الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
التعليم والمعرفة

نبيل سليمان: أنا التائه في غابة القراءة

نبيل سليمان: أنا التائه في غابة القراءة
19 يونيو 2017 22:28
يقول نبيل سليمان: في الغابتين كما في أية غابة، عتمات ووضحات ومتاهات وأجمات ومسالك هينة ،وأخرى وعرة، وصمت وهسيس وفحيح وعواء وزئير وزقزقة.. أما ما أعجز عن عده ووصفه فهو أعظم». ** إلى ماذا تدفع غابة القراءة؟ - تدفعني غابة القراءة إلى القول بغابة الكتابة، وليس فقط غابة السرد، وما أنا إذن، بعد خمسين سنة من هواية واحتراف القراءة فالكتابة، إلا تائه في غابة، وكلما أمعنت في تيهي ازددت اعترافاً بضآلتي حدّ الامّحاء، والسؤال يلفحني: من أنت أمام هذه العظمة وهذه المجاهيل؟ من أنت بعمرك القصير مهما طال، وبجسمك مهما أنعم عليك ومهما قدمت له؟ ابتدأ هذا السؤال يدور بي منذ سنوات لا أذكر عدّها، لكنني أذكر أنه ابتدأ يرجّني منذ اقتربت من الستين، بينما مكتبتي ما عادت تكتفي بحصتها الكبيرة من البيت. مكتبتي أيضاً غابة. هل تذكرون حديث بورخيس عن المكتبة؟ أم حديث أمبرتو إيكو؟ هذه الغابة الثالثة هي أيضاً الغابتان الأولى والثانية: القراءة والكتابة. ** ماذا تقرأ ، وهل تختار ما تقرأ أم تضطر أحياناً إلى القراءة؟ - أمامي الآن أربعة عشر مجلداً (سيرة الملك الظاهر بيبرس) حسب الرواية الشامية، بتحقيق جورج بوهاس وإياس محسن حسن. هذا الكنز الذي يلوح لكنز ألف ليلة وليلة. سئم كنزي الجديد من الانتظار منذ شهر. لن أعدّ ماذا أمامي أيضاً، كي لا يتفاقم شعوري بالتقصير والعجز، على الرغم من أني أعمل يومياً من سبع إلى عشر ساعات، فالقراءة والكتابة عمل ليس أبدع ولا أشقى ولا ألذّ منه عمل. أحياناً تزين لي الأمّارة بالسوء، أن أسعى لأكون القارئ النموذجي، ما دامت خطواتي في الكتابة لا زالت تتلجلج بعد اثنين وخمسين كتاباً. دعوكم مني، وليسأل كلٌّ نفسه، ولتسأل كلّ نفسها: لِمَ لا أكون القارئ النموذجي؟ من يذكر ما قال أمبرتو إيكو في القارئ النموذجي في كتابه الصعب (القارئ في الحكاية)؟ ويضيف: كل رسالة-قل كتاباً إن شئت- هي نص تفترض بالمرسل إليه (القارئ) كفاية نحوية، وهذه الكفاية هي أولى فرضيات القارئ النموذجي. ** من هو القارئ النموذجي حسب رأيك؟ - يؤكد إيكو النظر إلى القارئ والكاتب باعتبارهما استراتيجيتين نصّيتين، لينتهي إلى أن القارئ النموذجي، إنْ هو إلا جماع شروط النجاح والسعادة، والتي ينبغي أن تُستوفى كيما يصح تأويل النص. لا، لا، لا أصلح لأن أكون القارئ النموذجي، ولو صَلحت فأنا لا أستطيع، لأنني ببساطة «عامل شغّيل» في غابة القراءة، ومسحور بها، وأتمنّى لكنّ ولكم مثل هاتين النعمتين.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©