الخميس 28 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

ضخامة الديون الحكومية تهدد الاقتصاد الياباني

ضخامة الديون الحكومية تهدد الاقتصاد الياباني
19 نوفمبر 2009 23:47
كم هو حجم الدين الحكومي الذي يمكن أن تتحمله دولة صناعية قبل أن يؤدي إلى انهيار عملتها واقتصادها؟ هذا هو السؤال الذي يفرض نفسه عادة كلما ارتفع عجز الميزانية وأخذ يزيد ديون الحكومة إلى مستوى بحوالي 50 في المئة من إجمالي الناتج المحلي حتى الآن في أميركا وبمعدل الثلثين في بريطانيا وبنسبة تبلغ 75 في المئة في ألمانيا وفرنسا والى أكثر من 100 في المئة في إيطاليا. ولكن نسبة الديون قد ازدادت إلى أكثر من ذلك بكثير في اليابان، فقد تضخم إجمالي الدين العام في ثاني أكبر اقتصاد في العالم أثناء سنوات عديدة من تحفيز الإنفاق على الطرق والسدود الباهظة التكلفة قبل أن يتجاوز نسبة 187 في المئة من إجمالي الناتج المحلي الياباني، حسب أرقام الربع الثاني لهذا العام، بل إن هذا الدين أصبح في الطريق لأن يصل الى ضعف حجم الاقتصاد نفسه والبالغ 5 تريليونات دولار - أي الى نسبة الدين الأعلى في التاريخ المعاصر حتى الآن مقابل إجمالي الناتج المحلي، والأكبر من نوعه الذي يشهده العالم على الإطلاق من حيث القيمة الحقيقية (أي قيمة النقود مع الأخذ في الحسبان التغيرات في الأسعار والتضخم). أما الأهم من ذلك فإن حجم الدين الياباني أصبح من الضخامة بحيث يعادل حجم اقتصادات بريطانيا وفرنسا وألمانيا مجتمعة. والآن فإن الحكومة الجديدة التي وعدت بتنفيذ أجندة اجتماعية طموحة بدأت تتجه لإصدار سندات للدين في هذا العام بقيمة أكبر مما أصدرته اليابان من قبل خلال عام واحد. وذكر هيروهيسا فوجي وزير المالية في الأسبوع الماضي أن الحكومة سوف تبيع سندات جديدة بقيمة قياسية تبلغ 50 تريليون ين (أي 550 مليار دولار) في العام المالي الحالي من أجل مقابلة عجز الميزانية الذي شهدته الدولة كنتيجة للأزمة المالية العالمية. علماً أن اليابان قد ضخت أموالاً بنسبة 3 في المئة من اقتصادها في الإجراءات التحفيزية التي هدفت لتخفيف وطأة التباطؤ الاقتصادي في الدولة والتي تعتبر الأسوأ من غيرها في أوساط معظم الدول المتقدمة. وأدلى فوجي بتصريح للمراسلين الصحفيين في نادي الصحافة الوطني في طوكيو قائلاً “من المؤكد أن العجز في الميزانية استمر في التوسع بسبب الركود العالمي في العام الماضي.. والآن فقد حان الوقت للتحلي بالشجاعة الكافية وإصدار المزيد من سندات الدين”. ومضى يشير الى أن دخل الضريبة لهذا العام يمكن أن يتراجع الى أقل من 40 تريليون ين، أي أقل بمقدار 6 تريليونات ين من المستوى المتوقع في السابق بعد أن استمرت الشركات تعاني من الركود العالمي. وبالنسبة لجموع المستثمرين المتخوفين فإن تنامي حجم الدين الياباني أخذ يثير احتمالات مفزعة تتمثل في حدوث أزمة ديون سيادية أو انهيار للعملة أو الأمرين معاً. ومما لا شك فيه ان الملاحظات التي أبداها وزير المالية أثارت المخاوف من حدوث طفرة في المعروض في سوق السندات بشكل ربما يؤدي