الخميس 18 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الدكتور سعيد يقطين يقترح مداخل ثقافية للعصر التكنولوجي

الدكتور سعيد يقطين يقترح مداخل ثقافية للعصر التكنولوجي
4 سبتمبر 2008 01:32
يطل علينا الكاتب والناقد المغربي البارز الكتور سعيد يقطين بكتاب جديد سماه ''النص المترابط ومستقبل الثقافة العربية/ نحو كتابة عربية رقمية''، يسلط فيه الضوء على الظروف التي دفعت به لإنجاز كتابه الأول ''من النص إلى النص المترابط'' مؤكدا أنه كان ينطلق من وعي عميق بضرورة الدخول في العصر الرقمي، بالرغم من الانتقادات والمؤاخذات التي تعرضت لها دعوته بضرورة توفر العرب على مفاهيم عربية للشبكة العنكبوتية وعالمها السحري الفسيح· أطروحة مركزية يقول يقطين إن هذا الكتاب ''يدافع عن أطروحة مركزية''، مؤكدا ''ما كان لهذه الأطروحة أن تتشكل لدينا وتتبلور لولا ما تطارحناه في ''من النص إلى النص المترابط''، ولولا اضطلاعنا بتطوير القضايا والإشكالات التي تمحور حولها· ويضيف: لقد جعلنا مدار ذاك الكتاب فكرة مؤداها: الوسيط الجديد يؤدي إلى خلق أشكال جديدة للإنتاج والتلقي· وكان الهدف المركزي الذي ننشد يتمثل في حث المثقفين والكتاب والأدباء والفنانين على الانتباه إلى الأشكال التعبيرية الجديدة التي بدأت تظهر في أميركا وأوروبا، وفي الوقت نفسه دعوة النقاد والباحثين إلى الاهتمام بالتطورات التي لحقت بالنظريات الأدبية بسبب ظهور ما يسمى بـ''النص المترابط'' و''الأدب التفاعلي'' أو ''الأدب الرقمي''، وبمختلف أنماط الدراسات في مختلف المجالات التي تتصل بالإنسان في علاقاته بإشكال الإعلام والتواصل الجديدة''· أما الأطروحة التي يبنى عليها هذا الكتاب فيؤكد المؤلف أنه يمكن تلخيصها في العبارة التالية: ''إن توظيفنا تكنولوجيا الإعلام والتواصل في إنتاج النص وتلقيه لا يعني بالضرورة أننا دخلنا العصر الرقمي· وأننا مطالبون لدخول العصر الرقمي تمثل روحه لا الاكتفاء بوسائله وأدواته''· ومعنى ذلك، بتعبير آخر، هو أننا بدأنا ''ندخل'' عالم الرقميات ولكننا محملون بذهنية ما قبل رقمية· والغريب هو أننا نتصور، ونحن نمارس هذا الدخول أننا ننتقل فعلا إلى العصر الرقمي· يعود السبب في ذلك إلى أننا نتعامل مع الوسيط الجديد (الحاسوب والفضاء الشبكي) باعتباره أداة أو وسيلة (تكنولوجيا)، لكن بدون روح تتلاءم معها''· فالحاسوب ''ليس سوى آلة كتابة متطورة، والتجوال في الفضاء الشبكي لا يختلف عنه في المكتبات غير المنظمة· وإبداعاتنا ومختلف أنماط كتاباتنا ومكتباتنا التي نقلناها إلى الفضاء الشبكي ظلت محافظة على كل مكوناتها ما قبل الرقمية· ولذلك كان ما يزخر به الفضاء الشبكي العربي هو فقط عبارة عن نصوص ''ورقية'' ذات بعد كتابي (طباعي) حولت، بواسطة ترقيمها، إلى شاشة الحاسوب· عندما لا تتغير أنماط كتابتنا، تلقيا وإبداعا، وتتلاءم مع مقتضيات