الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

يوهان رايسكه شهيد الأدب العربي

يوهان رايسكه شهيد الأدب العربي
8 سبتمبر 2008 23:33
يعد المستشرق الألماني يوهان جاكوب رايسكه ( 1716م- 1774) مؤسس الدراسات العربية في ألمانيا· وقد قدم في كتاباته رؤية منصفة للإسلام ونبيه ودفع ثمن هذا الإنصاف ، إذ تعرض لمضايقات من رجال اللاهوت الذين اتهموه بالزندقة· وقد رفض رايسكه في كتاب له باللاتينية وصف النبي صلى الله عليه وسلم بالكذب أو التضليل أو وصف دينه بأنه خرافات مضحكة - كما كان سائداً حينذاك - ورفض تقسيم تاريخ العالم إلى تاريخ مقدس وتاريخ غير مقدس، بل ووضع العالم الإسلامي في قلب التاريخ العالمي وعبر عن آرائه بأعظم قدر من الصراحة، غير مكترث بكل العواقب المترتبة على ذلك وهو ما جر عليه ويلات كثيرة جعلته يعيش معظم أيام حياته في ضائقة مالية· وبالرغم من حصول رايسكه على لقب أستاذ من بلاط ''درسدن'' إلا أن أحواله المالية كانت سيئة بعد أن توقف معاشه عام 1755 وذلك لأن اللاهوتيين كانوا يكرهونه كرها شديدا لأنه مجد الإسلام ولم يجاريهم على أكاذيبهم واتهاماتهم الدينية للنبي محمد وللإسلام بشكل عام مما جعل معاصريه يتجاهلونه· وقد قال عنه جون فوك في كتابه الدراسات العربية في أوروبا ''لقد أصبح شهيد الأدب العربي، وصارت حياته تاريخاً لتلك الآلام التي سجلها في مذكراته·· وقد كان من المخجل أن أحداً من الرجال البارزين (في عصره) لم يعرف الأهمية الفائقة لهذا الرجل العبقري الذي كان واحداً من أعظم علماء العربية· كان رايسكه قد بدأ تعليم نفسه اللغة العربية خلال دراسته في جامعة ليبزيج لينتقل بعد ذلك إلى جامعة ليدن بهولندا لدراسة المخطوطات العربية، حيث اهتم بدراسة الأدب العربي والحضارة الإسلامية وكان له فضل الابتعاد بالدراسات العربية الإسلامية عن الارتباط بالدراسات اللاهوتية التي كانت تميز هذه الدراسات منذ القرون الوسطى في أوروبا· يقول الفيلسوف عبدالرحمن بدوي في مؤلفه ''موسوعة المستشرقين'' عن رايسكه أنه كلما أمعن في دراسة الكتب العربية ازداد بها ولعا خصوصا بعد أن وجهه أستاذه بجامعة ليدن الهولندية شولتنز إلى العناية بالشعر العربي فنسخ لنفسه عام 1739 م قصائد لجرير، وديوان ''طهمان'' وفي السنوات التالية نسخ ديوان ''الحماسة'' للبحتري، لكن عنايته الرئيسية اتجهت إلى المعلقات فاطلع عليها في مخطوطات مجموعة فارنر في ليدن بشرح التبريزي وأبي جعفر النحاس· وقد عهد إلى رايسكه في ذلك الوقت ترتيب المخطوطات في مكتبة جامعة ليدن فمنحه ذلك فرصة الاستفادة من تلك المخطوطات حيث نسخ منها ما يهمه مثل ''المعارف'' لابن قتيبة وتاريخ أبي الفدا ومقتطفات من عيون الأنباء في طبقات الأطباء لابن أبي أصيبعة· وقام رايسكه في أغسطس 1747 م بترجمة مقدمة كتاب تقويم التواريخ لحاجي خليفة وهو بالتركية عن التاريخ الإسلامي، ورفض رايسكه في مقدمته لتلك الترجمة استخدام وصف ''شرقي'' لما هو يتعلق بالإسلام ، معتبرا انه مصطلح غير دقيق واستبدل به وصف ''محمدي'' أو ''إسلامي'' لأن الأمر يتعلق وفقا لمنظور رايسكه بتاريخ المسلمين ليس فقط في الشرق بل وأيضا في المغرب وأوروبا· واعتبر رايسكه في تلك المقدمة أن ظهور (النبي) محمد صلى الله عليه وسلم وانتصار دينه هما من أحداث التاريخ التي لا يستطيع العقل الإنساني إدراك مداها، ورأى في ذلك برهاناً على تدبير قوة إلهية قديرة· وينسب إلى رايسكه قوله منذ أكثر من مائتي عام ''إن من يقرأ تاريخ الآداب ستعتريه الدهشة عندما يجد أن هناك رجالا كثيرين جدا في الشرق كانوا متبحرين في كل أنواع الآداب في وقت كانت فيه أوروبا غارقة في ظلام ليل الجهل والبربرية، وسيعرف بسرور مدى الإسهام الذي قدمه كل منهم في سبيل تنمية الثقافة· ولم يسلم رايسكه نتيجة هذا الاستقلال والموضوعية من المضايقات والضغوط فقد ساءت أحواله كل السوء بعد انقطاع صرف المعاش الذي كانت تصرفه له حكومة ''درسدن'' في عام 1755 مما دفعه إلى اللجوء لزميله السابق في الدراسة ديفيد ميخائيليس أستاذ الدراسات العربية والإسلامية في جامعة ''جيتنجن'' واشتكى إليه سوء أحواله وطلب إليه مساعدته وقال له إن ما منعه من الإنتاج في الدراسات العربية أكثر ليس سوى فقره وسوء أحواله المادية والتي لو تحسنت لنشر كتبا عربية أكثر· وبعد أن تحطم أمل رايسكه في الحصول على وظيفة أستاذ بإحدى الجامعات الألمانية اضطر إلى قبول وظيفة ناظر مدرسة ثانوية عام 1758 وهو المنصب الذي ساعده على تحسين أحواله المالية بشكل نسبي بعد أعوام طويلة من المتاعب والصعاب· وقد كان عدم رواج المنشورات العربية وعدم وجود من يتولى نشرها على حسابه من الناشرين بالإضافة إلى عدم قدرة رايسكه على النشر لنفسه عاملا اضطر رايسكه معه إلى الاقتصار على نشر النصوص الصغيرة مثل ''رسالة ابن زيدون إلى ابن عبدوس'' النص العربي مصحوبا بترجمة لاتينية، وترجم إلى الألمانية ''لامية العجم'' للطغرائي، ونشر في عام 1765 كنماذج للشعر العربي بعض أبيات في الغزل ومرثيتين كاملتين للمتنبي '' النص العربي مع ترجمة ألمانية وتعليقات
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©