الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

أيها الصائمون اقتصدوا

أيها الصائمون اقتصدوا
11 سبتمبر 2008 00:41
لا أعرف لماذا نقلب الآية؟ فالمفترض من المجتمع الصائم أن يقل استهلاكه ويكثر إنتاجه ويتحقق فيه الوفر الكبير ، أو يحقق فائضاً اقتصادياً جيداً في شهر الصيام ! ولكن في مجتمعاتنا العربية والإسلامية يحدث العكس حيث يتحول شهر الصيام إلى موسم للطعام ! إذن ما فوائد الصيام ومردوداته الاقتصادية والصحية والاجتماعية ؟ إنها مجرد إشارات اقتصادية نسوقها هنا ، ولا نزعم أن شهر رمضان المبارك يحمل مبادئ اقتصادية ـ فيما يحمل ـ ولا نريد أن نطرح كمًا من النظريات التي لا أساس لها في التطبيق ، ولكن نريد فقط أن نقتصد لنتفرغ من هم المعيشة إلى العبادة والقراءة · ويكفي أن شهر رمضان نظم لنا العادات اليومية وعلمنا الانضباط وخفض مستويات الإنفاق الاستهلاكي ، ثم وجهنا إلى البذل والإنفاق في وجوه الخير ، بما يتوقع أن يفيض لدينا، فنخرج الصدقات والزكوات في هذا الشهر بحيث تتمكن الأسر على الأقل من التوفير ، لتسهم مع عبادة الصيام في عبادة الصدقات والمبادرات الأخرى التي ترضي ربنا سبحانه وتعالى لتحقق للصائمين مزيداً من التراحم والتضامن · فتخفيف وجبات الإفطار ـ كماً وتنوعاً ـ يعني أيضاً توفيراً للماء المستهلك على التنظيف ، والطاقة المهدورة على الطبخ ، والمبالغ التي ستدفع لاحقاً من جراء الإسراف للتداوي والدواء · والسهر إلى السحور أمام التلفزيون ، يعني الاستمرارية في تناول الأطعمة والأشربة وإهدار المزيد من الطاقة وتضييع الأوقات بما لا ينفع، فالتسلية على حساب العمل والعبادة اختلال آخر في سلوك الصائمين · والصيام في الأصل يندرج تحت هذه الإشارة القرآنية (ذلك تخفيف من ربكم ورحمة ) أو ( يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر ) أو كما قال رسول الله ( صلى الله عليه وسلم) : ( بحسب ابن ادم لقيمات يقيم بها صلبه ) و( اللهم أعط منفقاً خلفاَ وأعط ممسكاً تلفاَ ) ولذلك كله كان رسول الله ( صلى الله عليه وسلم) أجود من الريح المرسلة في رمضان · كم تكون التجارة رابحة مع الله عز وجل لو تمسك كل منا نحن الصائمين بهذه الإشارات؟· لا شك أن التعاطي في مثل هذه الإشارات سيصب في خانة التوازن الاقتصادي للأسرة والمجتمع على السواء ، ولا ينقصنا سوى الإرادة القوية للوصول إلى ضبط عوائدنا الاستهلاكية وعاداتنا الاجتماعية ، فنحن من عود أطفالنا في شهر رمضان على الموائد المتخمة بالدهون والسكريات ، بحجة أنه شهر الخير ، نعم هو كذلك ، ولكن ليس بالإسراف أو التخمة أو التقتير · صارت الإعلانات غير المدروسة عن توفير المواد الغذائية وبرامج الطبخ ، سمة عصرية تنافسية لا تمت إلى قدسية شهر الصيام بصلة · إذ إن حقيقة الصيام هي الاتجاه نحو التقوى الروحية والوقاية الجسدية والنفسية والاجتماعية من أمراض كانت متراكمة عدداَ من الشهور · إن من مقاصد هذه التقوى ومعاني الوقاية : إراحة الأجسام المثقلة بأوجاعها مدة شهر كل عام لما يمكن أن يسمى بالصيانة العامة ، وإتاحة المجال للأرواح والنفوس لأن تسمو في معارج الكمالات ، بلا موانع من الشهوات والرغبات والمباحات · أيها الصائمون اقتصدوا حتى تبلغوا محطات الإيمان المراد·
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©