الوسيط الجديد ومتطلباته، يكون لذلك معنى واحد هو: عدم التلاؤم مع العصر· لذلك فإننا بتمييزنا بين الالكتروني والرقمي، نكون نحدد نمط الدخول الذي قمنا به، ونحن نتعامل مع هذه التكنولوجيا، باعتبارها أداة فقط· إن هذا النمط يؤكد أننا ما نزال في المرحلة الالكترونية ويتعين علينا لدخول العصر الرقمي والتلاؤم معه، العمل على الارتقاء إلى المرحلة الرقمية''· وعي رقمي ويؤكد المؤلف أنه: ''لا يمكننا الحديث عن مرحلة رقمية في الإنتاج والتلقي بدون حضور وعي رقمي، وتفكير رقمي، ورؤية وفلسفة رقمية للأشياء والعالم· ودون تحقيق ذلك حديث ونقاش فلسفي واجتماعي ومعرفي، لم نتجاذب أطرافه بعد لتحديد نمط هذا الوعي وذاك التفكير وتلك الفلسفة والرؤية· إن الأسئلة التي تقودنا إلى خوض مثل هذا النقاش لتجديد الرؤية والتفكير هي من قبيل: كيف نعيش عصرنا؟ كيف يمكننا أن نفكر رقميا؟ كيف يمكننا أن نكتب رقميا؟ وكيف يمكننا أن ''نقرأ'' رقميا؟ هل طرق التفكير والكتابة التي انتهجناها في غياب ''الرقميات'' و''الوسائط المتفاعلة'' هي نفسها التي علينا مزاولتها في حضورها؟''· ويتساءل المؤلف: ''هل التفكير في الأدب وتدريسه على سبيل التمثيل، يجب أن يظل كما كان في القرن الماضي؟ أم أن عليه التلاؤم مع مرغمات الوسائط الجديدة وشروطها ونحن في بدايات القرن الحادي والعشرين؟ هل حصل تطور حقيقي؟ أم أنه تطور شكلي أداتي فقط؟ هل على الكتابة الصحفية في الفضاء الشبكي، مثلا، أن تظل متصلة بالنمط الذي كان سائدا قبيل الكتابة الرقمية؟ أم أن عليها الارتقاء إلى المتطلبات الجديدة؟ لما يطرح عندنا بعد الحديث عن الدولة والانتخابات الرقمية، فهل نمارس الانتخابات، وقد صارت هذه الأمور واقعا، بالشكل الذي يمارس الآن؟ أم أن الرقميات، في المجال السياسي ستظل بمنأى عن الانتقال إليها، وإن صار الآن من الممكن الحديث عن ''الهوية الرقمية'' في العديد من البلاد العربية؟!· الجديد والتقليد ويؤكد الدكتور يقطين على ''إن رهان الثقافة العربية ومستقبلها موصولان باقتحام العصر الرقمي بوعي جديد وبرؤية جديدة· أما العيش فيه بذهنيات تقليدية فلن يسهم في تطورنا البتة· قد تكثر المواقع الالكترونية والمدونات، ولكن بدون تجديد الذهنية، واللغة والكتابة، وطرائق التفكير، سنظل بمنأى عن التلاؤم مع العالم الذي يحيط بنا، وتكون مساهمتنا فيه محدودة وضيقة كما هو الأمر الآن· إن دخولنا العصر الرقمي وتلاؤمنا معه يتم عبر إنتاج ''النص المترابط'' وانتهاج ''الترابط النصي'' محورا أساسيا في النظر والعمل· ولا يمكن أن يتحقق ذلك بالطريقة المناسبة دون تجديد الكتابة العربية· الجدير بالذكر أن الدكتور سعيد يقطين يعتبر من أهم النقاد في المغرب وله في المكتبة العربية الكثير من الكتب التى تتسم بالجدية والعمق· وهو أول فائز بجائزة اتحاد كتاب الأنترنيت في دورتها الأولى· حكايات تزيّنها الخرافة