الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

موضوعات سينما المقاومة حياتية ويومية

موضوعات سينما المقاومة حياتية ويومية
10 سبتمبر 2008 23:27
مصطفى أبو علي من مؤسسي السينما الفلسطينية· ويعتبر اليوم من المخرجين المخضرمين في عالم السينما التسجيلية العربية· مناضل في حركة فتح بدرجة مبدع· وصاحب عين راصدة للعمل الفدائي الفلسطيني في ستنيات وسبعينات القرن العشرين، ولكنه انتقل مؤخرا لرصد معاناة الشعب الفلسطيني بإنسانية مجردة وواقعية لا محدودة· عن السينما الفلسطينية وما آلت إليه الآن· عن تجربته الشخصية في عالم المقاومة والإبداع تحدث المخرج الفلسطيني مصطفى أبو علي منطلقا من بدايات السينما الفلسطينية، فقال: بدأت السينما التسجيلية الفلسطينية عام 1968 مع ثلاثة سينمائيين: هاني جوهرية وسلاف جاد الله وأنا· وكنا نعمل في دائرة السينما التابعة لوزارة الإعلام الأردنية· وقبل هزيمة عام 1967 لم أكن مهتما بالسياسة، إلا أن النكسة أحدثت في نفسي صدمة قوية بعد أن توقعت مثل كل العرب أن نحرر فلسطين كما أوحت لنا الإّذاعات العربية في حينها· من بعد ذلك بدأ العمل الفدائي الفلسطيني عام 1968 مع معركة الكرامة، والذي اكتسب شعبية كبيرة· فشعرنا أننا كقاعدة يجب أن نمسك زمام الأمور وإلا ستضيع القضية بعد أن فقدنا الثقة بالأنظمة العربية· أما نحن كسينمائيين فلاحظنا ضرورة أن تسجل السينما الكفاح المسلح وأوضاع الفلسطينيين الاجتماعية والأمنية· ومن هنا انطلقت السينما التسجيلية الفلسطينية· بدايات ودلالات وعما تحقق في الفترة بين 1968 تاريخ تأسيس مجموعة أفلام فلسطين عام 1968 وعام 1971 تاريخ تأسيس مؤسسة السينما الفلسطينية في بيروت يقول أبوعلي: راكمنا في الأرشيف العديد من الصور، حيث كنا نسجل يوميا مظاهر العمل الفدائي من التدريب والعمليات وأيضا المظاهرات الجماهيرية وكل الوسائل التعبيرية التي لها علاقة بالثورة الفلسطينية· كما صورنا أحداث أيلول/ سبتمبر الأٍسود في الأردن، ثم أخذنا هذا الأرشيف إلى بيروت وقدمنا فيلم ''بالروح بالدم'' الذي يعتبر فيلمي الأول عمليا لأنه يبحث عن لغة سينما المقاومة· وبسؤاله عن السبب في ضياع الأفكار في الأفلام النضالية والتشتت بين الشعارات أو محاولة البحث عن لغة جديدة، يوضح المخرج الفلسطيني المخضرم: بالطبع تشيع الشعارات في أفلام المقاومة، لكنني لم أشاهد أفلاما عن المقاومة تبحث عن لغة سينمائية جديدة· وكنت الوحيد تقريبا الباحث عن مفردات مختلفة في حين أن البعض كانوا يقدمون أفلاما تسجيلية تقليدية من ناحية الصور والمعلومات دون البحث عن لغة· وآخرون كان الفيلم بالنسبة لهم عبارة عن تجميع صور وتعليق صوتي في الإذّاعة ولصق أناشيد الثورة الفلسطينية، فأصبحت أفلاما تحريضية أكثر من أفلام عن المقاومة· وربما كانت هذه الأفلام تخدم القضية الفلسطينية في حينها ولكني لست مع هذا النوع· وسألناه: من السبعينات إلى 2008 تغير الوضع الإقليمي والعربي والعالمي: فكيف هي سينما المقاومة اليوم؟ يجيب: سينما المقاومة اليوم موجودة، ولكن اتخذت أشكالاً مختلفة بعد اتفاق أوسلو، حيث يهتم الجيل الثالث من السينمائيين بمعاناة الفلسطينيين على الحواجز مثلا· وآخرون يصورون يوميات عائلة فلسطينية يقع منزلها قرب إحدى المستوطنات الشيء الذي يضايق المستوطنين ويحاولون التخلص من البيت وأهله، فيمارسون عليهم ضغوطا نفسية كأن يمنعونهم من الدخول والخروج دون تصريح· لذلك يعتبر رصد هكذا حالات أحد مشاهد سينما المقاومة، التي تتناول اليوم موضوعات لها علاقة بالحياة اليومية الفلسطينية بعد أن عبرت السينما الفلسطينية عن مراحل النضال الفلسطيني· مرحلتان وصيغتان وفي رأي ابو علي أنه يجوز تقسيم السينما على مرحلتين: ما قبل أوسلو وما بعدها، على غرار ما حصل مع الأدب، وذلك لأن الوسائل السينمائية اختلفت وأيضا وسيلة الكفاح والنضال اختلفت بعد أوسلو· وعن تغير صورة الفلسطيني الموجود في الأرض المحتلة بعد أوسلو في السينما، يقول: هناك تركيز على معاناته من الاحتلال، حيث تحاول السينما إظهار قبح هذا الاحتلال· ولم أجد فيلما خارج هذا السياق، لأن القضية الفلسطينية أصبحت جزءا من جينات الإنسان الفلسطيني ولا يستطيع السينمائيون تجاهل ضغط الاحتلال نفسيا ومعيشيا على الشعب الفلسطيني· واذا كان عرب 1948 قد استفادوا من السينما الإسرائيلية: فهل هذا أحد أنواع التطبيع؟ يجيب: هذا ليس تطبيعا· فمن المفروض أن عرب 48 مواطنون في دولة إسرائيل ومتساوون في الحقوق مع اليهود· ولكن هذا لا يحدث لأنه يمارس عليهم التمييز، وهم منبوذون داخل الدولة العبرية كما أن المجتمعات الفلسطينية داخل إسرائيل تعاملها محدود مع اليهود· إلا أن بعض السينمائيين الفلسطينيين بصفتهم مواطنين داخل دولة إسرائيل حصلوا على تمويل من المؤسسات الإسرائيلية لتقديم أفلامهم· ويضيف: لقد أخذوا الجانب الرمزي للصراع حتى يتجنبوا الاضطهاد المباشر· وفي إسرائيل توجد أربعة صناديق لدعم السينما، والتي مولت خمسة أفلام روائية فلسطينية في حين أن السلطة الوطنية الفلسطينية لم تمول أي فليم· وهذا لا يعني ان التمويل الإسرائيلي بريء! فالسينمائي لن يتقدم إلى صندوق السينما الإسرائيلي بطلب تمويل فيلم يظهر عنصرية إسرائيل ونازيتها وفاشيتها! وفي رأي ابو علي لا يجب أن ندين هؤلاء السينمائيين، لأنه لو حرر العرب فلسطين وخيروا هؤلاء السينمائيين بين الحصول على تمويل عربي أو إسرائيلي وأخذوا الأخير ساعتها يجب إدانتهم· وللأسف لقد ارتكب خطأ جسيم بحق فلسطينيي الخط الأخضر· فمثلا عندما تخرج وفود باسم إسرائيل من بينها عرب فلسطينيين كالتي كانت تقصد الاتحاد السوفييتي كان العرب يرفضون مصافحة فلسطينيي 48 وكانوا يصفونهم بالعملاء· وهذا جهل كبيرا! وفي المقابل تعتبرهم إسرائيل طابورا خامسا وتريد التخلص منهم· سينمائيون بلا مؤسسات وعن واقع السينما الفلسطينية يقول: السينما الفلسطينية هي مجموعة الأفلام التي ينتجها الفلسطينيون· أما أين هي المؤسسات الفلسطينية التي يمكن أن تساعد الفلسطينيين فهي غير موجودة! فلا توجد لدينا مؤسسات تدعم السينمائي الفلسطيني أو تساهم في الإنتاج السينمائي· لذلك حاولنا أن نسد هذا النقص من خلال إنشاء جماعة السينما الفلسطينية عام 2004 في رام الله والتي تهدف إلى إنشاء صندوق السينما الفلسطينية وجمع الارشيف السينمائي الفلسطيني المهدد بالضياع والمشتت في العالم· أما علاقة السينمائي الفلسطيني بالسطة السياسية، فيتحدث عنها ابو علي انطلاقا من تجربة شخصية: في إحدى المرات أخرجت فيلما لم يعجب حركة فتح فمنعوه· وكان إجراء أحمق إلا أنني لم أنفذ قرارهم وأرسلت الفيلم للمشاركة في مهرجان دمشق ولم تتخذ الحركة ضدي أي إجراء لأنها تتسم بمرونة كبيرة وهذه إحدى ميزاتها لأنها ليست تنظيما ايديولوجيا· ودائما يقول مسؤولوها: نؤيد أي جهد لمصلحة فلسطين مهما كانت خلفية صاحبه سواء كان بعثيا أو شيوعيا أو إسلاميا أو مستقلا· أما حركة حماس فستكتسب خبرة مع الزمن· وهناك بوادر نحو التغيير حتى في الخط السياسي، والذي يقارن بين تجربتي ''حماس'' و''فتح'' سيجد أن الأولى تنسخ مسار الثانية· ولم يسمع ابو علي عن مهرجان رفض فيلما فلسطينيا، لكنه يرى أن تأثير اللوبي الصهيوني على هذه المهرجانات العالمية ينعكس في الجوائز· فمثلا فيلم ''الجنة الآن'' لهاني أبو أسعد بعد أن حصل على جائزة ''جولدن غلوب'' وهي جائزة أميركية مهمة رصدت وزارة الخارجية الإسرائيلية 50 مليون دولار لإفشال عملية ترشيح الفيلم للأوسكار، على الرغم من أن هاني من عرب ·48 فهم لا يريدون لفلسطيني أن يحصل على هذه الجائزة قبل أن يحصل عليها إٍسرائيلي· لكن هل ستستطيع السينما الفلسطينية الآن في ظل العولمة وعصر الإنترنت والسماوات المفتوحة أن تنقل القضية الفلسطينية كما يجب إلى العالم؟ يجيب ابو علي: الفيلم الجيد والحقيقي يحصل على تعاطف وتفهم أي إنسان في العالم· وكل الأفلام الفلسطينية منذ البداية والتي كانت ترصد الكفاح المسلح الفلسطيني حتى الآن ساهمت في التعريف بالقضية الفلسطينية وهذا هو المهم·
المصدر: بيروت
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©