الخميس 28 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

حقوق النساء في شمال إفريقيا

15 نوفمبر 2009 23:40
أحرزت المرأة في شمال إفريقيا تقدماً عظيماً في السعي لحقوقها والحفاظ عليها؛ وتتواجد النساء في هذه المنطقة، المعروفة بالمغرب، في طليعة العالم العربي من حيث الحقوق الفردية والمساواة في النوع الاجتماعي، ويشكّلن أمثلة تُحتذى للنساء العربيات الأخريات. ويمكن استنباط عدد من الدروس من تجارب المرأة الملهمة في شمال إفريقيا، وخاصة في المغرب وتونس. وقد تم تيسير عملية الوصول إلى العدالة إلى درجة كبيرة من جانب محاكم الأسرة الجديدة في المغرب، كما يتطلب قانون الأسرة المغربي لعام 2004. فقد أصبح بإمكان المرأة عندما تتزوج الآن أن تحتفظ بممتلكاتها بفضل المادة 48 من القانون، الذي يسمح بعقد منفصل لممتلكاتها إلى جانب عقد الزواج. ويتماشى هذا مع الشريعة الإسلامية حيث تبقى المرأة المالكة الوحيدة لممتلكاتها دون أي التزام قانوني بمشاركة زوجها فيها. إضافة إلى ذلك، فإن الأمهات المتزوجات من مواطنين أجانب في المغرب وتونس يستطعن إعطاء جنسيتهن إلى أطفالهن، وهو أمر لم يتمتع به في السابق إلا الرجال. حققت نساء المغرب تقدماً مهماً في مجال محاربة العنف ضد المرأة. وقّعت جميع الدول العربية تقريباً على أهم معاهدة دولية تمنع هذا العنف، وهي لجنة إزالة التمييز ضد المرأة (سيداو) باستثناء بعض المواد التي تتعارض مع التفسير الحرفي للشريعة الإسلامية. إلا أن المغرب وافق مؤخراً على المعاهدة بصورتها الكاملة. أصبحت القدرة على الكتابة والقراءة في أوساط الشباب وبالتدريج واقعاً حقيقياً، وطالبت المرأة بفرص تعليمية معيارية يمكن تحقيقها. وتشكّل المرأة أحياناً رأس حربة في الأعمال التجاريّة حيث يتزايد معدّل اختيارها لمهنتها بحرّية، وقد أخذت تشعر بأمان أكبر في مكان العمل نتيجة للقوانين التي تحارب التحرّش الجنسي، كما توافرت لها سبل الوصول الى أفضل العيادات والمزيد من الاستقلالية في اتخاذ القرارات المتعلقة بصحتهن الإنجابية. وقد انخفضت معدلات الخصوبة بشكل ملحوظ في المنطقة، من ما كان يزيد على ستة أطفال للمرأة في سبعينيات القرن الماضي إلى حوالي طفلين للمرأة الواحدة في المغرب وتونس والجزائر، حسب مجلة الدراسات الإفريقية والآسيوية. ويُعتبر هذا التخفيض مثيراً للإعجاب: حقق المغرب خلال 25 سنة ما احتاجت فرنسا إلى 200 سنة لتحقيقه. تقدمت المرأة في المغرب كذلك، عندما يعود الأمر إلى ممارسة حقوقهن السياسية وصوتهن الاجتماعي، بحيث أصبحت المزيد من النساء عضوات في برلمانات أوطانهن (43 في تونس و34 في المغرب و30 في الجزائر)، ومجالس الحكم المحلية (ما لا يقل عن 3406 امرأة في المغرب). كما لعبت المنظمات غير الحكومية دوراً أساسياً في دفع حقوق الإنسان قدماً في منطقة المغرب؛ يضمن التشبيك بين الجمعيات على المستويين الوطني ومستوى الجذور أن يتمكن الناشطون من نشر المعلومات وتحريك المجموعات المختلفة للمساعدة على تشجيع تشريعات أو مبادرات تساعد المرأة. وتزداد قوة شبكات الدعم مثل "أناروز"، وهي شبكة من جمعيات المرأة في المغرب، رغم التقاليد الاجتماعية المحافِظة للمجتمع؛ وقد ساعدت منظمات حقوق المرأة والناشطون الأفراد الحكومة على تحسين حقوق جميع النساء، الأمر الذي تنظر إليه الدولة على أنه سبيل لتحسين المجتمع ككل. من الدروس الأخرى التي تقولها التجارب المغربية والتونسية، أهمية المكانة التي تعطى للنوع الاجتماعي ودراسات المرأة في بعض الجامعات؛ فقد أثبتت هذه البرامج الأكاديمية منهجيتها في تغيير وجهات النظر والمواقف والهياكل الاجتماعية التي تقف عائقاً أمام المساواة في النوع الاجتماعي. من الأسباب الرئيسية للتقدم البطيء في حقوق المرأة في بقية العالم العربي، خوف لا أساس له بين المحافظين من أن يشكّل إعطاء المرأة كامل حقوقها فرضاً للقيم الغربية وانحرافاً عن القيم والمعايير الإسلامية، إلا أن أنصار حقوق المرأة في المغرب بذلوا كافة الجهود في فكرهم وعملهم ليثبتوا أن النظام الأبوي والمعايير الاجتماعية، وليس الإسلام هو من يشكل جذور مشاكلهم. تسعى دول المغرب إلى تفسير الإسلام في مضامين اجتماعية حديثة من خلال قوانين الأسرة المعدّلة، التي تضمن حقوق المرأة دون التعرض للقيم الإسلامية، فالمستقبل هناك يعتمد بدرجة كبيرة على كل من عمل ناشطي المجتمع المدني والإصلاح القانوني الإسلامي المستمر بناء على حقوق الإنسان العالمية. أستاذة في اللغات ودراسات النوع الاجتماعي ينشر بترتيب مع خدمة «كومون جراوند» الإخبارية
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©