الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

بين ضعف انتشار الكتاب العربي وتشتت اهتمامات القارئ

بين ضعف انتشار الكتاب العربي وتشتت اهتمامات القارئ
10 سبتمبر 2008 23:24
لمن يكتب الروائيون والنقاد العرب ؟ وفي ظل الحقيقة القائلة إن نسبة من يقرأون من العرب لا تتجاوز الخمسة بالمئة، هل يجد الكتاب العربي متنفساً وانتشاراً بين هذه الشريحة الضئيلة ؟ وما دور المؤسسات الثقافية العربية في طبع ونشر وترويج الكتاب العربي ؟ وما هي مسؤولياتها الحالية، وهل هي مقصرة في هذا المجال؟· عمّار أبو عابد دمشق - أسئلة طرحها ''الاتحاد الثقافي'' على عدد من الروائيين والنقاد والشعراء بمناسبة معرض الكتاب السنوي الذي تشهده المكتبة الوطنية في دمشق حالياً· واجب وطني أخلاقي الناقد المعروف الدكتور فيصل دراج قال: بالنسبة لي أكتب على الأقل لسببين· الكتابة في الشرط العربي الراهن هي واجب وطني أخلاقي· فهناك وضع عربي مترد أو سلبي أو فيه وجوه مريضة، وأعتقد أن من دوري كمثقف عربي أن ألقي الضوء على هذه الوجوه، آملاً أن تتغير أو يتم إصلاحها· السبب الثاني يدخل في إطار الوفاء، ذلك أن الذين تعلمت على أيديهم وكتبهم مثل طه حسين وحنة مينة وسعد الله ونوس وعبدالرحمن منيف، كانوا أيضاً يعطون الكتاب وظيفة وطنية أخلاقية، فإذا أردت أن أكون مخلصاً لهؤلاء، ينبغي أن أتابع كتابة ما كتبوا، وأن أستمر في الدفاع عن الرسالة التي دافعوا عنها· إذاً السبب وطني من ناحية وأخلاقي من ناحية ثانية، ولا علاقة له بمدى صعود الأمية أو تراجعها· وعن سبب تراجع القراءة في المجتمع العربي يقول دراج: أعتقد أنه منذ سنوات، هناك تداع لصورة الثقافة في العالم العربي، فالقراءة ليست مشكلة أن تعطي إنساناً معيناً كتاباً· يجب أولاً إعادة الاعتبار للثقافة كضرورة· أما العنصر الثاني، فهو يتلخص في معنى القراءة، حيث يمكن أن تجد نسبة هائلة من الشعب تقرأ، ولكن السؤال: ما هي الكتب التي ينبغي أن تُقرأ، هل ينبغي أن نبقى في إطار كما قال امرؤ القيس، أم أن هناك أموراً أكثر أهمية ينبغي أن تُقرأ· بهذا المعنى ينبغي أن تكون هناك سياسة ثقافية لإعادة الاعتبار للثقافة، لتحديد معنى القراءة ومضمونها· أيضاً هناك الوضع الاقتصادي، حيث تجد كماً هائلاً من الشباب يريدون أن يقرأوا هذا الكتاب أو ذاك، لكن الإمكانيات الاقتصادية لا تسمح· وهناك سبب رابع، ففي الخمسينيات والستينيات والسبعينيات كان هناك وعي سياسي اجتماعي، وأعتقد أن الوعي السياسي يطرح على الإنسان مجموعة أسئلة ويدفعه كي يقرأ ويتعلم كي يدافع عن الأفكار التي يؤمن بها· إن غياب هذه الأسباب جميعاً هي أساس تراجع القراءة في الفترة الأخيرة، ولا أظن أن هناك أي إمكانية للارتقاء بالقراءة والوعي من دون سياسة ثقافية عامة، وهذه السياسة لا يمكن أن تقوم بها إلا الدولة· أكتب للقلة أما الروائي نبيل سليمان فيقول: أنا أكتب للقلة الذين مازالوا يقرأون والذين ما عادوا يستهلكون من الطبعة الواحدة من رواية ما إلا ألف أو ألفين نسخة، وأظن أنهم لا يستهلكون لنجيب محفوظ أكثر من خمسة آلاف نسخة في السنة· لكن