الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

ماكين... الاستثمار السياسي للتطورات العراقية

ماكين... الاستثمار السياسي للتطورات العراقية
7 سبتمبر 2008 01:35
كان السيناتور ''جون ماكين'' مقتضباً للغاية عندما سئل في شهر فبراير الماضي عما سيحدث في الانتخابات العامة إذا فشل في إقناع الأميركيين بأن الجهود المبذولة حالياً في العراق كُللت بالنجاح، حينها رد قائلا: ''سأخسر الانتخابات''، لكنه سرعان ما تدارك نفسه وأحجم عن الإسهاب في الرد؛ اللافت أنه في ذلك الوقت وقبل تحسن الوضع الأمني في العراق لم يكن أحد يتوقع سواء ''ماكين'' أو الرئيس ''بوش'' -الذي كثيراً ما انتقده المرشح الجمهوري لعدم إرساله ما يكفي من الجنود إلى العراق- أن الأمور ستنقلب إلى صالحهم بهذه الطريقة ويتزامن ذلك مع انعقاد مؤتمر الحزب الجمهوري ؛ لكن إقدام القوات الأميركية على تسليم المسؤولية الأمنية في محافظة ''الأنبار'' إلى قوات الأمن العراقية، وهي التي كانت إحدى أعنف المناطق العراقية ومعقلا معروفاً للمتمردين، يأتي في الوقت المناسب ليخدم مصالح الرجلين؛ فمن جهة تتيح التطورات الأخيرة للرئيس ''بوش'' الإعلان بأنه بعد خمس سنوات من الغزو بدأ العراق يدخـل مرحلة الاستقرار، كما ستسمح من جهة أخرى للمرشح الجمهوري التأكيد على أنه كـــان أول مـن دعـــا إلى رفـع عــدد القـــوات الأميركيــة في العراق وتغيير الاستراتيجية الأمنية· وبالطبع لم يتطرق ''بوش'' إلى خلافـــه المستحكـــم مع ''ماكين'' حول الرفع من عدد القوات في العراق عندما وجه خطابه إلى المشاركين في مؤتمر الحزب الجمهوري يوم الثلاثاء الماضي؛ وفي معرض مساندته لـ''ماكين'' قال ''بوش'': ''لقد حذره البعض من أن موقفه المبكر والمستميت الداعي إلى رفع القوات سيهدد حملته الرئاسية، لكنه رد عليهم بأنه يفضــل خسارة الانتخابات على أن تخسر بلاده الحرب؛ وهذه هي الشجاعة والرؤية التي نحتاجهما لدى قائد القوات المسلحة المقبل''؛ ومن المرجح، كما يؤكد ذلك مساعدو ''ماكين''، أن تتحول التطورات الجديدة في العراق والنجاح النسبي على الصعيد الأمني إلى موضوع أساسي في حملته الانتخابية؛ لكن باستثناء العراق لا توجــد مساحــات واسعة من التوافق بين الرئيس ''بوش'' و''ماكين''، ففيما ينوي المرشح الجمهوري التركيز في حملتـــه الانتخابيـــة على الدعـــوة إلى الحد من الاعتماد على نفط الشرق الأوسط، يرى مستشاره السياسي ''دوجـــلاس هولز-إيكــن'' أن هذا الموقف يتقاطـــع مع رؤية المرشح الديمقراطي ويشبه إلى حد كبير الدعوات التي أطلقها ''أوبامــا''· ومع أن الرئيس ''بوش'' يصف لنفسه و''ماكين'' أنهما يحملان مواقف متطابقة حول العراق، إلا أنه في الحقيقة يعيد كتابة التاريخ بصورة مختلفة عما شاهدناها عليه؛ فلطالما رفض البيت الأبيض الدعوات التي كان يطلقها ''ماكين'' منذ خريف 2003 للرفع من عدد القوات في العراق، حيث أصرت الإدارة الأميركية وقتها على أن يتصرف الرئيس بناء على نصائح القادة الميدانيين؛ لكن ''ماكين'' الذي كان يقوم بزيارات منتظمة إلى العراق أكد في كل مرة عاد فيها إلى واشنطن أن القادة الميدانيين في حاجة إلى المزيد من الجنود، كما كان دائم الانتقاد لوزير الدفاع السابق ''دونالد رامسفيلد''، معتبرا أنه ''عديم المسؤولية'' لحثه تسليم المهام الأمنية بسرعة إلى العراقيين؛ والأكثر من ذلك أن ''ماكين'' لم يكن متأكداً من أن الرئيس ''بوش'' على علم بجميع التفاصيل حول الحرب في العراق، حيث وصفه في إحدى المرات بأنه يعيش حالة انفصال تمام عما يجري في العراق، وغير مدرك لواقع الحرب التي تخوضها القوات الأميركية؛ ولم يصل الرجلان إلى توافق بينهما إلا بعدما استقال ''رامسفيلد'' من منصبه إثر انتخابات الكونجرس للعام 2006 التي دفعت نتائجها ''بوش'' إلى إقالة وزير دفاعه وإقرار خطة الرفع من عدد القوات التي كان يطالب بها ''ماكين''· وتكتسي الخطوة الأخيرة في العراق بتسليم المسؤولية الأمنية في محافظة الأنبار للعراقيين أهمية كبيرة في النقاش السياسي الدائر مع ''باراك أوباما''، لا سيما وأن الجدل يرتكز على الماضي أكثر منه على الخطوات التالية؛ فقد حرص ''أوباما'' في خطابه أثناء مؤتمر الحزب الديمقراطي في ''دنفر'' على التذكير بموقفه التقليدي المعارض للحرب في العراق منذ البداية؛ أما ''ماكين'' فقد رجع إلى موقفه السابق المؤيد للحرب لكن مع إرسال قوات كافية لتحقيق النصر، مؤكدا أنه لولا سياسة ''بوش'' و''رامسفيلد'' لنجحت أميركا في حربها؛ ويخطط مساعدو ''ماكين'' لجعل عملية تسليم الملف الأمني للعراقيين في الأنبار نقطة الارتكاز في نقاشهم مع ''أوباما'' خلال الحملة الانتخابية· وقد كان لافتا أنه أثناء مؤتمر الحزب الديمقراطي الأخير لم يؤتَ على ذكر خطة رفع القوات الأميركية في العراق، أو نجاحها في استتباب الأمن، حيث ركز ''أوباما'' على موقفه التقليدي الداعي إلى انسحاب مدروس للقوات الأميركية من العراق؛ ومع ذلك لا يتوقع أحد سواء من مساعدي ''ماكين''، أو ''أوباما'' أن يحتل موضوع تحديد جدول زمني للانسحاب حيزاً كبيراً من النقاش بين الطرفين كما كان عليه الأمر في الربيع الماضي؛ والسبب واضح كما أشار إلى ذلك أحد مستشاري ''ماكين'' في السياسة الخارجية بقوله: ''الحقيقة أن رئيس الوزراء، المالكي، أعلن انسحاب جميع القوات الأميركية بحلول ،2011 ولا أعتقد أن ماكين سيطالب ببقاء القوات أطول من ذلك''· ديفيد سانجر- واشنطن ينشر بترتيب خاص مع خدمة نيويورك تايمز
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©