الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

فريدريك ميتران: أبوظبي حاضنة لثقافات العالم

فريدريك ميتران: أبوظبي حاضنة لثقافات العالم
23 يونيو 2010 20:31
على الرغم من تعدد الألقاب والصفات يبقى “المثير للجدل” هو التوصيف الأقرب إلى شخصية وزير الثقافة والاتصال الفرنسي فريديريك ميتران.. الرجل صاخب بامتياز يهوى الخروج على القواعد المرسومة، ويجد نفسه في مخالفة المألوف، والتمرد على الضوابط، ربما ليؤكد لذاته قبل الآخرين أنه لا يزال وفياً لطبيعة الفنان الذي كانه قبل أن تستميله السياسة، بل هو لا يتردد في القول إنه فنان في الأساس والخاتمة، وأن أي منصب يشغله بين المرحلتين ليس سوى مهمة عابرة.. وثوب مستعار لن يجد صعوبة في خلعه عندما تأتي اللحظة المناسبة. حصل هذا اللقاء مع ميتران في متحف قصر الشيخ زايد في العين، إبان زيارته الأخيرة للإمارات مكرَّماً ومكرِّماً، حيث اختار له مكاناً على المصطبة الحجرية في باحة المتحف، حرصاً على سيجار يخشى انطفاءه داخل الجدران المغلقة، وعندما تحلق القوم حوله من مرافقين ومستقبلين لم يجد صعوبة في دعوتهم للمغادرة، مؤكداً أنَّه “صحافي بالأساس، ولا يحتاج عوناً في مواجهة زملاء المهنة”. عن التفاعل الثقافي بين الإمارات العربية المتحدة وفرنسا، وعن الثقافة التي يجدر بها إخماد ما أشعلته السياسة من حرائق، وعن شخصيته التي تستمد ألقها من نزعة السير في ركب المحظور، تدور تفاصيل هذا الحوار، الذي تأخر نشره بعض الوقت لظروف قاهرة، إلا أنه يبقى متميزاً بسخونته وحيويته المستمدة من شخصية محاوَر لا يحرجه القول إنه سيظل محتفظاً بشبابه مهما تقدم به العمر.. رسالة حضارية ? كيف تنظر إلى التطور الملحوظ الذي تشهده العلاقات الثقافية بين فرنسا ودولة الإمارات العربية المتحدة راهناً؟ ? إنَّها علاقات مهمة جداً من منظور تاريخي وحضاري ومستقبلي أيضاً، كذلك هي عميقة الفائدة إذا تم التعاطي معها وفق المعايير الأخلاقية والإنسانية. ذلك أنَّ فرنسا تكن الكثير من الاحترام لدولة الإمارات، ولقيمها الحضارية والثقافية، وبصورة خاصة للإرث الأخلاقي والإنساني الذي أرسى دعائمه المغفور له بإذن الله، الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، رحمه الله، وجرى تكريسه من قبل عائلته وأبنائه، ومريديه الكثر، بعد رحيل الشيخ زايد عن هذه الدنيا. كما تثمن فرنسا عالياً الحرص الفائق الذي تبديه دولة الإمارات على تجسيد سلوكيات التسامح والمسالمة والتناغم الإنساني والديني بين المقيمين على أرضها، لهذه الأسباب، ولكثير غيرها أيضاً، فإنَّ الرسالة الفكرية والحضارية لكلا البلدين تبدو في غاية الأهمية، ومن الضرورة بمكان أن يصار إلى ترسيخ علاقات ثقافية بينهما تكون بمستوى هذا المهمة ذات الطابع التاريخي التي أوكلها إليهما مسار التراكم الثقافي والتاريخي والإنساني الشامل. أرغب في الإشارة هنا إلى هذه العلاقات ليست مستجدة، وإن كانت قد شهدت مؤخراً تطوراً ملحوظاً، كما ورد في السؤال، هذا التطور هو نتيجة طبيعية لإدراك كل من الإمارات وفرنسا أن ما تمارسانه من تقارب وتعاون ثقافي إنما يتخطى حدود