السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

سائق العائلة.. «صندوق أسرار» خارج حسابات الرقابة الأسرية

سائق العائلة.. «صندوق أسرار» خارج حسابات الرقابة الأسرية
17 ابريل 2013 13:25
مع عمل رب الأسرة، وغيابه عن البيت في أحيان كثيرة وخروج المرأة للعمل، وجدت بعض الأسر سائق المنزل الخاص ضرورة تفرضها طبيعة الحياة لقضاء احتياجاتها وتوصيل الأبناء إلى المدارس، وتتطلب من الأسرة تقبل السلبيات الكثيرة التي ترافق وجوده كاختلاف العادات والتقاليد، والأمانة وعدم جدية بعضهم في المحافظة على سلامة الصغار أثناء وجودهم بالسيارة. وجود السائق داخل بيت العائلة التي أصبح أفرادها يعتبرونه جزءاً من مكونات الأسرة وركيزة أساسية في بنائها حتى أضحى بعض أفراد العائلات يثقون أحياناً لدرجة مبالغ فيها بالسائق، حيث أصبح يقوم بتخليص المعاملات البنكية ويطلع على الحسابات الشخصية للأفراد، لا بل إن البعض أصبح يعطي السائق بطاقته الائتمانية ورقمها السري طالباً منه الذهاب لجهاز الصراف الآلي وسحب النقود. وقد يكون وجود سائقين في المنزل عند البعض من باب الوجاهة والرفاهية، لكن عند البعض الآخر، فالوضع يختلف، فهناك من لديه ظروف قاسية تتطلب وجود هذا السائق، ليقوم بقضاء حوائجهم ومتطلباتهم، حيث قال عضو المجلس الوطني أحمد علي الزعابي: أصبحت الأسرة التي لا يوجد لديها سائق تشعر بالنقص أمام الأسر الأخرى خصوصاً، إذا تعلَّق الأمر بالجلسات النسائية التي يحلو فيها الكلام عن العمالة المنزلية. مخاطر التفاخر حاجة ضرورية فرضتها علينا ظروف الحياة، بهذه العبارة بدأ سلمان راشد اليماحي، مضيفاً: من خلال مشاهداتي الكثيرة للسائقين، الذين يوجدون في الكثير من المنازل يتضح أن وجودهم حاجة ماسة لبعض الأسر، لكنها أحياناً تصبح موضة، سببها تحسن القدرة المالية للكثير من العائلات، فأصبح لديهم ترف زائد يتحول يوماً بعد يوم إلى مجرد تقليد، فسائق العائلة أصبح مجالاً للتفاخر عند البعض، وكل واحد يقول للآخر أنا عندي «درويل» أو اثنان، دون أن يعي هذا المتفاخر المخاطر المحدقة ببيته بسبب وجود رجل أجنبي يتنافى وجوده مع تعاليم مجتمعنا. وحمل كلام اليماحي تحذيراً من وضع الثقة والاعتماد على السائقين في كل صغيرة وكبيرة، ويضيف: لقد بات اليوم السائق الخاص يعرف أسرار ربة الأسرة والفتاة والشاب والأب، وأصبح لهم صندوق أسرارهم، كما أن كل ما يحدث من شاردة وواردة في غرف البيت يعرف عنهما، وتحذيري هنا ليس نابعاً من فراغ، إنما مرده إلى معرفتي ببعض الأشخاص، الذين أفرطوا في وضع ثقتهم المطلقة في السائق، حتى أصبحوا يفوضونه بإنهاء معاملاتهم المالية، ويسحب مبالغ مالية بالبطاقة الائتمانية ويعرف حتى الرقم السري لها. احتياجات الأسرة في المقابل تعترف شمسه الظاهري، موظفة، حاجتها الماسة إلى السائق لتوصيل أبنائها للمدارس وقضاء حاجات المنزل، وتقول: على الرغم من سماعي الكثير من قصص ومشكلات السائقين، لكن ظروف عملي ووفاة زوجي أجبرتني على الاستعانة بسائق يقوم بقضاء احتياجات المنزل كلها، بالإضافة إلى توصيل أبنائي الأربعة للمنزل، لافتة إلى أن وجود الخدم لدى بعض الأسر ليس من باب الوجاهة كما يراها البعض، لكن هناك بالفعل الكثير من العائلات تجد وجود السائق الخاص ضرورة وحاجة ملحة للمنزل في ظل غياب رب الأسرة أو سفره للخارج لظروف عمله، معلقة على بعض العائلات التي تعتمد اعتماداً كلياً على هؤلاء العمالة. وتتابع: صحيح وجودهم ضرورة، لكن ليس لحد ائتمانهم على أسرارنا، فهناك الكثير من استغل ذلك بتهديد رب المنزل بكشف أسرارها أو أسرار علاقة بناتها أو أسرار زوجها، وهنا تكمن الخطورة. أما أسماء عبد الرحمن العوضي، فتتفق مع الآراء السابقة وتشير إلى أنه نظراً لتعدد عمل أرباب الأسر واضطرارهم للغياب عن البيوت لفترات طويلة تحول السائق من شخص غريب على الأسرة إلى بديل ملائم للقيام بالكثير من تحركاتها، التي تحتاجها حتى أصبح السائق جزءاً أساسياً