عن فتيات قاصرات وأمل معذّب حياة النساء في اليمن كما ترويها الفرنسية نجيبة علي المقري، يمكن لهذا الكتاب أن يُقرأ كوثيقة انثروبولوجية عن حياة نساء اليمن في عقد الستينات من القرن الماضي، كما يمكن قراءته كعمل أدبي يحفل بمتخيل غرائبي وعجيب في إطار صورة تعكس حال المرأة اليمنية في واقع يتناسل من بعضه إلى الآن· فكتاب الفرنسية كلودي فايان ''حياة النساء في اليمن: حكايات صديقتي فرانس هوس'' الصادر الأسبوع الماضي عن جامعة ذمار، بترجمة بشير زندال، يحتوي على عشرات الحكايات التي تسردها الفرنسية فرانس هوس على صديقتها السيدة فايان التي سبق أن ألّفت كتاباً ملفتاً بعنوان ''كنت طبيبة في اليمن'' عن حياتها في هذا البلد خلال خمسينات وستينات القرن الماضي· فرانس هوس والتي صارت تعرف باسم نجيبة، بعد زواجها من يمني عام ،1948 دعت إلى منزلها في صنعاء نساء من مختلف الأعمار لتتكشّف مع فايان الكثير من جوانب حياتهن· فتيات قاصرات في الكتاب نتعرف على هند التي تزوجت مبكرا جدا (قبل أن تحيض بثمان سنوات) من رجل في منتصف العمر، توفي بعد إنجابها أربعة أولاد، عاش منهم اثنان، لتحل زوجة رابعة لأخ الزوج المتوفي بعد أن طلّق إحدى زوجاته الأربع لهذا الغرض، وقد أنجبت هند من الأخير خمسة أطفال عاش منهم أربعة· تقية هي الأخرى، بعد وفاة أختها، تقدم إليها زوجها (علي)، فوافقت بعد تردد، وكانت ما تزال في الثانية عشرة من عمرها؛ وإذ تعامل معها في البداية بلطف تبعا لنصيحة والدتها، فإنّه أمام ازدياد تمنّعها عن الخضوع لرغباته، وجد نفسه يسمع رأياً مختلفاً من أمّها التي حثّته هذه المرّة ''أن يكون أكثر حزماً معها عندما يظهر رغبته''؛ لكن المشكلة لم تحل، وفي ظهر أحد الأيّام، حين عاد الأهل إلى البيت، لم يجدوا تقيّة، وظلّوا يبحثون عنها عدة أيّام حتى وجدوا جسدها مغطى بالجروح بين أشجار الصبّار التي لا تبعد كثيراً عن المنزل، فما الذي حدث؟ ''هل ضربها الزوج وقتلها في لحظة غضب ثم جرّها إلى هناك؟ هل فرّت لتلتقي بشخص خطر؟''· ليس هناك من جواب· الكتاب الذي قدّمه الدكتور عبد العزيز المقالح، تورد مؤلّفته إحصائية تضيء جانبا مهمّا من حياة نساء اليمن في تلك الفترة، فقد تم سؤال 200 امرأة متزوجة، لتجيء النتيجة أن 112 منهن تزوجن قبل البلوغ، وهؤلاء توزعن على: 4 حالات أتتهن العادة الشهرية في يوم الزواج نفسه، و8 حالات أنتظر الزوج حتى بلوغ الزوجة ليطلب علاقة جنسية كاملة، و18 حالة طلب الأزواج فيها علاقات فوراً، ولكن بلطف كي لا يُرفض طلبهم، وهناك 72 حالة انتظروا وقتاً كافياً كي يقيموا علاقات، ولكن مع ذلك قبل البلوغ، وفي 10 حالات تسببت الرغبة المتوحشة والعنف من الزوج إلى هروب أو وفاة الفتاة الصغيرة· العيش إذ يُحكى من إشارات هذه الأرقام يمكن معرفة الحكايات الأخرى عن فاطمة وكاذية وكريمة ولطيفة وسعيدة وأمينة وخيرية ووردة ومريم