الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

صالوناتهنّ الثقافية.. وعيٌ يزدهر

صالوناتهنّ الثقافية.. وعيٌ يزدهر
30 ابريل 2014 13:20
في موضوع القراءة والعلاقة مع الكتاب، لا شيء أفضل من تصديق نصيحة ألبرتو مانويل الذي ينصحنا قائلاً: «عندما تقرأ استقبل المعاني بقلبك». ففي هذه النصيحة ما يحيل مباشرة على القراءة الواعية، أو القراءة بعين البصيرة لا بعين البصر، قراءة التحديق في المقروء والحفر الداخلي في تلافيف النص للوقوف على خفاياه ومراميه وما خلف سطوره. مثل هذه القراءة الناقدة ربما ينفع في إنجازها «إدمان النظر في الكتب» على حد تعبير البخاري، ذلك أنها تمدّ الذهن بخصوبة إضافية، وتفتح أمامه آفاقاً ودروباً جديدة، وتسمح له بأن يطل على عوالم الخيال، ويحرث أرضه قاطفاً ثمرات التجلي الإبداعي للعبقرية الإنسانية. أما سبب هذا الاحتفاء، أو المديح المرفوع للقراءة (وهي تستحق هذا دائماً وبلا مناسبة) أنني عثرت مؤخراً، في هذه المدينة التي لا تنفكّ تفاجئني بجمالياتها الخفيّة، على ست مجموعات نسويّة لقراءة الكتب، تجتمع كل واحدة منها في صالون ثقافي لتناقش الكتب والروايات، وتحتفي بالمعرفة على طريقتها الخاصة. في هذه الجلسات الثقافية يزدهر الوعي، تحضر علامات العافية الثقافية التي كثيراً ما تظلم نون النسوة، عندما تنفتح سيرتها.. فالنون المتّهمة، في غالب الأحيان، بضعف حضورها الثقافي أو اقتصاره على نواحٍ بعينها، تعلن في هذه الأمكنة أنها الحاكمة بأمرها في التحليل والتفكير والتدبّر والنظر، وأنها، مالكة زمام الفكرة تقودها، حيث شاءت أو شاء لها وعيها النقدي أن يذهب.. في هذه الصالونات التي تقتصر على النساء، تتشارك النساء معارفهنّ، قراءاتهنّ، هواجسهنّ الثقافية والعلمية، شغفهنَّ القرائي ما يجعلهنّ أشبه بعصبة ثقافية تجمعها عرى الثقافة وحبلها المتين. على أن أجمل ما في هذه الصالونات الستة التي نحاور في هذا التحقيق مؤسساتها ورئيساتها، أنها تجمع في أفيائها جغرافيات شتى، تفترق في الحدود والمسافات، وتلتقي عند مصبّات الإبداع والفكر لتنسج لوحة فسيفسائية تزخر بالتنوع، فلكل واحدة منهنّ بيئة وذاكرة وتاريخ شخصي ومجتمعي، وحين يتبادلنه فيما بينهنّ يكون بلا شك أغنى من كل تجربة على انفراد.. وكأني أتحدث عن نهر كبير، تغذيه روافد متعددة تصنع في النهاية ماءه الغامر، ناهيك عن كون التجربة تفتح قوساً على عوالم قزحية وتجارب وعي يتعدد بتعدد العوالم التي تطرحها الكتب التي يقرأنها. جاء ليكون حجراً راسخاً في المعمار الفسيفسائي للثقافة النسوية الإماراتية شما بنت محمد: الانفتاح المعرفي روح مجلسنا الثقافي في عام 1997، في مدينة العين الزاهرة، ولدت واحة للفكر لتنضم إلى جانب أخواتها من الواحات الطبيعية في المدينة الخضراء، فانضاف الجمال إلى الجمال، وانطلقت واحدة من المبادرات الثقافية الرائدة التي ستتمخّض في ما بعد عن مؤسسة فكرية ومنظومة ثقافية متكاملة تنطلق من روح مهجوسة بخدمة المجتمع والارتقاء بوعي أفراده لا سيما الأجيال الواعدة. في تلك السنة، أسست الشيخة الدكتورة شما بنت محمد بن خالد آل نهيان مجلسها الثقافي العامر بكل مفيد ورصين ومستقبلي على صعيد المعرفة. كانت البذرة الأولى قد بدأت تشاغل قلب وعقل هذه المرأة المثقفة، المهمومة بوطنها وناسه، المتطلعة إلى دور شخصي ومجتمعي يحقق لها حلماً جميلاً يداعب رأسها، تقول: «راودتني فكرة إنشاء مجلس ثقافي إثر عدة لقاءات جمعتني بكوكبة من سيدات المجتمع الإماراتي المثقفات والواعيات بتحديات المستقبل والمؤمنات بالانفتاح على ثقافات العالم المتباينة مع الحفاظ الراسخ على قيمنا الوطنية وهويتنا الإسلامية»، ولأن الأحلام لا تحتاج إلا إلى العمل لكي تتحقق، شرعت الشيخة شما في تحويل الحلم ليصير واقعاً، فكانت النتيجة