التنسيق الاختياري والإرادي، ليشكل نوعاً من الاستجابة البديهية للمستجدات السياسية والعقائدية التي تتحكم بعالمنا المعاصر على أكثر من صعيد، أعود إلى القول إنَّ التواصل الثقافي بين الدولتين كان قائماً منذ تأسيس دولة الإمارات برعاية متبادلة من الشيخ زايد والرئيس الفرنسي الأسبق جاك شيراك، وهو اغتنى وتطور في عهد الرئيس الراحل فرانسوا ميتران، ونحن نرى له اليوم نتائج طيبة وواعدة مع إنشاء متحف اللوفر في أبوظبي، وإقامة فرع لجامعة السوربون أيضاً. وغني عن الإشارة أنَّ لمتحف اللوفر سمعة عالمية فائقة الأثر، حيث تتمثل في أرجائه مختلف الثقافات، وأرى أنَّ أبوظبي، بما تمثله من قيم سامية لم تعد موضع نقاش، هي مكان ملائم لرعاية مختلف ثقافات العالم. تكامل ضد التآكل ? ما هي، برأيك، الآفاق المترتبة على احتضان أبوظبي لجامعة السوربون ولمتحف بحجم اللوفر؟ ? إنَّها تجربة واعدة وثرية تسمح لأبوظبي بتوجيه رسالتها الحضارية نحو جزء حيوي ومؤثر من عالمنا الراهن، وتتيح لها أن تحظى بتفهم العالم الغربي، الأوروبي خاصة، حيث سيكون بوسع هذه المنطقة أن تنال ما تستحقه من سمعة طيبة، ومن استيعاب مشروع لمخزونها الحضاري الفائق الغنى، لا سيما أنَّنا نتحدث هنا عن جغرافيا بالغة السحر والروعة، وموغلة في أعماق التاريخ أيضاً، مما يعكس تشابهاً جوهرياً بين فرنسا والإمارات، سواء لجهة العراقة التاريخية، أو من ناحية الفعالية المؤثرة التي تمارسها كل منهما على جوارها الجغرافي. هذا التشابه لا يتوقف عند ما سبقت الإشارة إليه، بل يتعداه نحو السلوكية القيمية والاجتماعية القائمة في نمطها الحياتي والمعيشي، تقارب بهذا القدر من العمق لا بد له أن يعبر عن نفسه بصورة تعاون وتفاعل حضاري بالغ الحيوية، على الرغم من المساحات الفاصلة، بل هو من شأنه أن يختصر الجغرافيا ويختزلها تحت وطأة الانجذاب المفاهيمي نحو مساحة حضارية مشتركة، محصنة بأخلاقية الاحترام المتبادل بينهما، في ظل الحاجة إلى التكامل الإنساني لمواجهة التآكل القيمي السائد. الثقافة أولاً ? هل نحن نتحدث هنا عن تعاون بين دولتين تنشدان التفاهم أم عن تفاعل بين ثقافتين لا يبدو للوهلة الأولى أنهما يتقاطعان عند الكثير من نقاط التلاقي؟ ? بالتأكيد إنَّ البعد الثقافي هو صاحب الكلمة الأخيرة هنا، والأمر لا يتعلق بالوصول إلى ثقافة مشتركة أو موحدة بين الطرفين، فهذا آخر ما تحتاجه فرنسا والإمارات، بل إنَّ الحديث عن توحيد الثقافات أمر يدعو إلى الحزن، نحن لدينا العديد من نقاط الاختلاف، وهذه الفروقات هي مصدر غنى لثقافتينا، وللمفهوم الثقافي العالمي أيضاً، إذا أحسن التعامل معها، الأساس على هذا الصعيد هو ابتكار الوسائل التي تساعد كل طرف على استيعاب ثقافة الآخر وتمثلها تمثلاً حقيقياً يسمح بتجاوز القشور الطافية على سطوح الإدراك، والملوثة بكثير من عوامل سوء الفهم المتبادل، نحو الرؤى والمفاهيم والقيم المتجذرة، توصلاً إلى فهم الجوهر الناظم لهذه الثقافات.. أي أنَّه ليس المطلوب فقط أن يعترف كل طرف بالمخزون الثقافي الذي يمثله الآخر، ويتمثل به، بل أن يمارس عن وعي مسبق، وقصدية تامة، الفهم