الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

موسم الحج ينعش المدونات بالذكريات ويجمع مسلمي العالم تحت سقف التوبة

موسم الحج ينعش المدونات بالذكريات ويجمع مسلمي العالم تحت سقف التوبة
17 نوفمبر 2009 23:39
ألقى موسم الحج بظلاله على شبكة الإنترنت، فازدانت المنتديات بصور الكعبة المشرفة وحجاج بيت الله الكرام، بينما شحذ المدونون همتهم للكتابة عن ذكرياتهم بالحج، وبعضهم كتب عن ما يعرفه حول هذا الفرض الإسلامي القيم، تقول أم عبدالرحمن في مدونتها http://tadwinati.blogspot.com: من العادات التي ما زالت مترسخة في المجتمع المغربي، إقامة ولائم لتوديع الحجاج واستقبالهم حين عودتهم.. ولهذه العادة جذور في التاريخ، حين كانت رحلات الحج تستغرق سنة أو أكثر، مع ما كان يحفها من مخاطر قد تؤخر عودة الحاج أو تودي بحياته. كان سائداً آنذاك أن يستقبل الحاج قبل الذهاب للديار المقدسة مودعيه من الأهل والجيران والمعارف في حفل كبير، فمن يدري فقد لا يعود من رحلته أبداً، أو ربما تطول رحلته ليجد كثيراً من أقاربه وذويه قد ماتوا، أو ربما لا يقبل الله منه حجه بسبب إساءة أساءها في حق جار أو قريب.. كانت الوليمة فرصة لتطييب النفوس ورد الديون والودائع... كل هذه الأمور كانت سبباً لإقامة ولائم التوديع، أما ولائم الاستقبال، فتكون فرحاً برجوع الحاج إلى أهله ودياره سالماً، وفرحاً أيضاً بأدائه لفريضة يهفو لأدائها الكثير من الناس. أما اليوم فالحمد لله، أصبحت رحلة الحج أكثر راحة ومتعة، كما أنها لا تستغرق أكثر من شهر بالنسبة للمرتبطين برحلات الحج المنظمة، وتصل أخبار الحجاج إلى ذويهم طيلة مكوثهم هناك، ومع ذلك فولائم توديع الحجاج واستقبالهم مازالت تقام، والكثير منها ليس للغرض الذي ذكرته في السابق، بل للتباهي والتفاخر، وقد ينفق فيها الحاج أكثر من نفقات رحلة الحج مرات! طلب خاص جداً من أهم ما يفكر فيه بعض مودعي الحجاج: الهدايا، فلكل واحد منهم طلب خاص جداً، فيصبح الحاج مهموماً ومشغولاً أثناء فترة الحج باقتناء الهدايا لإرضاء الناس، أكثر من همه بحجه إن كان سيقبله الله أم لا. كنت أسمع أحاديث في صغري عن الهدايا التي كان الناس يطلبون من الحاج الإتيان بها من الديار المقدسة، والتي لم تكن سوى شيء من تراب مكة أو طيبها أوبخورها أو ثوب ينالون شرف أن يكون كفنا لهم.. هدايا بسيطة جداً ولا تكلف الحاج، وفي الوقت نفسه، تشير إلى إيمان عميق وحب كبير للأرض التي بعث فيها خاتم الأنبياء والمرسلين محمد عليه أفضل الصلاة وأزكى التسليم. جميل أن يتشبث المجتمع بالعادات والتقاليد، فهي من مقومات هويته وضمان لتماسكه وترابطه، لكن الذي يحدث أحياناً هو التمسك ببعض العادات مع تحريفها عن أهدافها الأصلية، وهجر عادات أخرى، المجتمع في حاجة ماسة إليها، وإحياء عادات لا فائدة منها إن لم تكن ضارة وأخص بالذكر التراشق بالماء في عاشوراء، هذه العادة لم تجد لحد الآن من يقف لها بالمرصاد على حد علمي، رغم تأذّي المارة منها وقد كنت شاهدة في صغري على محاولة للتصدي لها كان بطلها رجل فاضل يعمل في الداخلية، كان يرسل دوريات يوم عاشوراء لاعتقال كل من ضبط متلبساً وقد ارتاح الحي من هذه العادة طيلة سنوات وجود هذا الموظف، إلى أن انتقل إلى مقاطعة أخرى ليعود أبناء الحي ونساؤه لإحيائها من جديد ويا ليتهم فكروا في إحياء ما ينفعهم وما أكثره. قفز الحواجز وذكر سلطان http://www.esultan.net