الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

التشبث بالسلطة... عدوى زعماء أميركا اللاتينية

التشبث بالسلطة... عدوى زعماء أميركا اللاتينية
22 نوفمبر 2009 23:46
تحوي كتب التاريخ المعاصر حول أميركا اللاتينية فصولا طويلة حول الحكام المستبدين الذين نهبوا خزائن الدولة وحكموا بلدانهم من أجل المكاسب الشخصية، واستأصلوا معارضيهم بدون رحمة؛ وحين انتقلت الشعوب من الحكم الديكتاتوري إلى الديمقراطية، تضمنت الدساتير الجديدة مواد تحظر إعادة انتخاب الرؤساء وتضمن عدم عودة مثل هؤلاء الزعماء إلى السلطة؛ غير أن مثل هؤلاء الحكام قد يكونون بصدد العودة اليوم. فخلال السنوات –والأسابيع– الأخيرة، حاول الرؤساء عبر المنطقة إلغاء تلك القيود الدستورية وتمديد فترة بقائهم في السلطة بدعوى أن بلدانهم في حاجة إلى مزيد من الاستمرارية السياسية، وأنهم في حاجة لمزيد من الوقت من أجل إتمام الإصلاحات التي بدؤوها؛ والواقع أن العديد من مواطنيهم يؤيدون الفكرة، ولكن المنتقدين يحذرون من انزلاق خطير يمكن أن يعيد المنطقة إلى تلك الأيام الصعبة التي يعتقد الكثيرون أنها ذهبت بلا رجعة. ويقول "يوليو خوليو ريوس فيجيرا" -الخبير في القانون الدستوري بمركز البحث الاقتصادي في مكسيكو سيتي-: "ثمة أسباب جيدة وسيئة لوجود مواد في الدستور تحدد عدد المرات التي يجوز فيها إعادة انتخاب الرئيس، وقد حاولت البلدان أن تمنع الرؤساء الذين يريدون أن يصبحوا مثل الحكام المستبدين السابقين من البقاء في الحكم". بيد أنه في كثير من الحالات اليوم، -يوضح فيجيرا- يستغل الرؤساء إسقاط هذه المواد من الدستور من أجل تنفيذ مشاريع شخصية إذ يقول: "إنهم يحاولون تغيير الدساتير حتى يستطيعوا البقاء في السلطة لفترة أطول". ولئن كانت أيام الحكام العسكريين الذين كانوا يحكمون بلدان أميركا اللاتينية قد ولت منذ زمن طويل، فإن البعض يخشى صعود شكل حديث من عهد الحكام المستبدين السابقين؛ ويشير معظمهم إلى الرئيس الفنزويلي "شافيز" بوصفه أول من دشن هذا الاتجاه. فبعد 10 سنوات في السلطة، فاز الزعيم اليساري المثير للجدل باستفتاء في فبراير الماضي يلغي تحديد الدستور لعدد المرات التي يجوز فيها إعادة انتخاب الرئيس – خطوة يقول إنها ضرورية من أجل تنفيذ "الثورة البوليفارية" التي توزع الثروة على نحو أكثر عدلا بين الفقراء؛ وقد حذا حذوه حليفاه في بوليفيا والإكوادور، حيث فاز كل منهما بالحق في إعادة الانتخاب من خلال إصلاح دستوري؛ كما أن الخوف من أن يحاول زعيم هندوراس المخلوع إعادة المناورة نفسها –وهي تهمة ينفيها بشدة – هو الذي قاد إلى خلعه في يونيو الماضي، الأمر الذي فجر أسوأ أزمة سياسية تعرفها أميركا اللاتينية منذ عقود. واليوم، يجرب رئيس "نيكاراجوا دانيال أورتيجا" وهو حليف آخر لشافيز، اللعبة نفسها؛ فبعد فشله في إقناع الجمعية الوطنية (البرلمان) في نيكاراجوا ببحث إمكانية إلغاء الولايتين التي يحددهما الدستور كحد أقصى لرئاسة البلاد، فاز "أورتيجا" الذي بدأ ولايته الرئاسية الأولى (المؤلفة من خمس سنوات) في 1985، بحكم في المحكمة العليا الشهر الماضي يعبد الطريق لإعادة انتخابه في 2011. غير أن بعض المحللين يلفتون إلى أن التخلي عن تحديد المرات لإعادة انتخاب الرئيس لا تقتصر على الحركة اليسارية فقط؛ ففي كولومبيا، يبحث الرئيس المحافظ "ألفارو أوريبي" إمكانية اتخاذ تدابير تسمح له بولاية رئاسية ثالثة، بعد أن تم تعديل حظر قديم على إعادة انتخاب الرئيس في 2005 قصد السماح لأوريبي بإعادة الترشح للانتخابات. الحقيقة أن هذا الاتجاه الصاعد لديه العديد من المدافعين، حيث يرى "بيتر كورنبلا" -الخبير في الحكام المستبدين في "أرشيفات الأمن القومي" في واشنطن- أن تعديل الحد القانوني لإعادة انتخاب الرئيس هو في الغالب أمر مبرر، وذلك لأن ولاية رئاسية واحدة فترة غير كافية وتمثل في كثير من الحالات تقييدا للرؤساء في تلك البلدان، حيث ينكب الزعماء اليوم على "إعادة تأسيس" الدول لمنح شرائح المجتمع التي عانت القمع والاضطهاد صوتا. ويقول كورنبلا: "إن عملية تمديد الحد القانوني لإعادة انتخاب الرئيس تعزى إلى مطالبة الشعب بالتغيير، خاصة وأن الولايات من أربع سنوات أثبتت أنها غير كافية لمعالجة المشاكل العويصة والشائكة التي تواجهها أميركا اللاتينية". وفي المكسيك، يقول "ريوس فيجيرا" إن إلغاء المواد التي تحدد عدد المرات التي يسمح فيها بإعادة انتخاب الرئيس شكَّل موضوع مناقشة كوسيلة لتشديد المحاسبة، وبخاصة محاسبة أعضاء الكونجرس الذين لا يمكن إعادة انتخابهم؛ وفي كولومبيا، يقول مؤيدو إعادة انتخاب "أوريبي" إن الرئيس، الذي يناهز معدل شعبيته 70 في المائة والذي ينسب له الفضل في استرجاع السيطرة على مناطق واسعة من البلاد من مليشيات المتمردين، مهم جدا بالنسبة لاستراتيجية أمنية ناجحة. وتعليقا على هذا الأمر يقول "ألفريدو رانجل" -رئيس مؤسسة الأمن والديمقراطية في بوجوتا-: "لقد حققت هذه الحكومة تقدما مهما للبلاد إلى الأمام، والناس يريدونها أن تستمر"؛ غير أن "رانجل" يضيف أنه يرى أخطارا تحدق بالديمقراطية في فنزويلا حيث قام شافيز بإغلاق وسائل الإعلام التابعة للمعارضة وبات يسيطر اليوم على كل مؤسسات الدولة تقريبا، إذ يقول: "إن الحكم المستبد يعني تركز السلطة في يد شخص واحد فوق الدستور والقوانين، وهذا ما يحدث في فنزويلا؛ أما في كولومبيا، فلا خطر لحدوث ذلك". سارة ميلر لانا - مكسيكو سيتي تيم روجرز - ماناجوا، نيكاراجوا ينشر بترتيب خاص مع خدمة «كريستيان ساينس مونيتور»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©