السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

في قلب الكارثة

19 ابريل 2011 20:03
أخذني زلزال اليابان وتداعياته التي ظهرت على شكل موجات مد عاتية أو ما يسمى بتسونامي إلى منطقة ما في ذاكرتي لا تزال تحمل الألم والخوف والذهول والضياع؛ فقد ذكرني ما حدث في اليابان من أهوال بلحظات شبيهة عايشتها في أتون كارثة مشابهة، عندما وجدت نفسي في خضم موقعة بين البشر وغضب الطبيعة، شاهدت تطاير الناس في الهواء وتبعثرهم إلى أشلاء بفعل انتقام الطبيعة وتوقفت كثيرا عند بعض من تلك المشاهد التي لا تزال تقض مضجعي لدرجة منعتني من الكتابة عنها لأنها تحولت إلى كوابيس تطاردني كلما وضعت جنبي للنوم بالرغم من وجود شغف كامن في العقل الباطن نحو تسجيل تلك اللحظات الرهيبة العصيبة التي كان من الممكن أن تتحول إلى عمل إعلامي وإلى مجد صحفي. عشت أهوال لحظات عصيبة في أتون موجات المد العاتية التي أغرقت تايلاند في عام 2004 كنت يومها في بلدة فوكيت الساحلية الساحرة التي باغتها الطوفان وقد كانت لا تزال تغط في نوم عميق بعد ليلة سهر طويلة على شواطئ المحيط الهندي، كنت قد انتهيت من مهمة عمل عاجلة في العاصمة، وذهبت لبعض الوقت المستقطع في تلك البلدة الوادعة المسترخية التي شاء القدر أن تتحول إلى مركز للأحداث ويتحول وقتي المستقطع فيها إلى مهمة عمل طارئة في قلب الحدث. ?شعرت يومها بأنني أمام تحد حقيقي، أمام صراع من أجل البقاء على قيد الحياة أولا وقبل كل شيء، غير أنني وأنا في خضم تسارع الأحداث، وفراري للنجاة بنفسي من الموت المحقق وجدتني أسجل التفاصيل بعيني محاولا تصويرها في ذاكرتي لوصفها لاحقا في قصصي الإخبارية عندما أصل إلى بر الأمان. عندما أفكر في تلك اللحظات العصيبة أوقن أن ذلك ضرب من الجنون، فالحياة أغلى من الالتفات إلى التفاصيل في الأوقات الحرجة وفي لحظات الكوارث المميتة، عندما وصلت يومها إلى سطح الفندق المكون من سبعة طوابق والذي كنت أقيم فيه أيقنت أنني كنت على وشك الموت وأيقنت أنني لا أزال في خضم الخطر المحدق، الأمواج العاتية لم تتلاش بعد، لا تزال تحول كل شيء في طريقها إلى حطام. وجدت نفسي متبعثرا إلى درجة التمزق، ووجدتني أفكر في نفسي الشغوفة بهذه المهنة، فحتى في لحظات الموت التي أصارع فيها من أجل البقاء ثمة مساحة للتفكير في القصة الإخبارية، بل وكانت لدي النية للكتابة لو توفرت لدي الأدوات، أي جنون ذلك وأي مجد صحفي يمكن تحقيقه عندما يموت المرء في سبيل حبه لعمله. rahaluae@gmail.com
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©