الخميس 18 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

دروب في الريح

دروب في الريح
18 نوفمبر 2009 23:28
كاسبر مونراد منظم المعرض المقبل، علق بقوله، إن موهبة ديلان في الأعمال التشكيلية كانت في الفترة الماضية محل اهتمام المؤرخين الفنيين فقط، ودعا النقاد التشكيليين إلى تركيز مزيد من الاهتمام على تجربته اللافتة، المتأثرة بأعمال الفنانين الأوروبيين المعاصرين أوائل القرن العشرين، مثل الفنان الفرنسي هنري ماتيس وألوانه الحارة. كاسبر قال أيضاً: إن الغاليري سيعرض الخريف المقبل ثلاثين لوحة جديدة زيتية كبيرة من الإكليريك، من المجموعة التي اطلق عليها الفنان اسم “سلسلة البرازيل”. هذا إضافة إلى لوحات كانت عرضت في السابق في أوروبا. موضوع الرسم والتصوير الزيتي ليس مفاجئاً على ما يبدو في حياة هذا الفنان، فقد أعلن بوب ديلان في حوار نشر معه في مجلة “موجو” المتخصصة في الموسيقى، أنه دائماً كان يرسم ويلون ويخطط اللوحات، ولكن أحداً لم يكن يهتم بهذا الجانب، و”فجأة بتّ أتلقى دعوات لإقامة معارض بصورة أكبر من قدرتي على مجاراتها”. تعود اهتمامات هذا الفنان الموهوب في مجال الفن التشكيلي إلى أربعين سنة ماضية، فهو أنجز غلاف أول البوم صدر له عام 1970 بعنوان “بورتريه شخصي” مستغلاً إحدى لوحاته الزيتية، وظهرت تخطيطاته الأخرى في كتابه المعنون بـ”كتابة ورسم”، وفي كتابه الآخر المعنون بـ”قصائد مغناة” وكلاهما صدرا في السبعينات. واعترف ديلان أنه يبدأ أولاً بتخطيط الموضوعات التي تلفت انتباهه، ثم يحولها لاحقاً إلى لوحة زيتية من خلال التلوين، أي أنه لا يستخدم اللون مباشرة على الكانفا أو قماشة اللوحة. وقال إنه بإمكانه أن يرسم طبقاً من الفواكه ويحوله إلى دراما! أما النساء، “فهن في الواقع شخوص قوية، وأنا أرسمهن على هذه الصورة”. قبل أن يتلقى بوب ديلان دعوة لعرض لوحاته في العاصمة الدانمركية، شاهده الجمهور المهتم به وبالفنون عموماً، في متحف بمدينة صغيرة بألمانيا عام 2007. كذلك أقيم له معرض آخر صيف عام 2008 في غاليري خاص في العاصمة البريطانية، وقد كتب الناقد الفني في الـ “ديلي تلغراف” في حينها عن المعرض قائلاً: “لو توقعت أن ترى أعمالاً فنية ممتازة فستصاب بالإحباط، ولكن يمكن التعامل مع اللوحات على أنها نتاج شخص موهوب وهاو، يملك حداً من الصنعة لا بأس بها”. وما لم يقله الناقد في مقاله أن العالم هذه الأيام يهتم بكل ما يفعله المشاهير، وبوب ديلان مشهور كفاية لأن يفكر كثيرون بحضور معارضه واقتناء لوحاته، فذات يوم، بعد رحيله ربما، سترتفع أسعار تلك اللوحات مستمدة قيمتها من أهمية صاحبها لا منها هي تحديداً. يقول صاحب أغنية “بلووينغ ان ذا وند” (في مهب الريح): “كم درباً يجب على الإنسان أن يسيره، حتى يقال عنه انه إنسان!”. لكن هذا المبدع الذي يتجه نحو السبعين من العمر الآن ولا يبدو على جسده النحيل أنه متجه نحو الشيخوخة، لم يكف عن التجوال منذ أوائل الثمانينات، بغيتاره وآلة الهارمونيكا وقبعته الأميركية الشهيرة، يحيي الحفلات ويدعم القضايا الإنسانية في أكثر من مكان في العالم، حتى أطلق البعض على نشاطه بـ “الجولة التي لا تنتهي”، فهو يشارك بمائة حفلة موسيقية سنوياً على الأقل، ويسجل الأغاني ويجري الحوارات الصحفية. وكان من الموسيقيين القلة الذين استغلوا الموسيقى الشعبية من البوب والبلوز والروك اند رول، لطرح قضايا سياسية وإنسانية واجتماعية. والأغنية السابقة مثلاً اعتبرت نشيداً يرفعه الناشطون في مجال الحقوق المدنية في أميركا، كذلك اعتبرت أغنيته “الأوقات التي تتغير”، نشيداً ضد الحروب يستلهمها الناشطون الرافضون لفكرة الحروب في العالم. أصدر بوب ديلان هذا العام البومين، وقد تربع البومه المعنون بـ(33 استوديو) على قائمة أعلى مبيعات الأغاني في بريطانيا والولايات المتحدة. أما البومه الثاني الذي صدر منتصف أكتوبر الماضي، بعنوان “كريسماس في القلب”، واشتمل على أجمل أغاني الأعياد المسيحية المعروفة، فقد استبق موسم أعياد الميلاد ليبيع نسخاً كافية يعود مردودها للجوعى في العالم من خلال المنظمات الخيرية المعنية بهذا الجانب، في أفريقيا تحديداً إضافة إلى أميركا، هكذا أراد صاحب الصوت الشجي لالبومه الأخير، أن يقدم هديته لهؤلاء الناس بطريقته الخاصة، يطعم الأفواه التي طالتها الأزمة الاقتصادية في العالم أكثر من غيرها، فتضاعف جوعها وحرمانها. يذكر أن بوب ديلان حصل على التقدير المعنوي والمادي مقابل الجهد الذي منحه للفنون وللإنسانية، وحصل على العديد من الجوائز الهامة في الموسيقى والشعر، من بينها جوائز: غرامي، غولدن غلوب، وأكاديمية السينما. وفي العام 2008 منحته لجنة تحكيم جائزة بوليتزر الشهيرة وهي أرفع جائزة في الولايات المتحدة للآداب والفنون والصحافة، تنويهاً خاصاً إضافة إلى الجائزة، تقديراً لتأثيره الواسع على الموسيقى الشعبية والثقافة الأميركية، معتمداً على قوة الحس الشعري لديه.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©