أن الفكرة «كانت حلماً جميلا فصارت واقعاً أجمل»، على حد تعبيرها، واجتذبت إلى واحتها الفكرية الوارفة مجموعة من المثقفات والأكاديميات المتخصصات في شؤون الثقافة والفكر والعلم. التحقق الذاتي في مألوفيات الكلام عن الصالونات والمجالس الثقافية، يجري الحديث باستمرار عن رغبة المبدع في التحقق الذاتي من خلال ما يقوم به من عمل إبداعي أو نشاط ثقافي مجتمعي، وحين سألت الشيخة شما عما إذا كان تأسيسها لهذا المجلس نوعاً من تحقيق ذاتها الثقافية قالت: «ما الذات الثقافية إلا نتاج تراكم خبرات معرفية تشكلها تجارب الحياة اليومية، والتثقيف الذاتي، والتعلم، وأخيراً تبادل التجارب مع الآخرين، ومن هذه النقطة يكون للمجلس دوره الفاعل والأساسي في تنامي ذاتي الثقافية». أما عن انشغالاتها الثقافية فتأتي القراءة في مقدمتها، تقول: «لطالما شغلني كيف يمكننا أن نصنع أجيالا مقبلة على القراءة والمعرفة، وتلك كانت أحد همومي الثقافية التي دفعتني إلى تكوين منظومة معرفية ثقافية تضم فيها مكتبة أجيال المستقبل وجمعية الشيخ محمد بن خالد آل نهيان لأجيال المستقبل ومركز الشيخ محمد بن خالد آل نهيان الثقافي، ومدرسة محمد بن خالد آل نهيان للأجيال، ومركز الشيخ محمد بن خالد آل نهيان الديني، ليشكلوا جميعاً منظومة متكاملة تعمل في اتجاه تكوين أجيال محبة للقراءة، واعية بقيمة المعرفة ودورها في الحفاظ على المكتسبات الحضارية التي صنعها مجتمعنا في زمن قياسي». رسوخ وتراكم في هذا السعي الثقافي، لم تكن المرأة ولا قدراتها على الإسهام في عملية التطور الاجتماعي التي تشهدها الإمارات على الصعد كافة، غائبة عن ذهن الشيخة شما بنت محمد بن خالد آل نهيان، بل كانت نقطة ارتكاز جوهرية في بلورة الفكرة على أرض الواقع، بل وراهنت أيضاً على دور الزمن وفعله التراكمي على مستوى الخبرات التي يمكن أن تتحقق للمشاركات، وتضيء الشيخة شما على هذه الحيثية بقولها: «المستقبل، وتشكيل الوعي الثقافي لدى الأجيال القادمة لاستكمال مسيرة تطور وتراكم خبرات معرفية، في ظل كوكبة من المثقفات الإماراتيات، يصنع فارقاً فكرياً في تطور قدرة المرأة الإماراتية على اختراق الساحة الثقافية، لتصنع لها مكاناً قوياً راسخاً فيها، ومن هذه النقطة جاء التفكير في تكوين مجلس شما محمد للفكر والمعرفة ليكون حجراً راسخاً في المعمار الفسيفسائي للثقافة النسوية الإماراتية». وتنطلق الشيخة شما في هذا من قناعتها بأن المرأة الإماراتية «استطاعت في السنوات الماضية أن تضع قدماً راسخة على الأرض الثقافية الإماراتية، ويتمثل ذلك في بزوغ كاتبات ومفكرات إماراتيات استطعن بكتاباتهنّ وأفكارهنّ وثقافتهنّ أن يتصدّرنَ المشهد الثقافي، وإن كنت أنا شخصياً متعطشة للمزيد من الدور الفاعل للمرأة الإماراتية، وقبول منازلة تلك التحديات التي تنتظر المرأة، وهي قادرة على ذلك، فالمرأة الإماراتية ما زال لديها الكثير والكثير لتقدمه للمجتمع وتؤثر به في المشهد الثقافي الإماراتي بشكل خاص والحياتي بشكل عام». مردود عام بيد أن الدور الذي يقوم به المجلس لا ينحصر مردوده على النساء بل سرعان ما يصل إلى المجتمع عامة، فالمرأة، وهي الأم والمعلمة والمهندسة والباحثة وأستاذة الجامعة... إلخ، ستنقل خبرتها المتحققة إلى أسرتها وأبنائها وميادين عملها، لينعكس ثراء في الحياة الأسرية ووعياً لدى الأطفال، ونماء لشخصية المرأة في أدوارها المجتمعية المختلفة. من هنا، يمكن فهم ما تقوله الشيخة شما بنت محمد بن خالد آل نهيان في معرض ردها على سؤال عن الدور الذي تقوم به الصالونات الثقافية بشكل عام ومجلسها بشكل خاص: «الدور التثقيفي الذي يقوم به المجلس هو أحد مقومات التطور المجتمعي، فثقافة التفكر والتحليل والتبادل المعرفي من خلال الاجتماعات المنتظمة، وتعدد الأطروحات الفكرية