الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

أمراء الحرب.. وورقة المنافع الخاصة

أمراء الحرب.. وورقة المنافع الخاصة
18 نوفمبر 2009 21:51
في الوقت الذي ينشغل فيه الرئيس باراك أوباما بالتفكير في الخيارات الاستراتيجية التي يتعين عليه اتخاذها في أفغانستان، فإنه يفكر مليا أيضا في أربعة خيارات، تقوم على أساس تحليل ـ وُضع تحت تصرفه ـ لشخصيات وتاريخ الزعماء الأفغان في كل مقاطعة من المقاطعات. ومن المعروف أن أعضاء الفريق القومي للرئيس الأميركي، يؤكدون على فكرة أن زعماء القبائل الأفغان وأمراء الحرب، قد تحالفوا مع طالبان وغيرها من المنظمات المتطرفة، ليس على أسس أيديولوجية أو دينية وإنما لأسباب تتعلق بتحقيق المنافع الخاصة، وأنه من الممكن بالتالي إقناعهم بتغيير ولاءاتهم إذا ما تمكنت الولايات المتحدة من جعل ذلك الخيار مجديا لهم أكثر من غيره. ويوصف تعامل الولايات المتحدة مع زعماء القبائل وأمراء الحرب الأفغان، بأنه يمثل مقاربة جديدة ومختلفة للوضع المتوتر في ذلك البلد. ولكن الحقيقة هي أن الولايات المتحدة قد طبقت تلك المقاربة بدرجات متفاوتة منذ إطاحتها بحركة طالبان عام 2001. وربما يكون من المناسب في هذا الشأن أن يقوم الرئيس أوباما بدراسة النتائج التي ترتبت على تلك المقاربة قبل أن يقرر المضي قدما فيها. في فترة أقرب، جربت قوات الناتو دعم قوات الأمن القبائلية (التي تعتمد على أبناء القبائل)، أو رشوة بعض القبائل ـ كما فعلت بعض الحكومات الأوروبيةـ من أجل الامتناع عن اللجوء للعنف. وقد تمكنت بعض قوات الأمن المكونة من أبناء القبائل، والتي يتوافر لها قيادات قوية، أو تحظى بالدعم والمساندة من جانب الأميركيين، من طرد المتمردين من أجزاء شاسعة من البلاد؛ في حين قامت قبائل أخرى باستخدام النفوذ التي توافر لها من خلال تزويدها بالأموال والأسلحة الأميركية، في قمع بعض القبائل المجاورة وتحويل أفرادها بالتالي إلى متمردين. أما جنود "شرطة أفغانستان الوطنية المساعدة" التي عملت في عامي 2007، 2008، فقد فروا من صفوف تلك القوات وعادوا مرة أخرى إلى صفوف المتمردين. علاوة على ذلك قامت القبائل التي استلمت أموالا في مقابل وقف إطلاق النار في مناطقها، بتوفير الملاذ للمتمردين، وأتاحت لهم بالتالي الفرصة لإعادة تفريخ وتجنيد المزيد من المقاتلين. نتيجة لمثل هذه الصفقات حدث تقلص مؤقت في نسبة الخسائر البشرية لدى القوات الأميركية وقوات الناتو في أفغانستان؛ بيد أن هذه الهُدنات المحلية لم تحد مع ذلك من شهية النواة الصلبة للمتمردين ورغبتهم في ممارسة العنف في أماكن أخرى، ولذلك فإن الخسائر البشرية وغيرها التي ترتبت عن إخفاق هذا النظام تفوق أي فوائد ربما تكون ترتبت عنه. يرجع ذلك أن كل وادٍ من أودية أفغانستان له نمط ممارساته السياسية الخاصة، وله مزيجه الخاص من أمراء الحرب، وزعماء القبائل، والمتعصبين الأجانب، وموظفي الحكومة الأفغانية، وقوات الناتو الموجودة فيه. وفي المسرح الأفغاني كما هو معروف يمكن أن تتبدل الولاءات بسرعة وبطرق غير معروفة سوى للأفغان فقط. فصفوة الأفغان في الأقاليم والولايات الأفغانية المختلفة ليسوا من النوع الذي يمكن حكمه وتوجيهه من واشنطن، أو حتى من كابول العاصمة؛ لذلك فإن كسب ود القبائل هو الخيار الأفضل المتبقي لمحافظي الأقاليم الأفغانية، وقادة الكتائب الأفغانية والأميركيين الذين يتعاملون بشكل مباشر مع الديناميات القبائلية المتبدلة، ويبرمجون أفعالهم العسكرية والسياسية بناء عليها. ويشار إلى أن الجنرال "ماكريستال" وفريقه قد درسوا بشكل مسهب فرص تحقيق المزيد من التعاون مع أمراء الحرب الأفغان وزعماء القبائل، وخلصوا من تلك الدراسة أنهم ـالأمراء والزعماءـ لا يعتبرون بديلا كافيا لسياسة ضخ المزيد من القوات المقاتلة لأفغانستان. والحقائق على الأرض تؤيد هذا الحكم الذي توصل إليه فريق "ماكريستال". فوفقا للمصادر العسكرية في أفغانستان، فإن ما يحدث عادة هو أن زعماء القبائل الأفغان لا يمانعون على الإطلاق في قبول الأموال الأميركية، بل ويقبلونها بسرور، ويقدمون الوعود، ويؤكدون لهؤلاء المسؤولين العسكريين بأنهم سوف يعملون على استئصال المتمردين من مناطقهم. ولكن ما يحدث في الحقيقة هو أنهم لا يرفعون سلاحا ضد هؤلاء المتمردين، بل ولا يقدمون معلومات للقوات الأميركية عن الأماكن التي يقوم فيها هؤلاء المتمردون بزرع العبوات الناسفة إلا بعد أن يضمنوا الحماية لهم ولعائلاتهم ضد انتقام طالبان. ولكن ما الذي يمكن لواشنطن أن تفعله بالإضافة إلى إرسال قوات إضافية إلى ذلك البلد؟ يمكنها أن تساعد على استبدال المحافظين وقادة الكتائب بآخرين من ذوي العقليات المرنة والشخصيات الجذابة. ويمكن للبيت الأبيض أن يُسرّع من عملية نشر عدد من الضباط الأميركيين الكبار للعمل كقادة وكمستشارين قتاليين بما يؤدي إلى تحسين أداء القوات الأميركية والأفغانية في نهاية المطاف. إن استراتيجية مقاومة التمرد هي نوع من الحروب الذي يتركز حول القادة أو الذي يعتبر القادة نواة له؛ ونتيجة هذه الاستراتيجية تتحدد إلى حد كبير وفقا لمهارات القادة المحليين؛ وواجبنا الذي ندين به لقواتنا ولأصدقائنا الأفغان هو العمل على وضع أفضل القادة الأميركيين والأفغان في المقاطعات المختلفة لأنهم هم الوحيدون القادرون على صياغة وتنفيذ مجموعة الأعمال والإجراءات المطلوبة لكسب الحرب التي نخوضها في ذلك البلد. أستاذ شؤون الأمن القومي بجامعة السلاح البحري الأميركية ينشر بترتيب خاص مع خدمة «لوس أنجلوس تايمز وواشنطن بوست»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©