أملي كبير جداً حتى بهذه النسبة الضئيلة، وهذا الأمل هو أكبر بسنين ستلي هذه السنين العجاف للقراءة والكتابة· وعن سبب تراجع القراءة يرى سليمان أن هناك أسباباً كثيرة جداً منها الأمية المتفشية، وأمية ما بعد فك الأمية الأبجدية، ومنها كون صناعة النشر في بلادنا ما تزال على شكل (دكاكين) أو محلات صغيرة، فليست هناك تقاليد نشر حتى في المؤسسات العريقة· ثم هناك استقواء الرقابات العربية جميعاً على الكتاب وضعف القدرة الشرائية لدى القارئ، عدا عن قصة غلاء الكتاب، بغلاء كل المواد الداخلة في صناعته، وتدهور القدرة الشرائية لأستاذ الجامعة والطالب، وهي الشريحة الأكبر التي يتوجه إليها الكتاب· وعن تأثير المعلوماتية وانتشار الإنترنت على تراجع القراءة يقول سليمان: أنا أظن أن درجة تأثير المعلوماتية والاتصالات والتكنولوجيا الحديثة على القراءة محدودة، وسأكون سعيداً جداً عندما ينتشر الكمبيوتر والإنترنت بكل زوايا مجتمعاتنا العربية· طموح الحداثيين ويرى الشاعر الدكتور إبراهيم الجرادي أن الاقتصاد يلعب دوراً مهماً في العلاقات التي يمكن أن نسميها العلاقات ''القرائية''، كما أن هناك أسباباً أخرى للعزوف عن القراءة منها ما يقدم للقارئ، والفجوة التي خلقها ما يسمى البحث عن أشكال جديدة، فطموح الحداثيين في الوصول إلى صيغ تقطع الصلة مع الماضي ساهم مساهمة كبيرة في جعل القارئ يبحث عن الأكثر تأثيراً· كما أن الوسائل السمعية البصرية بما لها من نفوذ وبغض النظر عما تقدم، استطاعت أن تأخذ القارئ أو المتلقي إلى أماكن ومطارح أكثر تأثيراً وأكثر قبولاً: الصورة والصوت، والوسائل البصرية اللونية، خلقت النموذج الرديء والنموذج المحتذى من خلال الدراما التلفزيونية، ومن خلال الذهاب إلى المتلقي حيث يكون، لا أن تفرض على المتلقي أن يذهب إلى حيث يجب أن يكون النص· وأظن أن على الهيكلية الثقافية الحاكمة أن تضع بنوداً أو أسساً للتواصل مع القارئ، سواء بتخفيض الكتاب أو إقامة معارض، وإعطاء الكتاب مكانة في الإعلام ليقبل عليه القارئ بشكل عام· ثقافة اجتماعية الروائي والمسرحي وليد إخلاصي لا يقيم أهمية كبيرة لانتظام معرض الكتاب، ويقول: لنفرض أنه ألغي، إن حاجة القراء للقراءة ليست بحاجة إلى معرض، بل بحاجة إلى ثقافة اجتماعية عامة، وأن تمتلك كل دولة عربية مشروعاً ثقافياً وطنياً· ويتحدث إخلاصي عن صعوبات تنقل الكتاب العربي ويقول: المسؤولون العرب ما عادوا قادرين على ضبط وسائل الاتصال الحديثة، ولكنهم قادرون على ابنتهم المسكينة ''مؤسسة الكتاب'' التي قد تكون عانساً أحياناً، فيستطيع المسؤول في بلد عربي ما أن يمنع أي كتاب· ولكن الآن أصبح هناك إفراج قسري عن الكتب عبر الإنترنت وهو ما لا يمكن مراقبته جيداً· وإذا كان مهماً أن يكون هناك مشروع ثقافي وطني داخل الوطن، فإن الأهم أن يكون هناك مشروع ثقافي وطني في المنطقة العربية· آنذاك يمكن لأي متفائل أن يقول إننا مقدمون على التناغم العربي، لأن التناغم مفقود على مستوى الكتاب والجمارك والاقتصاد واتخاذ المواقف الواحدة·
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©