الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الحرب الخفية

14 مايو 2018 01:54
تتصاعد الآن أصداء صراع مفتوح بين إسرائيل وإيران في سوريا. فعندما وجه الرئيس ترامب ضربة صاروخية أخرى إلى النظام السوري، فإن تلك الضربة جاءت عقب ضربة يُعتقَد أن إسرائيل نفذتها ضد منشأة إيرانية تقع داخل قاعدة جوية سورية، في التاسع من أبريل الجاري، وأدت إلى إثارة صيحات إدانة من رعاة النظام السوري في موسكو وطهران. ورغم أن إسرائيل لم تعترف بمسؤوليتها عن الهجوم، فإنه يتناسب مع نمط هجمات معروف عن إسرائيل، التي يعتقد أنها شنت منذ عام 2012، أكثر من 100 غارة جوية على مواقع في سوريا. يقول المسؤولون الإسرائيليون في تصريحات خاصة، إن مثل هذه الإجراءات العسكرية ضرورية لمنع التهديد الإيراني الدائم على حدودهم، وإعاقة تدفق الأسلحة إلى وكيل إيران وهو «حزب الله» اللبناني. وأدلى وزير الدفاع الإسرائيلي أفيجدور ليبرمان بتصريح لراديو إسرائيل نهاية الأسبوع قال فيه: «مهما كان الثمن، فإننا لن نسمح لأحد بأن يلف أنشوطة حول رقبتنا». لكن ليبرمان أحجم عن الحديث حول أعمال عدائية صريحة. ورداً على سؤال عما إذا كانت الحرب وشيكة قال: «آمل ألا يحدث هذا». وأضاف: «أعتقد أن دورنا الأساسي هو منع الحرب، وهو ما يتطلب منا ردعاً حقيقياً، واستعداداً للتحرك». من جانبه، وجه وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف، دعوة مماثلة للهدوء، في مقابلة أجراها الأحد مع شبكة «سي بي إس نيوز»، رغم أنه اتهم الإسرائيليين بـ«تصعيد التوتر من خلال انتهاك المجال الجوي السوري». وحذر «ظريف» من أن إسرائيل تلعب لعبة خطرة. وقال: «يجب أن يتوقعوا أنهم إذا استمروا في انتهاك سلامة أراضي دول أخرى، فستكون هناك عواقب لذلك». لكن الإسرائيليين أوضحوا أن ترسيخ الوجود الإيراني في سوريا يمثل خطاً أحمر جديداً. وهم يشيرون في معرض التدليل على هذا الوجود، إلى التهديد الجديد الذي تمثله طائرات «الدرون» الإيرانية، التي يحتمل أن تكون مزودة بالمتفجرات، والتي تدخل المجال الجوي الإسرائيلي، بالإضافة إلى التهديد القديم المتمثل في الصواريخ التي تطلق عليها من جنوب لبنان. في الأسبوع الماضي، سرب الجيش الإسرائيلي تفاصيل وصوراً لأقمار صناعية، تكشف عن وجود لطائرات تابعة لسلاح الجو الإيراني في سوريا، بما في ذلك صوراً لطائرات مدنية زعموا أنها تنقل شحنات أسلحة. ومن وجهة نظر إيران، فإن وجودها العسكري في سوريا يمثل دفاعاً شرعياً عن حليفها المحاصر، الرئيس السوري بشار الأسد. وهم يرون قدرتهم على تهديد إسرائيل من الجوار مباشرة، رادعاً محتملاً يمكن استخدامه ضد منافس إقليمي قديم. وتأتي التوترات المتفاقمة في وقت يزداد فيه الاستياء داخل إيران. فقد أدّى الاقتصاد المتدهور إلى كشف الغطاء عن الإحباط الشعبي تجاه النظام، مما دفع الرئيس روحاني إلى الشكوى من المجهود الحربي المكلّف في سوريا. لكن احتمال مواجهة أوسع مع إسرائيل، والدراما المرتقبة بشأن اتفاق إيران النووي مع القوى العالمية، قد يقنعا المتشددين في النظام الإيراني، بأن الوقت الآن مناسب للتكاتف دفاعاً عن مصلحة بلادهم. في هذا السياق، كتب «أنشل فيفر» في صحيفة «التايمز» اللندنية: «ظهرت الحرب الخفية بعد قرار القيادة الإيرانية بالمضي قدماً في خطط الحرس الثوري الإيراني لإقامة قواعد دائمة في سوريا». وأضاف فيفر: «لم يكن هذا قراراً بالإجماع. فالفصيل الذي يقوده روحاني يؤيد استثمار المبالغ الضخمة التي ستكلفها إقامة هذه القواعد في الاقتصاد المحلي الإيراني، بينما يحرص الحرس الثوري الذي يسيطر عليه خامنئي على الاستفادة من نتائج الاستثمار الذي قام به في دعم نظام الأسد خلال السنوات السبع الماضية». ونقل فيفر عن «عاموس يادلين»، القائد السابق للمخابرات العسكرية الإسرائيلية، قوله: «إن مضي الطرفين قدماً في هذا الطريق غير مأمون العاقبة»، فإيران «مصممة على تعزيز وضعها في سوريا، وإسرائيل مصممة على منعها من ذلك». واقترح يادلين أن تلعب روسيا، التي تساعد قواتها في دعم دفاعات النظام السوري الجوية، ويعمل دبلوماسيوها كمحاورين رئيسيين لكل من الإيرانيين والإسرائيليين، دوراً حاسماً. وقال في هذا الخصوص: «الصراع واقع لا محالة، ما لم يتدخل بوتين لمنعه». لكن الأحداث الأخيرة تشير إلى أن الروس لديهم تأثير محدود على إيران، وأنهم أكثر اهتماماً بتعزيز النظام السوري. وفيما يبدو أن بعض شخصيات السياسة الخارجية في واشنطن، حريصة على السماح لإسرائيل بمواصلة حملتها ضد الإيرانيين، فهم يرون أن الضربات الإسرائيلية ضرورية، في الوقت الذي يريد ترامب فك اشتباكه مع الصراع السوري، والاستعانة بطرف خارجي يتمثل في منافسي النظام من العرب السنة، من أجل تحقيق الاستقرار في البلاد. لكن خبراء آخرين، يؤكدون أن هذا النهج لا يرقى إلى مستوى استراتيجية حقيقية. وحول هذه المسألة كتبت «سوزان مالوني»، من معهد بروكينجز، تدافع عن فكرة انخراط دبلوماسي أكثر قوة من جانب إدارة ترامب، وتحذر من إقصاء الحلفاء عبر الانسحاب من الاتفاق النووي. وفي فبراير الماضي، أصدرت «مجموعة الأزمات الدولية» تقريراً حذرت فيه من أن جو التوترات الحالية في سوريا قد «زاد من احتمالات وقوع أخطاء في الحسابات». ومنذئذ تزايد التصعيد في سوريا أكثر فأكثر. *محلل سياسي أميركي ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©