بتنوع مصادر النقاش من مختلف مناحي الفكر والثقافة تساعد في خلق نموذج قوي من تفاعل الرؤى المختلفة، لتتراكم خبرات العضوات المتبادلة تراكماً معرفياً نوعياً، مما يكون له دور كبير في إثراء ثقافتهنّ الرحبة، ويولد أفكاراً جديدة». وتضيف: «المرأة هي نصف المجتمع، كما يقال، لكنها في الوقت ذاته تشكل هوية النصف الآخر في بداية تكوينه الإنساني صغيراً، ناهيك عن كونها حافظة التراث والثقافة وحارسة الضمير الجمعي لأي مجتمع فمن خلالها وبها تستمر أنماط الثقافة التقليدية وتتبلور رؤاها المعاصرة، عبر ممارسة مجتمعية مستمرة في الزمان والمكان. ومن هنا ندرك قيمتها الحقيقية بوصفها قاطرة التطور الحضاري الحقيقي للمجتمع.. هكذا أرى، وهذا هو الدور الذي ينمو داخل المجلس عبر مساهمة العضوات في الخروج إلى المجتمع مساهِماتٍ في التطور التوعوي والثقافي بما تراكم لديهن من خبرات متبادلة في أروقة مجلس شما محمد للفكر». انفتاح معرفي منطلقة من هذه الحساسية الثقافية التي تستشعر أهمية المرأة المثقفة وحضورها اتسعت الرؤية الفكرية للشيخة شما بنت محمد بن خالد آل نهيان في ما يخص الموضوعات والقضايا والكتب التي يناقشها المجلس، فانفتح على شتى حقول المعرفة ولم يقتصر على حقل بعينه. وعن ذلك تقول: «تبدأ المعرفة في طورها الأول أو التأسيسي على شكل همهمات غامضة تشغل العقل وتطرح الأسئلة، ورغبة في استكشاف ما هو مجهول. المجهول يحرّض الروح على العمل، يأخذ العقل إلى مدياته الواسعة.. فكيف تتشكل المعرفة دون أن يكون لديك طاقة اختراق مجهول الثقافات البشرية الأخرى وسبر الأغوار المعرفية المتباينة والمختلفة؟. نحن في مجلس شما محمد للفكر والمعرفة ننفتح على كافة الثقافات والمعارف، نبحث دوماً عن رفع رصيد التراكم المعرفي عن الحياة، ولا يمكن للحضارة أن تتطور دون أن تنهل من تجارب الآخرين، لتضيف إلى قيمها المعرفية والثقافية في إطار التنامي الثقافي والحضاري لمجتمعنا الفتي». في «بحر الثقافة» تجتمع النساء على شيء ذي فائدة لهن ولأسرهن وللمجتمع روضة بنت محمد: أنجزنا الوطن المادي وجاء دور بناء الإنسان الشغف هو السبب الرئيس وراء تأسيس الصالون الثقافي «بحر الثقافة» الذي تحول مؤخراً إلى «مؤسسة بحر الثقافة» ليأخذ صبغة العمل المؤسسي وينتظم في تيار الوعي التاريخي الذي يحكم فكرة «الصالون الثقافي» بوصفه شكلاً من أشكال العمل الثقافي المدني. ما يجعلنا نتوقع أن يتسع قوس الاهتمام الثقافي إلى مجالات ثقافية أخرى: ندوات، محاضرات متخصصة، نشر كتب وغير ذلك مما يعزز حضور الصالون المميز في ساحة العمل الثقافي في الإمارات... أقول إن الشغف هو كلمة السرّ الكامنة وراء هذا الفعل الثقافي النسوي الجميل، فلولا شغف الشيخة روضة بنت محمد بن خالد آل نهيان بالقراءة والكتاب لما كان لهذا الصالون الثقافي أن يرى النور. تستعيد الشيخة روضة بنت محمد بن خالد آل نهيان مؤسسة ورئيسة «مؤسسة بحر الثقافة» بدايات تأسيس صالونها الثقافي قائلة: «كان فكرة تداعب خيالي منذ سن مبكرة، كوني أحب القراءة... ظلت الفكرة كامنة، وبين فترة وأخرى تقفز لمخيلتي كي تذكرني بوجودها.. وبسبب انشغالي وظروف الحياة تأخرت في البدء بتنفيذ حلمي. أواخر العام 1999 شعرت أنه قد أن الأوان كي ترى فكرتي النور، ففتحت الباب كي تخرج للعلن. وذلك بمساعدة من أختي وصديقتي وتوأم روحي سمو الشيخة الدكتورة شما بنت محمد بن خالد آل نهيان، والتي يعود لها الفضل في حبي للقراءة؛ فهي أول من وضع الكتاب بين يدي، كما كان لها الفضل في دفعي لتحقيق حلمي بصالون القراءة، فهي كانت ولا زالت سباقة ولها جهود لا تخفى لنشر الثقافة والمعرفة بمدينة العين بتأسيسها مركز محمد بن خالد الثقافي وصالون شما للفكر. كل هذه الأسباب كانت دافعاً للبدء، وبدأنا مع مجموعة من الصديقات والأخوات