الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

«برودكاست»

22 يونيو 2010 20:25
خبر عاجل: هروب ذئاب مفترسة من حديقة حيوانات، انشر..)، ( هبوط اضطراري لطائرة في المنطقة الغربية.. برودكاست)، (يا جماعة القصة حقيقية أرجوكم انشروها، شغالتنا هربت ومعاها ولد اختي، اتصلوا على زوج أختي وهذا رقمه! برودكاست بليز). النداءات الإنسانية السابقة، والأخبار المذهلة المفاجئة التي قرأتوها ليست إلا غيضاً من فيض أكاذيب» البرودكاست» وهي كلمة (بلاكبيرية) اكتفى جمهور البلاك بيري العريض بترديدها كما هي دون أن يبحثوا لها عن كلمة عربية، رغم أنها تعني ببساطة « بث» وإذاعة ونشر خبر لمختلف الجهات. «البرودكاستات» وهي جمع مؤنث مبتكر للكلمة أعلاه صارت تنتشر بضغطة زر، ولم يعد أصحاب هواتف البلاك بيري يتنافسون على شيء أكثر منها، ما جعلها وسيلة سهلة للضاحكين على الذقون يبثون عبرها أكاذيب وشائعات وتلفيقات، بينما يقوم عدد كبير من البسطاء ومحدودي التفكير بنشرها دون محاولة التعمق لحظة في المضمون وتحليله. في اليوم الثاني بعد كل برودكاست غريب نجد خبراً يكذبه في الصحف، مثل خبر هروب الذئاب، اضطرت الجهات المعنية لنفي الخبر في الجرائد، ولم يعجب ذلك مطلقو الشائعة فردوا عبر «برودكاست» آخر يحوي صور رجال تعرضوا لهجوم تماسيح وعنونوه بعبارة( صور عمال تعرضوا لهجوم الذئاب) ! وكأنهم يقولون سنستمر في الكذب إلى ما لا نهاية. ما يحز في القلب أن هناك أناساً يحسب عليهم إرسالهم لرسائل الشائعات تلك، أناساً مثقفين عقلاء لهم وزن واحترام في المجتمع، لكنهم لا يتوانون لحظة عن إرسال الرسائل الغربية هذه، وكأن صدمة الشائعة أو صعوبتها على التصديق تشل حاسة التفكير المنطقي عندهم فيعيدون إرسالها مساهمين بقوة في انتشارها، على اعتبار أنهم «مصدر موثوق» للأخبار. يخلط معظم الناس بين الخبر والشائعة، فالاثنان قابلان للتصديق، لكن الخبر يستند على مصدر موثوق وحقيقة بينما لا تستطيع الشائعة ذلك، فتبقى للتصديق دون مصدر. ومع أن الشائعات وسيلة بدائية جداً لنشر القصص شفوياً منذ بدء تكون المجتمعات الإنسانية، إلا أنها اليوم صارت مكتوبة وإلكترونية بعدما صار « البلاك بيري» محتضنها الأول، وأعطي «للمتفذلكين» خواص إضافة صور مركبة وروابط وهمية إليها، لتصبح شائعات البلاك بيري العدو الأبرز للعقول هذه الفترة، لأن شائعات برغم تفاهة فكرتها تبقى سلاحاً قاتلاً يحارب معنويات الناس وعقولها، يزرع جزعاً وهلعاً ويبث أفكاراً مسمومة. على العقلاء والمتعلمين منا الإسهام في ردع الشائعات، عن طريق التحقق من مصادر الأخبار الحقيقية أو وسائل الإعلام الرسمية، وبالطبع الكف عن نشر أي خبر نشك في تفاصيله أو يحوي على تفاصيل شخصية لأناس لا نعرفهم مثل أرقام هواتفهم أو أسمائهم، وفي هذا لنا حديث آخر يوم الجمعة.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©