وغيرهن، وفيها نعرف الآثار الناتجة عن زواج الفتيات القاصرات، وانفعالات الضرائر والمطلّقات، إلى جانب ملامح من وجوه المنتحرات والمشعلات بالغيرة؛ وبين سطور معظم الحكايات تُسرد الخرافة بصفتها أسلوب حياة، أو جانبا منها· قراءة في معتقدات المحافظين الجدد ونظرتهم إلى العالم القديم والحديث الهرم الذهبي ·· سياحة في الكتب الدينية صدر حديثاً عن دار فضاءات للنشر والتوزيع في الأردن كتاب بعنوان ''الهرم الذهبي: المرجع في الحكمة السرية'' لمؤلفه القاضي عامر عريقات الباحث في علم مقارنة الأديان والأساطير، وقد جاء هذا الكتاب ثمرة عمل متواصل من البحث والترجمة والتنقيب بكل ما يتعلق بدراسة معظم طوائف العالم الدينية وبشكل خاص ذات التعاليم السريّة منها· جاء في مقدمة الكتاب أنه ''مع أحداث الحادي عشر من أيلول ،2001 التي باتت علامة فارقة في التاريخ العالمي الحديث، تراجع المثقف الأميركي فوكوياما، صاحب أطروحة نهاية التاريخ، عما ورد فيها من ''تنبؤات'' بسيادة النموذج الرأسمالي الأميركي، وخصوصاً بعد احتلال العراق، أما المثقف الأميركي الآخر صموئيل هنتنجتون، صاحب أطروحة: صدام الحضارات، فأشار بعد تلك الأحداث، وبعد أن تلقفها تيار المحافظين الجدد الحاكم في البيت الأبيض والبنتاجون، إلى أنه قد قرأ المستقبل وتنبأ بما حدث· ويدري مَنْ قرأ تلك الأطروحة السامة والمسمومة بموقع الإسلام منها، ومدى الافتراءات فيها، ليس على الإسلام وحده، بل تطال معتنقيه أيضا على نحو عنصري بغيض يشير إلى طبيعة التربية الدينية لهذا المثقف، وللمحافظين الجدد الذين نشأوا عليها في الولايات المتحدة الأميركية، وعلى أساسها ينظرون إلى العالم''· ولا يشكل كتاب ''الهرم الذهبي'' ردا مباشرا، أو غير مباشر، على تلك الأطروحة التي مرّ عليها قرابة عشرين عاما، بل هو في جانب منه قراءة لمعتقدات دينية مقدسة نشأ عليها المحافظون الجدد، وتحديدا حركة المتجددين، التي ينتمي إليها القس العنصري بات روبرتسون، الذي اعتبر أن إصابة مجرم الحرب شارون بجلطة هو عقاب إلهي على انسحابه من غزة، حيث إن أرض إسرائيل هي لها بموجب أمر إلهي لا يمكن التنازل عنه أو نقضه، وأن تعبير (الصهيونيّة المسيحية) يطلق أساساً على هؤلاء المتجددين، وهم متغلغلون في المجتمع الأميركي ويجمعون التبرعات لصالح إسرائيل· ومن جانب آخر يقدم المؤلف ترجمة وافية وممتعة لكتاب ''مفتاح داوود'' لإلياقيم بن حلقيا، الذي يشرح كاتبه من خلاله الكيفية التي ينبغي عبرها فهم الكتاب المقدس بعهديه، وجملة التأويلات العنصرية تجاه الآخر، بل كل الآخرين إلى الحدّ الذي يبعث الخوف في النفس حقيقة· وهناك أيضا الكتب الدينية الأخرى ذات الطبيعة السمحة، والتي كلها شرقية المنشأ تقريبا، وتفيض بالسماحة والأخوة الإنسانية بشاعرية عذبة ومؤثرة· والكتاب من هذه الزاوية أشبه ما يكون بسياحة من نوع ما في الكتب الدينية، التي