ممن يستهويهن الكتاب والقراءة.. وما لبثت الدائرة أن اتسعت وفي شهر أكتوبر 2000 رأى صالون بحر الثقافة النور». لقد انبثق الحلم، على حد تعبير الشيخة روضة، لكنه لم يتوقف عند عتبة التأسيس بل سرعان ما اشتدّ عوده، وتحول واقعاً وبدأ يظهر كحقيقة منذ العام 2004.. ثم حقق نقلة نوعية أخرى في العام الماضي عندما أعلن عن نفسه عبر أنشطة جديدة ومشاركات عدة توجها بالمشاركة في معرض أبوظبي الدولي للكتاب.. وهذا العام، تضيف الشيخة روضة، نشارك ونحن أكثر ثقة بما أنجزنا وما سننجز خاصة بعد أن تحولنا إلى مؤسسة بحر الثقافة.. حيث ننوي الانطلاق تحت هذا المسمى الجديد برؤى وأهداف أكبر. عبر التوغل أكثر بعالم الثقافة والمعرفة الواسع وبفخر نتطلع إلى إظهار إنجازاتنا الجميلة، تحت المسمى الجديد. هدية ثقافية لاحظت الشيخة روضة المُحِبة للكتاب أن وهج القراءة قد بدأ بالخفوت عما كان عليه سابقاً بسبب وسائل الاتصال الحديثة، على ما قالت، فكان هذا سبباً إضافياً دفعها إلى تأسيس مؤسسة بحر الثقافة، رغبة منها في إعادة إحياء ثقافة المطالعة والقراءة، وتشرح ما ترمي إليه بالقول: «كوني أنتمي إلى أسرة تعشق القراءة والكتاب له منزلة ومكانة بيننا. ولأن القراءة من أهم وسائل التعلم الإنساني والتي من خلالها يكتسب الإنسان العديد من المعارف والعلوم والأفكار لأنها تؤدي إلى تطوير الإنسان وتفتح أمامه آفاقاً معرفية جديدة كما وتفتح المدارك وتنور البصر والبصيرة..القراءة تجعلنا ننظر لما حولنا بصورة مختلفة. لأن أجمل عادة من الممكن أن يكتسبها الإنسان هي عادة المطالعة والقراءة.. وحرصاً على استثمار الوقت والجهد في المطالعة والقراءة العلمية الناقدة المفيدة خاصة للمرأة.. ولإثراء المحيط والتفاعل مع كل ما هو جديد في المشهد الثقافي الإماراتي والعالمي، لكل هذه المعطيات وغيرها شعرت أنني لا بد من أن أقدم شيئاً لمحيطي ومجتمعي والمرأة في وطني، لذلك جاءت هديتي لوطني هذه المؤسسة التي تعنى بالقراءة وبالشأن الثقافي، كي تجتمع النساء على شيء ذي فائدة لهن ولأسرهن وللمجتمع. لأن خير جليس في الزمان كتاب». لماذا الرواية؟ ويبدو أن الشيخة روضة بنت محمد بن خالد آل نهيان وجدت ضالتها الثقافية في الرواية، وفي معرض إجابتها على سؤال عن اقتصار الصالون على مناقشة الرواية فقط قالت: «الرواية هي أم الفنون الكتابية، وهي تتيح لنا تأمل مشاهد الحياة، هي مدرسة تعليمية غير مباشرة، وكون الإنسان يعيش حياة واحدة فإنه بالقراءة يعيش عدة حيوات.. لقد ذُكر عن عباس محمود العقاد أنه قال: (القراءة تضيف إلى عمر الإنسان أعماراً أخرى). نحن في العادة نعيش حياة واحدة وتجربة واحدة ومحيطاً واحداً ولكن الإنسان القارئ يعيش آلاف الحيوات المختلفة. كل يوم هو في جديد لأنه يقرأ كتاباً يتعايش مع ما فيه ومن فيه، يستقي معلومة، يتعلم من تجربة، يكتشف شيئاً جديداً يضيفه إلى خزينة أفكاره ومعارفه ومعرفته. وكما قال الفيلسوف والروائي الإيطالي أمبرتو إيكو مهمة الرواية هي التعليم عن طريق التسلية وما تعلمه إيانا هو أن نتعرف على مكائد الحياة. إن قراءة رواية واحدة بمثابة، حياة تضاف لحياتنا عبر تتبع مسيرة وقصة شخوصها والخوض في تجربتهم ومشكلتهم. كما وأن الرواية تؤثر في الناس أكثر من النصح المباشر، وبذلك نحن نستفيد من خبرات الآخرين عبر قراءة عمل روائي يروي تجربة ويحل مشكلة». وحول ما إذا كانت هناك نيّة للانفتاح على حقول إبداعية أخرى تؤكد: «نحن منفتحون على سائر الفنون. صحيح أن هدفنا الرئيس قراءة الرواية، ولكننا نقرأ غيرها، وقد سبق وتمت مناقشة عديد الكتب الثقافية، سوى الرواية، وكذلك هناك مجموعة الفيلم السينمائي بجانب مجموعة الكتاب، وفي أحيان أخرى نحن نستضيف محاضرين في شتى المعارف بدءاً من الموسيقى والفنون والشعر ودورات وورش النقد