الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

لماذا نخاف من الفرح؟

لماذا نخاف من الفرح؟
19 ابريل 2011 19:54
كثيراً ما نردد “اللهم اجعله خيراً” أو “الله يعطينا خير هذا الضحك”، عندما نفرح ونبتهج ونضحك، وكأن الضحك سوف يسبب أو يعقبه شر، ويأتي الدعاء لدرء ذلك الشر أو تعويذة ضده. وكثيراً ما نقول: “كدت أن أموت من الضحك” وكأن الضحك مقترن بالموت أو قريباً منه. ويقول المثل العربي القديم “كثرة الضحك تذهب المهابة”، أي تفقد الرجل هيبته ومنزلته ووقاره. وكأن الوقار والهيبة تستلزم التكشير وتقطيب الحاجبين غالباً. وفي أحيان أخرى يتحول الفرح إلى حزن أو “العرس إلى مأتم” بسبب إطلاق الرصاص في الهواء احتفالاً وفرحاً، ويصاب شخص ما من جراء ذلك، أو أن يقع خلاف بين أهل العريس والعروس ويظهر الخلاف إلى العلن ويتحول إلى شجار وعراك. يوضح الدكتور حسان المالح أبعاد هذه الحالة، ويقول: “إن كل ما سبق فيه مبالغة واستثناء ولا يشكل القاعدة العامة المرتبطة بالفرح والسرور والضحك. ويمكن لمريض القلب أو من لديه استعداد مرضي في القلب، أن يصاب بنوبة قلبية في حالة الضحك الشديد أو بعد سماع نبأ مفرح جداً. ويفسر ذلك طبياً على أنه صدمة انفعالية شديدة يمكن أن تكون مؤذية. والضحك عموماً شعور لذيذ وممتع ومنعش ويبعث على السرور والرضا، ولا يسبب نوبة قلبية أو فقداناً للوعي إلا في حالات معدودة استثنائية. فالاعتدال والتوازن مطلوبان في كل الأمور ومنها الأمور الانفعالية والمزاجية. ويتعلم الإنسان أن يتعامل مع انفعالاته المتنوعة وأن يعبر عنها بشكل أفضل من الأشخاص الأصغر سناً أو الأطفال. الذين لا يستطيعون التحكم بانفعالاتهم أو لا يعبرون عنها بشكل متوازن وناضج وصحيح. ومما لا شك فيه أن في تاريخنا وتراثنا مآس كثيرة وهزائم وحروب وصراعات مؤسفة، وفيه بكاء على الأطلال وعلى الأمجاد الغابرة. وفي عصرنا الحالي تخلف وفقر ومرض وتبعية واستعمار وحروب وعدم استقرار ومشكلات اجتماعية واقتصادية وسياسية متنوعة. وكل ذلك يمكن أن يشكل استعداداً للاكتئاب واليأس والنظرات السوداوية في داخلنا. كما يمكن له أن يؤسس لثقافة سلبية وسلوكيات مضادة للحياة وأفراحها” .. ويضيف الدكتور المالح: “الاكتئاب مرض واضطراب نفسي طبي واسع الانتشار في جميع المجتمعات. وله أسبابه الوراثية والكيميائية والتكوينية والتربوية والحياتية. ويقدر انتشار نوبات الاكتئاب الأساسي بعشرة في المئة من السكان وفقاً للإحصائيات الغربية. وهناك أنواع أخرى من الاكتئاب مثل الاكتئاب الخفيف المزمن أو ما يسمى عسر المزاج، والاكتئاب المقنع والذي يتظاهر بعدد من الشكاوى والأعراض الجسمية تشبه الأمراض العضوية ولا يتبين أي سبب عضوي لها، وأيضاً تنتشر في بلادنا اضطرابات تالية للصدمات المتنوعة الشديدة ذات أعراض اكتئابية وقلق ومخاوف. فإن كثيراً ممن يعانون الاكتئاب لا يعالجون بشكل صحيح ومناسب. وبعضهم لا يعرف أنه مصاب بالاكتئاب على الرغم من توافر الخدمات النفسية. مما يطرح أهمية الوعي الصحي النفسي وتعميقه، وأهمية الاهتمام بالخدمات النفسية وتطويرها وتحسين أدائها وتأثيرها في المجتمع. وبالتالي ضرورة علاج حالات الاكتئاب المتنوعة بالشكل الصحيح والمناسب. ولا بد من حل المشكلات أو السير في طرق حلها ومواجهتها دون الهروب منها. ولا بد من الواقعية والنظرة المتوازنة للحياة بأفراحها وأحزانها. ولا بد من تعديل الأفكار السلبية والسوداوية المبالغ فيها. وهناك أفراح كبيرة مرتبطة بتحقيق أحلام كبيرة، وهناك أفراح صغيرة مرتبطة بتحقيق أمنيات وأهداف اعتيادية قريبة المنال، ولا يمكننا أن نؤجل أفراحنا للمستقبل البعيد، حيث يمكن أن تتحقق أحلامنا الكبيرة. ولا بد لنا من البحث عن الفرح والضحك والحياة باستمرار. دون إفراط أو تفريط”.
المصدر: أبوظبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©