الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

آخر ضحايا أورتيجا

7 سبتمبر 2008 01:36
قد تشكل المواجهة السياسية-الثقافية المرة التي انفجرت في ''نيكاراجوا'' أواخر أغسطس الماضي النهايةَ الأخيرة للرومانسية بين مثقفي العالم اليساريين، ورئيس نيكاراجوا ''دانييل أورتيجا'' الذي كان زعيم جبهة ''ساندينيستا للتحرير الوطني'' حين استولى على السلطة بعد الإطاحة بحكم عائلة ''سوموزا'' الذي دام 40 عاما؛ وكان ''أورتيجا'' -الثوري الشاب الجريء الذي ألهب حماس ''الليبراليين'' و''اليساريين'' عبر العالم- قد شغل منصب رئيس ''نيكاراوجوا'' معظم الثمانينيات؛ وفقد السلطة في ،1990 ولكن بعد 16 عاما في المعارضة، انتُخب رئيسا للبلاد مرة أخرى في ·2006 وعلى مدى سنوات -داخل الحكومة وخارجها- شكلت جبهة ''ساندينيستا'' معقل ''أورتيجا'' الخاص؛ فإذا كان معظم أعضاء ''ساندينيستا'' الآخرين، الذين شدوا انتباه العالم في عقد الثمانينيات، قد قطعوا علاقتهم معه، فإنه سيطر على أجهزة الحزب وبات يمسك بالسلطة مثل ديكتاتور عسكري تقليدي من أميركا اللاتينية؛ وعلى الرغم من انزلاق ''أورتيجا'' الأخير إلى الحكم السلطوي، وعلى الرغم من فشله الذريع في معالجة الاحتياجات العاجلة والماسة لشعبه الفقير، إلا أن طابع ''ساندينيستا'' مازال يمنحه نوعا من التميز والشهرة في بعض الأوساط· بيد أن كل ذلك تغير خلال الأيام الأخيرة؛ ففي الثاني والعشرين من أغسطس الماضي، وفي عملية انتقام سياسي فجة، نفض قاض من ''ساندينيستا'' الغبار عن قضية قديمة كان قد رفعت ضد ''إيرنيستو كاردينال'' -الشاعر ذو الـ83 عاما والذي يعد شخصية محبوبة في نيكاراجوا-، وهو ما أثار احتجاج وغضب عدد من المثقفين عبر العالم، بمن فيهم شخصيات معروفة بولائها التقليدي لـ''ساندينيستا''، على ما اعتبروه محاولة واضحة ومكشوفة من قبل ''أورتيجا'' وأعضاء ''ساندينيستا'' لإذلال ''كاردينا'' ومعاقبته· خلال الأيام القاسية للحكم الثوري وحرب ''كونترا'' في عقد الثمانينيات، شغل ''كاردينال'' -القس والمتخصص في الدين والشاعر- منصب وزير الثقافة في عهد الرئيس ''أورتيجا''، وقام بالكثير لنشر انطباع جيد حول ''ساندينيستا'' عبر العالم؛ أما الذنب الذي يعاقَب من أجله اليوم، فيتمثل في تجرؤه خلال زيارة إلى ''باراجواي'' الشهر الماضي على وصف ''أورتيجا'' بـ''اللص'' الذي يدير ''مَلكية مكونة من بعض عائلات متحالفة مع مصالح سوموزا القديمة''· كان ''كاردينال'' في باراجواي من أجل حضور مراسيم تنصيب الرئيس ذي الميول ''اليسارية'' الجديد لذلك البلد ''فيرناندو لوجو''؛ وقد لقي استقبالا حارا، وبالمقابل، اضطر ''أورتيجا'' إلى إلغاء زيارته بعد أن هدد النشطاء المدافعون عن حقوق المرأة بملاحقته بالاحتجاجات أينما ذهب بسبب اتهامات بأنه استغل ربيبته جنسياً؛ وتذكِّر هذه العاصفة بقصة مماثلة حدثت في مطلع السبعينيات ودفعت العديد من ''اليساريين'' الأميركيين والأوروبيين إلى مراجعة إعجابهم بالزعيم الثوري الكوبي ''فيديل كاسترو'' بعد أن وضع هذا الأخير الشاعر ''إيربيرتو بادييا'' رهن الإقامة المحروسة عقابا له على كتاباته· الأسبوع الماضي، أصدر أكثر من 60 كاتبا وشخصيات ثقافية أخرى من أميركا اللاتينية، عريضة احتجاجية تصف قرار القاضي بأنه ''مناف تماما للقانون''، وترى في ''كاردينال'' بأنه ''أحدث ضحية للمتابعة القضائية الممنهجة الموجهة ضد كل الذين يرفعون أصواتهم للاحتجاج على انعدام الشفافية والحكم السلطوي والسلوك المشين وانعدام الأخلاق، التي أبداها أورتيجا منذ عودته إلى السلطة''· ومن جانبه، قال البرتغالي الفائز بجائزة نوبل ''خوسي ساراماجو'': إنه إذا لم يلغ ''أورتيجا'' الحكم الذي أصدرته المحكمة الأسبوع الماضي، ''فسنعرف أن صفاته الإنسانية والسياسية قد انحدرت إلى الصفر''، مضيفا'' ''مرة أخرى تتم خيانة ثورة من الداخل''· أُمر كاردينال بدفع غرامة تفوق 1000 دولار؛ غير ان هذا الأخير وصف الحكم بأنه ''غير عادل وغير قانوني''، موضحا أنه يفضل الذهاب إلى السجن بدلا من دفع الغرامة؛ ولكن ذلك قد لن يحدث لأن الأشخاص الذين تتجاوز أعمارهم الثمانين عاما لا يُسجنون وفق القانون النيكاراجوي؛ ولكن رغم ذلك، إلا أن هذه الحلقة الجديدة أزالت ربما آخر هالة رومانسية كانت تحيط بجبهة ''ساندينيستا''· ستيفان كينزر صحفي أميركي ينشر بترتيب خاص مع خدمة لوس أنجلوس تايمز وواشنطن بوست
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©