الثلاثاء 19 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

استمرار «العزلة» القطرية يضع بنوكها ومصرفها المركزي في «ورطة»

استمرار «العزلة» القطرية يضع بنوكها ومصرفها المركزي في «ورطة»
22 يونيو 2017 06:34
حسام عبدالنبي (دبي) أكد خبراء مصرفيون وماليون أن استمرار عزلة قطر عن محيطها الخليجي والعربي سيكون له تداعيات خطيرة على القطاع المصرفي في قطر على المدى المتوسط والطويل، خاصة فيما يتعلق بتزايد احتمالية سحب الودائع الخليجية، ومن ثم انتقال عدوى سحب الودائع للمودعين الآخرين؛ بسبب تراجع ثقتهم في قدرة البنوك القطرية على الاستمرار. وقالوا: إن من التداعيات السلبية أيضاً للوضع الراهن مع استمرار المقاطعة الخليجية والعربية على القطاع المصرفي في قطر، تشمل صعوبات يواجهها المصرف المركزي القطري في الحفاظ على استقرار سعر الريال، حيث سيواجه خيارين لدعم العملة كلاهما مر، وهما دعم العملة القطرية على حساب فائدة الاقتصاد القطري، أو تخفيف دعم العملة ما سينعكس بتأثير نفسي سلبي يجعل الريال متذبذباً، وبالتالي يسفر ذلك في النهاية تراجع حاد في قدرة الدولة على جذب الاستثمارات الأجنبية، موضحين أن استمرار الوضع الحالي لفترات طويلة قد يجبر الحكومة القطرية على بيع بعض الأصول في الخارج أو التخارج من استثمارات مملوكة لها في دول خارجية من أجل توفير السيولة ودعم القطاع المصرفي، عبر ضخ ودائع حكومية لتعويض سحب الودائع الأجنبية. وشدد الخبراء على أن البنوك القطرية ستلجأ إلى رفع الفائدة على الودائع لمواجهة النقص الحاد للسيولة، في ظل انكشافها الكبير على الودائع الأجنبية، حيث أفادت مصادر بأن بعض البنوك رفعت الفائدة على الودائع الدولارية إلى 100 نقطة أساس فوق فائدة الايبور لجذب الدولارات من البنوك في المنطقة، في حين كانت تقف عند 20 نقطة أساس فوق الايبور قبل الأزمة الأخيرة، مشيرين إلى أن خفض التصنيفات الائتمانية للبنوك القطرية أو تغيير الرؤية المستقبلية من مستقرة إلى سلبية، وهو أمر حدث بالفعل، يجعل تلك البنوك تواجه مشكلة في الاقتراض أو إصدار الصكوك والسندات، سواء في السوق الإقليمي أو العالمي، ما يجعل تلك البنوك عاجزة عن القيام بدورها في خدمة الاقتصاد الوطني الذي يعتمد عليها بشكل كبير. مخاطر مؤكدة وأكد نادي برغوثي، مدير إدارة الأصول في بنك الإمارات للاستثمار، أن التطورات الأخيرة تجعل القطاع المصرفي في قطر معرضاً لمخاطر مؤكدة، لاسيما انسحاب الودائع الأجنبية التي تشكل نسبة 24% من مجموع الودائع في البنوك القطرية. وقال: تلك النسبة تعد مرتفعة للغاية بالمقارنة بالدول الخليجية، فعلي سبيل المثال تشكل الودائع الأجنبية في البنوك الإماراتية نسبة لا تتجاوز 12%، وفي البنوك السعودية نسبة تقل عن 2%، ما يعني أن اعتماد البنوك القطرية على الودائع الأجنبية بشكل أكبر من البنوك الخليجية، وبالتالي فهي معرضة للخطر في حال انسحاب تلك الودائع، منبهاً أنه في ظل استمرار حالة عدم الاستقرار السياسي والاقتصادي في قطر فإن المودعين في البنوك القطرية بشكل عام (وليس الخليجيين فقط)، قد يضطرون إلى سحب ودائعهم لتجنب أي خطر مباشر عليها في ظل حالة عدم وضوح الرؤية حول