الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

الصين تركز على مشروعات البنية التحتية في أفريقيا

الصين تركز على مشروعات البنية التحتية في أفريقيا
23 يونيو 2010 21:39
عاودت الصين حركتها التجارية مع أفريقيا، بعد تراجع نسبي شهدته خلال الازمة المالية، بالعديد من الصفقات في المعادن والبنى التحتية، مما يعزز الدور الذي يمكن ان يلعبه طلب أفريقيا من الاستثمارات، والتمويلات، والبضائع الصينية، في المستقبل. لكن تحتد المنافسة، حيث تعتبر أفريقيا هدفاً استثمارياً تقصده الدول الصاعدة الاخرى مثل الهند، والبرازيل، وكوريا الجنوبية، وماليزيا والتي يجذبها ما تنعم به القارة من ثروات معدنية ضخمة، وسوق استهلاكية واعدة. كما يدافع شركاء تقليديون آخرون مثل فرنسا، واميركا، وشركات التعدين العالمية، عن مصالحهم في القارة من نفط، ونفوذ، وأسواق. وفي المقابل يدور جدل حاد حول ماهية العلاقة الصينية الأفريقية، ومدى جدواها في السنوات القادمة. ومما لا شك فيه أن دخول الصين القوي في المشاريع الانشائية، يساعد في سد فجوات البنى التحتية التي تقف حائلا دون التنمية. وتعمل الصين في مشاريع مثل الطرق، والسدود، وخطوط الأنابيب، والسكك الحديدية المتخلفة بشدة هناك. وتفوق التمويلات الصينية مجتمعة كل التدفقات النقدية التي تاتي من الممولين التقليديين، والدول المانحة. وفي غضون ذلك، وفي بعض البلدان الأفريقية، يفوق عدد الصينيين، عدد المحتلين الأوروبيين خلال سنوات الاستعمار. وبالإضافة إلى عملهم في المشاريع المدعومة من قبل الحكومات، أقاموا أيضاً شراكات تجارية كبيرة، كما يمكن أن تجدهم يمارسون بيع قطع الغيار في أكرا، أو زراعة المحاصيل في ضواحي الخرطوم، واقامة المطاعم في معظم العواصم الأفريقية. وأصبح الآن من الصعب تخيل مستقبل أفريقيا بدون الصين التي رفعت حجم تجارتها في العقد الماضي من 10 مليارات إلى 100 مليار دولار متفوقة بذلك على شركاء تجاريين رئيسيين مثل أميركا وأوروبا. وهناك سبب وجيه لتخوف العديد من أقطار أفريقيا من عودة الكساد الى أوروبا الذي من شأنه أن يقود الى مخاطر جديدة تؤدي لنفور المستثمرين، وتراجع المساعدات الرسمية. لكن وفي إشارة واضحة لتحول ميزان القوى من الغرب إلى الشرق، فإن انتعاش ورفاهية أفريقيا كأفقر القارات، أصبح يعتمد على الطلب والاستثمار من الدول النامية، ومن الصين على وجه التحديد. ويشن النقاد الغربيون حملة عنيفة على الوجود الصيني في أفريقيا، والذي يرونه شبيها بنموذج علاقات أوروبا الاستغلالية معها في الماضي. كما ينتابهم قلق من أن يقوض الوجود الصيني ما يبشر به الغرب من انتشار للديموقراطية، وأن يقود إلى افلات الفاسدين من العدالة. لكن يحيط الكثير من النفاق بهذا النوع من الجدل الذي يثيره الغربيون، حيث أظهرت دراسة نشرها أكاديميون نرويجيون مؤخرًا، أن أميركا لها ميول أكبر من الصين نحو بيع أسلحة لنظم الحكم القهرية. وكما هو متوقع، لم يتردد المسئولون الصينيون في انتقاد ماضي الغرب في أفريقيا. ويقول لي روجو مدير بنك الصين للواردات والصادرات “على دول الغرب ان تصبح مثالا يحتذى به باعلانها عن المصادر التي استولت عليها في أفريقيا في غضون الـ400 سنة الماضية. وبعد ذلك يمكنها الحديث عن قضية الشفافية الصينية”. ومع ذلك، تتنامى الآن مراجعة النفس بين الافريقيين انفسهم، حيث يتخوف العديد منهم من انه وفي حين تغير