والكتابة الابداعية والقراءة الإبداعية.. حتى الفنون اليدوية كان لها نصيب في مؤسستنا». نعمل بصمت بإيمان ويقين كبيرين بأهمية الفعل الثقافي الذي تقوم به المشاركات في مؤسسة بحر الثقافة أجابت الشيخة روضة على سؤال يتعلق بنظرتها إلى دور الصالون الثقافي في الحياة الثقافية والمجتمعية، تقول: «نحن في مؤسسة بحر الثقافة نعمل كفريق واحد، يداً بيد للانطلاق بهذه المؤسسة، كي تأخذ مكانها الصحيح. نعمل بصمت وبلا كلل. نحمل مشاعل الحب والخير عبر نشر الثقافة وعادة القراءة بين النساء وتشجيع إقامة الصالونات الأدبية والثقافية في كل مكان، لأن بناء الإنسان المثقف مهمة نبيلة. نحن جزء من كل مترابط وكل دائرة أو جهة أو صالون أو منتدى يعنى بالثقافة ويعمل لنشرها وتطويرها، نقف معه مساندين ومشجعين، لأن هدفنا واحد ونكمل بعضنا بعضاً في المساهمة في تنوير مجتمعنا عبر رفد العقول بالمعرفة. ونحن لا ننافس أحداً سوى أنفسنا بينما نشجع كل مبادرة جديدة ونأخذ بيدها، لأننا كلنا في خندق واحد وهو الإعلاء من شأن الثقافة والمثقفين». وتعلق الشيخة روضة حول ما إذا كان الصالون الثقافي جزءاً من سعيها لتحقيق ذاتها الثقافية، قائلة: «ذاتي الثقافية - ولله الحمد - اعتقد أنها متحققة من المنزل الذي خرجت منه، فنحن أسرة محبة للعلم والكتاب، ووالدي رحمه الله كان متذوقاً للشعر والأدب، وكان شاعره المفضل المتنبي. كنا نقرأ معه ونتذاكر معه ما تجود به بطون الكتب والقصص التراثية والتاريخية.. وكذلك والدتنا الحنون أكبر مشجع لنا. في هذا الجو الزاخر عشنا وهذا أكبر دافع لنا، كي نهتم بالثقافة والأدب.. صحيح أن الإنسان كل يوم في جديد والعلم والثقافة بحر لا قرار له لذلك أطلقت على هذا المؤسسة بحر الثقافة.. رغبةً في الاستزادة والغوص في لجة بحور العلم والثقافة أنا ومن معي. ولكني أحببت أن أتشارك ما أحب مع من أحب وهن أخواتي وصديقاتي عضوات مؤسسة بحر الثقافة ومع سائر نساء بلدي اللواتي انغمسن في المشهد الثقافي في هذا الوطن المعطاء، وأصبحن رائدات في شتى المجالات». وبصدد مشاغلها الثقافية والمجتمعية توضح قائلة: «ما مجال الثقافة سوى واحد من عديد.. لنا نشاطات متعددة، سواء في مجال الرياضة والعمل الخيري والاجتماعي وغيره. يشغلني دائماً، وهو هاجسي الدائم، نشر ثقافة القراءة وتحويل مجتمعنا بكل من فيه إلى مجتمع قارئ. وجعل الكتاب في متناول الجميع. يؤلمني خمول وإهمال الكثير من الناس تجاه القراءة.. لأن قلة القراءة وهجرها تهدد الأمة بحدوث عواقب خطيرة في المستقبل كفقدان الهوية وضياع الموروث التاريخي الأصيل وضمور الأمة عن إنتاج المعرفة وإيجاد الأعلام الفاعلين في شتى مجالات الحياة. من هذا المنطلق فإن تعليم مهارات وأساليب القراءة الحديثة والسعي نحو نشر المكتبات وإعطاء المثقف مساحة أكبر والتركيز على دور الوالدين في توثيق الصلة بين الطفل والقراءة منذ نشأته وهذه الأفكار تحتاج إلى تضافر كافة الجهود ووضع استراتيجية شاملة تتفق وتتضافر فيها أدوار جهات متعددة هي الأسرة والمدرسة والإعلام والمراكز الثقافية والجهات الحكومية.. والخاصة وهذا هو شغلي الشاغل وهمي اليومي». دور المرأة المشهد الثقافي في تطور كبير، أين كنا وأين أصبحنا لقد انتهت حقبة بناء الوطن المادي وجاء الدور لبناء الإنسان الواعي المثقف. كل ذلك بفضل قيادتنا الرشيدة؛ فنحن ولله الحمد في وطن تميزت قيادته برعايتها واهتمامها بالمرأة كونها نصف المجتمع ولها دور كبير في بناء هذا الوطن ومنجزاته، لقد حظيت المرأة بالاهتمام والرعاية وانطلقت لتتحمل مسؤوليتها المتعددة في شتى المجالات بفضل من الله وجهود المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان «رحمه الله».. وجهود سمو الشيخة فاطمة بنت مبارك أم الإمارات التي أحدثت تغييراً كبيراً