الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الوحدة الآسيوية··· حلم يبدده المتعصبون

الوحدة الآسيوية··· حلم يبدده المتعصبون
10 سبتمبر 2008 00:20
ربما يكون الوقت قد حان للتوقف عن الحديث عن القرن الآسيوي؛ فالتايلانديون يتعاركون مع أنفسهم، وعندما ينتهون من ذلك، فإنهم سيتقاتلون مع الكمبوديين -مرة ثانية-؛ والصين قد تكون حقا هي أكبر شريك تجاري لليابان، ولكن الدولتين تكرهان بعضهما على أي حال· وماذا عن ماليزيا وإندونيسيا؟ هما دولتان منقسمتان تتحدثان لغة واحدة· لقد قضيت فترة كبيرة من الوقت في قارة آسيا خلال العقد الماضي، وأستطيع أن أقول بصفتي هذه إن القارة قد تحولت إلى فوضى جيوبوليتيكية، وأن دول الشرق الآسيوي المكبلة بقيود الشوفينية القومية، والمصالح الذاتية الضيقة، لن تتحد معا، كي تحل محل الغرب كمركز للقوة العالمية، على الأقل ليس في أي وقت قريب في المستقبل· ومن الطبيعي أن تكون النسخة الآسيوية من الاتحاد الأوروبي والحال هكذا، بعيدة المنال، كما يعترف بذلك قادة آسيويون عديدون، فما يحدث في الوقت الراهن، هو أن القارة الآسيوية تواجه نوعا من انقسام الشخصية، فمن ناحية نجد أن العديد من التيارات الثقافية، والاقتصادية، والسياسية السائدة تشير إلى أن الأمم الآسيوية، تتحول بشكل تدريجي كي تصبح أكثر اندماجا من أي وقت مضى، بيد أن الواقع يقول -وفي نفس الوقت تقريبا-إنه انتشار لنوع من النزعات الوطنية المتعصبة في كافة أرجاء المنطقة، وهي نزعات تتغذى على تاريخ مُعاد تفسيره -وأحيانا وهمي- يعمل من أجل تأجيج الكراهية، وترويج أجندات ضيقة الأفق· النخب في آسيا تدرك فوائد التكامل، الذي يجد تشجيعا أيضا من أصحاب المشروعات التجارية والمسؤولين؛ ولكن وعلى الرغم من كل مظاهر التكامل التي توحي بالتقارب والاندماج، فإن الحقيقة هي أن معظم منظمات المنطقة وخصوصا المتعددة الأطراف، لا تفعل أكثر من أنها تجتمع لغرض الاجتماع في حد ذاته وليس من أجل حل المشكلات العالقة بين الدول؛ ولكن ما الذي يحول بين التعاون والاندماج بين دول المنطقة؟ الذي يؤدي إلى ذلك هو دعاوى الوطنية المتطرفة، والانشغال المرضي بهاجس السيادة؛ فانظروا لمرور وقت طويل منذ أن انتهت الحرب العالمية الثانية، التي كانت النزعة الوطنية المتطرفة لدى بعض الدول وخصوصا ألمانيا النازية وإيطاليا الفاشية سببا في اندلاع تلك الحرب بما ترتب عليها من مآس وكوارث، قد أتاح الفرصة لكثرة من الساسة الآسيويين، لتوظيف تلك المشاعر من أجل تحقيق مكاسب قصيرة الأمد· والسياسيون الآسيويون ليسوا الوحيدين الذين يتبنون النزعات الوطنية المتطرفة بل هناك فئات أخرى تفعل ذلك أيضا؛ ففي عام ،2002 وبينما تايلاند لا تزال تتعافى من آثار الأزمة المالية الطاحنة التي ألمت بها في أواخر التسعينيات، قام المخرجون السينمائيين المدعومين من قبل الحكومة هناك بإنتاج فيلم أطلقوا عليه اسم'' أسطورة سيوريوتاي'' في محاولة منهم لاستعادة كرامتهم الوطنية المهدورة، كانت قصته تدور حول ملكة تايلاندية لقيت مصرعها، وهي تقاتل الغزاة البورميين، وهي قصة كان لا بد من أن تؤثر على المشاهدين التايلانديين، وتزيد من جرعة عدائهم لكمبوديا جارتهم من ناحية الغرب· وكان انتشار الإنترنت سببا في نشر النزعة القومية المتعصبة في آسيا، حيث أتاح الفرصة للكثيرين للتعبير عن آرائهم المتطرفة علنا كما حدث في الصين على سبيل المثال، عندما عمد مرتادو بعض المنتديات إلى تبني أكثر المواقف تعصبا، وبدأوا يسخرون من القادة الصينيين، بسبب تساهلهم في التعامل مع الدول المجاورة، وموضوع التبت، وأزمة تايوان؛ وفي اليابان ساعد الجو الذي خلقته المدونات على شبكة الإنترنت على الترويج لبيع كتاب كوميدي ياباني يعتمد على الرسوم المتحركة ويحفل بالعنف والبذاءة اسمه ''كراهية الموجة الكورية''؛ وفي إندونيسيا ساهم المدونون في تأجيج مشاعر الغضب ضد ماليزيا المجاورة، بسبب استخدامها لكلمات أغنية إندونيسية في الترويج السياحي، وكرد فعل على سوء المعاملة التي تعرض لها حكم كاراتيه إندونيسي مشهور أثناء وجوده في ماليزيا؛ على الرغم من أن تلك المشكلات في مجملها تعد بسيطة إلا أن استخدام الإنترنت على نطاق واسع هو الذي كان يؤدي إلى تضخيمها ومن ثم إلى ردود فعل غاية في الشراسة بين أطرافها· الشيء اللافت للنظر أن كل تلك المشكلات التي تحدث في قارة آسيا لا تتردد أصداؤها هنا في الولايات المتحدة، على رغم أن هناك صناعة كاملة قد نشأت فيها حول التنبؤات القائلة بأن هناك قرنا آسيويا سيحل محل القرن الأميركي؛ ربما سيحدث هذا بالفعل ولكنه لن يحدث في تقديري سوى بعد عدة قرون من الآن· جوشوا كيرلانتزيك خبير زائر في مؤسسة كارنيجي للسلام الدولي ينشر بترتيب خاص مع خدمة لوس أنجلوس تايمز وواشنطن بوست
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©