الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

«الإنجليزية» القاسم المشترك في حوارات الشباب

«الإنجليزية» القاسم المشترك في حوارات الشباب
16 ابريل 2015 20:56
أحمد السعداوي (أبوظبي) «سو كيوت.. نايس.. ويك إند» وغيرها من المفردات الأجنبية باتت قاسماً مشتركاً في أغلب حوارات الشباب، ما ينبئ بوقوع آثار سلبية على شخصياتهم وتكوينهم الثقافي ودرجة اعتزازهم بهويتهم العربية، الأمر الذي يستلزم من الجميع وفي مقدمتهم الأسرة غرس الاعتزاز بهويتنا الشرقية بما تشمله من لغة عربية جميلة وعادات وتقاليد توارثناها عبر آلاف السنين. وهذا لا يتعارض مع اكتساب لغات أخرى تفيد في العلم والعمل وتجعل الشخص أكثر قدرة على التعامل مع تقنيات العصر، بعيداً عن استعراض القدرات في معرفة بعض اللغات مثلما يفعل شباب. تعدد الجنسيات حول استعانتها بالمفردات الأجنبية في الحياة اليومية، قالت وئام أحمد، التي تدرس الماجستير في قانون المعاملات الدولية بإحدى جامعات أبوظبي «هناك أسباب تدفعنا لاستخدام لغة أخرى غير العربية في حواراتنا وحياتنا؛ ومنها الدراسة في مكان يضم جنسيات متعددة ولكل لغته الأصلية، وهنا لابد من إيجاد وسيلة مشتركة للتفاهم، وبالتالي نلجأ إلى «الإنجليزية»، لتكون وسيلة تواصلنا». وأضافت: «أما إذا كان الشخص يستخدمها في غير مكانها، فإن ذلك يرتبط بحب الظهور، وهذا يرجع إلى عدم ثقته بذاته، وبالتالي يلجأ إلى مثل هذه الأساليب التي يكتشف أصدقاؤه مع مرور الوقت أنها تعكس خللاً في نشأته ونقص ما يعانيه في أحد نواحي شخصيته»، مؤكدة أن الشخص السوي يجب أن يتعلم لغة ثانية من دون مواجهة أي مشكلة في الهوية والاعتزاز بلغته الأم. زميلتها أسّية أفوكال، قالت إنها بدأت تعلم اللغات الأجنبية منذ المرحلة الابتدائية، ومع ذلك تحرص على أن تتحدث العربية في جميع حواراتها اليومية، ولم تتأثر ثقافتها ولا برأي الآخرين فيها ممن يعتقدون أنها لا تتقن لغات أخرى، ومع ذلك لا تنكر أنها تهوى سماع الموسيقى الغربية أكثر من العربية ومطربها المفضل هو «كنجي»، الفائز بمسابقة صوت فرنسا العام الماضي، موضحة أن ذلك لا يعد تأثيراً سلبياً على ثقافتها وإنما نتيجة طبيعية لدراستها بلغات أجنبية، وبالتالي صارت تفهم هذه اللغة تماماً مثل أهلها وتقدر على استيعاب معانيها، والاستمتاع بنواحي الجمال فيها. لغة التكنولوجيا رأت سارة سعيد، طالبة ماجستير بالبحث العلمي في الهندسة بجامعة خليفة، أن أحد الأسباب التعود على التخاطب باللغة الإنجليزية في المدارس الخاصة والجامعات بسبب المناهج الأميركية والبريطانية والكادر التعليمي الأجنبي، والسبب الآخر قد يكون التأثر بالأفلام والأغاني والألعاب الإلكترونية الأجنبية، لكثرتها وتفوقها على نظيراتها العربية من ناحية التنوع في المواضيع، والدقة العالية للصوت والصورة والحبكة، لافتة إلى أن لغة التكنولوجيا هي الإنجليزية. فهي لغة أغلب برامج الحاسوب الشهيرة، كما أن معظم الأجهزة الإلكترونية لا تدعم اللغة العربية، وكذلك عندما تدرس مواد علمية مثل برمجة الحاسوب، والهندسة والعلوم والطب لفترة طويلة باللغة الإنجليزية فلابد من أن تتأثر بها في حياتك اليومية. وأوضحت أنها في المنزل تتحدث مع أهلها باللهجة المحلية. وفي محيط العمل تستخدم «الإنجليزية»، ومع صديقاتها تستخدم مزيجاً منهما. وأشارت سارة إلى أنها تستخدم «الفصحى» لكتابة بعض التغريدات على «تويتر» و«فيسبوك». وأيضاً تستخدمها مع أستاذة جامعية أجنبية تحاول إتقان العربية. وعما إذا كان استخدام الشباب للألفاظ الإنجليزية عاملاً مؤثراً على ثقافتهم، أجابت سارة «نعيش في عصر تداخل الثقافات وترابطها لتكوين ثقافة إنسانية واحدة، والإمارات باعتبارها منبراً عالمياً يجمع أكثر من 200 جنسية؛ لا أرى مانعاً من استخدام لغات أخرى في حياتنا اليومية بحسب الموقف»، مؤكدة أنه «لا خوف على الجيل الجديد من التأثر بالثقافات الأخرى طالما عززنا ارتباطهم بثقافتنا