أسست للسلوك الراهن للبشر والدول ونظرتهم إلى العالم القديم والحديث· يبقى القول إن هذا الكتاب ليس تجميعياً، بل اختيرت مادته بين الدراسة وعرض المفاهيم الأساسية والترجمة، بحيث يطلّع القارئ العربي على المبادئ الدينية الأساسية التي يتحرك من خلالها العالم الآن، في هذه اللحظة التي يتعرض فيها الإسلام لهجوم لا سابقة له، وتتعرض البلاد، التي خرج إلى البشرية منها، إلى غزو واحتلالات ونهب منظّم لثرواته وخيراته· في الوقت الذي يرى فيه القارئ، أن رؤية الإسلام للإنسان والعالم أكثر تسامحاً وبساطة وعمقاً من سواه، خصوصا في ما يتعلق بأتباع الأديان السماوية الأخرى· وبمعنى ما قد يكون سياسيا، يمكن للقارئ أن يكتشف إلى أي مدى تشير النصوص في هذا الكتاب إلى ''إرهابية'' الاستخدام السياسي للدين، الذي تنتهجه سياسة البيت ''الأبيض''، سواء للدين الذي ينتمي إليه أصحاب القرار في ذلك البيت، والتي يمكن اختصارها بالقول على لسان الحال ''لأنني الأبيض من المحافظين الجدد، ومن حركة المتجددين، والأميركي الأول صاحب التجربة الفذة في التاريخ، والذي يقود العالم الآن، فإنني أجدر منك أنت هنا بخيرات بلادك، وأحق على أسس يتيحها تأويلي للعبارات الدينية التي أومن بها''· دراسة تخوض في مأزق الإمبراطورية الأميركية ما بين السياسة والاقتصاد القوة المفرطة لا تدل على صلابة مستخدمها غادة علي كلش، يبني الباحث فنسان الغريب في دراسته: ''مأزق الإمبراطورية الأميركية'' أركان تحليله الشامل لهذا الموضوع، على ثلاث نقاط مفصلية، بدءاً من مقاربة نظرية عامة، مروراً بإطلالة تاريخية حول تطور مشروع الهيمنة الأحادية الأميركية، وصولاً إلى تحليل أزمة النظام الرأسمالي، ومأزق الاقتصاد الأميركي، معرجاً في الوقت عينه، على جوهر ارتباط السياسية الخارجية الأميركية بالأزمة ـ المأزق المتمثلة بهجمات 11 سبتمبر ،2001 وما نتج من هذا الترابط العضوي بين هذين المتغيرين: المأزق الاقتصادي والسياسة الخارجية· أزمة نظام عند هذه المقاربة الفكرية والتفسيرية لما أسماه الباحث بمأزق الامبراطورية الأميركية، يحاول فنسان في هذا الكتاب، إصابة الهدف الأساسي من مضمونه الكلي، وهو ''إثبات أن السياسات الخارجية المتبعة ليست سوى مظهر من مظاهر أزمة النظام الرأسمالي الدولي، ورد عنيف على المأزق الاقتصادي في أميركا، الذي دفع المحافظين الجدد باتجاه اعتماد السياسات الخارجية التوسيعية هرباً من الأزمات الداخلية، وحفاظاً على الموقع الأميركي الأحادي المهيمن حالياً''· فما هي نتائج هذه السياسات على الإمبراطورية الأميركية التي بدأت تنزلق نحو فخ التمدد المفرط؟