الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

القضية أبلغ من الكلام

القضية أبلغ من الكلام
18 نوفمبر 2009 23:27
فلسطين غابت عن المشاركة في دورة المهرجان لكن قضيتها لم تغب خاصة في عروض دول الشام وكان من أهمها عرضا “وامعتصماه” لفرقة المحترف التجريبي اللبنانية و”بلا عنوان” لفرقة المسرح الحديث الأردنية. من لبنان وجاء عرض “وامعتصماه” دون حوار معتمداً على الأداء الحركي فالقضية أبلغ من أي كلام. أربعون دقيقة هي مدة العرض لخصت القضية التي يزيد عمرها على ستين عاما منذ نكبة 1948 . بدأ العرض بمشهد شخص يعذب بالسوط رجلا مصلوبا بينما يقف طابور المستسلمين يحرسهم جندي ، مزهواً بمهمته وكانت نهاية العرض صورة أخرى يلقي فيها أبطال العرض الحجارة على خلفية أغاني أطفال الانتفاضة الأولى 1987. ولم يغب صوت فيروز “أنا الأم الحزينة ومن يعزيها لهفي على أمتي قتلت راعيها” والرمز كان حاضرا في الكوفية الفلسطينية على صورة شراع في مركب كما يظهر الجيش العربي في صورة كاريكاتيرية، المدفع المقلوب لا ينطلق أبدا ويظهر دوره الحقيقي عندما يتبول الجندي على المدفع ويقرر الضابط تحية العلم الذي لايزيد على قطعة ملابس نسائية كما يستمر صوت الناي في معظم العرض ويظهر المخرج في دور عجوز يحمل مسجد قبة الصخرة على ظهره في إشارة للحمل العربي الثقيل. مخرج العرض سمير عواد قال: الجلاد لم يتغير، الذي عذب المسيح وأذاه هو نفسه الذي يجلد شعبه ولم نقدم غير الحقيقة ومشهد المرأة التي تحمل طفلها ثم تكتشف أنه وسادة حدث بالفعل لامرأة هربت من فلسطين إلى لبنان لتكتشف ان ماتحمله ليس إلا وسادة وأنها فقدت ابنها للأبد. وعن التجريب في عرضه قال: قدمت عرضا بلا نص ووحدته ملابس أبطال العمل الذي قدمته بلا ديكور وكان هدفي الوصول لمسرح جيد بأقل الإمكانات. وعن المشاكل التي واجهها قال: إذا كانت بعض الدول العربية تعاني قيودا رقابية ومجتمعية فنحن في لبنان نواجه قيودا من نوع آخر تتعلق بالمشاكل المادية وأزمة التمويل فلدينا حرية بينما ليست لدينا ميزانية للمسرح مما يضطر الفنان للعمل في مجالات أخرى غير الفن لتدبير أموره ولاتمتلك وزارة الثقافة خشبة مسرح واحدة للعرض ولا التمرين. من الأردن أما العرض الأردني “بلا عنوان” الذي أخرجته مجد القصص فقد حمل الهم الفلسطيني وبدأ بامرأة عجوز تمثل القدس تحكي لابنها ماحدث، حيث تتعرض لاغتصاب وتتردد مقولة الفرق بين الاغتصاب والعجز خيط من المؤامرة وتأخذ الضحية هدية اغتصابها كرسيا متحركا. وجسد العرض الأردني على مدى 50 دقيقة القدس في صورة امرأتين ترمزان للقدس الغربية والشرقية والرسالة التي حملها هي المقاومة ورفض الاستسلام فالمفاوضون من وجهة نظر العرض أصحاب عاهات وأصوات مشلولة فإما التضحية والعزة أو الاستسلام الذي يعني العجز والبقاء على مقاعد متحركة. مؤلف العرض مفلح عدوان قال: اكتشفت كما هائلا من المعلومات عن القدس لم يتم