الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

خمسة فنانين يجوبون العالم بطرائق مختلفة

خمسة فنانين يجوبون العالم بطرائق مختلفة
10 سبتمبر 2008 23:26
عندما يلتقي خمسة فنانين تشكيليين في معرض واحد، لابد وأن تتساءل بدءاً ما الجامع الذي يربط رؤى هؤلاء الفنانين، وما الخيط الإبداعي الذي يجمعهم مع البعض، وكيف يمكن أن نجد هذا الرابط المخفي بين هؤلاء وخاصة عندما نقرأ أعمالهم منفردة وهي تنقلنا من عالم واضح إلى آخر رمزي إلى ثالث إيهامي يؤدي إلى معنى مرتبط بآخر· يحاول كل فنان أن يقول شيئاً، ليس وليد لحظة آنية بقدر ما هو نتاج تاريخ اشتغال هذا الفنان على أسلوب معين في التشكيل واللون والهدف والرؤية والأدوات المستخدمة· يشترك محمد كانو وسمية السويدي وجلال لقمان وأمينة رزق وفايزة مبارك في إقامة معرضهم المشترك ''معرض رمضان الفني'' في صالة الغاف جاليري للفن التشكيلي حيث يعرض 51 عملاً تشكيلياً و4 أعمال نحتية و18 لوحة في جدارية خاصة اشترك فيها منهما الفنانان جلال لقمان وسمية السويدي، بما يعني توافق رؤيتهما فيما أرادا أن يقولا في هذه الجدارية· تقول الفنانة الإماراتية فايزة مبارك عن أعمالها النحتية الأربعة التي احتلت أركان قاعة الجاليري الكبرى: إنني أعمل على مشروع كتاب قديم موروثي، يستنهض من جديد صيغة وتشكل الكتاب وأثره في فكر الإنسان· وعن طبيعة التكرار ـ بحسب تصورنا ـ لمنحوتاتها التي تعالج شكل وموضوعة الكتاب تقول مبارك: إنه ليس تكراراً، ولكنني أحاول أن أعيد الكتابة الجدارية القديمة وتلاحظ أن جميع الكتب التي أعرضها تجدها مغلقة وليست مفتوحة لأنها تحمل بين دفتيها أسرار وقصص الشعوب· وتضيف: استخدم في صناعة كتبي الخشب من أجل إعادة تشكيل الحياة القديمة التي كان الناس فيها يكتبون على الحجر والخشب· وعن النموذج الذي تستقي منه تصورها لنوع الكتاب وطبيعته النباتية تقول فايزة مبارك: أعتقد أن تصوراتي تنبع من الجداريات القديمة والكتابة المندثرة التي تحوي بين طياتها على خطوط متعددة الأشكال منها الكتابة اللاتينية والهيروغليفية والخطوط العربية وأساليبها من كونية وثلث ونسخ· وأنا في ذلك أستعيد رؤية الحضارات التي أنتجت هذه المعارف· وتحاول الفنانة مبارك أن تجد لها رؤية مشتركة مع زملائها الفنانين التشكيليين الأربعة فتقول: أعتقد أن إقامة هذا المعرض يأتي من باب كون الحدث الرمضاني في طبيعته الإنسانية يعيد للروح الإنسانية بهجتها وهذه وظيفة الفن أيضاً، من هذه الرؤية اجتمعنا معاً· وتساءلنا عن طبيعة الاختلافات بينهم وهل يشكل هذا حاجزاً لفهم تشكلات هذا اللقاء، فتقول مبارك: أن لكل فنان منا تقنية خاصة ولكن تجمعنا رسالة واحدة هي بهجة الفن ضمن بهجة أيام تحاول فيها النفس البحث عن النقاء· أما الفنانة التشكيلية سمية السويدي التي قدمت 13 عملاً في هذا المعرض واشتركت مع الفنان جلال لقمان في جداريتهما التي حملت 18 عملاً فلها وجهة نظر عن طبيعة اللقاء المشترك للفنانين الأربعة في معرضهم الاستعادي هذا فتقول: يربطنا مع البعض الرغبة كي نظهر للناس أهم أعمالنا التي يمكن لهم أن يتعرفوا من خلالها على ما ينجزه الفنان الإماراتي في فن التشكيل· وتضيف: مثلما نحاول أن نفهم ثقافة الآخر وتطلعاته المعرفية وانجازه الابداعي فإننا نتوق إلى أن يعرف الآخر ثقافتنا، ولذا ترى أن الفنانين في الإمارات ينهلون من ثقافة موروثية وحديثة في آن واحد هذا بالاضافة إلى أننا في أحيان كثيرة ندم موروثنا بطرائق حديثة· وتقول أيضاً: المتمعن في الأعمال المعروضة في معرضنا هذا يجد التنوع والاختلاف لكنه لو أبصر بدقة وبتأمل أكثر لوجد أن الرابط بينها هو هاجس الفنانين في قراءة العالم الذي يحيط بنا جميعاً أننا نبحث عن رؤية في التبصر بالأشياء· قناع الخوف وللفنان الخطاط الإماراتي البارع محمد مندي الذي وجدناه يتجول في ''معرض رمضان الفني المشترك'' وهو يتأمل الأعمال برؤية ثاقبة، رأي آخر حيث يقول: الفكرة جميلة أن يجتمع فنانون إماراتيون وعرب يعيشون عالماً متشابهاً ويعبرون عنه برؤى مختلفة، فنانون ربطوا بين صفاء شهر رمضان وصفاء الفن التشكيلي وتمازجهما معاً لكسر قناع الخوف من إقامة العروض الفنية في شهر رمضان تحسباً من عدم الإقبال عليهما· ثم