الثلاثاء 16 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

في أفغانستان... التعليم يُختبر

17 نوفمبر 2009 23:47
يوم الأحد، برى 42 ألف معلم أقلامهم عبر أفغانستان استعدادا لخوض اختبار خاص، أما الهدف، فهو تقييم كفاءاتهم ورفع رواتبهم إذا سجلوا معدلات جيدة، كما من شأن هذا الاختبار، الذي يعد الأول من نوعه في أفغانستان، أن يعبد الطريق لدفعة للتمويل الدولي لقطاع التعليم هنا، حيث معلم واحد فقط من أصل أربعة بلغوا مرحلة أعلى من مرحلة التعليم الثانوي. وفي ظل تدني الرواتب لدرجة دفعت العديد من المعلمين للبحث عن وظيفة ثانية من أجل توفير قوت أسرهم، ينفر معظم الأفغان المتعلمين من الأقسام الدراسية لأن الحكومة غير قادرة على توفير رواتب أكثر ارتفاعا، في وقت يرفض فيه المانحون الدوليون المرتابون دعم زيادة الرواتب بدون قدر أكبر من الشفافية بخصوص مدى مهارة المعلمين حقا. والحال أن تحسين مستوى المعلمين أمر ضروري وأساسي من أجل تحقيق السلام في أفغانستان – ليس فقط من أجل خلق فرص اقتصادية أفضل بالنسبة للجيل المقبل- ذلك أن المعلمين يشكلون ثلثي الموظفين الحكوميين ويعدون حلقة أساسية ومهمة بين حكومة مركزية ضعيفة والمناطق الريفية. وفي هذا الإطار، يقول "صديق أمرخيل" -المتحدث باسم وزارة التعليم-: "إذا كانت حياة المعلمين جيدة، فإنهم سيعتبرون أنفسهم جزءا من هذه الحكومة وسينصحون الناس بعدم القيام بمشاكل، وهو ما سيساعد الأمن"، مضيفا "وبهذه الطريقة، يمكن إزالة المسافة بين الناس والحكومة". "عبد الكبير معلم" من إقليم بانجير، يُظهر كيف يمكن لمعلم متعلم أن يؤثر في الأمن المحلي، حيث يقول إن زميلين فقط من بين 35 معلما في مدرسة بيزوراك الثانوية يتوفرون على شهادة الإجازة؛ وبالتالي، فإن الأمر بالنسبة لتلاميذ المدرسة الـ1200، يشبه تعلق غريق بغريق. وتقع المدرسة حيث يعمل "عبد الكبير" في براخ -عاصمة واحد من أكثر الأقاليم الأفغانية أمنا ولا تبعد سوى ساعتين بالسيارة عن سكان كابول المتعلمين-؛ غير أن الأمور توترت بشكل مفاجئ في وادي بانجير بسب انتشار مشاعر الغضب من إعادة انتخاب الرئيس حامد كرزاي، وكانت الحكومة الأفغانية قد أمرت بإغلاق المدارس لفترة ثلاثة أسابيع، ظاهريا بسبب إنفلوانزا الخنازير؛ غير أن "عبد الكبير" وآخرين يقولون إن القرار -الذي أعلن عنه بعد يوم واحد على انسحاب منافس كرزاي– هو محاولة لمنع التلاميذ من تنظيم احتجاجات في أعقاب الانتخابات المطعون فيها. وعلى رغم كره "عبد الكبير" للطريقة التي أجريت بها الانتخابات، إلا أنه يحجم عن التحدث في السياسة بالمدرسة، ويقول: "إنني أبذل ما في وسعي حقا من أجل تعليم التلاميذ المواد الدراسية"، مضيفا "لقد مرت أفغانستان بعقدين من الحرب، ونتيجة لذلك، فإن معظم الناس غير متعلمين اليوم؛ ولكنني أفعل ما في جهدي لتدريبهم، وأتمنى أن أراهم ذات يوم وقد أصبحوا جميعا قادرين على القراءة والكتابة". والواقع أن حقيقة أنه لا يوجد معلمون كثيرون من مثل "عبد الكبير" أمر له علاقة قوية بالأجور التي يتقاضاها المعلمون: ذلك أن المدرِّسين الذين بلغوا مرحلة التعليم الجامعي يتلقون 104 دولارات في الشهر، مقابل 94 دولارا بالنسبة لمن لم يبلغوه، كما يقول. "وهذا مبلغ غير كاف بالنسبة لعائلة"، يضيف "عبد الكبير" الذي يقول إنه يستطيع تدبر أحواله بفضل متجر الهواتف المحمولة الذي يملكه، "إن الجميع يغادرون المنطقة من أجل إيجاد وظيفة أخرى" والكثيرون يتوجهون إلى مكاتب الشركات والمنظمات غير الحكومية. وقد بلغ إحباط شيوخ وأعيان المنطقة من "هجرة الأدمغة" مبلغا إلى درجة أنهم خصصوا ما يكفي من المال لدفع رواتب بـ300 دولار على أمل جذب واستمالة معلم متعلم من كابول، كما يقول "راح الله يوسفي" -وزير الثقافة في الإقليم- والذي يضيف: "حينما يتخرج التلاميذ من الصف الثاني عشر، فإنهم لا يستطيعون النجاح في الجامعة (أو حتى) اجتياز اختبار" الدراسة فيها "لأنهم لم يتلقوا تعليما جيدا". والجدير ذكره هنا أن المجتمع الدولي ركز، بعد الإطاحة بنظام طالبان في 2001، على إعادة الأطفال إلى المدرسة -وبخاصة الفتيات- حيث ارتفع تسجيل التلاميذ من 1.1 مليون في 2001 إلى 6.8 مليون اليوم، فيما ارتفع عدد المعلمين من 20 ألفا إلى أكثر من 160 ألفا؛ غير أنه خلال هذه الفترة، لم يكن ثمة عدد كبير من المعلمين المتعلمين متوفرا، ما يعني أن معايير التوظيف لم تكن مرتفعة، كما يقول "مستعين جويا" -الذي يركز على التعليم في أفغانستان لحساب البنك الدولي- بقوله: "بعض المعلمين لا يذهبون إلى المدارس بحماس؛ ويقومون بتعليم التلاميذ في نصف الدوام؛ ويذهبون إلى أعمال ووظائف أخرى لتغطية نفقاتهم خلال النصف الثاني من يومهم"، مضيفا أنه إذا كان المانحون الدوليون يعترفون بالحاجة إلى رواتب أكثر ارتفاعا من أجل الحصول على معلمين أعلى جودة، فإن هؤلاء المانحين يريدون أيضا "نوعا من الشفافية" بخصوص المعلمين الجيدين، ومن هنا جاءت فكرة الاختبار الذي أجري يوم الأحد. ينشر بترتيب خاص مع خدمة «كريستيان ساينس مونيتور»
المصدر: أفغانستان
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©