الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الحرف التراثية.. تقاوم الزمن وتبقى عروس المهرجانات

الحرف التراثية.. تقاوم الزمن وتبقى عروس المهرجانات
15 ابريل 2013 21:26
هناء الحمادي (الشارقة) - وجه ترتسم على ملامحه الطيبة والسماحة وعلامات الزمن الجميل، هي من الأمهات اللاتي عاصرن الماضي بحلوه ومره، منذ طفولتها تعشق الأعمال اليدوية، تعلمتها من أمها التي لم تبخل عليها، فقد أجادت صناعة النول وخياطة الملابس التراثية التقليدية، وكذلك إتقان وطبخ الأكلات الشعبية والحلويات واللقيمات، والخبز المحلي والرقاق. في غرفة الأشغال اليدوية في الجمعية النسائية بالشارقة، تقضي خديجة محمد ساعات الصباح الأولى كل يوم وهي تغزل النول وتنسج التلي بأناملها المخضبة بالحناء، لتسترجع الماضي في تلك اللحظات وتعيش فيه، وترى خديجة أن حياة الماضي أفضل من الآن، فالجميع كان يداً واحدة، فالمرأة كانت تساعد الرجل وتقف إلى جانبه، لافتة إلى أن المرأة كان لها دور كبير في المجتمع، فكانت تقوم بمهمات متعددة، وكانت مثالاً للتضحية والصبر والعطاء. وتذكر خديجة، أنها منذ 30 عاماً تمارس هذه المهنة، كما أتقنت الكثير من الحرف والصناعات القديمة والتراثية الأخرى، وشاركت بها في الكثير من المهرجانات التراثية والشعبية، وحصلت عليها من خلال تلك المشاركات على أكثر من 30 شهادة تقدير، ويعد التلي من الأعمال التي تمارسها إذ لا تخلو الملابس النسائية منه، خصوصاً أنه يستخدم في التزيين، إذ تتم صناعة التلي بواسطة ست بكرات من الخيوط المعروفة بـ«الهدوب» الملونة حسب الرغبة، وتجمع أطرافها بعقدة مشتركة تثبّت بإبرة صغيرة على المخدة المعروفة قديماً باسم «الكاجوجة»، التي يثبت عليها طرف البكرة من خوص التلي. وتضيف: «تعد صناعة التلي واحدة من أعرق صناعات التطريز في الإمارات، كونها جزءاً مهما من التراث الشعبي والموروث الحقيقي للمجتمع، وفناً في المقام الأول، ومهنة متوارثة عبر الأجيال. وتدخل عمليات حسابية في صناعة التلي، وهي حسابات معقدة لا يتقنها إلا من امتهنها، واكتسب خبرات متراكمة عبر السنوات». وهناك أنواع متنوعة تناقلتها الأجيال لتطريز التلي، منها تلي «بو فص، وتلي التعاون»، وعادة ما يكون بطريقة عمل التلي التقليدي نفسها، على أن يكون في تشكيله كل مترين من التلي لون واحد من ألوان الخوص، مع توحيد اللون على الجانبين لكل الأمتار، ومن أهم الأشكال المطلوبة التي تلقى رواجاً في المنطقة تلي «الشطرنج، وتلي بوجنب». وتشير خديجة، إلى أعمالها اليدوية، موضحة أن القطع التراثية التي تقوم بحياكتها ذات هوية إماراتية يمتزج فيها اللون بالفكرة الجريئة مع دقة التنفيذ، ومنذ أن تبدأ بحياكة الملابس التراثية القديمة، فإنها تشعر برائحة الماضي بيديها، فتتناغم الألوان المشتقة من البيئة المحلية الممتزجة بجمال الإبداع والتألق، لتجسد في النهاية أعمالاً متكاملة مليئة بالأصالة والتراث. وفيما يتعلق باندثار بعض الحرفة والصناعات التقليدية، توضح خديجة أنه ما زالت هناك الكثير من الأمهات يزاولن هذه المهنة، وخير دليل الأعداد الكثيرة من النساء اللاتي يشاركن في المهرجانات التراثية الشعبية واللاتي يتقن الكثير من الحرف التقليدية القديمة ويتبارين في تقديم الجميل واللافت للنظر ممزوجا بروح الماضي العريق، ومتميزاً بالدقة والإبداع. مؤكدة أن حب التراث دفعها إلى اكتساب صفة الصبر في أعمالها، ففي كل قطعة تراثية تنجزها تجد نفسها تحاكي دلالات ضاربة جذورها في عمق الماضي القديم لتتفرد بأعمالها التي استمتعت بها ومارستها بحب لا متناهي، فحصلت نتيجة ذلك على إعجاب وإطراء الكثير ممن يرى أشغالها اليدوية، وحققت أحلاماً نسجتها خاصة في ممارسة غزل النول والتلي وتارة بالأكلات الشعبية وتارة أخرى بأعمال تراثية. وفيما يتعلق «بغزل النول»، تشير خديجة، قائلة: ‹›لا أحبذ استلام كرات صوف ملفوف وجاهز، فقط علمتني هوايتي الصبر والعطاء والإتقان، لذا أقوم بنفسي بإزالة الشوائب وبقايا العشب التي تكون عالقة بصوف الأغنام، باستخدام أمشاط خشبية، أسنانها حديدية، حيث أمشط الصوف كي تصبح أليافه صالحة للغزل، ثم أضع ألياف الصوف الممشط على ‹›التغزالة›› لأسحب الألياف منها وأغزلها، بعد أن أكون قد افترشت الأرض قبالة آلة النول، واتخذت وضعية جلوس مريحة.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©