السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

«الأميركيون الحقيقيون» يضرون بأميركا!

20 يونيو 2017 22:24
في ما يتعلق بموضوع الهجرة، أعترف بأنني من الكتاب الأشد تأييداً للترحيل. ذلك أن الولايات المتحدة لديها الكثير من الأشخاص الذين لا يعملون بجد، ولا يسهمون بالكثير في المجتمع، ولا يقدّرون عظمة النظام الأميركي. وينبغي عليهم أن يعودوا من حيث جاؤوا. إنني أتحدثُ عن الأميركيين الذين تعيش عائلاتهم في هذا البلد منذ بضعة أجيال. ذلك أنهم كسالى ومتقاعسون، ويستفيدون من البرامج الاجتماعية، وكثيراً ما يجهلون لحد صادم أبسط نقاط القانون والتاريخ الأميركيين، إنهم البركة الراكدة التي يمكن أن تغرق فيها آفاقنا الوطنية. والواقع أن الأميركيين من غير المهاجرين يخذلون هذا البلد في كل المواضيع تقريباً، سواء من حيث معدل الجريمة، أو من حيث التحصيل التعليمي، أو من حيث التدين، أو من حيث الابتكار في مجال التجارة والأعمال. وفضلاً عن ذلك، فإن معدل الولادات خارج الزواج بالنسبة للأمهات المولودات في الولايات المتحدة يفوق المعدل الخاص بالأمهات المولودات في الخارج، 42 في المئة مقابل 33 في المئة. كما أن معدل الانحراف والجريمة بين المراهقين غير المهاجرين يفوق بشكل مهم معدل أقرانهم المهاجرين. وإضافة إلى ذلك، فقد وجد تقرير من قبل مركز «ذا سانتسينغ بروجيكت» («مشروع العقوبات القضائية») أدلة تفيد بأنه أنه كلما زاد عدد المهاجرين في أحد الأحياء، كلما قلّ احتمال أن يكون الحي غير آمن. وعلاوة على ذلك، هناك العامل الديمغرافي المهم جداً. ذلك أن السباق من أجل المستقبل هو في نهاية المطاف سباق من أجل الأشخاص – أشخاص أصحاء، في سن العمل، وقادرون على الإنجاب - والأميركيون غير المهاجرين يخذلوننا هنا أيضاً؛ حيث يقول مركز بيو للأبحاث في هذا الصدد: «إن الزيادة في العدد الإجمالي للولادات الأميركية، من 3.74 مليون نسمة في 1970 إلى 4.0 مليون نسمة في 2014 إنما تعود بالكامل إلى ولادات لأمهات مولودات في الخارج». ولولا هؤلاء الأمهات المهاجرات، لواجهت الولايات المتحدة دوامة الموت الديمغرافي نفسها التي تواجه اليابان. والخلاصة هي أن من يسمون «الأميركيين الحقيقيين» يضرون بأميركا. وربما ينبغي عليهم أن يَرحلوا، وذلك حتى نستطيع استبدالهم بالأميركيين الجدد والأحسن، ونقصد بذلك القادمين الجدد الأكثر تقديراً لما تقدّمه الولايات المتحدة، والذين يحدوهم طموح أكبر من أجل أنفسهم وأطفالهم، ومستعدون أكثر للتضحية من أجل المستقبل. بعبارة أخرى، أشخاص من النوع الذي كنا نمثله في الماضي – عندما نزلنا من السفينة لتوّنا. حسنا، إنني أمزح حول ترحيل جماعي لـ«الأميركيين الحقيقيين». ولكن التهديد بترحيل جماعي ليس مزحة بالنسبة لهذه الإدارة. فيوم الخميس، بدت وزارة الأمن الداخلي مستعدة لتمديد برنامج لإدارة أوباما يسمح لأبناء المهاجرين غير الشرعيين – نحو 800 ألف شخص إجمالاً – بمواصلة الدراسة والعمل في الولايات المتحدة. وكان القرار سيعكس أحد أسوأ تهديدات حملة دونالد ترامب الانتخابية بترحيل هؤلاء الأطفال، الذين كانت جريمتهم الوحيدة هي أنهم جُلبوا إلى الولايات المتحدة من قبل آبائهم. غير أن الإدارة الحالية مازالت ملتزمة بترحيل آبائهم، ويوم الخميس أعلنت وزارة الأمن الداخلي أن حتى القانون الذي يعفيهم مازال قيد البحث - وذلك في تطورِ قاس آخر بالنسبة للمهاجرين الصغار الذين يتساءلون حول ما إن كانوا سيرحَّلون إلى «بلدانهم الأصلية»، بلدان بالكاد يعرفوها وربما لا يتحدثون سوى بضع كلمات من لغتها. بيد أنه علاوة على أن العبث بحيوات الناس بهذه الطريقة غير مقبول من الناحية الإنسانية، فهو أيضاً يعكس قصر نظر. ذلك أننا لا نجد السعادة عادة عبر ترحيل الأشخاص الذين يحبوننا. والشركات لا تزدهر في الغالب عبر طرد أفضل موظفيها. وعليه، فكيف لأميركا أن تصبح عظيمة من جديد عبر توبيخ وطرد أكثر الأشخاص حماساً ومبادرة للعمل، واحتراماً للقانون، وإحداثاً للوظائف، وإبداعاً للأفكار؟ لأنني أنا ابن مهاجرين ونشأتُ في الخارج، فإنني كنت دائماً أنظر إلى الولايات المتحدة باعتبارها بلداً للقادمين الجدد أولاً – الأشخاص الذين يكدون ويعملون بجد وتفان أكثر من غيرهم حتى يصبحوا جزءاً منه لأنهم يقدّرون قيمته حق قدرها ولا يألون جهداً من أجل إعادة صنعه حتى تظل أفكارنا وجاذبيتنا جيدة وجديدة. إن هذا نوع من الكليشيهات، ولكن في عهد ترامب لا بد من تأكيد هذا وشرحه من جديد. فنحن بلد مهاجرين – من المهاجرين ومن أجل المهاجرين أيضاً - والأميركيون الذين لا يفهمون ذلك ينبغي عليهم أن يرحلوا! *معلق سياسي أميركي ينشر بترتيب خاص مع خدمة «نيويورك تايمز»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©