الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

شيخ النحاتين العراقيين يحلم بالعودة إلى بغداد

23 نوفمبر 2009 01:38
رغم أن الاحتلال الأميركي للعراق في أبريل 2003 تسبب بتدمير وسرقة 150 تمثالاً من منحوتاته من البرونز والخشب والحجر و300 وساماً وميدالية وشارة من الذهب والفضة والنحاس والبرونز كانت معروضة في متحف ببغداد وتمثل كل مسيرته؛ إلا أن النحات العراقي الشهير محمد غني حكمت ما زال يعمل بشغف آملا بالعودة إلى بغداد ليكمل مشواراً بدأه قبل أكثر من نصف قرن. ويقول حكمت (80 عاما) الذي اقترن اسمه بنصب “على بابا والأربعين حرامي” و”شهريار وشهرزاد” في مقابلة مع وكالة الأنباء فرانس برس في عمان حيث يقيم منذ خمس سنوات؛ “رغم كل ما حصل ما زلت أحلم بالعودة إلى بغداد لأكمل ما بدأته قبل ستين سنة”. وأضاف من ورشته المليئة بعشرات النماذج الحجرية والبرونزية التي تروي بلغة الفن حكاية كل إنسان عراقي روعه الاحتلال وافسد أحلامه وشرده للمنافي البعيدة حيث يعاني من الغربة والحنين إلى الوطن؛ “أنا متفائل بأن ما حصل سينتهي؛ فالعراق مركز ثقافي وحضاري عمره يمتد لآلاف السنين ويصعب تغيير جذوره خلال سنوات قليلة”. ولد حكمت في الكرخ ببغداد 1929 وسط اسرة محافظة شجعته على ممارسة هوايته. وعندما كان طفلاً كان يذهب إلى ضفاف نهر دجلة ليصنع من الطين أشكالاً لحيوانات وزخارف وقببا. وانصب اهتمام حكمت على إدخال الأساطير البابلية والسومرية والاشورية في أعماله حتى إنه عبر عن ذلك في مقدمة أحد كتبه عام 1994 قائلاً “من المحتمل أن أكون نسخة أخرى لروح نحات سومري أو بابلي او آشوري أو عباسي؛ كان يحب بلده”. وانجز حكمت منذ تخرجه في كلية الفنون الجميلة بروما 1959 عشرات النصب في بغداد ابرزها حمورابي وشهريار وشهرزاد وكهرمانة والأربعين حرامي والمتنبي وبساط الريح والخليفة ابو جعفر المنصور والجنية والصياد؛ إضافة إلى أعمال أخرى لا تحصى منها 14 لوحة جدارية في احدى كنائس بغداد تمثل درب الآلام للسيد المسيح. وانجز حكمت في ثمانينات القرن الماضي احدى بوابات منظمة اليونيسف في باريس وثلاث بوابات خشبية لكنيسة “تيستا دي ليبرا” في روما ليكون بذلك أول نحات عربي مسلم ينحت ابواب كنائس في العالم. فضلا عن انجازه جدارية الثورة العربية الكبرى في عمان وأعمال مختلفة في البحرين تتضمن خمسة ابواب لمسجد قديم وتماثيل كبيرة ونوافير. كما ساعد حكمت في عمل “نصب الحرية” الذي كان من تصميم استاذه النحات العراقي المعروف جواد سليم الذي وافاه الأجل في سن الثانية والاربعين قبل اكتمال هذا العمل الذي يرمز إلى مسيرة الشعب العراقي من زمن الاحتلال البريطاني إلى العهد الملكي ثم الجمهوري. وتم انجاز النصب البرونزي بطول 50 مترا ويضم 25 شخصية بالإضافة إلى الثور والحصان؛ ويعد أحد أكبر النصب في العالم، خلال عامين في فلورنسا بايطاليا ونقل الى بغداد عام 1961 بطائرة. وتتحدث مواضيع النصب عن المآسي التي مرت بالعراق، منها أم تبكي على ولدها وجندي يكسر قضبان السجن واحلام ما سوف قد يأتي من حرية وثورة صناعية وزراعية. ورغم ان هذا النصب الذي ازيح عنه الستار في 14 يوليو 1961 قد تم انشاؤه بعد سقوط الملكية في العراق (1958) ومجيء الزعيم عبدالكريم قاسم الى السلطة إلا أن حكمت يؤكد بأن “العراق لم يشهد استقراراً أمنيا فعليا منذ ذلك الحين”. ويأمل حكمت الذي عمل 37 عاماً استاذاً في أكاديمية الفنون الجميلة في بغداد بأن يعود الى بغداد يوما لانجاز ثلاثة اعمال برونزية: الاول تمثال لسندباد البحري عائم وسط نهر دجلة والثاني نافورة مصباح علاء الدين السحري في ساحة الخلاني والثالث لحرامي بغداد تلك الشخصية التي اشتهرت في العصر العباسي عندما كان يتلثم بالليل ليسرق اغنياء بغداد ويوزع بعد ذلك المال على الفقراء. وينتقد حكمت الاحتلال الاميركي للعراق وما رافقه من عملية تدمير وسلب ونهب لإرث الفن العراقي، ويقول “لقد أدى ذلك الاحتلال البشع إلى تدمير ستة الاف عمل فني من مجموع ثمانية الاف عمل كانت تمثل ارشيف الفن العراقي”. وحول نصب “قوس النصر” في ساحة الاحتفالات الكبرى ببغداد الذي يرمز إلى قبضتي صدام تمسكان بالسيف والذي انجزه خلال الحرب العراقية-الايرانية في ثمانينات القرن الماضي؛ يقول حكمت “إن الحكومة في ذلك الحين أعدت مسابقة شارك فيها العديد من النحاتين العراقيين؛ أنا شخصياً لم أشارك؛ فاز بها خالد الرحال لكنه مات قبل أن ينجز النصب”. وأضاف “بعدها اتصل بي محمد فاضل وزير الإسكان؛ وقال لي: محمد تقرر تكليفك بتنفيذ هذا العمل. اعتذرت بلا جدوى؛ لذلك تم تنفيذه من قبلي لكني لست صاحب الفكرة”. وخلص إلى القول “أنا لم أحب السياسة يوماً؛ لأني ببساطة فنان كل مصيبته أنه يهوى العراق”.
المصدر: عمان
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©