إلى ارتفاع العائدات في سندات الحكومة اليابانية الى أعلى مستوى لها في 6 أسابيع. وكذلك فإن المشاكل التي أصبحت تواجه اليابان ربما تجعل الحكومة ترزح تحت ديون هائلة ربما تجعلها تفتقد الى فسحة كافية للمناورة، فالانخفاض السريع في إيرادات الضريبة والبطء الشديد في النمو بالإضافة الى تكاليف رعاية التعداد السكاني الذي يمضي بوتيرة متسارعة نحو الشيخوخة أصبحت جميعها تقيد أيدي الحكومة بشأن التوصل الى أية حلول عملية. وكما يقول اكيتو فوكوناجا استراتيجيتي الدخل في مصرف كريدت سويس في طوكيو “سوف تستمر اليابان في بيع المزيد من السندات في هذا العام والعام الذي يليه، ولكن عملية البيع لن تصادف النجاح في فترة السنوات الثلاث أو الخمس المقبلة. وأعتقد كذلك أن الحكومة ليست أمامها حلول كافية”. أما كيف تورطت اليابان في هذه الحفرة العميقة للديون فإن الأمر يتعلق بشكل رئيسي بالإفراط في الإنفاق، فقد أهدرت الدولة مئات المليارات من الدولارات في مشاريع الهندسة المدنية في فترة ما بعد الحرب والتي تمثلت في انتشار فطري للطرق العلوية السريعة الى جانب أعداد كبيرة من السدود وآخر ما توصلت إليه التكنولوجيا في بناء الموانئ. ولكن هذا الإنفاق عمد في البداية الى إشعال النمو في اليابان في فترة بعد الحرب وجعل الحزب الديمقراطي الحر يتربع على السلطة في معظم فترة نصف القرن الماضي، ولكن وبعد أن انفجرت فقاعة أصول المضاربين وتداعي سوق الأسهم في عام 1990 سرعان ما سقطت الدولة في هوة كارثة اقتصادية طويلة الأمد. والآن فإن الحزب الديمقراطي (الاجتماعي) الذي اكتسح الانتخابات في أغسطس المنصرم وعد بالتمسك بالإنفاق في الأشغال العامة كما عمد الى اقتطاع ما يصل الى خمس الميزانية الإضافية التي صادقت عليها الحكومة السابقة من أجل إنفاقها على الرفاه الاجتماعي. ولكن أجندة الحزب السخية الخاصة بالضمان الاجتماعي - مثل الأموال التي توفر الدعم والإسناد للعائلات والأطفال وتوفير مجانية التعليم في المدارس العليا - سوف تؤدي في نهاية المطاف الى توسيع هوة العجز في الميزانية في ذات الوقت الذي سوف تستمر فيه الإيرادات الضريبية في التراجع والانخفاض بسبب الأزمة المالية العالمية. ومع ذلك فإن المسؤولين في طوكيو يصرون على أن اليابان لا تزال أفضل من الولايات المتحدة بحسب بعض المقاييس، وذلك لأن اليابان غنية بالمدخرات والموجودات الشخصية كما أن أقل من 10 في المئة من ديونها مستحقة لصالح الأجانب. وبالمقارنة فإن 46 في المئة من الدين الأميركي مستحق لصالح دول في وراء البحار مثل الصين واليابان، أضف الى ذلك أن نصف سندات الحكومة اليابانية مملوكة بواسطة القطاع العام بينما تشجع القوانين واللوائح الحكومية المستثمرين في المدى الطويل مثل البنوك وصناديق التقاعد وشركات التأمين على شراء البقية الباقية، وهو الأمر الذي يجعل من غير المرجح أن تتمكن الحكومة من بيع السندات بالسرعة اللازمة كما يدعي المسؤولون. عن «انترناشيونال هيرالد تريبيون»
المصدر: أبوظبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©