توظيفه فنيا وكان اسم المسرحية أكثر ما شغل بالي بعد أن أصبح لكل شيء معنيان لذا سافرت إلى القدس لأرى ما يحدث وأعبر عنه بصدق أما المخرجة مجد القصص فقالت: “بلا عنوان” من جهة نظري تعبر عن ان الصهيونية بلا عنوان. وعن سر حرصها على تقديم الهم الفلسطيني في كثير من عروضها قالت ان الفنان الذي لايهمه الواقع العربي ليس فنانا لذلك قدمت العرض في شهرين فقط لأشارك في احتفالية القدس بالأردن ولم يمر أسبوع واحد على البروفات حتى وقعت الحرب على غزة فغيرت نهاية المسرحية لتكون النهاية بالموت كموقف واضح يتكرر. وعن تكرار مشهد اغتصاب القدس تقول القصص ان القدس انتهكت مرة من الصليبيين ومرة من الصهاينة فالأزمة قديمة لذلك قدمت النكبة التي استمرت ستين عاما في أربع دقائق. وعن التجريب في عرضها أشارت إلى المزج بين الفلكلور والأوبرا والرقص المعاصر بجانب الجمع بين الموسيقى الشرقية والغربية والأداء الكنسي كما يعتمد العرض على مسرح الجسد وجاء الغناء نصا موازيا للدراما. كما كان الديكور يتحول لأكثر من استخدام وبوابات القدس تتحول إلى أقفاص السجون ثم طاحونة تطحن البشر ثم إلى جبال وقدمت قطعة الاستاند كسيارة وجيتار وسيف. وجاء عرض “بلا عنوان” عبارة عن سبع لوحات أشبه بالكولاج يجمع تاريخ القدس التي صورها عبارة عن امرأتين “دينا شهوان” وبنت غزة “ريما نصر” في إشارة لتقسيمها الى غربية وشرقية ترويان لابن القدس الشهيد ما حدث. ولم يخل العرض من سخرية مريرة من الوضع العربي حيث تسقط قطعة من القدس بعد كل مؤتمر قمة عربي أو إسلامي لتتحول المؤتمرات إلى فرصة لإحصاء ما ضاع من القدس في جو من الكوميديا السوداء. ..ونيرفانا أردنية ومن الأردن أيضا جاء العرض “نيرفانا” لفرقة المسرح الوطني الأردني الذي شارك في المسابقة الرسمية للمهرجان ليقدم قصة البحث الطويل للروح عن الجواب المطلق وتلتقي روحانية الشرق وروحانية الغرب، محاولة للتجريب على رواية “سدهارتا” للألماني هيرمان هيسة بتحويلها للمسرح مع مزجها بقيم التصوف التي ظهرت في أشعار حافظ الشيرازي والحلاج وابن الفارض بجانب أشعار محمود درويش وبودلير. حالة توحد بين الصالة وخشبة المسرح ظلت طوال مدة العرض حيث كان البطل “سدهارتا” وهو نفسه المخرج يبحث عن الحقيقة فيدخل صالة العرض أو يخرج منها لخشبة المسرح حاملا مجدافه الذي هو في نفس الوقت مصباح يحاول أن يشق به أمواج الظلام بحثا عن اليقين. بحث سدهارتا عن اليقين عند طوائف البراهمة والسامنا وحاول البحث عند الزهاد فلم يجد فذهب إلى الغانية كامالا التي أحبها لكنه لم يجد اليقين الذي يبحث عنه فيقرر العودة من حيث جاء ليجد من يناديه بأن الحقيقة التي يبحث عنها في داخله. مخرج العرض حكيم حرب قال عن “نيرفانا”: بدأت عرضي بورشة بهدف الوصول لصيغ جديدة على مستوى الأداء والإخراج والنص الذي تحول أثناء العمل من نص أدبي إلى نص للعرض ضم عشر لوحات شملت التشكيل والشعر والرقص