الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

أقسام الإعلام بالجامعات العربية أسيرة الأداء التقليدي على كل المستويات

أقسام الإعلام بالجامعات العربية أسيرة الأداء التقليدي على كل المستويات
27 ابريل 2014 19:55
أقسام الإعلام والعلاقات العامة يمكنها القيام بدور حاسم في تطوير الجامعات ومؤسسات التعليم العالي، ليس فقط كصروح أكاديمية وعلمية، بل كأركان أساسية في مواجهة التحديات التي تمر بها الدول والمجتمعات، وفي الاستعداد للمستقبل على قواعد صلبة واضحة، وبناء على رؤى وأسس مدروسة. إلا أن وظائف الإعلام في بعض الجامعات العربية لا زالت في غالبيتها أسيرة الأداء التقليدي، سواء لناحية دور الإعلام أو لناحية علاقة الإعلام بالتعليم العالي. وفي أغلب الحالات يتركز دور أقسام الإعلام على إعداد ونشر الأخبار والنشاطات اليومية أو الموسمية، بشكل سطحي غير مؤثر. مقتضيات العصر في السنوات الأخيرة ازدادت الهوة بين هذه الممارسات وبين مقتضيات العصر أكثر فأكثر ولاسيما مع ثورة تكنولوجيا المعلومات والإعلام والانترنت وعصر تخزين وتدفق البيانات الهائلة التي تفوق كل تصور، وما ينتج عنها من مواد بالغة الأهمية مثل استخدام البيانات، والتحليل الإحصائي، والنماذج التوضيحية والتنبؤية لتكوين تصورات واضحة والتعامل مع القضايا المعقدة التي تخص دورة التعليم ومخرجاتها وموقعها في المجتمع والدولة. وتتخذ هذه الهوة أشكالا مختلفة، قد تصل أحيانا إلى أن العديد من الجامعات لا زالت مثلا محرومة من خدمات الإنترنت الذي ما عاد يستقيم أي عمل إعلامي عصري من دون استخدامه. واللافت أن هذه الظاهرة لا تشمل فقط الجامعات في الدول العربية الأقل ثراء، وخاصة الجامعات الرسمية، بل يمكن أن تتغلغل لدول تتمتع بثروات طبيعية هائلة، حيث من المثير فعلا أن وجود خدمات الإنترنت لا زال يتعثر في العقد الثاني من القرن الواحد والعشرين. عندها لن يكون من غير المتوقع أن يكون دور الإعلام في هذه المؤسسات قد شهد أي تغير نوعي عما كان عليه قبل ثلاثين عاما. وعلى سبيل المثال، سلط تقرير نُشر في نهاية مارس الماضي الضوء على معاناة الجامعات الليبية للاتصال بشبكة الإنترنت، ونقل عن وكيل كلية الهندسة في جامعة طرابلس اسعد الشعاب، أن ضعف الاتصال بشبكة الإنترنت لا يزال يلقي بظلاله السوداء على التعليم العالي، كما يعاني الكثير من طلاب جامعة طرابلس من الجهل التكنولوجي. الجامعة تسعى لتحسين هذا الوضع كما يقول هلال المنتصر، عميد كلية تكنولوجيا المعلومات الذي يؤكد أن «الحاجة إلى هذا التغيير لتحديث معظم الأشياء داخل الجامعة، وعلى رأسها استخدام التكنولوجيا في الإدارة». حتى حينه ما زال أمام الجامعات العربية، التي تمر بأوضاع مشابهة انتظار الكثير من الوقت، وإن كان ذلك لا يمنع أيضا من البحث منذ الآن عن كيفية القفز بدور الإعلام في هذه الأوضاع. ربما تنتشر خدمات الإنترنت في العديد من الجامعات في البلدان العربية الأخرى، وفي بعض الجامعات الخاصة (الأجنبية) بشكل خاص، لكن الإشكالية تدور حول أوجه استخدام الشبكة وانعكاسها على الأداء الإعلامي لهذه الجامعات وربطها بالمجتمع والمستقبل مقارنة بالإمكانات الرقمية الهائلة التي توفرها حاليا لو وجدت سياسات تخطيطية عليا. «النظام المندمج» من هنا تأتي أهمية تجربة طموحة تتمثل بانطلاق الإعداد لمشروع «النظام الإعلامي المندمج» للتربية والتكوين والبحث العلمي، الذي يسعى لتطوير قطاعات التعليم في المغرب «بهدف إيجاد آلية لدعم منظومة التعليم العالي في المغرب»، الذي يستند إلى قاعدة معطيات إحصائية ومعلوماتية ومؤشرات لتتبع وتقييم المنظومة الوطنية للتربية والتكوين والبحث العلمي. ويطمح هذا المشروع، الذي بدأ الإعداد له منذ أقل من عامين، إلى جمع كافة المعلومات المتعلقة بالتعليم المدرسي والتعليم العالي وتحليل هذه المعلومات وتقديم المؤشرات التي يحتاجها المجلس الأعلى للتعليم للقيام بمهامه، سواء تعلق ذلك بأعداد الطلبة أو الأساتذة الجامعيين أو بمؤشرات ميزانية التعليم الوطنية والبحث العلمي والتدريب، أو طاقات الاستيعاب في كل جامعة أو مؤسسة تعليمية، حيث يتتبع المشروع نشاط 15 جامعة مغربية عامة إضافة إلى العديد من الجامعات الخاصة. ويفتح هذا المشروع الذهن على آفاق تطوير كبيرة، ذات طبيعة إعلامية مستقبلية بالغة الأهمية، خاصة أن هذا النظام قابل للتوسع مستقبلا، والعمل إقليميا على تجميع معطيات حول الأنظمة التربوية العربية لإغناء قاعدة البيانات والدراسات المقارنة. ويرصد النظام بانتظام التجارب الدولية المتميزة والممارسات الناجحة في مجال الأنظمة الإعلامية. والبعد الإقليمي في المشروع يظهر كذلك من خلال الجهات التي تسهم به، إذ يتعاون لتنفيذه مع المجلس الأعلى للتعليم منظمات دولية مثل اليونسكو والمجلس الثقافي البريطاني ومجموعة من الخبراء المتخصصين من الأردن والسعودية. ويوجد في العالم العربي ملايين من الطلبة الجامعيين، ومقابل نسب البطالة العالية في العديد من دول المشرق والمغرب العربيين، تعاني أسواق العمل من اختلالات جوهرية في مطابقة مخرجات التعليم مع الحاجات الفعلية الراهنة من الخريجين والخبراء والفنيين. وبالتأكيد ستتزايد هذه الاختلالات أكثر فأكثر مع الوقت. وتجاه ذلك لا يجوز لأقسام الإعلام في الجامعات أن تقف مكتوفة الأيدي. وأقل ما يمكن أن تقوم به هو الانخراط في توفير وتوظيف المعلومات والبيانات والتواصل، والتفاعل مع المحيط الوطني أو المحلي واستخراج محتويات وتحليلات يمكن أن ترشّد مخرجات التعليم الجامعي من جهة، وتربط هذه المخرجات مع سوق العمل، في القطاعين العام والخاص على السواء. ومن هذه الزاوية يمكن لمشروع النظام الإعلامي المندمج، لو كتب له النجاح، ولو مغربياً في البداية، أن يشكل تجربة قابلة للنمو شيئاً فشيئاً حتى تعتمد من قبل الدول العربية الأخرى. وهذا ما يمكن تبينه بعدما ينجز المشروع وينطلق خلال أشهر قريبة. (أبوظبي - الاتحاد)
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©