يضيف: إنني أشجع مثل هذه المعارض ولكن حبذا لو كان هناك تواجد لفن الخط العربي كونه ـ أي الخط ـ ذات صفة وسمة روحانية وخاصة في رمضان، لأن الخط العربي هو نتاج التفنن بتشكيل الحرف القرآني الجميل والتنويع عليه رسماً خهطياً بارعاً، هنا نجد التمازج والتشابه بين الأيام الرمضانية المباركة والحرف العربي الذي نزل به القرآن الكريم مباركاً· ويشير محمد مندي إلى أهمية اتساع إقامة الجاليرات في أبوظبي وتشجيع ممارساتها في تنمية الفن التشكيلي في العاصمة فيقول: نتمنى أن تكثر الجاليرات ونحن نجد الآن 3 جاليرات بينام تصل في بعض المدن إلى العشرات وهذا تقصير من النظرة إلى أهمية الفن مادامت أبوظبي قبلة الإبداع وبداية الثقافة العربية والعالمية في إقامة المتاحف المنتظرة والتي ستجمع ثقافات شعوب الأرض لتعطيها مسحة من الإنسانية الشاملة والكونية التي عرفت بها هذه الإبداعات الخلاقة· ويقول أيضاً: أتمنى أن تتشكل مستقبلاً في أبوظبي جاليرات تخصصية كأن يكون هناك جاليري للخط العربي فقط وآخر للفن الكلاسيكي وثالث للفن الحديث، وحتى للمدارس الإبداعية المختلفة وجاليرات للنحت وبذلك ندخل إلى عالم التخصص في الفن، بحيث تشبع رغبات الجمهور المتعددة وهنا يرتقي الفن إلى درجة التخصصية العلمية· جزئيات موروثية قدمت أمينة رزق في المعرض رؤيتها في إلتقاط جزئية موروثية مهمة وهي ''البرقع'' الذي يعد لباساً تقليدياً خليجياً تلبسه المرأة لتغطية وجهها عبر 5 أعمال عرضت فيها هذا النقاب بطريقة فنية بارعة ساد اللون الأسود على مجمل لوحاتها بينما اختفى الوجه الذي ترتديه، أما ''الغترة'' وهو اللباس التقليدي للرجل الخليجي فقد عرضت فيه 7 أعمال اختفى الوجه في كل عمل منها وكأنها أرادت أن تجعل من ''الغترة'' والنقاب ''البرقع'' هو رمز أو مركز اللوحة لتعرض تشكلاتهما الجميلة وما يكتنفه من تمازج لوني وتداخل في التعبير المرمز· من جهة أخرى حاول الفنان التشكيلي محمد كانو أن يقدم قراءة مختلفة للعالم عبر رؤية امتزجت فيها صفة التكرارية الجميلة التي ترمز إلى عالم يتوالد بسرعة ويحاول الاستحواذ على الأشياء· في لوحته الرقمية الصفراء ''الطائرات المغيرة'' نجد عالماً مصغراً مريضاً متقبلاً على دمار حقيقي، عالماً مخيفاً يشعرك بالرهبة· الأحرف اللاتينية قدم كانو 5 أعمال في كل عمل منها لابد من أن تجد رمزاً لو حاولنا قراءته لوجدنا عالماً مختلفاً ومعنى رائعاً، في لوحته الأحرف اللاتينية سؤال يحتاج إلى جواب مقنع، في محاولة لأن تقف لتعيد الأحرف في تشكلها الحقيقي حيث تجد المعنى الحقيقي لها· كذلك في لوحته ''NO'' المكررة بألوان ثلاثة ''الأزرق والأبيض والأحمر'' صرخة بحرف ''لا'' التي تعني الكثير· أما لوحته ''جاكلين كيندي'' عبر فضائها البرتقالي وتوهج الإحمرار في وجهها فإننا نجد احتراق الذات الأنثوية في وجه هذه المرأة المتوهجة· يبقى أن محمد كانوا يرمز للأشياء ولا يريد أن يفصح، بل يترك للمتلقي فسحة من القراءة التي قد تقوده إلى المعنى الذي يريده الفنان أو قد يصل إلى تخومه· حاول الفنان جلال لقمان أن يقرأ العالم بطريقة غرائبية مختلفة وبأسلوب آخر· ففي لوحاته ''من الكلام ما قتل'' و''سجني'' و''باب في مانهاتن'' و''في قدوم الخير'' نجد المفاهيم لديه تنحو منحى عاماً وخاصاً، مع قدرته التي عرف بها في تطويع الحديد واستغلال الفن الكومبيوتري· قدم 21 عملاً فنياً هذا بالاضافة إلى ما اشترك به مع الفنانة سمية السويدي في جداريتهما التي حملت 18 عملاً مشتركاً· حاولت سمية السويدي في أعمالها التي وصلت إلى 13 عملاً أن تفصح عن رغبتها في تلمس عوالم مختلفة مليئة بالتنوعات الشكلية وبخاصة لوحتها عن الفتاة التي تقف في مواجهة البحر· لوحة مدهشة استغلت فيها الظلال وتنوعاتها كذلك في لوحتها الفتاة التي تقف بين الانقاض·· إنه السفر اللامتناهي للإنسان في هذه الحياة· استخدمت السويدي الغرائبية أيضاً والتأمل المزوع والدهشة المفاجئة· فنانون خمسة جالوا في العالم المحيط فرسموا رؤاهم بطرائق جميلة يتنقل من خلالها المتلقي ليبحر في رحاب جميلة آسرة جمعهم صفاء عالم رمضان داخل صفاء الفن التشكيلي المتنوع والمتشابه والمختلف أيضاً
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©