مستقبل الاقتصاد القطري، حيث يمكنهم تحويلها إلى مكان أكثر أمناً في بنوك عدد كبير من الدول. وأوضح برغوثي، أنه على الرغم من أن تداعيات المقاطعة الخليجية والعربية لم تنعكس (حتى الآن) بشكل مباشر على رفع سعر الفائدة في البنوك القطرية، فإنه في حال استمرار الوضع الحالي لفترة لن يكون أمام المصرف المركزي في قطر سوى رفع سعر الفائدة على الودائع بالدولار من أجل مواجهة نقص السيولة المرجح بسبب عمليات السحب، أو من أجل تشجيع الودائع على البقاء في البنوك القطرية، منوهاً أن انكشاف البنوك القطرية على البنوك الخليجية أمر يمكن التحكم فيه على المدى القصير، ولكن في النهاية ستجد البنوك القطرية صعوبة في إيجاد بدائل للودائع الخليجية ما سيؤثر بشكل مباشر على أدائها وتصنيفاتها. وذكر أن من التداعيات السلبية أيضاً على القطاع المصرفي في قطر هو مواجهه المصرف المركزي صعوبات في الحفاظ على استقرار سعر الريال القطري، حيث إن الاحتياطيات والاستثمارات الكبيرة التي تتميز بها قطر تمكنها من الحفاظ على سعر عملتها على المدى المتوسط، ولكن إذا استمرت المقاطعة لسنوات سيكون من الصعب استمرار دعم العملة القطرية، لافتاً إلى أن المركزي القطري في تلك الحالة سيكون أمام خيارين لدعم العملة كلاهما مر، وهما دعم العملة القطرية على حساب فائدة الاقتصاد القطري، أو تخفيف دعم العملة ما سينعكس بتأثير نفسي سلبي يجعل الريال القطري متذبذباً، وبالتالي يسفر ذلك في النهاية تراجع حاد في قدرة الدولة على جذب الاستثمارات الأجنبية. خفض التصنيفات وأفاد طارق قاقيش، مدير إدارة الأصول في شركة مينا كورب، بأن خفض التصنيف الائتماني للبنوك القطرية سيؤثر بلا شك على ثقة المستثمرين ما يعني زيادة كلفة الأعمال، وخاصة في حال الرغبة في إصدار الصكوك أو السندات، حيث ستكون البنوك القطرية مجبرة على دفع فائدة أعلى على الصكوك والسندات التي تصدرها لجذب السيولة. وأوضح أن توالي الأخبار السيئة عن الاقتصاد والشركات القطرية (وآخرها توجيه اتهام رسمي لبنك باركليز بالفساد والتورط بقضايا فساد وتزوير مع مستثمرين قطريين) سيجعل إصدار السندات السيادية في قطر أمراً صعبا للغاية، حيث لن تلقى تلك السندات الاهتمام التي كانت تلقاه في الماضي، منوهاً أن استمرار انخفاض العملة القطرية سيؤثر سلباً بشكل كبير على كل الأعمال التجارية، وكذا على ثقة المستثمر الأجنبي الذي يرغب في وجود نظرة إيجابية واضحة عن عملة البلد التي يستثمر فيها قبل اتخاذ قرار الاستثمار، منوهاً أن كلفة الأعمال التجارية في قطر ارتفعت بالفعل في ظل القرارات الخليجية بقطع العلاقات الدبلوماسية وغلق المنافذ البحرية والبرية والجوية. واختتم قاقيش، بالتأكيد على أن الارتفاع الحاد في تكلفة التأمين على الديون السيادية القطرية من مخاطر التخلف عن السداد بنسبة قاربت 64% منذ خفض التصنيف الائتماني للبلاد بسبب أزمتها الدبلوماسية مع دول عربية أخرى يظهر التراجع العنيف في ثقة المستثمرين في قدرة المؤسسات القطرية التي أصدرت صكوكاً أو سندات على سداد ديونها. تدفقات إلى الخارج ويجيب محمد دمق، محلل الائتمان الأول في وكالة «إس آند بي جلوبال للتصنيفات الائتمانية» على سؤال عن