اتجاه التجارة، تغيرت معه طبيعتها، ويتم تصدير المواد الخام، ولا توجد في المقابل واردات تنتج عن تصنيعها. وفي هذا الصدد يقول جي أتش مينسى وزير سابق في غانا “اذا استمر الوضع على ما هو عليه، فستصبح مصادر أفريقيا في يوم من الأيام مسخرة لتنمية الصين كما كانت لأوروبا في الماضي”. واتضح ان ارتفاع المعدل التجاري يعمل كسلاح ذو حدين. ومن جانب آخر، وجدت الاقطار الأفريقية التي تعتمد على صادرات المواد الخام، أن مقدرتها على المساومة قد قويت كثيرا. ويجدر بالذكر ان المصالح الصينية، ساعدت النيجر على وضع شروط أكثر صرامة على شركة الطاقة الذرية الفرنسية التي تعمل في اليورانيوم هناك، وزامبيا على زيادة الضرائب المفروضة على النحاس، ونيجيريا على فرض رسوم كبيرة على الشركات التي تسعى لتجديد الايجارات الخاصة بعقودات مربعات النفط. وذهبت الدول التي تعتمد على المصادر الى أبعد من ذلك، حيث زادت فوائد المعادن التي تعود عليها من الشركات الصينية وغيرها في محاولة لزيادة العائدات المادية نتيجة المنافسة في المناقصات. ومن الجانب الآخر، تواجه الدول الأفريقية غير المصدرة للنفط والمعادن، خللا كبيرا في ميزانها التجاري مع الصين. وتوفر الواردات الصينية القليلة الاثمان سلع لم تكن متاحة من قبل للمستهلك. وبالاضافة الى ذلك، فان توفرها يكون على حساب المنتج المحلي، ومن ثم خفض مئات الآلاف من الوظائف. ويتخوف عدد غير قليل من السياسيين الافارقة من ان يصبح معدل الاعتماد على الصين كبير جدا، أو ان تدخل القارة في دوامة من الديون معها، ومن ثم يكون المخرج الوحيد في التنوع. وحتى أنجولا، حيث سبقت بكين غيرها من الدول باستراتيجيتها الخاصة بمقايضة التمويلات القليلة الفوائد وانشاء البنى التحتية، مقابل خام النفط ومصادر أخرى، عادت الآن الى أحضان صندوق النقد الدولي. علاوة على ذلك، وفي كثير من الأحيان، هناك تقارب في المصالح بين الصين وأفريقيا. وعلى صعيد الزراعة مثلاً، نجد أن الجهود الصينية المبذولة في سبيل زيادة انتاجية محصول القطن، ستنعش الحياة الريفية في القارة، وفي ذات الوقت تتصدى لمشكلة تامين الغذاء المتنامية في الصين ذاتها. ومثال آخر، الصندوق الذي انشأته الصين لمساعدة نمو الشركات الصغيرة والمتوسطة الحجم. والهاجس الذي يتوجس منه الصينيون الآن، أنه وبزيادة الوجود الصيني في أفريقيا، يصبح من الصعب على الصين التحكم في ما ينتج عنه. ويذكر أن من أكبر الصفقات التي تمت مؤخراً، قامت بها شركات إقليمية كبيرة، أو صناديق صينية شبه خاصة. كما أصبحت عمليات الاستغلال التي تقوم بها شركات استخراج المعادن والأخشاب، ومعاملة الشركات الصينية للعمال الافارقة، تحت رقابة لصيقة للغاية. ويذكر أن العديد من الدول الأفريقية ليست لديها القوة الكافية لإعادة تنظيمها، ويزيد عدم رؤية المجتمع المدني للمستقبل، نسبة لعدم شفافية الكثير من الصفقات، هذه القوة ضعفا. لكن ينبغي ان يتغير كل ذلك إذا ارادت أفريقيا أن تستفيد من المصالح الصينية في اقامة علاقات متساوية مع العالم الخارجي في الوقت الذي تتغير فيه الأنماط التجارية. ويقول الرئيس الرواندي “ليس من الضرورة تحديد المصدر الذي تأتي منه الأموال، أو الاستثمارات. لكن من الضروري تحديد درجة استعدادنا لجني الفائدة القصوى ما أمكن ذلك”. عن «فاينانشيال تايمز»
المصدر: أبوظبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©