها‏، واحترمت سعاد هذا الموقف جدا‏ً،‏ فكانت تنادي الجميع باسمه إلا أنا كانت تناديني بالأستاذ حمدي‏.‏ وأثناء التصوير كانت تأتي مبكراً وتجلس معي نراجع حوارنا في الفيلم‏،‏ ورغم أنها نجمة كبيرة فإنني وأحمد توفيق وعبدالعزيز مكيوي كنا نشعر بأنها وجه جديد مثلنا بالضبط‏، وفي ذلك الوقت كان مشهوراً عنها سرقتها للكاميرا لكنها لم تحاول بقدراتها الفذة أن تسرقني‏، ولم أحاول بقدراتي التمثيلية سرقتها‏،‏ فكنا على قدم المساواة في لحظات الحب والأسى،‏ ومن هنا جاء هذا التمازج الخطير في الشخصيتين فتشعر أحياناً بأن “إحسان شحاتة” هي “محجوب عبدالدايم” والعكس صحيح‏.‏ وأضاف : ومن المشاهد التي تدل على عبقريتها مشهد مقابلتها “علي طه” ورجوعها إلى بيتها حيث يعاني إخوتها الجوع فتقول لهم أمهم قولوا لأختكم‏،‏ والنبي إن شاء الله هنقعد في الشارع ونقول لله يا محسنين‏.‏ في هذا المشهد كانت في قمة الأحاسيس الداخلية إذا نظرت إلى وجهها تعتقد أن بداخلها حريقاً هائلاً.‏ وقال: بعد النجاح الكبير‏ “للقاهرة ‏30” تم ترشيحي لبطولة فيلم “الزوجة الثانية” لكن القائمين علي الفيلم قالوا إن حمدي نجح جداً في دور الزوج المفرط في زوجته فهل يستقبله الجمهور في دور الزوج المحب المتمسك بزوجته‏،‏ فكان الحكم لسعاد فقالت لهم : صعب أن يصدق أحد حمدي بعد نجاحه الخطير في “القاهرة ‏30”‏ فلعب الدور شكري سرحان‏، وفي هذه الفترة غضبت منها لكن بعد مرور الأيام اكتشفت أن رأيها كان صائباً.‏ رقيقة ومتواضعة عزت العلايلي أو “سيد سالم” زوجها في فيلم “الاختيار” يقول : في هذا الفيلم‏، كانت الزوجة التي تتمزق بين زوجها الكاتب المشهور والانتهازي‏، وتوأمه البحار المنفتح على الحياة‏.‏ وعن علاقته بالسندريلا يقول : كانت تربطني بها علاقة أسرية وفنية بدأت في الستينات لكنها توطدت أثناء تصويرنا لفيلم “الاختيار‏”،‏ وأثناء ذلك عرفتها عن قرب فوجدتها رقيقة ومتواضعة‏،‏ كنت أذهب لمكان التصوير فأجدها وصلت قبل الجميع ومرتدية ملابس الشخصية ومستوعبة لدورها‏،‏ بشكل جيد،‏ ووجودها في الفيلم كان سبباً في نجاحه بما لها من ثقل فني كبير‏،‏ وسعاد قمة فنية من قمم العصر الحديث فقد أدخلت البهجة إلى قلوب المشاهدين‏،‏ ولن تجود السينما بمثلها فهي لا تقل قيمة عن الموسيقار محمد عبدالوهاب وكوكب الشرق أم كلثوم وغيرهما من العمالقة الذين أضاءوا سماء الفن في العالم العربي‏.‏ فنانة استثنائية محمود ياسين شارك السندريلا ثلاثة من أهم الأفلام في تاريخ السينما المصرية وهي “الحب الذي كان” و”أين عقلي” و”على من نطلق الرصاص‏”.‏ وعن لقائه بها يقول ‏:‏ حدث هذا عام ‏1970‏ عندما رشحني يوسف شاهين لبطولة فيلم “الاختيار” أمامها‏،‏ وفي أحد الأيام اصطحبني لزيارتها في شقتها بالزمالك‏، فاستقبلتنا بحفاوة كبيرة‏، وأثنت على دوري في فيلم “شيء من الخوف” وظلت تحدثنا عن الفن ودوره وأهميته وأنا لا أصدق أنني جالس بجوارها‏،‏ لكن لظروف ما‏،‏ لم أحظ بالوقوف أمامها في فيلم “الاختيار‏”‏ وبعد مرور ثلاث سنوات التقينا في فيلم “الحب الذي كان” الذي يعد انطلاقة لمخرج كبير هو علي بدرخان والذي كان أول أعماله‏.‏ وفي عام ‏1974‏ كنت زوجاً لها في فيلم “أين عقلي” إخراج عاطف سالم وفي هذا الفيلم كنت أحاول أن أوحي لها بأنها تعاني من مرض عقلي‏،‏ في حين أنني الذي كنت في حاجة إلى العلاج من مرض نفسي خطير‏، واللقاء الأخير‏،‏ كان في “على من نطلق الرصاص” الذي يعتبر واحداً من أهم مئة فيلم في تاريخ السينما المصرية‏،‏ وحصلنا أنا وهي على العديد من الجوائز عن هذه الأفلام‏.‏ وأضاف: كان أهم ما يميزها كفنانة انصهارها وذوبانها في دورها ووعيها بأدق تفاصيل الشخصية وقدرتها على التعامل مع كل اللحظات مهما صغر زمانها على الشاشة‏، وسعاد فنانة استثنائية في تاريخ السينما المصرية من حيث حجم الموهبة‏،‏ وكانت نموذجاً للفتاة المراهقة‏، والسيدة الناضجة‏،‏ والمرأة الخارقة الأنوثة‏،‏ والممثلة التي لا يجاريها أحد في موهبتها وجمال أدائها‏.