في حياة المجتمع الإماراتي لتشجيعها المرأة وتبنيها قضاياها العديدة. إن تاريخ سمو الشيخة فاطمة بنت مبارك ونشاطها يؤكد أنها المرأة الأولى في الدولة التي دعمت الحركة النسائية في الإمارات فمنذ تأسيس الاتحاد النسائي عام 1975، وتسلمها قيادته عملت جاهدة، ومن خلاله بالتعريف بأهمية عمل المرأة وبالنهوض بها في كافة الجوانب. حيث تم منح المرأة كافة حقوقها وسارت جنباً إلى جنب مع أخيها الرجل وتكاملت الأدوار بينهم لبناء مجتمع متوازن متميز وهي من أعطت للمرأة مفتاح العلم والمعرفة بفتحها طريق العلم أمام المرأة الإماراتية عبر الجمعيات النسائية التي انتشرت على أرض الدولة وإعطائها حق التعليم بكافة مراحله، وحقها في العمل بمختلف اتجاهاته وحقوقه، مما أوصل المرأة إلى المراكز القيادية العليا.. كما لعبت الجهات التي تترأسها سمو الشيخة فاطمة دوراً ريادياً في تمكين المرأة والارتقاء بها في شتى المجالات حتى أصبحت سفيرة لوطنها في المحافل العالمية وأصبحت المرأة في الإمارات تحظى بما لم تحظَ به غيرها من نساء العالم من احترام وتقدير وتشجيع... لقد أولت قطاع الثقافة وتثقيف المرأة أهمية خاصة وبذلك فهي الرائدة والملهمة لنا جميعاً في الإمارات، وهي قدوتنا في العمل والريادة لخدمة الوطن، ونحن في مبادراتنا الثقافية نسير على خطى أم الإمارات فهي الملهمة.. وبفضل هذه الجهود شهدنا خلال السنوات الماضية ونشهد خلال هذه الفترة حراكاً ثقافياً على كافة الصعد الثقافية سواء في الشعر والرواية والقص والمسرح والفنون، وكان للمرأة النصيب الأكبر، وخير مثال مؤسسة بحر الثقافة فهي تضم الأديبة والشاعرة والصحفية الناجحة والمرأة المثقفة في شتى المجالات. كما أننا شهدنا خلال السنوات الأخيرة ظهور العديد من الأفكار والمشاريع الثقافية والصالونات الأدبية الخاصة وتبني العديد من المثقفين للمشاريع الثقافية التي تسهم في رفد الوطن بكل جديد في مجال الثقافة. وهذه عينة من مجتمع كلي اصبح للمرأة دور ثقافي كبير وما فوز أربع نساء بجائزة الرواية الإماراتية في دورتها الأولى إلا دليل على مساهمة المرأة في المشهد الثقافي ودورها الكبيرة والفاعل في رفد الثقافة في شتى الفنون الأدبية والثقافية. مجلسها الأدبي يوائم بين الانفتاح على الآخر والحفاظ على الأخلاقيات والعادات الإماراتية شيخة بنت سيف: النساء خزائن العلم تتنوع عوالم الشيخة شيخة بنت سيف بن محمد آل نهيان الثقافية والإبداعية، وتتسع رؤيتها الثقافية لتشمل قضايا كبرى تمس جوهر حياتنا ووجودنا الإنساني والبشري، وهي تقدم في شهادتها هذه رؤية نابعة من حس عميق ومسؤولية واضحة بما يجري في هذا الكون، ومنفتحة على الكون.. تماماً كما ينفتح مجلسها الأدبي على جميع الكتب والقراءات في شتى حقول المعرفة، وعن الرؤية الكامنة وراء ذلك تقول: “الهدف من هذا الانفتاح الاستفادة من كافة القدرات الإبداعية الموجودة في عالمنا، والاستفادة من كل الأفكار، والاستفادة من القلوب المملوءة بالسلام الاجتماعي والأمان الكونية والرؤية المستقبلية ذات الصلة النظيفة بالماضي”. وفي محاولة الوقوف على الأسباب التي دفعتها لإنشاء مجلسها الأدبي قالت: “كثرة الأحباب حولي جعلت صراعاً يتأجج بداخلي بين حب لقائهم، وبين رغبتي بترتيب أوراقي، وتنظيم وقتي بين زوجي وأولادي وحياتي العائلية من جهة، وبين شغفي بالمطالعات المتعددة النواحي من جهة ثانية.. لمعت ببالي الفكرة عندما أبديت عذري للبعض لقلة لقائي بهنّ فقلن: نقرأ معك .. فخطرت ببالي فكرة أن نقرأ، وكانت تلك هي البداية... كان ذلك قبل أربع سنوات”. ورغم أهمية الأسباب الاجتماعية التي ساهمت في نشأة الصالون، المتمثلة في لقاء الأحباب بشكل دوري، والاطمئنان عليهم، إلا أن هناك بلا شك أسباباً معرفية هي المحرك الذي جعل الفكرة تظهر للنور، حيث