التأثير المباشر للتطورات الأخيرة على النظام المصرفي القطري، فيقول إنه وفقاً لتقديرات الوكالة فإن التطورات الأخيرة قد تؤدي إلى تدفق التمويل الأجنبي لدى البنوك القطرية إلى خارج قطر خلال الشهور القليلة المقبلة، وذلك يتوقف على كيفية تطور الأوضاع، موضحاً أن الالتزامات المصرفية والودائع غير المقيمة تهيمن على هيكل التمويل الخارجي للبنوك القطرية، حيث تشكل 89% من إجمالي الدين الخارجي للنظام المصرفي بنهاية أبريل الماضي. وأضاف أنه من المتوقع أن تساعد مستويات السيولة الحالية لدى البنوك القطرية في استيعاب البنوك للانخفاض المعتدل في التمويل الخارجي، حيث يبلغ إجمالي صافي الدين الخارجي المترتب على البنوك القطرية نحو 50 مليار دولار بنهاية أبريل 2017، مؤكداً أنه على الرغم من أن السلطات في قطر تدعم بقوة نظامها المصرفي ومن المتوقع أن تقدم الحكومة الدعم للبنوك عند الحاجة، فإن الجودة الائتمانية للبنوك القطرية قد تتعرض للمزيد من الضغوط في حال لم يتم التوصل إلى حل بسرعة نسبية، ومبيناً في الوقت ذاته أن الوكالة وضعت التصنيفات الائتمانية لأربعة بنوك قطرية تحت المراقبة مع توجه سلبي لعكس هذه المخاطر. توقعات ببيع أصول والتخارج من استثمارات خارجية قال طارق قاقيش، مدير إدارة الأصول في شركة مينا كورب، إنه على الرغم من عدم وجود قرار واضح حتى الآن بسحب الودائع الخليجية من البنوك القطرية، فإن احتمال حدوث ذلك يعد وارداً في حال استمرار المقاطعة الخليجية لقطر، مشيراً إلى أن حدوث مثل هذا الأمر قد يؤثر على ثقة المودعين الأجانب بشكل عام، حيث إن سحب الودائع الخليجية قد ينقل المخاوف للأجانب ويقلل ثقتهم في قدرة البنوك القطرية على الاستمرار، ومن ثم (تنتقل عدوى) سحب الودائع من البنوك القطرية لآخرين ما يهدد استقرار القطاع المصرفي هناك. وأكد قاقيش، أن من المشكلات الأخرى التي ستواجه القطاع المصرفي في قطر، ارتفاع نسبة القروض إلى الودائع إلى 115%، ما يعني أن انخفاض الودائع بشكل كبير يجعل البنوك تواجه مشكلة في الانكشاف على القروض وتالياً تضطر إلى رفع الفائدة على الودائع من أجل جذب السيولة، منبهاً إلى أن الحكومة القطرية في تلك الحالة قد تضطر لبيع بعض الأصول في الخارج أو التخارج من استثمارات مملوكة لها في دول خارجية من أجل توفير السيولة ودعم القطاع المصرفي عبر ضخ ودائع حكومية. صعوبة الاقتراض إقليمياً وعالمياً أكد نادي برغوثي، مدير إدارة الأصول في بنك الإمارات للاستثمار، أن خفض التصنيفات الائتمانية للبنوك القطرية أو تغيير الرؤية المستقبلية من مستقرة إلى سلبية، وهو أمر حدث بالفعل، يجعل تلك البنوك تواجه مشكلة في الاقتراض أو إصدار الصكوك والسندات سواء في السوق الإقليمي أو العالمي، حيث إن الجهات المقرضة دائماً ما تنظر للتصنيف الائتماني كأولوية، منبهاً إلى أن الدور الرئيس للبنوك في أي دولة هو الإقراض والاقتراض، وعندما تواجه البنوك القطرية صعوبات في الاقتراض، في حال استمرار تخفيض التصنيفات الائتمانية لها، فإن تلك البنوك تكون غير قادرة على القيام بدورها في خدمة الاقتصاد الوطني الذي يعتمد عليها بشكل كبير.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©