مذكراته حول موسم الحج، يقول: أنت فعلاً رحلة ممتعة من جميع النواحي، كانت أجواء روحانية غاية في الروعة، صحبةٌ تم التعرف إليهم فكانوا خير معين لي، فالحمد لله على ذلك. كنت قد ذهبت مع أحد حملات الحج والسبب في اختيارها هو سمعتها الجيدة في كل مكان، عندما وصلنا إلى منى لم نتقبل الوضع الذي وضِعنا فيه، تقسيم الخيام لم يكن كما تصورنا، كانت مراتب النوم متلاصقة تماماً، كنا قرابة ستون حاجاً في خيمة واحدة، تم تقسيمهم إلى ثلاثة أجزاء، كل جزء وله مدخله الخاص، كنت من ضمن الذين عانوا من هذا الوضع، كان مكان نومي تقريباً في آخر الخيمة فكان يحتم علي أن أمارس رياضة قفز الحواجز، فمنهم من سِلم ومنهم نال نصيب تحطم العظام، في أول الوقت الجميع في وضع «صامت»، لا أحد يعرف الآخر، لكن تلك الرياضة كانت خير معين في التعرف إلى من حولك. وضع المعيشة في الحملة كان أقرب بـ «مشروع تسمين» بلا مبالغة، الطعام متوافر في كل وقت، حتى آيس كريم «كون زون» تم توفيره. دلال القهوة لا تكاد تراه خالية، الفائض من الأكل يتم تجميعه وإعطائه للحجاج المفترشين عند مدخل المخيم. عملية التنقل بين المشاعر كانت جيدة نوعاً ما إلا أننا واجهنا مشكلة عند مغادرة عرفة والذهاب إلى مزدلفة، حيث دخل الحجاج المشاة طريق المركبات مما سبب ازدحام شديد وصعوبة في الحركة أدى إلى توقيف المركبات حتى يخلو الطريق منهم، كانت البعثات النيجيرية تواجهك في طريقك ولا يعترفوا بمن أمامهم ولا حتى يقللوا من سرعتهم ففي هذه اللحظة «عساك تمسك إحرامك و لا تروح في خبر كان». رمي الجمرات والحمد لله لم نواجه فيها صعوبة، كان قريباً نوعاً ما إلى مخيمنا إلا أنه يلزم عليك النزول مع درج يبلغ طوله 270 درجة، كبار السن كانوا يأخذون استراحة بسيطة كل 15 درجة إلا أن الشباب آخذينه «مطامر». مشاهدات في الحج نورة السمان http://www.norah-s.com كتبت مذكراتها ومشاهداتها في الحج أيضا، تقول: هنا ستجدون بعض المواقف والمشاهدات والانطباعات التي خرجت بها من رحلتي للحج.. مع شكري وامتناني لكل من مروا هنا ورافقتني دعواتهم. - من أروع المناظر التي مرت علي منظر ركاب الطائرة، الجميع بلا استثناء كانوا يتوشحون السواد أو البياض، لأول مرة أركب طائرة جميع ركابها بلباس الإحرام، كان موقفاً غريباً، وشعوراً رائعاً، الجميع لهم المقصد والهدف نفسه. - في آخر ساعة من نهار عرفة، تهافتت القلوب والألسنة بالدعاء.. كلٌ يجلس وحده في مكان منعزل، يرفع يديه ويبكي، يبكي ذنوبه وخيباته، يبكي آماله وحاجته، يبكي روحانية الموقف وروحانية اللحظات، يسابق الشمس التي تودع السماء ليناجي ربه بكل ما لديه، حتى غابت الشمس وبدأت أصوات السائقين تتعالى: «مزدلفة.. مزدلفة.. مزدلفة يا حاج مزدلفة»، فيتراكض الحجاج ليزدحموا في داخل السيارات وفوقها ثم يصمت السائق ويتحرك نحو مزدلفة.. وأعين الحجاج تودع المكان بنظراتٍ باكية. - الجلوس في الحافلات هو أكثر الأمور التي تتطلب صبراً؛ لأنها قد تمتد لـخمس أو ست ساعات، لكنها رغم ذلك فرصة جيدة للقراءة لكونها يغلب عليها الهدوء نسبياً مقارنة بضجيج المخيم، لكن إن ابتُليت بشخصٍ خلفك أو أمامك يثرثر بصوتٍ عالٍ عن قصة حياته لمن بجواره ولا ينتهي منها أبداً فأنصحك أن تفتح طاولة الطعام وتضع رأسك عليها وتقرأ دعاء النوم لعل النوم يرحمك فيزورك. - بسبب الزحام الشديد في السير وقت خروجنا من عرفة، لم نتمكن من المبيت بمزدلفه