‏ عقدة “زوزو” أما حسين فهمي الذي شاركها بطولة أربعة أفلام هي “خللي بالك من زوزو” و”غرباء” و”أميرة حبي أنا” و”موعد على العشاء‏”‏ فيقول : بداية معرفتي بالسندريلا كانت بعد عودتي مباشرة من الولايات المتحدة، حيث كان من المقرر أن أعمل كمساعد مخرج مع يوسف شاهين في فيلم “الاختيار” الذي كان سيقوم ببطولته أمامها،‏ وكنت سأقوم بإخراج المشاهد التي سيقف فيها “جو” أمام الكاميرا لكن لأسباب كثيرة اعترضت المؤسسة العامة منتجة الفيلم على قيام شاهين ببطولة الفيلم،‏ فاستعان بعزت العلايلي‏،‏ وأصبح وجودي لا معنى له‏،‏ وبالتالي انسحبت من الفيلم،‏ لكن خلال تلك الفترة اقتربت منها حيث كنت مسؤولاً عن تنفيذ شروطها الموجودة في عقد الفيلم‏، وأثناء ذلك شجعتني على خوض تجربة التمثيل ورشحتني لبطولة فيلم “الحب الضائع” أمامها وبالفعل عملت تيست كاميرا،‏ لكني لم أتحمس لبطولة الفيلم وذهب الدور إلى رشدي أباظة‏،‏ وبعد مرور أكثر من عام اتجهت إلى التمثيل‏، وكان أول لقاء بيننا فيلم “غرباء” إخراج سعد عرفة ثم قدمنا بعد ذلك فيلم “خللي بالك من زوزو” والذي نجح بقوة واستمر عرضه عاماً وبضعة أسابيع‏، ثم قدمنا فيلم “أميرة حبي أنا” وأخيراً “موعد على العشاء” وفي هذين الفيلمين كنت زوجاً لها‏.‏ وأضاف: لاحظت أثناء تصويرنا لفيلمنا الأخير أن النجاح المدوي لفيلم “زوزو” أصابها بعقدة‏،‏ فلم تصبح سعاد التي عرفتها في “الاختيار” بسيطة جداً ومنطلقة ومرحة‏، بنفس البساطة والانطلاق‏،‏ ولكنها أصبحت خائفة ومترددة وموسوسة حتى أنها رفضت عروضاً خيالية بأرقام فلكية لترددها‏.‏ بساطة وعفوية في عام ‏1986‏ قرر المخرج علي بدرخان وسعاد حسني تقديم فيلم “الجوع” ووقع اختيارهما على عبدالعزيز مخيون ليجسد دور “جابر” زوج “زبيدة” المحب للخير‏.‏ وعن هذا الفيلم وعلاقته بالسندريلا يقول مخيون:‏ رغم أن لقائي بسعاد حسني في فيلم “الجوع” كان اللقاء الفني الأول،‏ فقد كان لنا أكثر من لقاء على المستوى الإنساني، حيث كانت في فترة من الفترات زوجة صديقي وأخي علي بدرخان وحضرت جزءاً كبيراً من تصوير فيلمها “أهل القمة‏”.‏ وأضاف: عندما جاءني السيناريو عرفت أن التي ستلعب دور “زبيدة” زوجتي هي‏‏ سعاد حسني سعدت بهذا، وعندما اقتربت منها وجدتها على قدر كبير من البساطة والعفوية التي لا يتمتع بها إلا الفنان الحقيقي‏، وأثناء عملها لا تهتم بنفسها قدر اهتمامها بفنها،‏ وبالمحيطين بها من فنيين وكومبارس وديكور. زواج سعاد بالسيناريست ماهر عواد تحدثت سعاد حسني قبل رحيلها عن ظروف زواجها بالسيناريست ماهر عواد وقالت: شاهدته لأول مرة من خلال برنامج تليفزيوني‏، وكان يتحدث عن تجربته في السيناريو‏،‏ ودراسته العلمية‏ وهيامه وغرامه بالسينما‏،‏ وعدم تعجله للشهرة‏، وبعد انتهاء البرنامج أعجبتني شخصيته وقبل هذا اللقاء التليفزيوني كنت شاهدت له فيلمه الأول “الأقزام قادمون” وأعجبت بتكنيك كتاباته‏، وشعرت بأنه يقدم نوعاً مفقوداً في السينما وهو الفيلم الغنائي الموسيقي الذي برع في تقديمه من قبل صلاح جاهين‏.‏ وبعد أيام اتصل بي هاتفياً وطلب تحديد موعد لعرض سيناريو علي‏َّ،‏ فرحبت،‏ وبعد مقابلة قصيرة أعطاني السيناريو وكنت في شوق لقراءته‏،‏ وتكررت الاتصالات التليفونية بيننا ولظروف ما‏،‏ لم يخرج الفيلم إلى النور، لكن في هذه الأثناء شعرنا بأننا لا نستطيع أن نستغني عن بعضنا‏،‏ وعرض عليّ الزواج‏، وقال لي: سعاد يا عمري أنا أحببتك وأريد الزواج منك، فقلت له يا ماهر سعادتي سوف تكتمل فعلاً بالارتباط بك‏، وتم الزواج يوم ‏11‏ يونيو ‏1987‏ وكان المهر ‏25‏ قرشا‏ً، وحضر الحفل مجموعة قليلة جداً تعد على أصابع اليد الواحدة وكلهم من الأهل.
المصدر: القاهرة
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©