ولغتنا، وأسسناهم الأساس السليم منذ الصغر». وذكر حمزة المهدي، الذي يدرس الاقتصاد الدولي في إحدى جامعات أبوظبي، أن اللجوء إلى الحديث باللغات الأجنبية يرجع إلى الموقف والمكان الذي يتواجد فيه الشخص، مشيراً إلى أن كثرة استخدامها لا تؤثر على ثقافة الشخص ولا ميوله وأفكاره طالما كان أساس التربية سليما. تفضيل واعتزاز في المقابل، لم تنكر جنى بل عبدالعزيز، التي تدرس القانون في جامعة السوربون بأبوظبي، أن معظم صديقاتها يتحدثن الإنجليزية فيما بينهن. وروت أن إحدى زميلاتها كانت دائمة التحدث بالإنجليزية متعللة بأنها لا تتقن العربية جيدا، غير أنها سمعتها ذات مرة تتحدث إلى والدتها فوجدتها تتحدث العربية بكل طلاقة، حينها أدركت أنها كانت تحاول إظهار قدرتها على الحديث بلغة أجنبية أمام صديقاتها ظنا منها أن ذلك يرفع قدرها بينهن. وأكدت عبدالعزيز أنها لا تجاري صديقاتها فيما يفعلن وتعتز بعربيتها، شارحة أنها تفضل الاستمتاع إلى المطربين العرب وقراءة الكتب والروايات العربية، على رغم أن معظم الكتب التي تدرسها بلغات أجنبية، معتبرة أن الدراسة والعمل يجب أن لا يؤثرا على ثقافة الشخص وهويته. ولفت محمد عكرة، طالب جامعي بالسنة التمهيدية، إلى أن غالبية أولياء الأمور يحاولون إلحاق أبنائهم بمدارس أجنبية، فينتهي الأمر لأن يهملوا لغتهم الأم، مؤكداً أن تحدث الشباب العرب بالإنجليزية ليس دليلاً على مستوى ثقافي أو مادي معين، بل نتيجة سلبية للعولمة وسيادة الثقافات الغربية على المحلية. وأكد أنه يتقن الإنجليزية تماما، وهو في طريق تعلم لغة أخرى، ومع ذلك لا يرى مبرراً للجوء لاستخدام لغة أخرى غير العربية طالما كان ذلك بعيداً عن الدراسة والعمل. عقبة اللهجات من واقع خبرتها في العمل مع الشباب الجامعي، أرجعت نور شمّا، مدير إدارة التواصل في واحدة من جامعات أبوظبي، استعانة شباب بمفردات أجنبية في أحاديثهم إلى أن دراستهم بدأت منذ طفولتهم المبكرة بعكس الأجيال القديمة التي كانت تدرس الإنجليزية في مراحل عمرية متقدمة، ولكن السبب الأكبر، برأيها، هو تعمد أولياء الأمور الحديث إلى أبنائهم بها، وبالتالي يقل اهتمامهم بالعربية شيئاً فشيئاً، مؤكدة أن الحديث بالإنجليزية لم يعد يعكس مستوى ثقافياً أو اجتماعياً معيناً مثلما كان الحال في الماضي. وأضافت: «الدور الرئيس للأهل والمؤسسات التعليمية، يقوم على ضرورة الاعتزاز باللغة العربية، وإدراك قيمتها كوعاء للفكر والثقافة»، لافتة إلى ضرورة اهتمام المدارس بحصص التعبير والخط العربي وغيرها من الأنشطة التي تقوي علاقة الطلاب بلغتهم. ومع ذلك أوضحت شمّا أن الحديث بالإنجليزية بين الشباب العرب صار ضرورة في نظرا لتعدد اللهجات بين الشعوب العربية ما يصعب على بعضهم فهم الآخر، ولكنهم يعرفون الإنجليزية ولذلك صار التواصل بها أسهل من التواصل باللهجات العربية، مؤكدة أهمية تعلم لغات أخرى في العلم والعمل. فرض عين شدد عيسى الرئيس، مدير إدارة شؤون الطلاب بجامعة السوربون بأبوظبي، ويدرس حالياً درجة الدكتوراه في المناهج، على أن تعلم اللغات في العصر الحالي صار فرض عين على كل طالب، لافتاً إلى أن «الإنجليزية» صارت لغة العلم والعمل، ما يؤثر بشكل مباشر على الاهتمام بالعربية. وشجع الشباب على تعلم أكثر من لغة بعد الإتقان التام للغتهم الأم، مؤكداً أن الفقر الثقافي الحقيقي يعانيه من يعرف لغة واحدة، وهذا الفقر يبدأ بالتلاشي مع البدء بتعلم لغة أخرى. واعتبر أن دور الأسرة هو المنطلق في الاعتزاز باللغة الأم، وذلك بالتوازي مع جهود واضعي المناهج الدراسية والسياسات العامة في المجتمع، وضرورة التأكيد على أهمية اللغة والفكر والثقافة في حياة أي شاب، وهناك نماذج ناجحة لدول كثيرة تهتم بتعلم لغات أخرى في ظل أطر تحفظ اللغة الأم، ما يحفظ هوية المجتمع، داعياً إلى وضع أسس وقوانين في هذا المجال، ومتابعتها ولا تكون بعيدة عن التطبيق.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©