والضوء والموسيقى تأكيدا لفكرة شمولية المسرح. من سوريا المخرج السوري أسامة حلال الفائز بجائزة أحسن مخرج عن عرضه “دون كيشوت” لفرقة كون المسرحية السورية لجأ إلى الحكاية الأصلية لكاتب إسبانيا الشهير ثربانتس، وقرر تبديل الأدوار مانحا دور البطولة لسانشو الشخصية التي تعيش في الحكاية الأصلية على الهامش مكتفيا بأن يكون ظلا لسيده دون كيشوت. وفي “دون كيشوت” السوري يتمرد سانشو على سيده ليصنع من نفسه “دون كيشوت” آخر. #8232;أسامة حلال قال عن فوزه بالجائزة :كانت مفاجأة سارة لي في القاهرة وأنا مؤمن بأن بداخل كل منا دون كيشوت وسانشو، ولدينا دائما أحلام كبيرة ومقولات كبيرة تتكسر على صخرة الواقع، دائما نحاول أن نحارب طواحين الهواء، ولكن من الجيد أن تكون لديك وجهة نظر حول ما تريد القيام به. ويرى “دون كيشوت” السوري أربعة أشباح قادمة لالتهام العالم، وهي الفقر والجوع والمرض والتخلف. وحول المزج بين العامية السورية والفصحى في العرض قال: حاولت ان أقدم عرضا يشبهني كما أنها لغة تشبه المشاهد، وأنا ألعب على ذاكرة المتلقي بالمفردات التي أقدمها ابتداء من لغة النص إلى كل المفردات الفنية التي أعمل بها ولها علاقة بتراثنا وتقاليدنا.#8232;وأكد مؤلف العرض كفاح الخوص أنه جعل من سانشو البطل لأنه واقعي أكثر من دون كيشوت الذي يبدو مثاليا. وقال: أردت أن أقدم دون كيشوت يتحدث عن مشاكل الشباب الحالية ونحن نحب التغيير ودون كيشوت لا يملك آلية التغيير.#8232;وأضاف: سانشو رأى وجوده عند دون كيشوت الذي وعده بتعيينه حاكما لولاية أو مقاطعة، ولو كان دون كيشوت فقيرا ما صدقه سانشو ولكنه كان سيدا لمنطقة معينة، فوجوده مع سانشو يفترض أن يعطيه قيمة، ولكن حدث العكس سانشو هو الذي أعطى قيمة لدون كيشوت لأنه الوحيد الذي صدقه ومضى معه حتى النهاية. وحين يقتل سانشو دون كيشوت يقول له: أنا سانشو الضعيف قتلتك لكني لا أحب الدم. هو يريد أن يذهب إلى زوجته وأولاده، وينتهي العرض بنفس العبارة التي بدأ بها “من رضى عاش” وهي تلخص العرض بأكمله. ومن سوريا أيضا جاء عرض “ظل رجل القبو” لفرقة اتحاد شبيبة دمشق المسرحية حيث حرص المخرج سعيد حناوي على خلو الصفوف الثلاثة الأولى من الجمهور وغطى المقاعد بأقمشة بيضاء ولم يكن واضحا سبب ذلك حيث لم يظهر أي استغلال لهذا الجزء من الصالة. العرض مستوحى من “العنبر” لـ تشيكوف وعن خطبة لاذعة “لرجل جالس” لـ جارسيا ماركيز. وبدأ العرض بالرجل الذي يعيش في قبو لايراه أحد ولايرى أحدا بينما يواجه ثلاثة هم خوفه وطفولته وظله متمثلين في صورة رجال، ويردد الرجل عبارة تؤكد حيرته: في كل ليلة يقلقني نفس السؤال هل عندما ننظر للمرآة نجد صورنا الحقيقية ربما أريد أن أنام. وظهر بطل العرض وهو يتحمم في “طشت” متذكرا طفولته مع زوج الأم القاسي والأب الذي يتنكر له ويطرد أمه التي كانت خادمة عنده.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©