أكتب قبل مباراة ألمانيا وأستراليا في بطولة القارات بروسيا، وهذا أفضل كي لا يبدو أنني أبني فكرتي عن «المانشافت» استناداً الى النتيجة أو تأثراً بها.. فالفريق الألماني مكون من عناصر شابة، ويرى لوف المدير الفني أن كأس القارات فرصة جيدة للاستعداد لكأس العالم، ويعتبر التأهل لدور الأربعة إنجازاً، وكثير من الخبراء يرون الفريق الألماني بتشكيله الشاب صيداً سهلاً ولا أرى ذلك صحيحاً!
يغيب عن منتخب ألمانيا سامي خضيرة ومسعود أوزيل وتوني كروس وماتس هوملز وتوماس مولر وجيروم بواتينج وماركو ريوس وماريو جوميز ومانويل نوير وماريو جوتزه وبينديكت هوفيديس وجيوندوجان.. فبمن ذهب لوف إلى روسيا ؟
الألمان أساتذة بناء.. الدولة التي دمرت في حربين عالميتين أصبحت قوة عالمية اقتصادية، وحين شعر الألمان بانهيار كرة القدم في بلادهم عام 2000 عقب إخفاق المنتخب في بطولة الأمم الأوروبية، قرر الاتحاد الألماني دراسة أسباب المشكلة، وبعد الدراسة وجد الاتحاد أن كرة القدم تعانى من ندرة المواهب، فقرر ضخ 800 مليون يورو وبناء ملاعب في مختلف أنحاء البلاد، وإعداد أجيال جديدة من المدربين للإشراف على مراحل الناشئين والشباب.
و الآن يوجد في ألمانيا 17 ألف مدرب (سبعة عشر ألف مدرب لفرق الشباب)، بينما يصل عددهم في إنجلترا إلى 900 مدرب فقط، وحصد الألمان نتيجة هذا العمل الذي استمر 10 سنوات في مونديال 2010، فقد نجح الرهان على الشباب وهبط الألمان بمعدل الأعمار في الفريق، وأضاف ذلك الحيوية والديناميكية على الأداء، كما أنها المرة الأولى في تاريخ الكرة الألمانية التي يلعب فيها لاعبو المنتخب في بطولة كبيرة بتلك البهجة والفرحة والاستمتاع.. لم يكن لاعبو ألمانيا يبتسمون وهم يلعبون وكان الفريق الألماني يستحق اللقب بما قدمه من أداء لكن الكأس ذهبت إلى إسبانيا.
أذكر أنه بعد فوز ألمانيا الكبير على الأرجنتين في مونديال جنوب أفريقيا قال فرانز بيكنباور: «كنا في بلادنا نرى أنه من الضروري أن نترك الكرة الجميلة والأداء الرفيع في غرفة الملابس، ونخوض مبارياتنا بصرامة خالية من الإبداع».
الكرة الجميلة لم تعد «رقصة وترقيصة» هي الآن الانضباط والدقة والالتزام والسرعة والتحرك بالكرة وبدونها.. الكرة الجميلة هي في روح الفريق والمساندة، وفى الدفاع الصارم، وفى الهجوم الشرس.. إذن مفاهيم الجمال في كرة القدم تغيرت..
أعجب بألمانيا حتى لو كانت هزمت من أستراليا، وأنا أسطر تلك الكلمات!
عدد اليوم
