يبرز المسجد الأموي كملمح تاريخي دمشقي يدل على عراقة العمارة الإسلامية· ويقع المسجد في قلب دمشق القديمة، وبطاقته الشخصية حافلة بالعلامات الفارقة المميزة على مرّ العصور والحضارات، فتحوّل، منذ ما قبل العصر الروماني، من سوق إلى معبد إلى كنيسة إلى أن قام الخليفة الأموي الوليد بن عبدالملك بإعادة بنائه من جديد، فزينه بالفسيفساء والنقوش والزخارف كأفضل ما زينت به المساجد في تاريخ الإسلام·
يقول محمد صالح، أحد أئمة المسجد الأموي: ''ما زال المسجد منذ مئات السنين المكان الأمثل لغالبية المصلين والزوار العرب والأجانب، فكل فريق يرى فيه ما تعكسه اهتماماته، فالبعض يرى فيه ملاذاً آمناً، والبعض الآخر يرى فيه مفخرة العمارة والآثار''·
يضيف صالح أن نحو ألفي شخص يرتادون المسجد في شهر رمضان المبارك، ما بين مصل وزائر خلال ساعات النهار· ومثل ذلك في المساء، لافتاً إلى أن الزيارة لغير المصلين توقف قبيل صلاة المغرب حرصاً على تأمين جو الصفاء للصائمين، خصوصاً وأنه يليها في أحيان كثيرة أنشطة روحية مصاحبة لأيام الشهر الفضيل من صلوات تراويح، وقراءات قرآنية، وحلقات ذكر، وأمسيات أناشيد، وندوات فكرية (بعض الأنشطة متاحة للسياح والجمهور الزائر)·
أما خارج شهر رمضان؛ فإن الإقبال على الصلاة في المسجد يكون في أشده خلال صلاتي الظهر والعصر، وفق صالح الذي يعزو ذلك إلى كون المسجد يقع في منطقة الأسواق القديمة في دمشق، حيث مئات المحال وآلاف الأشخاص من تجار، وصنّاع، وباعة، وغيرهم''· ويقول المرشد السياحي في وزارة السياحة زهير المصطفى: إن ''للمسجد أبواباً عدة، هي باب جيرون والدهليز، وباب الكلاسة أو العمارة، وباب البريد، وباب الزيادة· ومآذن كثيرة ، أشهرها مئذنة عيسى، ومئذنة العروس، ومئذنة قايتباي· ومقامات عدة، هي مقام النبي يحيى (يوحنا المعمدان)، مقام الحسين وفيه مدفن رأس الحسين عليه السلام، مشهد عروة (بيت الوضوء)، مشهد عثمان (قاعة الاستقبال) مشهد أبو بكر· وفيه أربعة محارب، هي محراب الخطيب، ومحراب المالكية، ومحراب الحنابلة، ومحراب الحنفية''·
يضيف أن ''للمسجد كذلك عدة قواعد، هي قاعدة المئذنة الشمالية الغربية، وقاعدة المئذنة الجنوبية الغربية، وقاعدة المئذنة الجنوبية الشرقية وفوقها المئذنة البيضاء· وأربع قباب، هي قبة الساعات، وقبة البركة، وقبة الخزنة، وقبة النسر· إلى جانب قاعة الصلاة والعبادة، ومقر أئمة المسجد ومؤذنيه، ومقر الإدارة والاستعلامات، ومتحف الجامع''·
ويشير المصطفى إلى أن عدد المصلين والزوار الذين يرتادون المسجد يرتفع في شهور الصيف، ويعد الزائر الخليجي والسائح الغربي الأكثر إقبالاً على زيارة مواقع المسجد المتعددة، مبيناً أن ''سجل الزوار للعام الفائت رصد أكثر من 50 ألف سائح (عرب وأجانب) باستثناء المصلين''·
من جهتها، تقول المشرفة في هيئة الآثار والمتاحف جوزفين حنا: ''إن الهيئة رممت المسجد الأموي، لإظهار محاسنه وإحياء مآثره مجدداً· بوصفه أحد الرموز الخالدة التي تسم دمشق بالعراقة''، مبينة أن ''المبدع الدمشقي عاود تزيين جدران الحرم بالفسيفساء والزخارف، وخطّ الجمال والفن في أروقة المسجد، وأعيد فتح بعض أجنحته التي كانت مغلقة أمام الزوار لاسيما من الباحثين والمستشرقين ليواصلوا بحوثهم وتنقيبهم في الثقافة والحضارة الإسلامية· على الصعيد ذاته، يقول أستاذ التاريخ في جامعة دمشق بشير الغساني إن ''الخليفة الأموي الوليد بن عبدالملك بدأ ببناء وتوسيع المسجد عام 86 هـ (705 م)، واعتنى بزخرفته عناية فائقة ليخرج بصورته البهيّة، مزيناً بأجمل اللوحات الفسيفسائية التي تعبر عن الفن الإسلامي، عبر عشرات نوافذ الزجاج المعشّق، والخشب المزخرف، والأرض الرخامية، والجدران والأسقف المذهبة والملونة، بينما رصع المحراب بالجواهر''، لافتاً إلى أنه يوجد في جدار القبلة شريط من أوله إلى آخره من الفسيفساء يسمى شريط الكرمة الذي تشبه زخارفه زخارف ''قبة الصخرة'' في بيت المقدس· ويشير الغساني إلى أن أسماء عديدة أطلقت على المسجد الأموي من بينها، جامع بني أمية، والجامع الكبير، والمسجد الأموي·
وورد الذكر الأول للمسجد على لسان المؤرخ ''أبو زيد أحمد بن سهل البلخي'' الذي قال: ''وبدمشق مسجد ليس في الإسلام أعمر ولا أكبر بقعة منه''· كما ذكره ابن بدران في كتابه ''منادمة الأطلال'' بقوله: ''إنه أعظم جوامع دمشق، وللناس فيه قصائد وأقوال يضيق عنها الحصر''·
الأموي في أرقام
؟ تبلغ مساحة المسجد 157*97 متراً، ومساحة الحرم 136*37 متراً، ومساحة الصحن 22,5*60 متراً·
؟ للمسجد 4 أبواب، و4 محاريب، أما الصحن فمحاط بـ 3 أروقة وأعمدة ترتفع 15,35 متر·
؟ يوجد في المسجد 47 سارية وعموداً·
؟ تتألف واجهة الحرم من جبهة ثلاثية بنافذة مفتوحة، أسفلها واجهة مربعة في وسطها قوس ضمنه 3 نوافذ، وترتكز الواجهة على 3 قناطر·
؟ تمتد القناطر المتراكبة 9 قناطر إلى اليمين و9 إلى اليسار· ومن الرواق تنفتح على الصحن 24 قنطرة، ومن الرواقين الشرقي والجنوبي 9 قناطر·
؟ تنفتح في قبة ''النسر'' 16 نافذة، وترتفع القبة عن أرض الجامع 45 متراً، بقطر 16 متراً·
؟ يبلغ طول لوحة ''بردى'' قرابة 38 متراً وارتفاعها 7 أمتار· وتعد أكبر مسطح فسيفسائي موجود داخل مسجد·
؟ تنفتح أعلى جدار القبلة نوافذ زجاجية ملونة عددها 44 نافذة مع 6 نوافذ في الوسط·
عدد اليوم