ولا حتى النزول فيها، وفي الصباح تم توزيع الجمار علينا جاهزة ومكيسة مما أفقدنا متعة جمعها بأيدينا. - يوم العيد توقف صوتي وأصبحت أستخدم لغة الإشارة في الكلام ولم تفدني أقراص الحلق ولا المشروبات الساخنة، ذهبت للطبيبة وأعطتني علاجاً، وهي تقول :«ما تلبيش بصوتٍ عالٍ»، ولم تعلم المسكينة أني قضيت ثلاثة أشواط من السعي وأنا شبه صامته وغارقة في الأفكار والهواجس. - عند حوض الجمرات وبينما أنا أرمي قريباً من الحوض أتت مسنة تركية بيدها قارورة ملأى بالحصى فتحتها وأفرغت الحصى في الحوض مرة واحدة ! أردت أن ألحقها وأخبرها بالطريقة الصحيحة، لكنها اختفت في الزحام.. - بينما نحن نسير في منى وتمر علينا الحافلات بأسماء دول كثيرة، مرت حافلة كتب عليها «حجاج أميركا» ثم تلتها أخرى كتب عليها «دولة قطر» وتتالت الأسماء بصورة جعلتني أتأمل كيف جمع الحج هذه الأكوام من البشر من كل مكان في العالم وللهدف نفسه. - زارنا رجل هولندي أسلم من مدة قصيرة وحج هذا العام للمرة الأولى.. حين سأله المقدم عن شعوره الآن أجاب:it is the best days in may life كان حديثه رائعاً وهو يصف شعوره قبل دخوله الإسلام، علمنا نحن المسلمون بالفطرة أموراً كنا نستصغرها.. عرفت حينها معنى أن يكون الشخص قد «حسُنَ إسلامه».. لا بطول الفترة بل بعمق الإيمان.. - شهادة حق أقولها، رجال الأمن كانوا متعاونين بشكل كبير مع الجميع، يحاولون قدر الإمكان تنظيم سير المشاة وإرشاد التائهين بأسلوب محترم رغم الإرهاق الواضح عليهم ورغم عدم احترام الكثير من الحجاج هداهم الله لهم ورفع أصواتهم بالتذمر وصب الغضب على هؤلاء المساكين وكأن السلطة بيدهم! - مشروع الجمرات رائع بحق، وناجح بنظري، رغم أنه لم يكتمل لكنه فك أزمة الازدحام والتدافع اللذين كنا نسمع عنهما، فوجود ثلاثة أدوار بمسارات واسعة جداً سهل الأمر كثيراً، فحتى في بداية النهار وهو وقت الذروة، بإمكان الجميع الرمي بسهولة وقرب الحوض خصوصاً في الدور الثالث، متأكدة أن المشروع بعد اكتماله سيكون رائعاً وعملياً. - وكعادته دائماً، مطار جدة يتحول إلى تكدس بشري هائل ومشاجرات وغضب وانتظارات طويلة، هناك في صالة المغادرة، حيث أعلن عن تأخر 6 رحلات للرياض في يوم واحد، كان المنظر بائساً يوحي بالتشرد! حسناً، يمكننا تعريف مطار جدة بالآتي: أن توجد في المطار الساعة التاسعة صباحاً، ثم تركب الطائرة الساعة الرابعة والنصف عصراً، ! لذلك لا ألوم الناس حين صفقوا لحظة الإعلان عن الرحلة أخيراً. - من أعظم الدروس التي تعلمتها في الحج، تفاهة الماديات والطبقيات، فأنت هنا مثل البقية سواسية عند الله في هذه الأمور، ستمشي مثل غيرك لمسافات طويلة وستمر قدمك عند الأوساخ والنفايات مرغماً، ستنتظر في الحافلة مع الآخرين، ستنام في غرفة مع أناس لا تعرفهم، ستلبس مثل الآخرين، ستضيع في زحام الطواف بين الملايين، ستتحمل الإزعاج والإرهاق وقلة النوم تماماً مثل الآخرين؛ لأنك هنا لم تأت لترفه نفسك أو لتعيش بمستوى معيشتك نفسه في بلدك.. أنت هنا لتكمل دينك وعليك أن تتحمل كل شيء في سبيل ذلك. - أروع دعاء تعلمته هناك.. ربي أشغلني بما خلقتني له ولا تشغلني بما خلقته لي. - الحج غير فيني، ولا يمكنني أن أحدد التغيير، لكني متأكدة أنه تغير جعلني أعيد تفكيري في نفسي وفي كثير من الأمور حولي وأوازنها مرة أخرى.
المصدر: أبوظبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©