الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

ماكرون القوي والمهمات المقبلة

22 يونيو 2017 00:13
استطاع الرئيس إيمانويل ماكرون تحقيق إنجازات استثنائية خلال العام الجاري (2017)، ففي مطلع يناير كان قد عُرف عنه أنه السياسي المستقل (39 عاماً) الشهير بابتسامته العذبة وبالدعم الذي يحظى به من الأحزاب السياسية الكبرى في فرنسا. وبعد ذلك بستة أشهر، أصبح رئيساً لفرنسا بعد أن كان مُستبعَداً فوزه في هذه السن بمنصب الرئاسة، وأثبتت نتائج الانتخابات البرلمانية الأحد الماضي أن هذا «المهندس» يقوم بإعادة تشكيل المؤسسة السياسية الفرنسية بطريقة مدهشة. وكان من المنتظر أن يفوز «حزب الجمهورية إلى الأمام» الذي أسسه ماكرون العام الجاري، بما لا يقل عن 355 من أصل 577 مقعداً في البرلمان، أو بأغلبية ساحقة، وسوف يكون الجمهوريون من وسط اليمين معارضيه الرئيسيين رغم تقلّص عدد مقاعدهم في البرلمان إلى 125 مقعداً. وخسر اشتراكيو وسط اليسار الذين ظلوا يمثلون الحزب الحاكم حتى بضعة أسابيع مضت الكثير من مكانتهم السياسية، وعانوا من سقطات انتخابية قاتلة حيث فقدوا عشرات المقاعد ولم يحتفظوا إلا بـ48 مقعداً في البرلمان. وقال رئيس الوزراء الفرنسي إدوارد فيليب، في معرض تعقيبه على هذا التطور المهم مخاطباً البرلمان: «هذا الأحد، منحتم الأغلبية الواضحة لرئيس الجمهورية وللحكومة، وأصبحت الحكومة بصدد الشروع في العمل من أجل فرنسا. وبتصويت الفرنسيين، فقد اختاروا بأغلبيتهم الساحقة التمسك بالأمل بدلاً من الغضب، وبالثقة بدلاً من الانسحاب». وكانت المرارة وخيبة الأمل أيضاً من نصيب حزب «الجبهة الوطنية» اليميني المتطرف بزعامة مارين لوبين، وهي التي هزمها ماكرون في انتخابات الرئاسة الشهر الماضي، ورغم أن لوبين سوف تحظى بمقعد في الجمعية الوطنية لأول مرة، فإن حزبها سيتعرض لاحتجاجات عنيفة في الفترة المقبلة. وكان متوقعاً أن يفوز حزب «حركة فرنسا التي لا تُقهر» بزعامة اليساري المتعصِّب جان لوك ميلينشون بنحو 19 مقعداً، وفي حالة تحالفه مع الشيوعيين، يمكنهما تشكيل معارضة قوية ضد توجهات ماكرون لدعم الأجندة الأوروبية. ويرى منتقدو ماكرون أن الإقبال الضعيف على التصويت، خاصة في أوساط الشباب والطبقة العاملة، يضع التفويض الذي حظي به في البرلمان في دائرة الشك، إلا أن هذه التشكيلة الجديدة للبرلمان الفرنسي لا زالت توحي بعزمها على منح ماكرون المزيد من التأييد بعد أن قاد بنجاح حملته السياسية تحت شعار «لا يساري ولا يميني»، فيما كان «الوسطيون» تحت الحصار في الدول الغربية. وقال الخبير في السياسة الخارجية الفرنسية دومينيك مويسي في حوار مع «واشنطن بوست»: «إنه لمن المثير أن نشهد في عامي 2016 و2017 ثورة مزدوجة، ووفقاً للانطباع ذاته الذي دفع الجميع لعدم التنبؤ بانتخاب دونالد ترامب، لم يتوقع أحد انتخاب إيمانويل ماكرون». والعديد من الفرنسيين الذين يدخلون في عالم السياسة هم من الهواة الذين فضلوا الانضمام إلى حزب ماكرون بسبب امتلاكهم للمهارات المهنية أو التقنية أو لأنهم خبراء، وكان نصف المترشحين في قائمة ماكرون من النساء، كما أن نسبة كبيرة منهم ينتسبون إلى الأقليات التي تعيش في فرنسا. والآن، وبعد أن تسلَّح ماكرون بأكبر تفويض انتخابي تشهده فرنسا منذ سنوات، فمن المنتظر أن يبادر هذا المصرفي السابق إلى الدفع باتجاه إجراء إصلاحات حذريّة يعتقد أنها حيوية لإعادة تنشيط الاقتصاد الفرنسي المتباطئ. وفي سبتمبر الماضي قال الباحث جيمس ماكولي: «من المتوقع أن يدفع ماكرون بمشروع قانون شامل حول العمل أمام البرلمان، يمكنه أن يمنح الشركات السلطة لتمديد ساعات العمل وتحديد الأجور بحسب الحالة، ويظهر أنه يعارض التقيّد بالقواعد العامة والموحَّدة التي تنطبق على الجميع». ومن خلال لقاء جمع رؤساء أقوى اتحادات العمال في فرنسا مع الصحافة الفرنسية، وجَّهت تلك الاتحادات تحذيراً لماكرون بألا يذهب بعيداً في هذه الخطة، وألا ينفذها بسرعة فائقة، ولهذا السبب نتوقع اقتراب فترة يسودها التوتر أثناء المفاوضات بين الحكومة واتحادات العمال. ويرى محللون أن هذا الدفع من جانب ماكرون باتجاه تبنّي النموذج الألماني أو الاسكندينافي في تنظيم علاقات العمل، جاء متأخراً جداً. وحول هذه القضية، قال ميلينشون: «إذا كنت تظن أن عمال هذا البلد وموظفيه سوف يقبلون التعرّض للنهب ببساطة لأن الصحف والمجلات نشرت صور الأمير الجديد المبتسم، فأنت تحلم». *محلل أميركي متخصص في العلاقات الخارجية ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©