الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

قمة الأميركتين.. براجماتية جديدة

17 ابريل 2015 22:43
لم تكن المصافحة بين أوباما والحاكم الكوبي الجنرال راؤول كاسترو هي العَرَض الوحيد لتغير الرياح السياسية خلال قمة الأميركتين التي ضمت 35 دولة: فقد بدا على جزء كبير من المنطقة علامات التعب الأيديولوجي وتوق جديد للواقعية (البراجماتية). وبالتأكيد، كانت هناك خطب تقليدية من قبل كل من كوبا وفنزويلا والإكوادور وغيرها من الدول الاستبدادية، تلقي باللوم على «إمبريالية» الولايات المتحدة كونها سبباً لمتاعب هذه الدول الاقتصادية، بيد أن معظم وقائع القمة أظهرت فقدان فنزويلا الواضح لنفوذها في المنطقة، ورغبة غالبية الدول في عدم استعداء الولايات المتحدة. ويواجه اقتصاد أميركا اللاتينية واحداً من أدنى معدلات النمو خلال الـ15 سنة الماضية، وفقا لأرقام الأمم المتحدة. كما انخفضت أسعار السلع في أميركا الجنوبية، وترى العديد من دول المنطقة نمو اقتصاد الولايات المتحدة كأفضل رهان لزيادة الصادرات والسعي للحصول على استثمارات جديدة– خاصة في ظل تباطؤ الصين وتعثر روسيا وركود أوروبا. ومن بين أعراض التغييرات السياسية التي شاهدتها أثناء القمة: أولا، فشلت فنزويلاً في الحصول على دعم في البيان الختامي للقمة لإدانة الأمر التنفيذي الذي أصدره أوباما مؤخرا بشأن منع التأشيرات الأميركية وتجميد الأصول الأميركية لسبعة مسؤولين حكوميين في فنزويلا متهمين بالفساد وانتهاك حقوق الإنسان، بحسب ما ذكر مسؤولون بنميون. وذكرت مصادر دبلوماسية أن الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو قد اقترح ثلاث فقرات في مشروع بيان القمة تدين فيها جميع الدول المشاركة «الإجراءات القسرية أحادية الجانب» التي اتخذتها الولايات المتحدة ضد بلاده. بيد أن المنطقة لم تقبل ذلك، أو توافق على نسخة أقل حدة ترفض «العقوبات أحادية الجانب» بوجه عام، دون ذكر الولايات المتحدة. وبدلاً من ذلك، قررت القمة عدم إصدار بيان ختامي والاكتفاء باصدار القليل من التعليمات المحددة مثل إنشاء شبكة شاملة لجودة التعليم في البلدان الأميركية، بحسب ما ذكرت المصادر. وثانياً، بعد ساعات من صدور بيان من قبل 25 من الرؤساء السابقين لإسبانيا ودول أميركا اللاتينية يتهم حكومات المنطقة باخفاقها في التنديد بقيام فنزويلا بسجن كبار زعماء المعارضة، نأى العديد من رؤساء الدول عن «مادورو» فيما يتعلق بقضايا حقوق الإنسان. وذكرت الرئيسة البرازيلية ديلما روسيف، وهي حتى الآن مؤيداً تلقائياً للنظام الفنزويلي، في لقاء مع شبكة «سي. إن. إن» باللغة الإسبانية أن الدول المشاركة في القمة «لديها اليوم مصلحة مطلقة» في قيام فنزويلا «بتحرير سجنائها». وبالمثل، فقد شارك رئيس أوروجواي الجديد «تاباري فاسكويز» جنبا إلى جنب مع أوباما في اجتماع للمجتمع المدني بحضور زعماء المعارضة الكوبيين ونشطاء المجتمع المدني في فنزويلا. أما رئيس أوروجواي السابق «خوسيه موخيكا»، فقد كان أكثر قرباً لفنزويلا وكوبا من «فاسكويز» الذي تولى السلطة الشهر الماضي. ويتفق معظم الدبلوماسيين الدوليين على أن الخوف من الفوضى الاقتصادية والسياسية في فنزويلا كانت أحد الأسباب الرئيسية التي حركت كوبا للتفاوض على تطبيع العلاقات مع واشنطن. وأخيراً، فإن زعماء البرازيل والأرجنتين وتشيلي والعديد من دول أميركا اللاتينية الأخرى قد ضعفوا سياسيا بسبب المشاكل الداخلية، ومن بينها فضائح الفساد وليسوا في حالة مزاجية تسمح لهم بمواجهة مع واشنطن. ورأيي، أن هناك تغييراً في الرياح الاقتصادية في أميركا اللاتينية، والذي يتحول- ببطء ولكن بثبات- إلى تغيير في الرياح السياسية. وقبل القمة، كان من المتوقع أن يخطف «مادورو» الأضواء من خلال الحصول على دعم إقليمي للبيان الختامي الذي يدين العقوبات الأميركية ضد سبعة مسؤولين حكوميين فنزويليين. وبدلا من ذلك، هيمنت المصافحة بين أوباما وكاسترو في الليلة الافتتاحية للقمة على العناوين الرئيسية. وربما تكون رمزا لبراجماتية جديدة في العلاقات الأميركية، مدفوعة بحقائق اقتصادية جديدة. أندريس أوبنهايمر * * أندريس أوبنهايمر ــ كاتب أرجنتيني متخصص في شؤون أميركا اللاتينية
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©