الطقس الجمالي والفكري الناجم عن متابعة المطالعات بشكل جماعي، واستثمار الوقت والاستفادة من الأدمغة المفكرة، والمبدعة في هذا العالم ممن نلتقيهم لمناقشتهم حول بعض كتبهم وأفكارهم.. بالإضافة إلى بعض المناقشات الداخلية لبعض الكتب التي نجريها على نطاق المجموعة”. وتلفت الشيخة شيخة بنت سيف بن محمد آل نهيان إلى أنها تحقق ذاتها بالمجلس وغيره من الفعاليات والنشاطات، تقول: “ذاتي أحققها بمجالات متعددة علمية واجتماعية، ونشاطية، وترفيهية ، ومادية... والمجلس الأدبي فرع واحد من فروع عديدة اتخذتها منهجاً لإسعاد نفسي وإيصال هذه السعادة لروحي وعقلي”. وتفضل الشيخة شيخة بنت سيف بن محمد آل نهيان تعبير المجالس الأدبية أكثر من “الصالون الثقافي”، وتوضح ما قصدت إليه قائلة: “المجالس الأدبية مسمى يروق لي أكثر من الصالون الأدبي لما فيه من قرب من ثقافتنا، وألمعية فكرنا العربي عموماً، والخليجي خصوصاً.. هذه المجالس لها الأثر النفعي الكبير على أعضاء الملتقى بأجمعه، ومن ثم على ذويهم ومعارفهم، ثم على المجتمع آملين عموم الفائدة على كل الناس بكافة أفكارهم وانتماءاتهم”. وعن مجلسها الأدبي تشير إلى أنه “يهدف إلى الوصول للاعتدال، والموضوعية، والحوار مع الآخر، والتآلف مع كافة الأطياف، والمعتقدات من دون المساس بأخلاقياتنا وعاداتنا الاجتماعية”. أما عن دور المرأة الإماراتية في الحياة الثقافية فتقول: “ما الثقافة إلا امرأة قامت على ظهرها الطاهر جسور التواصل الإنساني.. فكل امرأة إماراتية ولو كانت غير قارئة هي خزانة علم، وحب، ووصال معرفي مجهول المنبع ومعروف النتائج... هذا النبع المجهول لم يعد كذلك بل تجلى في يومنا الحاضر أذهاناً وأفهاماً وإبداعات نسائية فائقة الجودة والكمال”. شيخة بنت محمد: سحرتني القراءة يأتي إنشاء الشيخة شيخة بنت محمد بن خالد آل نهيان، صالونها الثقافي، ليكمل حلقة صالونات هذه العائلة المثقفة، منطلقاً من تجربة ناضجة حصلت عليها من خبرة سابقة سبقتها إلى هذا العالم الثقافي.. هكذا بدأت الشيخة شيخة حديثها عن تأسيس الصالون الذي يعود إلى عام 2000، مؤكدة أنه جاء امتداداً لتقليد عائلي لدى أبناء الشيخ محمد بن خالد آل نهيان، فالشيخة الدكتورة شما بنت محمد بن خالد آل نهيان أسست صالونها الأدبي في مدينة العين، وبعدها شقيقتي الشيخة روضة، ثم أنا من بعد. أما المسؤول الأول عن حبها العميق للكتاب والقراءة، فهو السحر.. السحر الذي يشدها إلى عوالم القراءة ويجعل عقلها يفتح نوافذ على مساحات الحلم والمتعة والنور، وهي تفسر هذا الحب أو الشغف بالمعرفة بقولها: «لقد تشكل لدي وعي بأهمية القراءة منذ الطفولة وباللغتين العربية والإنجليزية، كانت القراءة ولا تزال بالنسبة لي متعة أحببت تقاسمها مع الآخرين، ودائماً بعد كل رواية أقرؤها تدور في مخيلتي كثير من الأسئلة، ولهذا أحببت أن أشارك الأخريات أفكارهن وأتعرف إلى آراء متنوعة. وأحسب أنني بعد 13 عاماً من تأسيس صالوني الأدبي، اكتشفت الكثير وما زلت أصبو لزيادة في الاكتشاف». وبخصوص نظرتها إلى دور الصالون الثقافي في الحياة الثقافية والمجتمعية بشكل عام، وصالونها بشكل خاص، قالت: «الصالونات الأدبية رافد حيوي يؤثر بفعالية إيجابية في الحياة المجتمعية لنسائنا، وإفراز إبداعي يتناغم حضوراً مع الأدب، لأننا نشيع جواً من الحوار والانفتاح وحرية التعبير في الحديث، لتصدر العضوات نقدهن وأفكارهن للروايات، ويتخلل ذلك بعض الطرائف وتبادل للأفكار المتنوعة، فتتوثق الصلة ما بين الحضور». وتضيف: «في الصالون الأدبي تبرز خصوصية المكان وروح المودة التي تملأه لأننا نقدم الثقافة بمختلف مذاقاتها وأشكالها، ونوفر بيئة جيدة لمداولة الأفكار، وتعارف النساء من مختلف الجنسيات، وتعزيز الروابط بينهن». وتؤكد الشيخة شيخة بنت محمد