المتعمق لخفايا هذا المخزون والغازه، توصلاً إلى الاستيعاب الدقيق للمسكوت عنه في الوعي المهيمن على عقول بعضنا بعضاً، هكذا يصير بإمكاننا أن نعيش معاً في عالم يتسع لنا، لكنَّه يضيق بأحقادنا وتوافهنا. ولتحقيق كل ذلك لا بدَّ من تناول هذه الثقافات في المناهج التعليمية، ومن توجيه الأطفال والناشئة نحو زيارة المتاحف والإصغاء الجيد إلى حكايا التاريخ والعبر الماثلة بين جدرانها، وصولاً إلى البرامج التلفزيونية الموجهة والمتخصصة التي يجدر بها تسليط الأضواء الكاشفة على الجوانب الخفية، ويجب على كل ذلك أن يحدث بتوازن مدروس لإثبات أنَّه وعلى الرغم من الفوارق القائمة، وهي مفهومة ومشروعة، بل وضرورية أيضاً، فإنَّه يمكن لك طرف أن يفهم الآخر ويحترمه، والأمر ليس واجباً فقط بل هو حق يستحقه كل منَّا. ?يأتي هذا التقارب الحضاري والثقافي بين رؤيتين، تنتمي كل منهما إلى مرجعية مغايرة، في أعقاب رواج موجة الكلام عن صراع الحضارات وحتمية صدامها، هل هو شكل من أشكال الرد على تلك المقولات؟ ? ليس هناك من صدمة أو صدام حضاري، بل ثمة حالة من العنف المتفلت من كل الضوابط.. عندما يحتكم الناس للقوة وحدها لا يعود لديهم ما يتناقشون بشأنه، أمَّا عندما يتحاورون، على اختلاف منابتهم وتوجهاتهم ورؤاهم، فإنَّ المجال سيكون رحباً أمامهم للوصول إلى قواسم مشتركة، وإلى مساحة تلاقٍ وتفاعل، وإلى فرص للاستفادة من اختلافاتهم، اعتماداً على عوامل التكوين الأخلاقي تتقدم عناصر الانسجام لتحتل مقدمة المشهد، ويصير التناغم من ضمن التباين أمراً واقعاً، بل وحتمياً أيضاً. أنا مؤمن أنَّ الرد على موجة العنف التي تهيمن على جزء كبير من عالمنا الحالي ممكن عبر الثقافة ومفاهيمها المرنة، وأرى أنَّ ثمة دوراً رئيسياً على هذا الصعيد للموسيقى وللسينما وللشعر أيضاً. شراكة حضارية ? ألا ترى أن البيئة الثقافية والاجتماعية المتنوعة التي تجسدها الإمارات هي بمثابة المختبر الفعلي الذي يجعلها اختصاراً لعالم قادر على التناغم والتفاهم على الرغم من اختلاف مكوناته البشرية؟ ? عندما نعيش وسط جنسيات مختلفة نكتسب عادات و سمات نفسية يتعذر علينا إدراكها في حالة الانغلاق والعزلة، حينها نكون قد سمحنا للمشاعر الإنسانية الصادقة الطامحة إلى معرفة الآخر أن تعبر عن نفسها، وأن تجد فرصتها المشروعة في النمو والتطور نحو حالات راقية من النبل الإنساني والسمو القيمي. في هذه اللحظة هناك أناس يحاربون بعضهم بعضاً، لذلك من الضروري إذا أردنا إنقاذ العالم من متابعة سيره الحثيث نحو الهاوية، مدفوعاً إلى ذلك بالجشع وحب التملك والسيطرة،، بالتداخل القائم في المصالح الاقتصادية، حيث يمكن لأي تضارب مصالحي أن يؤدي إلى ما لا تحمد عقباه. من هنا نرى أهمية الدور الذي تضطلع به الإمارات على صعيد تقريب المسافات بين البشر، وتقديم الرهان الملموس على أنَّ إمكانية التعايش الودي بين الناس قائمة، وإن اختلفت عاداتهم وأصولهم ولغاتهم وملامحهم. ? هل يدخل هذا التقارب في خانة إرساء قواعد حضارة عالمية متجددة؟ ? ليست الحضارة بتعريفها الأكاديمي الضيق، بل هي الشراكة الإنسانية والأخلاقية اعتماداً على مفهومها الواسع والشامل، إنَّها احترام الآخر الذي يعني احترام حقه في الحياة الكريمة، ولو كان مختلفاً، في حين أنَّ السائد حالياً أنَّ التمايز الثقافي لا بد له أن يعبر عن نفسه بصورة صراع دموي غالباً.. علينا أن نتخلى عن فكرة وحدة المفهوم والرؤية، والاعتراف أنَّ هناك تنوعاً واسع الطيف يحكم حياتنا المعاصرة، وأننا لا بد لنا من قبول هذا التنوع، وألا نفعل ذلك مكرهين أو مرغمين، بل مدفوعين باقتناع راسخ مفاده بأن هذا التنوع هو شرط أساسي من شروط الحياة الاجتماعية، كما هو كذلك على الصعيد البيولوجي، وإنَّ حسن استيعابه، واستغلال وجوده بصورة جيدة من شأنه أن يؤسس لنمط معيشي جدير بالاهتمام. الحكم للزمن ? يرى البعض أنَّ الثقافة مهما أوتيت من الزخم تبقى قاصرة عن إصلاح ما أفسدته السياسة التي لها اليد الطولى في رسم مصائر البشر.. ما تعليقك على ذلك؟ ? لا أتفق مع هذا الرأي، وأستطيع الرد عليه بثقة مطلقة وبمثال عملي، لو حللنا السينما الإسرائيلية مثلاً لوجدناها تقف على يسار السياسة والمجتمع الإسرائيليين، وبقدر ليس مبالغ به من التفاؤل يمكنني الجزم أنَّ هذه السينما التي تعترف بحقوق الفلسطينيين في دولة مستقلة، وتصوغ الكثير من أعمالها بوحي من هذا الاعتراف، هي التي ستعيد تشكيل وعي الإنسان الإسرائيلي بما يؤدي إلى ابتداع حلول للمشكلة القائمة في الشرق الأوسط. أنا أومن أنَّ الفنانين الحقيقيين هم من يجدر بهم أن يوجهوا العالم، وليس الساسة ولا حتى المثقفين، فهؤلاء قابلون للسقوط في شرك السلطة وإغواءاتها الكثيرة، أما الفنانون فمحصنون بقدرتهم على التجاوز وتصويب النظر دوماً نحو البعيد، وهذا بالضبط ما ينقص عالمنا اليوم، نحن نحتاج رؤية نافذة وعميقة ومتخطية للراهن.. وثمة شواهد تدعم هذا الرأي فقد أثبتت الأيام خطأ الكثير من المقولات التي أطلقها كتّاب ومفكرون ذوو نفوذ، في حين أنَّ الأيام نفسها هي التي أعادت الاعتبار لفنانين لم ينالوا ما يستحقونه من تقدير في أزمانهم. فنان فقط ? بالانتقال إلى البعد الشخصي أين يصنف فريدريك ميتران نفسه: هل أنت سياسي بين المثقفين أم مثقف بين الساسة؟ ? أنا أسعى باستمرار لأن أكون فناناً، ولا أسمح لأي صفة أخرى أو لقب أن ينتزعني من هذا العالم الذي يمنحني الكثير من مبررات الرضى. ? وصفتك الصحافة بالمراهق الأبدي هل هي صفة تبرر الاعتزاز؟ ? أنا أنتمي إلى سلالة بشرية تتقن فن البقاء شابة على الرغم من تقدم العمر، وأرى أنَّه لأمر طيب أن يحتفظ المرء بشبابه مع مرور الزمن، أنا دائماً في العمر الجيد، وأنوي البقاء كذلك ما أمكنني. ? السؤال لا يتعلق بالبعد البيولوجي وحده بل يتناول الخلفية السلوكية أيضاً: أنت دخلت إلى الوزارة على متن دراجة نارية.. هل تنوي الخروج منها على واحدة مماثلة؟ ? المنطقي بالنسبة لمن يدخل مكاناً فوق دراجة أن يغادره في سيارة إسعاف!! ما أردت قوله من خلال ذلك أن بوسع الوزير أن يفعل شيئاً مماثلاً، وأن يستمر في حياته الطبيعية على الرغم من تقلده منصبه الحكومي، وأنا أحبذ فكرة استخدام الوزراء لوسائل النقل العام كالأوتوبيسات وحافلات المترو، لكن الأمر لا يخلو من صعوبة، فكون الوزير معروفاً على الملأ سيدفع الكثيرين لاستيقافه والتحدث معه بأمور شتى، وربما تعرض لمواقف خطرة، لذلك نحن مجبرون على استخدام وسائل تفصلنا عن الناس، مع أنني شخصياً لا أحبذ ذلك. ? هل أفقدتك السياسة شيئاً من شفافية الفنان التي يبدو حرصك عليها واضحاً؟ ? أخشى أنَّها فعلت.. ولكن ليس بصورة جذرية فأنا لا أزال قادراً على استعادة الحس الفني الكامن في داخلي حين تدعو الحاجة، وما زلت أحتفظ بالكثير من الخصال التي لا أنوي تغييرها حتى لو أصبحت رئيساً، وعموماً فأنا لا أحبذ الإسراف في التنظير، وأرى بعد التجربة أنَّه أن يصبح المرء وزيراً ليس أمراً سيئاً بالقدر الذي يتصوره البعض! ? لو طلبنا منك إجراء جردة حساب: ما الذي أخذته منك السياسة وما الذي أضافته لك؟ ? جعلتني أرى الجانب المخفي من كواليسها، وإن كان البعض ممن يمتهنوها يساهمون في إحاطتها بالكثير من علامات السوء، فإنَّ ثمة آخرين حريصين على جعلها أكثر رصانة ورهافة مما يظنها الناظرون إليها من الخارج.. وعلى العموم فإنَّ أحداً لا يجعل الإنسان يتخلى عما لديه إذا لم يشأ هو ذلك. ? هل أنت مستعد لحمل حقيبة وزارية غير الثقافة، الداخلية مثلاً؟ ? أبداً لا يسعني أن أكون وزيراً لغير الثقافة التي وحدها تجذبني لأنَّها تختصر العالم برمته. الفن العربي ? عرف عنك اهتمامك بالموسيقى والغناء العربيين هل لا يزال هذا الاهتمام قائماً لديك؟ ? طبعاً ما زلت أحتفظ بالكثير من الود حيال القديم من ذلك الفن الجميل، وهنا أريد الإشارة إلى أن باريس ستستضيف في الثامن والعشرين من شهر أغسطس المقبل مهرجاناً لمغنين كبار من العالم العربي، وذلك لمناسبة عيد الفطر السعيد، وأنا سأكون مستمتعاً بهذا المهرجان لأنني أتذوق الغناء العربي، وأرى فيه ما يستحق العناء. ? هل يمثل الأمر حالة خاصة مقتصرة عليك أم أن الكلمة العربية المغناة تلقى بعض القبول في الذائقة الفرنسية عموماً؟ ? سابقاً كان بالإمكان القول إن الأمر يتعدى حدود الحالة الفردية، فقد كان الكثيرون من الفرنسيين مهتمين بالموسيقى العربية، وأم كلثوم وفيروز، وسواهما، أما اليوم فقد اختلف الأمر وهناك ندرة على هذا الصعيد. ? هل تحفظ شيئاً من الغناء العربي؟ ? نعم أتذكر جيداً مقاطع من أغنية “الأطلال” لأم كلثوم وأفهم معانيها، بل وأرددها أيضاً، ولكن ليس كما تفعل صاحبتها طبعاً!! لوفر ـ أبوظبي.. فضاء لكنوز الحضارات من أهم المتاحف الفنية في العالم، ويقع على الضفة الشمالية لنهر السين في باريس عاصمة فرنسا. يعد متحف اللوفر أكبر صالة عرض للفن عالمياً، كان عبارة عن قلعة بناها فيليب أوغوست عام 1190، تحاشياً لهجوم على المدينة أثناء فترات غيابه الطويلة في الحملات الصليبية، وأخذت القلعة اسم المكان الذي شُيدت عليه، لتتحول لاحقاً إلى قصر ملكي عرف باسم قصر اللوفر، قطنه ملوك فرنسا، وكان آخر من اتخذه مقراً رسمياً لويس الرابع عشر الذي غادره إلى قصر فرساي العام 1672 ليكون مقر الحكم الجديد، تاركاً اللوفر ليكون مقراً يحوي مجموعة من التحف الملكية والمنحوتات على وجه الخصوص. في عام 1692 شغلت المبنى أكاديميتان للتمثيل والنحت والرسم