السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

شاعرية الكرة

22 يونيو 2010 20:36
هناك أسئلة تتردد في رأسي منذ أن اجتاحت العالم حمى كرة القدم مفادها: ترى ما الذي يجعل العالم مشغولا بقطعة جلدية منفوخة بالهواء على شكل مدور؟ ما الممتع في أن 22 رجلاً بالغين عاقلين يركضون وراءها، وهي المسكينة ترزح تحت رحمة أقدامهم ليركلوها كيفما يشاءون؟ ثم ما سر شغف نحو ثلاثة مليارات نسمة إلى حد الجنون بتلك الكرة الجلدية؟ مالذي يجعل أعينهم تتابعها بعشق أينما ذهبت وأينما ركلت وأينما وقعت؟ ترى ما سر هذا الافتتان بهذه المستديرة؟ هل لأنها ترمز إلى الكرة الأرضية، أم لأن استدارتها تجعلها محاطة بالأساطير والاحتمالات؟ هل يمكن أن يكون سبب هذا العشق أنها تمثل ملحمة عصرية تبحث عنها الشعوب في زمن لم يعد فيه ملاحم بطولية؟ وجدت أن رأسي يدور وكأن لدورانه علاقة بدوران تلك المستديرة، ترى هل هناك علاقة بين استدارة الكرة ورأس الإنسان؟ الواقع أن هناك علاقة عجيبة وعنيفة ودموية، فأصل لعبة كرة القدم يعود إلى مرحلة من التاريخ، فيروى أنه قبل ألف عام تقريباً تمكن الإنجليز من قتل القائد الدنماركي الذي كانت قواته تحتل بلادهم، وقاموا بفصل رأسه عن جسده ليتقاذفوها بأقدامهم مثل الكرة معبرين عن حقدهم وتشفيهم واحتفالا بانتصارهم على قوات الاحتلال.. وربما كان الصينيون قبلهم بقرون مارسوا لعبة كرة القدم كما تشير كثير من الدلائل، وربما يكون الفراعنة من بعدهم وكانوا يستخدمون كرات صخرية، غير أنه من المؤكد أن هذه اللعبة لم تر عصراً ذهبياً لها كما تراه الآن، حيث كل شيء فيها يساوي ذهباً.. غير أن هناك تحليلاً جميلاً وضعه بعض علماء النفس أعتقد أنه السبب الرئيسي لكل هذا العشق لهذه اللعبة، خصوصا أنها لعبة رجالية أكثر مما هي نسائية، بدليل أن أكثر المشجعين والمعجبين من الرجال، في هذا التحليل العلمي يعتقد اللاعب أن كرة القدم أنثى لذا فهو يركلها بعنف ويقبلها ويحضنها، وهي هدفه، وفي نفس الوقت وسيلته لتحقيق أهدافه، وهو يشعر بالانتصار لو نجح في السيطرة عليها.. أما المثقفون والشعراء والأدباء فمنهم من اعتبرها أشرف الحروب، ومنهم من رأى من خلالها الحرية، ومنهم من اعتبرها مملكة الوفاء البشري الذي يمارس في الهواء الطلق، ومنهم من رأى أنها مجاز الحياة.. في خضم كل ذلك الحب والعشق وكل تلك المتعة والترفيه تجد الكرة نفسها محتارة دوارة بين الواقع والأسطورة، بين الشاعرية والرمزية الدموية، بين المتعة والدراما بين الماضي والحاضر، بين الترفيه والاستثمار، بين المثالية والفساد.. rahaluae@gmail.com
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©