الخميس 18 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الروك بانك ··· أداة للاحتجاج الشعبي في كوبا

الروك بانك ··· أداة للاحتجاج الشعبي في كوبا
9 سبتمبر 2008 00:05
يحتج الناس على حكومتهم من خلال وسائل عدة، بينما عبر ''جوركي لويس أجويلا كاراسكو'' -المغني الأول في فرقة ''بورنو بارا ريكاردو'' الكوبيـــة لموسيقى الـ''بانك روك''- عن سخطه بالأشعار الجارحة التي ينشدها بصـــوت عال يكاد يصم الآذان، على أنغــام موسيقى جيتار صاخبة ومجنونة! وتتضمن سلسلة أغانيه الجارحة التي يغنيها في'' هافانا'' أو في المدن القريبة منها، نقدا جريئا لكل من ''فيدل'' و''راؤول كاسترو'' زعيمي كوبا السابق والحالي؛ وقد تمادى ''جوركي'' في نقده الصريح هذا بطريقة أزعجت السلطات ودفعتها لاتهامه بأنه يشكل ''خطرا على المجتمع'' ومن ثم القبض عليـــه واقتيــاده إلى السجن· ولكن ذلك لم يضع نهاية لنشاط ''جوركي'' الذي يبدو أن السجن لم يكن ليحول دونه ودون الغناء، وذلك بعد أن أدى القبض عليه إلى استثارة غضب دولي وإدانة واسعة من قبل حكومات عدة على رأسها إدارة ''بوش''، ما دفع السلطات الكوبية في النهاية لإسقاط تلك التهمة عنه وهي تهمة كانت كفيله بالزج به لأربع سنوات في غياهب السجن؛ وحتى لا تبدو الحكومة وكأنها تراجعت أمام الإدانة والانتقادات الدولية، فأنها أدانته بالإخلال بالسلم وتعكير الصفو، واكتفت بتغريمه 600 (بيزو) - 28 دولارا· و''جوركي'' -صاحب الشعر المجعد الهائج تماما مثل شخصيته- هو المطرب المتمرد الوحيد، الذي يتميز بالجرأة والشجاعة في التعبير عن رأيه في كوبا؛ في حين يلتزم المطربون والرسامون المتمردون الآخرون بالحرص في تعبيراتهم عندما يتعلق الأمر بالشريحة العليا من القيادة الكوبية، وحتى عندما يريدون انتقاد شيء في النظام فإنهم يفعلون ذلك بطريقة لا يتم فيها المساس بالأشخاص؛ وهو الأمر الذي لا ينطبق على ''جوركي'' بالطبع، فهو لا يتردد في الهجوم على الماركسية والسخرية من الثورة ورموزها· وجوركي لا يعبر عن انتقاداته سرا، أو بصوت خافت، أنما يصرخ بها علنا على رؤوس الأشهاد؛ فمن بين أغانيه أغنية يقول فيها: ''الكومندانتي''-ومعناها القائد بالأسبانية- يعقد انتخابات اخترعها هو نفسه من أجل الاحتفاظ بالسلطة''، ويقول في أخرى: ''الكومندانتي يريد مني أن أصوت له كي يواصل تنغيص حياتي''؛ وفي أخرى ''الكومندانتي يريد مني أن أصفق بعد كل جملة في خطابه الذي لا يزيد عن كونه مجرد هذيان''، ويقول في أخرى يخاطب فيها كاسترو رأسا: ''لا تأكل أيها 'الكومندانتي لأنك طاغية والناس لم تعد تطيقك''؛ ويتلقى جوركي دعما من المنتقدين التقليديين للحكومة الكوبية ومنهم ''إيليزاردو سانشيز'' الذي يقود مجموعة محظورة لحقوق الإنسان تتغاضى الحكومة الكوبية عن نشاطها؛ ومنهم أيضا ''يواني سانشيز'' وهو أحد المدونين الذين دأبوا على انتقاد الحكومة في مدوناتهم على الإنترنت، التي تستقطب اهتماما كبيرا والذي كتب مؤخرا تعليقا في مدونته عن ''جوركي'' يقول فيه:'' إنه يغني، ويتلوى، ويصيح، من خلال أشعــــاره ناطــــقا بما يعجز معظم النـــاس عن التعبير عنه همســا''· في مقابلة شخصية أجريت معه منذ مدة قال ''جوركي'': ''إنني ضد أي شيء يحد من حريتي الشخصية ولذلك فأنني ضد نظام كاسترو الذي وصلت درجة الكراهية له بين أفراد الشعب الكوبي إلى حد غير مسبوق، وهذه الكراهية أصبحت كثيفة لدرجة أن المرء يحس أحيانا أنه قادر على أن يشم رائحتها، ومع ذلك فإن معظم الناس لا يزالون خائفين من التعبير علنا عن مشاعرهم الحقيقية''· وموسيقى ''البنك رول'' التي يستخدمها ''جوركي'' كإطار وكخلفية للتعبير عن احتجاجاته هي في الأصل موسيقى مطورة عن موسيقى ''الروك'' التقليدية، غير أنها تتمايز عنها بنبرتها الثورية المتمردة، ومناوءتها للتقاليد الجامدة· وقد التزمت الحكومة الكوبية الصمت حول المشكلات القانونية التي تعرض لها ''جوركي'' مؤخرا، وإن كان بعض مؤيديه أعربوا عن غضبهم علنا، كما أن الحكومة الأميركية التي لا تخفي عدم رضاها عن ''راؤول'' لم تفوت الفرصة وانتقدت الإجراءات المجحفة التي تتخذها الحكومة الكوبية ضد فنانين وهواة للفن· ولم تكن هذه هي المرة الأولى التي يتعرض فيها ''جوركي'' للسجن حيث دبرت له السلطات تهمة مخدرات عام 2003 أمضى على إثرها عامين في السجن، وهو يقول عن تلك الواقعة: ''لم ارتكب شيئا، وكل ما هنالك هو أن السلطات الكوبية دسّت على امرأة تظاهرت بأنها من المعجبين بفني ولكنها في الحقيقة كانت تعمل في جهاز أمن الدولة، وتسعى للإيقاع بي''؛ وكان من الطبيعي أن يخرج ''جوركي'' من هذه التهمة الملفقة ومن محنة السجن، وهو أكثر غضبا من ''الكومندانتي'' وأكثر كراهية للنظام برمته· وكلمات ''جوركي'' وموسيقاه ليست هي الشيء الوحيد الدال على التمرد في شخصه ومظهره، فبالإضافة إلى شعره المجعد، الهائج فهو يثقب أنفه، ويضع فيه حلقة معدنية صغيره، ويرتدي في معظم الحفلات ''تي شيرت'' مكتوب عليه (عام 1959) وهو العام الذي اندلعت فيه الثورة الكوبية التي جاءت بكاسترو والذي يصفها هو بـ'' عام الرعب''، أما اسمه الغريب بالنسبة للكوبيين، فقد اختاره له أبوه الذي كان معجبا بالكاتب الروسي المشهور ومؤسس مذهب الواقعية الاشتراكية في الأدب ''ماكسيم جوركي''· مارك ليسي محلل سياسي أميركي ينشر بترتيب خاص مع خدمة نيويورك تايمز
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©