الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

وقولوا قولاً سديدا

وقولوا قولاً سديدا
5 سبتمبر 2008 01:17
كم نسمع من خطب دينية واجتماعية ومواعظ ودروس، منها ما يقدم للثقافة والهداية نمواً حقيقياً وجمالاً واضحاً، ومنها ما هو تقليدي مكرر، وبعضها يستهدف إبراز الذات وحب الشهرة، وبعضها الآخر يروج لمذهب أو هوى أو ضلال، ومنها ما يبتغى به وجه الله سبحانه وتعالى، ومصالح البلاد والعباد· فإلى هؤلاء جميعاً يتوجه المولى سبحانه وتعالى بهذا البيان القرآني الحكيم :(يا أيها الذين امنوا اتقوا وقولوا قولاً سديدا)· ويلاحظ هنا مجيء الأمر بالتقوى قبل الأمر بتوخي السداد في القول، وبهذا النسق البياني الهادف، ليحمل المرء على التريث في القول، والتدقيق في اختيار مفرداته ودلالاته· فالكلمة رسالة، ولذلك يجب على المرسل أن يقدر وقع كلمته وحجمها ومفعولها وأثرها الباقي في المخاطبين· وهذا ما تحاول الهيئة العامة للشؤون الإسلامية والأوقاف أن تقدمه من خلال خطبها المدروسة بعناية أيام الجمع والمناسبات، مراعية تقوى الله وتحري مصلحة الوطن في عالم يموج بالتيارات والمتغيرات والتحديات· وأدل ما تنبغي مراعاته في صدد الخطابة أو الموعظة، هو ما يتعلق بفصاحة الألفاظ وبلاغة الأسلوب، فأسلوب الخطيب أو المتحدث، وطريقته في الحديث يعبران عن شخصيته، ولذلك كان رسول الله، صلى الله عليه وسلم، أبلغ الناس وأفصحهم، لأنه يعبر عن أسمى رسالة سماوية، ويبلّغ عن رب البرية جل جلاله· وتروي السيدة عائشة (رضي الله عنها) وهي الفصيحة العالمة الخطيبة: ''ما كان رسول الله يسرد الحديث كسردكم هذا، يحدث حديثاً لو عده العاد لأحصاه''· وهذا يدل على ثقة المتحدث بنفسه وبما يعبر عنه، أو بما يريد أن يبلغه للناس· وفي رواية: ''إنما كان حديث رسول الله، صلى الله عليه وسلم، فهماً تفهمه القلوب''· هذا ما نوجه به خطباء المساجد، وهم قد درسوا حتماً ما ورد عن رسول الله، أخطب خطباء الدنيا، ففي الصحيحين عن أنس: ''كان صلى الله عليه وسلم يتكلم لكلام فصل لا هزر ولا نزر، ويكره الثرثرة في الكلام والتشدق به''· بل كان رسول الله يمتدح الفصاحة ويكره اللحن، فعن أبي هريرة: ''قلنا يا رسول الله ما رأينا أفصح منك! فقال: إن الله تعالى لم يجعلني لحاناً، إختار لي خير الكلام: كتابه القرآن''· ولا شك أنّ القول السديد في الخطب المنبرية أشد من سواها من أنواع الخطب لأنها تتعلق بالدين، وفي دين الله ينبغي ألا نقول موضوعاً، ولا نحدد مضموناً إلا بعد دراسة آثاره الحالية والمستقبلية· وترتيب أولوياته ومواقيته ليكون أوقع وأقنع· وقد ورد عن النبي، صلى الله عليه وسلم: ''ما أنت محدث قوماً حديثاً لا تدركه عقولهم إلا كان على بعضهم فتنه''· وفي حديث آخر: ''خاطبوا الناس على قدر عقولهم، أتحبون أن يكذب الله ورسوله ؟''ومن هذا ارتأت الهيئة العامة للشؤون الإسلامية والأوقاف أن تنال خطبة الجمعة في دولة الإمارات العربية المتحدة ما تستحقه من إعداد، وتدقيق من جانب العلماء والخبراء المختصين·
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©