الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

شركات الأموال... «السقوط المنظم»

17 نوفمبر 2009 23:47
توظف شركتنا "جيه. بي. مورجان شيز" ما يزيد عن 220 ألف موظف، وتخدم ما يزيد عن 100 مليون زبون، وتقرض مئات الملايين من الدولارات كل يوم، وتجري عمليات في 100 بلد تقريبا. ولكن إذا ما عرّضت ظروف غير متوقعة شركتنا لخطر السقوط فلا بد من السماح لنا بحرية السقوط؛ فكما قال وزير الخزانة الأميركي" تيموثي جيثنر" مؤخرا: "ليس هناك نظام مالي يقدر على العمل بكفاءة إذا ما كانت المؤسسات المالية والمستثمرون يفترضون أن الحكومة سوف تحميهم من عواقب الفشل"، وفي رأيي إن مصطلح" أكبر من أن يسقط" يجب أن يختفي من مفرداتنا. ولكن إنهاء عصر "أكبر من يسقط" لايعني وضع حد أقصى لنشاط شركات الخدمات المالية، وإنما يعني إرساء نظام ثابت للوائح والقوانين، يسمح للمؤسسات المالية بالوفاء بحاجات المستهلكين الفرديين والمؤسسين، وضمان أن السماح بالسقوط هذا سيتم بطريقة لا تعرض دافعي الضرائب والاقتصاد برمته للخطر. إنشاء البنية اللازمة للسماح بالسقوط المنظم للمؤسسات المالية الكبيرة، يبدأ بمنح المنظمين والمشرعين السلطة اللازمة التي تمكنهم من اتخاذ التدابير التي تيسر عملية السقوط عندما تحدث. بموجب هذا النظام من المفهوم أن حملة أسهم البنوك الفاشلة سيفقدون قيمة أسهمهم، وأن الدائنين غير المؤمّنين سوف يكونون في وضعية الخطر، بل وقد يتم الإطاحة بهم إذا ما كانت هناك حاجة لذلك؛ ويجب أن يكون هؤلاء المشرعون والمنظمون قادرين على حل الإدارات التنفيذية، ومجلس الإدارة وتصفية الأصول، كما يجب على هؤلاء الذين انتفعوا من سوء إدارة المخاطر، أو الذين غامروا بتحمل مخاطر مبالغ فيها، أن يشعروا بالألم الناتج عن السقوط. وتأسيس سلطة الحل والتصفية هذه، سيتطلب تشريعا ذكيا، يعزز القدرة على التنبؤ في أثناء عملية الحل، كما سيتطلب إجراءات سليمة لإدارة الخطر، وإلى توفير أرض محايدة بين المؤسسات ذات النماذج التجارية والعملية المتماثلة، وإلى تعاون دولي كفؤ، لأن التداعيات المترتبة على المؤسسات المالية الكبرى سوف تكون عالمية النطاق. هذا بالطبع أمر شاق ولكنه يستحق التحدي؛ والبدائل ـ وأي منها غير مقبول بالمناسبة ـ لن يترتب عليها من نتيجة سوى إدامة فكرة "أكبر من أن يسقط" المفلسة سياسيا، واقتصاديا، وأخلاقيا، أو وضع حدود اصطناعية على زيادة حجم المؤسسات المالية الأميركية. وكما رأينا بوضوح عبر السنوات القليلة الماضية، فإن المؤسسات المالية بما في ذلك تلك التي تعتبر" أكبر من اللازم"، يمكن أن تمثل أخطارا جسيمة على التماسك الداخلي لأسواقنا. ووضع حد أعلى على حجم المؤسسة المالية لن يمنع هذا الخطر، فالذي يستطيع أن يمنعه هو السلطة المكّونة بطريقة صحيحة، التي يمكن أن تساعد على وقف انتشار فشل شركة ما إلى شركة أخرى، ومن ثم إلى الاقتصاد الأكبر. وعلى الرغم من أن استراتيجية الحدود الاصطناعية قد تبدو صحيحة، إلا أنها في الحقيقة يمكن أن تؤدي إلى تقويض أهداف الاستقرار الاقتصادي، وتوفير الوظائف، والخدمات السلعية، التي يحاول مشرعو القوانين الترويج لها. دعنا نكون واضحين حيال هذه النقطة ونقول: يجب على البنوك ألا تكون كبيرة من أجل أن تبدو كذلك فحسب، لأن المهم إضافة إلى كبر الحجم أن تكون إدارتها جيدة. وكما رأينا في العديد من الصناعات، فإن الشركات التي تنمو، أو تحرص على النمو من أجل النمو في حد ذاته، أو تلك التي تتوسع في مناطق ومجالات تقع خارج نطاق نشاطها المعتاد، أو خارج استراتيجيتها العملية الجوهرية، لا بد أن يكون مآلها التعثر والإخفاق في نهاية المطاف؛ ومن الناحية الأخرى، نجد أن احتمال نجاح الشركات التي تبني نطاقا لمنافع المستهلكين وحملة الأسهم يكون كبيرا عبر الوقت. ولفهم الأضرار التي يمكن أن تترتب على وضع حد أعلى للتوسع الذي يمكن أن يبلغه حجم المؤسسات المالية، علينا أن ننظر إلى الأمثلة الخاصة ببعض الشركات الأميركية الكبرى التي توظف ملايين الأميركيين وتعمل في عدة مناطق حول العالم، فهذه المشروعات العالمية تحتاج إلى شركاء للخدمات المالية لديهم القدرة على أداء صفقات متنوعة على مستوى كبير، وعلى تقديم نطاق كامل من المنتجات والخدمات بالمليارات. وليس الشركات الكبرى المتعددة الجنسيات هي التي تعتمد فقط على هذا النطاق الكبير؛ فشركة "جيه بي مورجان تشيز" وغيرها يقدمون الدعم إلى الولايات والمحليات وكذلك إلى الشركات والمؤسسات من كافة الأحجام. من الحيوي للغاية أن يعمل صناع السياسات وأصحاب المصلحة في نظامنا المالي بالتعاون معا من أجل إجراء إصلاح شامل لبنيتنا التنظيمية بطريقة متعقلة وجيدة؛ فمن الواضح أن هناك حاجة ماسة لتحديث نظامنا التشريعي المالي، لأن العديد من القواعد والأنظمة التي تحكم أعمالنا وأنشطتنا المالية قد تم وضعها منذ 70 عاما أو ما يزيد عن ذلك. باختصار يمكن القول في النهاية إن النمو الاقتصادي العالي يتطلب خدمات المؤسسات والشركات المالية الكبيرة، كما يحتاج أيضا إلى السماح للمؤسسات المالية الكبرى بالسقوط المنظم إذا ما كانت هناك ضرورة لذلك. رئيس مجلس إدارة جيه. بي. مورجان شيز ينشر بترتيب خاص مع خدمة «لوس أنجلوس تايمز وواشنطن بوست»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©