والتي افتتحت أول صالوناتها العام 1699. وقد ظلت تشغل المبنى طوال 100 عام. وخلال الثورة الفرنسية أعلنت الجمعية الوطنية أن اللوفر ينبغي أن يكون متحفاً قومياً لتعرض فيه روائع الأمة. ليفتتح المتحف في 10 أغسطس 1793. ويعد اللوفر أكبر متحف وطني في فرنسا ومن أكثر المتاحف التي يرتادها الزوار في العالم. خضع في عهد الرئيس الفرنسي الراحل فرنسوا ميتران إلى عمليات إصلاح وتوسعة كبيرة. وقبل عامين تم توقيع اتفاقية لإنشاء (متحف اللوفر ـ أبوظبي) الذي يتوقع افتتاحه في العام 2012 في جزيرة السعديات. ووفق الاتفاقية سيستضيف متحف اللوفر ـ أبوظبي مجموعات فنية متكاملة ونادرة على شكل إعارة لمدد طويلة الأجل من متحف اللوفر الفرنسي ومتاحف فرنسية عريقة أخرى منها (متحف دو كي برانليه) و(مركز جورج بومبيدو) و(متحف دورسيه) و(متحف فرساي) و(جيميه) و(رودان) و(جمعية المتاحف الوطنية الفرنسية). وسيعتمد المتحف نظاماً مبتكراً يكفل تقديم مجموعات فنية فريدة بصفة منتظمة من خلال تدوير المعروضات على صالات عرض متحف اللوفر أبوظبي وذلك بالتزامن مع خطة الإمارة لبناء مجموعاتها الخاصة من الأعمال الفنية. كما سيتم تنظيم معارض مؤقتة سنوياً في لوفر ـ أبوظبي ضمن برنامج التبادل بين المعارض الرائدة في العالم. وستشهد العاصمة الفرنسية إطلاق اسم المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان على جناح خاص ضمن متحف اللوفر وذلك تكريماً لذكرى الراحل الكبير على أن يتم افتتاحه في جناح (بافيون دو فلور) في اللوفر خلال السنوات الثلاث المقبلة. وسيطلق اسم أبوظبي على مركز للفنون متعدد الاستخدامات الذي سيجري افتتاحه في العاصمة الفرنسية ويعتبر الأكبر من نوعه في العالم وسيتم تخصيصه لترميم التحف الفنية وتدريب الكوادر المتخصصة للعمل في هذا المجال بما سيتيح المجال أيضاً لتدريب الكوادر الإماراتية التي ستعمل مستقبلاً في المنطقة الثقافية في جزيرة السعديات. وسيضم متحف اللوفر ـ أبوظبي الذي تبلغ مساحته 24 ألف متر مربع صالات عرض تمتد على مساحة ستة آلاف متر مربع مخصصة للمجموعات الفنية الدائمة إضافة إلى صالات أخرى مساحتها ألفا متر مربع للمجموعات المؤقتة. وعمل المهندس المعماري الفرنسي الشهير جان نوفيل الحائز جوائز عدة ومن أشهر أعماله متحف دو كي برانلي ومعهد العالم العربي بباريس ودار أوبرا ليون على تصميم المتحف الذي سيقع في المنطقة الثقافية في جزيرة السعديات التي يجري تطويرها لتصبح وجهة عالمية. ويتميز تصميم نوفيل لمتحف اللوفر أبوظبي بقبة كبيرة تغطي المبنى وتتكون من شبكة تضم أشكالاً متداخلة ضمن السقف الشفاف الذي يسمح بنفاذ الضوء الطبيعي لتعكس بذلك صورة أشعة الشمس وهي تمر من خلال أوراق أشجار النخيل في الواحات الصحراوية. وسيشكل متحف اللوفر ـ أبوظبي إضافة نوعية إلى مجموعة من المشاريع قيد التطوير في المنطقة الثقافية، منها متحف الشيخ زايد الوطني ومتحف جوجنهايم للفن المعاصر ودار المسارح والفنون والمتحف البحري إلى جانب حديقة البينالي المؤلفة من 19 جناحاً مخصصاً للفنون والثقافة.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©