الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

أفغانستان.. خلاف على مستوى القمة

13 أغسطس 2016 22:44
تفاقمت الأزمة السياسية بين أقوى رجلين في حكومة الوحدة الوطنية في أفغانستان، وانتشرت أخبارها في العلن، لتكشف عن انقسام عميق في المواقف بين الرئيس أشرف غني، ورئيس المجلس التنفيذي عبدالله عبدالله. يحدث هذا في وقت تقترب فيه الاتفاقية الهشّة لتقاسم السلطة بينهما من الانهيار مع اكتمال عامها الثاني الشهر المقبل. وسبق لعبدالله الذي كان المنافس الانتخابي الأكبر لـ «غني»، أن وافق على قبول المنصب رئيساً تنفيذياً على مضض من خلال اتفاقية تم ترتيبها على عجل بإشراف مسؤولين أميركيين بعد أن أفسد ما قيل عن تزوير وقع انتخابات عام 2014 وزاد من توتر العلاقة بين الرجلين. وفي يوم الخميس الماضي، اشتكى عبدالله في تصريح علني من أن الرئيس غني الذي يدعي كثرة مشاغله، لا يكاد يجد متسعاً من وقته لساعة أو ساعتين لمقابلته منفرداً منذ أشهر عدة. وكان يخاطب الرئيس غني بلهجة ساخرة بعبارة «يا صاحب السعادة»، وقال إن الرجل الذي لا يمتلك أن يصبر على إجراء حوار قصير مع أقرب معاونيه لا يصلح لأن يكون رئيساً. وانتشرت هذه التعليقات القاسية لعبدالله عبر مواقع التواصل الاجتماعي بعد أن نطق بها خلال حوار تلفزيوني بث على الهواء مباشرة مع مجموعة من زوّاره. وتأتي هذه «الفورة المفاجئة» لعبدالله على خلفية الضغط المتزايد من طرف عدد كبير من معارضي الحكومة الداعين لإحداث تغيير سياسي. وكان من بينهم الرئيس السابق حامد كرزاي، بالإضافة إلى مجموعة من أمراء الحرب السابقين، ووسط انتقادات وتساؤلات تتعلق بمدى شرعية وفعالية الحكومة الراهنة التي تتخبط في المشاكل. وعلى الرغم من أن الدورة الرئاسية تستمر لخمس سنوات، إلا أن اتفاقية تقاسم السلطة بين غني وعبدالله تقتضي اتخاذ بعض التدابير والخطوات السياسية لحلحلة الخلاف بين الرجلين خلال سنتين من تنصيب الحكومة. وهو الأجل الذي سينتهي يوم 29 سبتمبر الجاري، وسيتم النظر فيه فيما إذا كان سيصار إلى تعديل الدستور وترقية عبدالله إلى منصب رئيس الوزراء التنفيذي. إلا أن الحكومة لم تتخذ أياً من هذه الإجراءات بسبب التأخر الطويل في التعيينات الوزارية وانشغال المسؤولين بقضيتين تحظيان بالأولوية، هما مواجهة الهجمات المتزايدة لحركة «طالبان» في هذه الظروف التي انخفض فيها عدد الجنود الأجانب الذين يمكنهم دعم الجيش الحكومي، وأيضاً بسبب الوضع الاقتصادي الذي يقترب من الانهيار التام بعد انتهاء 15 عاماً من الاعتماد على المساعدات الخارجية، والارتفاع الكبير في أسعار المساكن الذي يأتي بعد مجهود حربي طويل. ومع اقتراب هذا الموعد السياسي النهائي، ارتفعت الأصوات القوية المعارضة وزادت من هجومها على الحكومة حتى أن بعضها طالب بوضع صيغة جديدة للحكم. وقال كرزاي الذي حكم البلد لمدة 14 عاماً، إنه يعتزم عقد اجتماع تقليدي لكبار السن من السياسيين من أجل تسليمهم مستقبل البلد، وربما يتم ذلك تحت إشرافه الشخصي. وفي خضم هذه الأزمة، يتولى دبلوماسيون غربيون، بمن فيهم سفير الولايات المتحدة في كابول «مايكل ماكينلي»، عقد سلسلة من الاجتماعات مع المعارضين لإقناعهم بالكفّ عن المخاطرة بإسقاط الحكومة الراهنة على رغم عدم كفاءتها. ووفقاً لما يقوله بعض المشاركين في هذه الاجتماعات، فقد شددوا على عدم وجود أي بديل شرعي، وأن البلد لا يمكنه تحمّل مرحلة جديدة من عدم الاستقرار السياسي مع تفاقم الحرب ضد الإرهاب، واقتراب الاقتصاد من مرحلة الركود العميق. يُذكر أن للولايات المتحدة مصلحة كبيرة في التخفيف من حدة الأزمة بعد أن أنفقت مليارات الدولارات كمساعدة لأفغانستان، وخسرت أرواح أكثر من 2000 جندي خلال 15 عاماً من الحرب الهادفة للقضاء على المسلحين الإسلاميين المتشددين، وبناء ديمقراطية مستدامة في هذا البلد الإسلامي الفقير. ويمكن لانهيار حكومة الوحدة الوطنية التي تشكلت تحت الضغط المباشر لإدارة الرئيس أوباما، أن يؤثر على توقعات فوز الديمقراطيين في الانتخابات الرئاسية التي ستنظم في شهر نوفمبر المقبل. وقد حاول المسؤولون من معسكري غني وعبدالله مؤخراً دحض الشائعات المنتشرة بقوة في أوساط الرأي العام، مشددين على أن الشراكة المتعثرة قد تطورت نحو الأفضل، وأنهم يتحركون الآن باتجاه تنفيذ إصلاحات ومشروعات طموحة كتشكيل وكالة مستقلة للتحقيق في الفساد، وإنشاء مئات الأميال من خطوط نقل الطاقة الكهربائية، وكابلات الألياف الضوئية في طول البلاد وعرضها. ومن خلال لقاء مع صحيفة «واشنطن بوست»، قلّل عبدالله من أهمية نقاط الاختلاف القائمة بينه وغني، ووصفها بأنها لا تشكل أكثر من مجرد «مواقف مؤسفة نعمل معاً على تجاوزها كل يوم». وأشار إلى أن الشعب الأفغاني يشعر بخوف مشروع فيما يتعلق بالاستقرار السياسي في المستقبل. إلا أن البعض الآخر من المعارضين يتحيّنون فرصة حلول موعد نهاية الاتفاقية بين غني وعبدالله لممارسة الضغوط من أجل تحقيق مصالحهم الخاصة. * محللة سياسية أميركية ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©