الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

روح التربية

15 ابريل 2013 21:27
تظهر ضرورة التربية للفرد بأن التراث الثقافي لا ينتقل من جيل إلى جيل بالوراثة، لكنها تكتسب نتيجة للعيش بين الجماعة، وأن التربية ضرورية للطفل الصغير لكي يتعايش مع مجتمعه، كما أن الحياة البشرية كثيرة التعقيد والتبدل، وتحتاج إلى إضافة وتطوير. وهذه العملية يقوم بها الكبار من أجل تكيف الصغار مع الحياة المحيطة، وتمشياً مع متطلبات الحياة والأيام. أما حاجة المجتمع للتربية فتظهر من خلال الاحتفاظ بالتراث الثقافي، ونقله إلى الأجيال الناشئة بواسطة التربية، وكذلك تعزيز التراث الثقافي، وذلك من خلال تنقية التراث الثقافي من العيوب التي علقت به. فالتربية هنا قادرة على إصلاح هذا التراث من عيوبه، والنهوض بدورها في المحافظة على الأصول والثوابت الأخلاقية في المجتمع. من خلال هذا المنظور، فإن الدور التربوي للأسرة يتضمن نوعاً من المسؤولية تجاه التعليم الذي يتلقاه الطفل في المدرسة. فعلى الرغم من أن المدرسة هي مؤسسة للتربية والتعليم الرسمي في المقام الأول، إلا أنه لا مجال لفاعليتها إلا بمؤازرة الأسرة وتعاونها بشكل مباشر. وفي حالة توافر المستوى الثقافي لدى الآباء والأمهات، نجدهم يحثون الأطفال على الاجتهاد في المذاكرة، وتشجيعهم على النجاح والتفوق، بل يلجأ البعض منهم إلى عقاب الأبناء إذا قصروا في ذلك. وتكشف البحوث التربوية عن أن آباء اليوم يقضون وقتاً أطول في مساعدة أبنائهم على استذكار الدروس عما كان يفعل الآباء في الماضي، ويرجع ذلك إلى ارتفاع المستوى الثقافي والتعليمي للآباء، وزيادة أهمية التعليم في الحياة الاجتماعية والاقتصادية. وإذا نظرنا إلى المؤثرات المرتبطة بما تقوم به الأسرة من الإشراف على الطفل ومتابعته فيما يتعلق بأداء الواجبات المدرسية في المنزل، نجد أن معطيات بعض البحوث تشير إلى أن الأم لها دور أكثر فاعلية من الأب، وفي حالات اشتراك الزوجين معاً في الإشراف على تعليم أبنائهما، فإن هذا الاشتراك يتزايد بين الأسر التي تنتمي إلى الطبقات المتوسطة، أما قيام الأخوة بالإشراف على أخوتهم الأصغر فيبدو واضحاً في الطبقات الدنيا، ربما يرجع ذلك إلى انخفاض المستوى الثقافي والوعي لدى الآباء في تلك الطبقات. ولما كانت المدرسة أكثر المؤسسات التربوية تفاعلاً مع الأسرة تؤثر فيها وتتأثر بها، فإن التعاون بين الجانبين ضرورة تربوية، ولا يخفى دور المجتمع في هذه العلاقة، فأي تعليم يحصل عليه الطالب في المدرسة لا يمكن أن يحقق أهدافه ما لم يكن هناك تعاون بين البيت والمدرسة والمجتمع، وتؤكد الدراسات التربوية الحديثة أن العلاقة بين هذه الأطراف الثلاثة ينبغي أن تكون ذات صفة تبادلية، فلا يعمل أحدهم بمعزل عن الآخرين، إذ إن التربية المدرسية وظيفة اجتماعية لا توجد في فراغ، وإنما توجد في وسط اجتماعي وتراث ثقافي يمد المدرسة بالكثير مما يتعلمه التلاميذ، ويؤثر التفاعل بين النظام المدرسي والمجتمع تأثيراً كبيراً في صحة وفاعلية السياسة التربوية. المحرر | khourshied.harfoush@admedia.ae
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©