الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

نيجيريا... مكاسب الانتخابات الرئاسية

20 ابريل 2011 21:16
يمكن القول إن هناك عملاقاً إقليمياً جديداً، قد ولد هذا الأسبوع في أفريقيا وتحديداً في نيجيريا. فهذه الدولة الأكثر إنتاجاً للنفط بالقارة السمراء، كانت تمتلك المال، والثروة المعدنية، والمواد الخام، والكثافة السكانية، الكفيلة بجعلها تحتل مكانة رفيعة وتمنحها نفوذاً إقليمياً قوياً. فعدد سكانها البالغ 154 مليون نسمة يعادل نصف عدد سكان دول غرب أفريقيا، وسُبع عدد سكان القارة الأفريقية بكاملها، كما أن ناتجها القومي الإجمالي ينمو بنفس السرعة التي ينمو بها أي اقتصاد عالمي باستثناء الصين. "نيجيريا يجب أن تكون في وضع يؤهلها لأن تكون عضواً في مجموعة الدول العشرين"، كان هذا ما قالته وزيرة الخارجية الأميركية للصحفيين عام 2009، مشيرة لمجموعة الدول صاحبة أكبر عشرين اقتصاداً في العالم، والتي تتمتع بنفوذ كبير على الساحة العالمية. الشيء الوحيد، الذي كان ينقص العملاق الأفريقي النائم، أو دعنا نقول، الشيء الرئيسي هو المصداقية. فعندما قام الرئيس الأميركي برحلته الأولى إلى أفريقيا بعد أن انتخب رئيساً، فإنه تجاهل نيجيريا تماماً في زيارته في حين قام بزيارة لغانا الدولة المشهورة بديمقراطيتها، والمستعمرة البريطانية السابقة مثل نيجيريا، والتي لا يصل عدد سكانها لعُشر عدد سكان نيجيريا، ولا يمثل إنتاجها من النفط سوى جزء يسير من إنتاجها. ولكن سمعة نيجيريا الدولية المحطمة تبدو في الوقت الراهن آخذة في التحسن، وذلك بعد انتهاء الانتخابات الرئاسية يوم السبت الماضي، وهي الانتخابات الوحيدة الحرة والنزيهة التي تمت في هذه الدولة منذ أن تخلصت من الحكم العسكري، الذي كان جاثماً على أنفاسها منذ 12 عاماً. وكان المراقبون الدوليون قد قيموا تلك الانتخابات بأنها حرة بدرجة معقولة، وأنها تعد أفضل كثيراً من الانتخابات التي جرت عام 2007، والتي شجبت عالمياً، وُعدت في حينها "تراجعاً في الالتزام بالمعايير الانتخابية المعترف بها عالمياً، وأنها لا تزيد عن كونها" لعبة مسرحية". "إنها للحظة في غاية الأهمية"، كان هذا ما قاله "أليكس فاينز" المحلل المتخصص في الشؤون الأفريقية بمجموعة "تشاتهام هاوس"، ومقرها العاصمة البريطانية لندن. وأضاف"فاينز":"نيجيريا تمتلك الآن شرعية استمدتها من الانتخابات الأخيرة، التي استوفت، كما يرى كافة المراقبين الدوليين، الحد الأدنى المطلوب من المعايير العالمية، وهو شيء مبشر جداً بالنسبة لهذه الدولة، وسوف يسمح لها بالحديث بقدر أكبر من الثقة عندما يتعلق الأمر بتحديات الحكم الرشيد في أماكن مثل غينيا بيساو. ويشار في هذا السياق إلى أن الرئيس النيجيري المنتخب"جودلاك جوناثان" قد عبر بقوة عن تأييده لبرنامج الإصلاح العسكري في غينيا بيساو... كما أنه من المعروف أن قادة تلك الدولة، وهي مستعمرة برتغالية سابقة، يحاولون في الوقت الراهن إعادة تزويد جيشهم بالإمكانيات التي تتيح له الفرصة لحفر قنوات الري، وشق الطرق، وتطوير البلاد بدلاً من العمل في تصدير الكوكايين الكولومبي إلى أوروبا. ويشار في هذا السياق إلى أن غينيا بيساو، التي تعتبر إحدى أفقر دول العالم، قد تحولت إلى محور أساسي في عمليات نقل المخدرات، وإلى مركز أفريقي استراتيجي لتجارة الكوكايين. وأن بعض من أغنى عصابات تهريب المخدرات في العالم يستغل هشاشة هذه الدولة وضعفها الأمني، حيث لا تملك سوى عدد محدود من رجال الشرطة لا يتجاوز العشرات، ولا يوجد بها سوى سجن واحد، ويعيش سكانها الفقراء المدقعون في منازل متواضعة صُنعت سطوح معظمها من أغصان الأشجار وأوراقها، كما أن طرقها ما تزال غير معبدة، وتعاني من نقص حاد في الكهرباء، والمياه الجارية النقية، والحد الأدنى من الخدمات الأساسية. الأكثر جسارة من ذلك هو أن نيجيريا قد زجت بنفسها في أتون صراع اعتبر من أخطر الصراعات التي نشبت داخل القارة الأفريقية، وأكثرها إثارة للفرقة والانقسام منذ انهيار نظام الفصل العنصري بجنوب أفريقيا، وهو الصراع في ساحل العاج. فعندما سقط رئيس هذه المستعمرة الفرنسية السابقة الواقعة بغرب أفريقيا "لوران جباجبو" في الانتخابات الرئاسية، التي جرت في شهر نوفمبر الماضي أمام منافسه "الحسن واتارا"، فإنه رفض الاعتراف بالنتيجة، وأصر على البقاء في السلطة، على الرغم من التحذيرات الدولية العديدة من القوى الكبرى ومن الأمم المتحدة وجهود العديد من كبار الزعماء الأفارقة، الذين حاولوا القيام بجهود للوساطة لإثناء جباجبو عن عزمه، ولكن مساعيهم باءت بالفشل أيضاً. واستجابت نيجيريا من خلال المشاركة في رعاية مبادرة لإعلان الحرب على "لوران جباجبو" تم تدشينها بشكل دراماتيكي من مقر مجلس الأمن الدولي. وقد تم كل هذا في وسط موسم الانتخابات النيجيرية، بكل ما يحمله من تبعات على أجهزة الدولة المختلفة. يعلق"فاينز" على هذه النقطة بقوله:"إذا كان ذلك هو ما تستطيع نيجيريا أن تقوم به، وهي مشغولة بانتخاباتها وأمورها الداخلية فما الذي تستطيع أن تفعله إذا لم تكن كذلك... إن ذلك يظهر مدى إمكانيات هذه الدولة وقدرتها على القيام بدور قيادي في القارة الأفريقية". درو هينشو - داكار - السنغال ينشر بترتيب خاص مع خدمة «كريستيان ساينس مونيتور»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©