الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

بستان الكلام

10 سبتمبر 2008 01:04
دخل العريان بن الهيثم، وكان فصيحاً، على الخليفة الأموي عبدالملك بن مروان فسلم وأمره عبدالملك بالجلوس فجلس فقال له عبدالملك: ما أطيبُ العنب عندكم؟ قال: ما اخْضَرَّ عوده·· وغلُظ عموده·· وسبط عُنقوده·· قال عبدالملك: كم عطاءَك؟ قال ألفين·· قال عبدالملك: كم عطاؤك؟ قال: ألفان· قال: فلِمَ لحنتَ أولاً؟ قال: لحن الأمير فلحنتُ، وأعرب فأعربت· ولا ينبغي أن يلقاني الأمير راجلاً فألقاه فارساً! فاستحسن أدبه وأجازه· السؤدد كان عرابة الأوسي سيد قومه، وضربت الأمثال بجوده، وقد وفد على معاوية بن أبي سفيان فقال له: يا عرابة بم سُدت قومَك؟ قال: لست سيدهم! فألح عليه فقال: أعطيت في نائبتهم، وحلمت عن سفيههم، وشددت على يد حليمهم، فمن فعل مثل فعلي فهو مثلي، ومن قصر عنه فأنا أفضل منه، ومن تجاوزه فهو أفضل مني! طفولة رُوي عن أبي نواس أنه لما كان طفلاً عمل في محل عند أحد أصحاب الأعمال، وكان جاداً نشيطاً، بيد أنه ذات يوم توجه إلى زوجة الرجل وقال لها إني أحذرك، فإن زوجك اعتزم الزواج من ثانية! قالت له ويلك! كيف عرفت؟ قال إنه يرسلني بالهدايا لها كل يوم، وظل بها حتى صدقته تماماً، فقالت له وما أصنع؟ قال: إن رجلاً معيناً يأتي لسيدة في المحل له خبرة في تحضير الجان فيستطيع إبطال هذا الأمر· قالت وكيف السبيل إليه؟ قال لها إنه يعرف داره ويمكن أن يفعل كل ما تطلبه· وفي اليوم التالي قال لها إنه ذهب إلى الرجل وأفهمه أن الأمر خاص بقريبة له واستكتمه الأمر فطلب بعض شعيرات من لحية الرجل· فاستعظمت المرأة هذا الأمر فقال لها إن الأمر يسير، فعندما ينام زوجها عليها أن تقطع بضع شعرات من لحيته· ثم توجه أبونواس إلى رب العمل وأفهمه أن زوجته تعرف شخصاً آخر فزجره الرجل وكاد يضربه لولا أن أبا نواس قال له: إنه كان ساكتاً لولا أنه وجد الأمر يتعلق بحياة سيده، فاهتم الرجل واستفسر منه جلية الأمر فقال أبونواس له إنه سمع اتفاقاً بين زوجته والرجل الذي تعرفه أن تنتهز فرصة نومك لتقتله! ثم قال له: تصنع النوم فسوف ترى ما يبيّن لك صدقي وإخلاصي لك· وبالفعل فإن الرجل في نفس الليلة تصنع النوم فإذا امرأته أمسكت بموسى طويلة وأقبلت اليه شاهرة إياها وهمت بإمساك لحيته فقبض الرجل عليها وقال لها أتريدين قتلي بعد هذه العشرة؟ فبكت وأقسمت بالأيمان المغلظة أن ذلك لم يكن غرضها وأنها علمت أنه سوف يتزوج بأخرى· فعجب الرجل كثيراً وبعد نقاش طويل بينهما فهم الاثنان ما فعله أبو نواس فأخذهما العجب واستدعاه الرجل وقال له: لماذا فعلت ذلك وأنا لم أُسئْ إليك قط، وما ضيقت عليك في شيء؟ فقال أبو نواس: لقد سمعت منك حديثاً مع بعض أصحابك تقول لهم إن الرجل لابد أن ينفع ويضر، وإذ كنت لا أستطيع أن أنفع، فلا أقل من أن أضر! فطرده الرجل وقال له لن تنفع في حياتك أبداً· رجولة كان عامر بن حطاب من الخوارج وقد دوّخ جنود الحجاج حتى نقم عليه وتمنى الظفر به وتحققت أمنيته وجيء به إلى الحجاج مكبلاً بالأغلال، ومعه فريق من أنصار الحجاج الذين قبضوا عليه، فقال له الحجاج: الحمد لله الذي أظفرني بك يا عدو الله! فقال له: لست عدو الله، بل أنا عدو عدو الله· قال الحجاج: أخبرني يا عامر أي أصحابي كان أشد عليكم؟ انظر إليهم وأخبرني· قال: لم أر وجوههم من قبل إنما كثيراً ما رأيت ظهورهم حين فرارهم منا، فمرهم أن يستديروا حتى أتعرف عليهم من ظهورهم· فتغيّظ الحجاج وقال للحرس إضرب عنق الفاسق ابن الفاسق، قال عامر: بئس والله ما أدبّك به أبوك يا حجاج! أفبعد الموت غاية أستعتبك بها؟ وما يؤمنك أن أردها عليك أضعافاً وأنا سائر إلى الموت؟ فاستحيا الحجاج وقال: أرى الله أنك أهل للصنيعة، قال نعم· فأمر بإخلاء سبيله وأمر له بسيف وفرس!
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©