الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

ميليباند.. وإنهاء «الَموطِن غير الضريبي»

17 ابريل 2015 22:44
في أوج الحملة الانتخابية حامية الوطيس قبيل الانتخابات البريطانية المزمع عقدها في السابع من مايو المقبل، قطع زعيم حزب العمال «إد ميليباند» وعداً ماكراً يبدو متهوراً، لكنه سياسي بشكل واضح، بإنهاء نظام «الَموطِن غير الضريبي». الذي يستفيد منه فئة فريدة من دافعي الضرائب في الدولة، حيث يقيمون في بريطانيا ولكنهم يقرّون بأن منازلهم المستحقة للضرائب الفعلية في مكان آخر. ويقدر عددهم بـ 116 ألف شخص ويدفعون ضرائب فقط على الأموال التي يجلبونها إلى الدولة، وليس دخلهم في أنحاء العالم. ومثل أشياء كثيرة في بريطانيا، لهذه القاعدة الضريبية جذورها الخاصة في التاريخ، فقد كانت مخصصة للتجار الذين يحضرون بضائع من مستعمرات الإمبراطورية البريطانية. وإلى جانب هؤلاء الذين يأتون للعمل بصورة مؤقتة في بريطانيا، يشمل أصحاب وضع «الموطن غير الضريبي»، الأميركيين الذين يتعين عليهم دفع ضرائب على دخلهم العالمي في بلدهم على أية حال. وتضع البنوك العالمية في حساباتها التخفيض الضريبي الذي ستحصل عليه كطرف مستفيد من نظام «الَموطِن غير الضريبي» من بين الأسباب التي تدعوها لإنشاء مقاراتها في لندن. ولكن أصحاب المنازل الحقيقيين في الخارج هم إما أحد الأثرياء من روسيا أو الدول الإسكندينافية، أو أي أجنبي آخر يتفادى ـ عن طريق إقامته في لندن ـ دفع ضرائب في أي مكان آخر على معظم دخله. ويبدو هذا الإجراء، مثلما يرى «ميليباند»، غير عادل تماماً. ولهــذا الســب فرضــت حكومة حزب «العمال» الســابقة رسـوماً سنوية قدرها ثلاثيـن ألف جنيــه اســترليني سنوياً على الأشخاص الذين يرغبون في الاستفادة من وضعهم كـ «أصـحاب مـــوطن غــير ضريبي»؛ ولهذا السبب أيضاً زاد الائتلاف الحالي الذي يقوده «المحافظون» الرسوم إلى أكثر من 90 ألف جنيه استرليني على هؤلاء الذين يقيمون في المملكة المتحدة لفترة طويلة جداً. ولكن ما يبدو غير واضح بدرجة كبيرة من حجة «ميليباند» هو من يعانون بالضبط من الظلم. فهم ليسوا كما يزعم «ميليباند» البريطانيين العاديين. وإنما على النقيض، يستفيد البريطانيون بالمثل كما يستفيد المواطنون في الملاذات الضريبية الأخرى في الخارج (مثل سويسرا ولوكسمبورج). ولأن «أصحاب الموطن غير الضريبي» غالباً ما يكونوا أثرياء، فإنهم يجلبون جزءاً من أموالهم لدفع نفقاتهم حياتهم المرفهة، فعلى سبيل المثال، اشترى الملياردير الروسي «رومان أبراموفتيش» لنفسه منزلاً بقيمة 90 ميليون استرليني في كينسنجتون، وينفق أموالاً كثيرة لإدارته. ونتيجة لذلك، دفع «أصحاب الموطن غير الضريبي» أكثر من ستة مليارات جنيه استرليني كضريبة على الدخل خلال العام المالي 2012-2013، حسب أحد التقديرات. ويقدر متوسط الضريبة للفرد 52 ألف استرليني، مقارنة بسبعة آلاف استرليني هي متوسط ضريبة الفرد البريطاني. ولهذا السبب انتقدت الحكومات المتعاقبة جور قاعدة «الموطن غير الضريبي» لكنها أبقتها على أية حال. وماذا عسى «أبراموفتيش» أن سيفعل لو تعين عليه دفع ضرائب بأعلى المعدلات في بريطانيا والتي تقدر بـ 50 في المئة على دخله عالمياً؟ على الأرجح كان سيعمل جاهداً على قضاء أقل من 182 يوماً في لندن سنوياً، ويجعل مقره الضريبي في مكان آخر يفرض عليه معدلات ضريبية أقل. وبالتالي لن يكون عليه دفع رسوم قدرها 30 ألف جنيه استرليني سنوياً، أو أية ضريبة لبريطانيا على الإطلاق، (ما لم يبدأ في تحقيق أرباح من نادي تشلسي لكرة القدم الذي يملكه). وربما كانت ستبدأ بعض البنوك في مراجعة حساباتها حول ما إذا كانت لندن هي المكان الأمثل كمقر لها. ومن بين السلبيات الأخرى التي لابد من أخذها في الحسبان قواعد الاتحاد الأوروبي الجديدة التي تضع سقفاً للمكافئات وضرائب الأرباح الخاصة في بريطانيا. لذا من الممكن، وإن لم يكن مؤكداً، أن التخلص من نظام التخفيض الضريبي من شأنه أن يكلف بعض البريطانيين العاديين وظائفهم. ولو أن «ميليباند» يريد أن يتخذ موقفاً أخلاقياً رفيعاً، فعليه أن يكون صريحاً بشأن ذلك، وأن يخـــبر البريطانيين أن عليهم التخلص من نظام «الموطن غير الضريبي» ـ على الرغم من أنه سيكلفهم ـ لأنه بصفتهم مواطنين عالميين، هذا هو الشيء الصحيح الذي يتعين عليهم القيام به. وعليه أن يخبرهم بأنه لابد أن يتوقفوا عن المساعدة في سلب الدول الأخرى مبالغ كبيرة من أجل الحصول على مبالغ ضئيلة لأنفسهم. مارك تشامبيون * *يُنشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفيس»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©