الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

معزوفات لونية فوق خامات مترفة

معزوفات لونية فوق خامات مترفة
28 ابريل 2014 20:31
أزهار البياتي (الشارقة) مرة أخرى يصعد المصمم العربي المتألق رامي العلي على المنصات الباريسية، مستعرضا باقة مبتكراته الجديدة لموسمي ربيع وصيف 2014، في طراز موضة فن الخياطة الراقية من قلب العاصمة الفرنسية، مستحضرا من خلالها حسه الإبداعي المثير، ومجدداً عبرها شغفه اللامحدود بملامح الأنوثة، والأناقة، والرومانسية. للموسمين المقبلين قدم العلي تشكيلة متنوعة ومترفة من القطع، وسط اهتمام جماهيري وإعلامي كبيرين بنماذج راقية ومؤثرة للعلي وبامتياز، عكست سمات جلية من أسلوبه المتفرد ورؤيته الاستثنائية في تناول صناعة الأزياء. ولأن «الانطباع الأول» دائما يختزل كل المعاني والكلام، فقد أكد العلي هذا المفهوم من خلال لغة الأناقة والجمال، التي خاطب بها جمهور عشاقه ومحبيه، مظهرا مجموعة متكلفة من ملابس السهرة، استوحاها من فن الرسام العالمي «جون إيفريت ميليه» ولوحته الشهيرة «أوفيليا»، والتي رسمها من تصوره لشخصية بطلة قصة «هاملت» لشكسبير، مستلهما منها مشاعر متناقضة تتراوح ما بين القوة والضعف، والحب والتضحية، الحقيقة والسراب، ليعيد صياغتها بخيالها الموهوب، ويرسمها بروحه المتمردة وفلسفته المختلفة في النظر إلى الأشياء. ولعل تأثر المصمم بعمق بشخصية «أوفيليا» لم يأت من فراغ، فقد عرف برومانسيته الشديدة، ورؤاه الحالمة، خاصة حين يستثمر استشراقاته من نساء آسرات، يشين له بأفكار ويلهبن فيه جنون الخيال، لينقل الحلم إلى الواقع، ويحّول الإحساس إلى فن وجمال، موظفا طاقاته ليلعب بأمتار وأمتار من القماش، وكأنها دراما بصرية منسوجة من خيوط الحراير، ومغزولة بهمس الأتوال، لترنو في نهاية المطاف بأطياف متلألئة من الكريستال، وتعبّر في صورتها المثالية عن طراز متفرد وأناقة كلاسيكية لحد بعيد، اعتمد خلالها العلي على نمط منسجم من القصّات وخطوط تتسم بالانسيابية العفوية، والرومانسية الحالمة، لتف قوام من ترتديها وتحتضن تضاريسها بشكل أثيري وساحر. من خلال عدد محدود تمكن العلي من تقديم ترنيمة من أثواب «الهوت كوتور» انتقاها بكل حرص، مبديا عبرها ملامح من مهنيته واحترافه لهذا المجال، كونه يقرأ الذوق العام ويستطيع أن يلبي رغبات النساء، فيرسم لهن ما يبتغينه من قطع تتمتع بالثراء، وتعكس في الوقت نفسه بساطة في الطرح وأناقة بالأسلوب، عازفا في كل تصميم منها على وتر المشاعر والقلوب، لافتا أنظار الحضور بصور مدهشة إلى كلاسيكيات من زمن الماضي الجميل، ومازجا بين الواقع والخيال، ليظهر مع كل ضربة مقص تفاصيل ناعمة، وعناصر بديعة، نسجها بخامات وأقمشة وثيرة ومترفة، كان بطلها خامة الدانتيل الفرنسي، الشيفون الرقيق، والتوّل الشفاف، مع بعض من الحرير الطبيعي، والأورجانزا الشانجان، لينثر فوقها بتلات ناعمة من الورود، ويوشيها بأوراق متطايرة للأشجار، حيث اعتمد في بعض قطع المجموعة على تقنية حديثة ومعاصرة، استوحاها من تصاميم المصمم الفرنسي الشهير «لوسيان لولونج» في أوائل القرن العشرين. أما ألوان باقة العلي للموسمين المقبلين فجاءت بتدرجات باستيلية من الألوان، من تلك التي تتسم بالشفافية والنعومة، وتتناسب مع أجواء الربيع والصيف، كان من بينها ظلال رائقة للأخضر النعناعي، والبيج القمحيّ، الأصفر الليموني، والبنفسجي الليلكي، مع الوردي النضر، كما ظهرت شطحات أكثر قوة وحضورا للأسود الملك، تألقت ببريق معدني من الفضة والذهب. مصدر الإلهام «أوفيليـا»، هي أكثر لوحات الرسام العالمي ميليه شهرة، أكثرها جمالا وإبرازا للمذهب الفني الجديد الذي يعيد فيها إبراز الطبيعة الأم بجمالها وتعقيداتها ويعيد فيها التركيز على الجمال البشري. وموضوع اللوحة مستمد من رواية «هاملت» للكاتب الكبير «شكسبير» ، التي يروي فيها الكاتب القصة التراجيدية لموت أوفيليا عشيقة هاملت بعد أن فقدت عقلها وأصابها اكتئاب عميق ثم انتحرت، بعدما قتل هاملت والدها. ورسم ميليه اللوحة محاولًا فيها تصوير الشخصية المركزية الغارقة في بركة الماء بطريقة دقيقة مع تحديد ملامح العمق الوجودي والحسي في جو اللوحة، ومعالم الحزن الظاهر على وجه الشابة أوفيليا، واهتم برسم الخلفية الطبيعية بدقة متناهية، مركزاً على جمالية اللون وتناثر الورود حول الجسد الغارق.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©