بن خالد آل نهيان، أن الصالون بالفعل جاء نوعاً من السعي لتحقيق ذاتها الثقافية، وتقول: «الصالون الأدبي هو أحد الجوانب المهمة التي أغنت شخصيتي ووسعت لديّ مدارك المعرفة». وإلى جانب القراءة، تحتل الرياضة والفنون أهمية في حياتها، تقول: «للرياضة مكانة مهمة لديّ، والرسم جزء لا يتجزأ من ذاتي، أرتقي فيه إلى مستوى آخر من الثقافة الذاتية!!». وتتابع: «أما ما يشغلني ثقافياً في الوقت الحالي، فهو معرض الكتاب والتحضير له بالمشاركة مع العضوات والصالونات الأدبية الأخرى». وفيما يخص نظرتها إلى دور المرأة الإماراتية في المشهد الثقافي الإماراتي، تؤكد الشيخة شيخة بنت محمد بن خالد آل نهيان، أن المرأة الإماراتية حاضرة بقوة في المشهد الثقافي الإماراتي؛ فلدينا العديد من الأديبات والشاعرات اللواتي نفتخر بهن، فقد أوجدن لأنفسهن وأسمائهن مكانة بارزة في مجتمع الثقافة والأدب، كما أن وجود هذا العدد من الصالونات الأدبية النسائية وتزايدها، ما هو إلا دليل على دور المرأة الكبير والواضح في المشهد الثقافي الإماراتي. كل عضو من أعضائه يشكّل جزءاً وبتمام الأعضاء تكتمل فكرة المكان أسماء المطوع: الأعضاء هم صالون الملتقى “إلى عام 1999 يرجع تأسيس صالون “الملتقى”، وعمل منذ ذلك الحين بجديةٍ وتفانٍ على تطوير المشهد الثقافي في مدينة أبو ظبي بجهود فردية وعمل دؤوب ومتواصل فيه الكثير من الحب والإخلاص للفكرة. وكانت أهدافنا تكمن في الحاجة إلى القراءة وتعزيز اللغة العربية ودورها والانفتاح على الثقافات الأخرى وتبادل الخبرات وتفعيل العمل الثقافي، وكان من نتائج ذلك أن اجتذب الملتقى العديد من الأعضاء والأصدقاء والرواد والضيوف وهم في الغالب من صنّاع العملية الثقافية في الدولة والوطن العربي وأماكن متفرقة من العالم”. بهذه الكلمات لخصت أسماء المطوع مؤسسة هذا الصالون الثقافي كلاماً كثيراً يمكن قوله على هذا الصعيد، وفي تكثيف لا يخل بطبيعة دوره ولا مسعاه الذي وصفته قائلة: “سعى الملتقى ومنذ بدايات تأسيسه كأحد الصالونات الريادية في الدولة إلى تكميل مشهد الحراك الثقافي بمختلف صوره وتجلياته. وعملنا فيه هو عمل تطوّعي، وبعد خمسة عشر عاما على تأسيسه نفخر بما حققه الملتقى حيث إن أعضاءه يمثّلون بلدانا عربية مختلفة وهم من مرجعيات متنوعة كان لها تأثير في إعطاء النقاشات زخما وتنوعا وثراءً”، لافتةً إلى أن نتيجة هذا العمل وتقديراً لهذه الجهود “حصل الملتقى على صفة أحد نوادي اليونسكو للقراءة، وهي صفة معترف بها من قبل منظمة اليونسكو لتوافق الملتقى مع أهدافها في الانفتاح على الآخر واحترامه وتطوير التجربة الثقافية”. وأضافت: “إن صالون الملتقى ليس في الأمتار المربّعة التي يمثّلها، بل إن كل عضو من أعضائه يشكّل جزءا من المكان وبتمام الأعضاء وجهودهم النوعيّة تكتمل فكرة المكان، فالأعضاء هم المكان الحقيقي وهم صالون الملتقى، وهذا يفسّر افتتاح فروع له في أماكن أخرى كلبنان ومصر”. أما عن سرّ الاهتمام بالرواية قراءة وجدلاً فعلقت: “يراهن الملتقى بشكل جوهريّ على الرواية باعتبارها خيارا إبداعيا يشتمل على مجالات واسعة للنقاش وتبادل الآراء، وبسبب طابعها الحكائي والتخييلي فإنها تؤمن مساحة واسعة من الأفكار والأمكنة والثقافات والبيئات، ومن تجربتنا الطويلة والنوعية وجدنا أن هذه السياقات الروائية ساعدتنا في التواصل مع أنفسنا وجعلتنا من خلال قوانينها الفنيّة كالسرد والحبكة والنمو الدرامي والنفسي مشدودين إليها”. بيد أن هذا لا ينفي أن الملتقى “يعنى بين فترة وأخرى بنشاطات فكرية ومعرفية مختلفة، وسبق أن أقمنا حلقات فلسفية وأخرى اجتماعية وكذلك محاضرات وندوات تتناول علوم النفس والشعر والتاريخ واللغة والفوتوغراف والفنون التشكيلية”.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©