من تكوين كل أسرة بناء على توزيع وترتيب الأدوار الاجتماعية، التي جعلت البعض يعتقد أن هناك أدواراً لا يمكن أن يؤديها فرد من أفراد الأسرة الآخرين مما جعل السائق جزءاً من تكوين الأسرة للأسف. خدمات جليلة بينما طالب الراشدي، رب أسرة، ففي اعتقاده أن سائق المنزل سواءً كان رجلا أم امرأة، أصبح ضرورة تمليها ظروف العمل وتعدد مشاغل الناس، إذ لا يعقل أن يفرط رب الأسرة أو الأم في عمله ويعطل عجلة الإنتاج بسبب مشوار إلى السوق أو توصيل طفل إلى مدرسته. ويضيف: هذه الأمور وما شابهها هي التي أدت إلى ضرورة وجود السائق، وحتى لا نعمم لا بد من الاعتراف بأن هذه الشريحة من السكان قدمت خدمات جليلة للمجتمع ويوجد من بينها كثير من النبلاء الذي قضوا عشرات السنين مع العائلات وكانوا نعم الغرباء، فقد ظلوا أوفياء لتلك الأسر وأبدوا حرصاً منقطع النظير على مصلحة الأبناء والبنات والمنازل، وهم بهذا يستحقون الشكر والتقدير لأنهم أصبحوا جزءاً من تلك العائلات، ومن الوفاء الاعتراف لهم بفضلهم واحترامهم والنظر إليهم كما لو كانوا أعماماً أو أخوالاً، وهذا لا يمنع من وجود سائقين غير جديرين بالاحترام ولا بالثقة، فهذه الفئة مثل غيرها من الفئات فيها الصالح وفيها المجرم، لذا لا يمكن الاستغناء عن السائق ما دامت الحاجة هي التي تدعو إليه، مضيفاً: أما الأسر الصغيرة التي ليس لديها أطفال، فأضم صوتي للمطالبين بابتعادها عن اللجوء للسائق لأنها لا تحتاجه مطلقاً، ووجود السائق مع مثل هذه الأسر هو الخطورة بعينها، لأن بقاءه في البيت مع فتاة صغيرة ليس معها أطفال غير مأمون العواقب. سوق العمل وفي مكتب توريد الخدم يقول صاحب المكتب منير عبد الخالق: في السابق، كان اعتماد الأسرة على الخدم يحصل لمجرد المباهاة والوجاهة الاجتماعية، لكن وجودهم أصبح ضرورة في هذه الأيام، خاصة بعد خروج المرأة إلى سوق العمل، حيث إنها باتت تحتاج إلى من يساعدها في أعمال البيت، وتوصيل الأبناء للمدارس، بالإضافة إلى المشاوير الطويلة والقصيرة. وكل ذلك قد خفف من أعباء رب المنزل الذي يحاول أن يزيح مهمة وهي من أهم المهام المكلف بها. وعن مواصفات سائقي المنازل، يوضح منير «أغلب الأُسر تطلب تطلب سائقين من الجنسية الآسيوية أو سائقات فلبينيات وإن كانت الأخرى الطلب عليها أكثر، نظراً لاعتقاد الكثير من ربات البيوت وجود سائقة امرأة أفضل من ناحية أن ربة المنزل مع بناتها يأخذن راحتهن في السيارة، كما أن السائقة تعرف احتياجات المرأة في المشتريات الخاصة، وقد يصل أجر السائقة المرأة إلى 2000 درهم حسب الخبرة وحصولها على رخصة قيادة إماراتية، في المقابل السائق الرجل إن كان من جنسية آسيوية، فإن راتبه يبدأ من 1000 درهم فما فوق حسب الخبرة. سعاد المرزوقي: مفهوم «الاعتماد على الذات» تغير عند الأسر فسرت مساعد العميد لشؤون الطلبة بكلية العلوم الإنسانية والاجتماعية جامعة الإمارات الدكتورة سعاد المرزوقي وجود سائقي المنزل بأنه أمر ليس مرتبطا بعمل المرأة، إنما بالتطورات الاجتماعية والاقتصادية التي أدت إلى الرفاه، وأصبح من مظاهر المكانة الاجتماعية، حيث بات الاعتماد على تلك العمالة المنزلية في بيوتنا شيئاً جديداً لم يكن موجوداً في أسرنا سابقاً، بدليل أنهم في المجتمعات الحديثة لم يشكلوا ظاهرة. وتضيف: بعض العائلات أصبحت تهتم بالمظاهر والمكانة الاجتماعية، التي يأتي وجود تلك الخدم من ضمنها، حيث إننا لا نستغني عنهم، وجميع أفراد الأسرة يعتمدون عليهم في الأشياء اليومية، وهذا ما أدّى إلى تغير مفهوم الاعتماد على الذات، خاصة عند الأطفال، لافتة إلى أن تشغيل مثل هؤلاء الخدم غير المؤهلين، ينعكس على تنشئة الأطفال بشكل سلبي في سن مبكرة ويتضح في السلوك والتصرفات واللغة، متساءلة إلى متى سنعتمد على السائق دون مراقبة أو حساب من قبل رب الأسرة الذي تنازل عن جزء من دوره لشخص غريب عن عائلته؟
المصدر: أبوظبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©