· لا شك في أن الباحث رجع في دراسته هذه قليلاً إلى الوراء، على صعيد قراءة مجمل النظام الرأسمالي العالمي، خلال سنوات التسعينات من القرن الفائت، حيث شهدت تلك المرحلة انهيار الاتحاد السوفيتي، وترحيباً كبيراً من قبل الناطقين باسم الطبقة الرأسمالية العالمية· لكنه ـ أي الباحث ـ رصد تصرف هذا النظام الرأسمالي، وأظهر كيف أصبح في موقع سيئ جداً، وكيف بات يعيش اليوم وبحسب الباحث نيك بيمز، في جو من الخوف بسبب الخشية من وقوع انهيار مالي· ففي الولايات المتحدة مثلاً ـ يضيف فنسان ـ كان استخدام القدرة الإنتاجية في الصناعة، قد وصل إلى حوالى إثنين وسبعين بالمئة، إلا أن الاستثمار لم يكن يبدي أي علامة من علامات النمو، وكان الاقتصاد بمجمله يلقى الدعم والمساندة من قبل الخزانة الاتحادية، إذْ تم فرض معدل فائدة يساوي صفراً بالمائة، أما عجز الميزانية الأميركية فهو في ازدياد دائم يوماً بعد يوم، كما أن معظم الولايات الأميركية على شفير إعلان إفلاسها، وقد أصبح عجز ميزان المدفوعات يساوي أكثر من خمسمائة مليار دولار، وهو على ازدياد، ولتمويل هذه الفروقات والعجوزات في المدفوعات، يجب على الولايات المتحدة، أن تسحب مليون دولار كل دقيقة من باقي دول العالم، من هنا تتوضح لنا الدوافع الاقتصادية وراء السياسة الخارجية الأميركية التي تهدف أول ما تهدف إلى محاولة سد عجزها الاقتصادي، ومنع منافسيها من التفوق عليها اقتصادياً· إلى ذلك، يحذرنا الباحث من مخاطر أزمة الاقتصاد العالمي غير المعروفة النتائج حتى الآن· مشيراً إلى أن شعار الرأسمالية الذي أطلق في بداية التسعينات حول ابتداء حقبة جديدة من النمو والازدهار، كان شعاراً مبالغاً فيه بشدة· فالركود المتعاظم، والمضاربات المالية، والتشغيل الزائد للقدرة الصناعية، واللاتوازنات الاقتصادية الكبرى، كل هذه المؤشرات، هي عوارض متنوعة لأزمة حادة، تضرب مسار التراكم الرأسمالي· تكلفة باهظة إن النظام الدولي اليوم، بحسب المؤلف، ''يعاني التكلفة الباهظة للمشروع الامبراطوري الجديد القائم على الفوضى''· ويستشهد الباحث في هذا المقام برأي الدكتور عبد الحليم فضل الله الذي ذهب إلى إعتبار الولايات المتحدة الأمريكية التي فقدت تفوقها الاقتصادي وجاذبيتتها الايديولوجية، تسعى إلى موازنة ذلك باستثمار تقدمها العسكري التاريخي إلى أبعد حد، حتى ولو أدى ذلك إلى أزمات واضطرابات وردود فعل غير مرغوب فيها· بيد أن الامبراطوريات التي تتفوق في الحرب وحدها، هي في نظره امبراطوريات عاجزة، وفي طور الأفول، وطور الأفول هذا قد يكون طويلاً وحافلاً بشتى أنواع المخاطر والمتاعب''· تمكن أهمية هذه الدراسة في فصولها المشبعة بالمعلومات السياسية والاقتصادية، وبالقراءات النظرية والميدانية التي تحيط بالمفاهيم المرتبطة ''بالنظام الدولي''، ''والقطبية الأحادية الأمريكية'' و''الهيمنة'' و''الحرب الاستباقية'' و''الحرب الوقائية'' وسواها· وتنقسم الدراسة إلى أربعة فصول محورية هي: ''الإطار النظري للدراسة''، ''مأزق الاقتصاد الرأسمالي الأميريكي''، ''الحفاظ على الهيمنة الأحادية كأداة للخروج من المأزق الاقتصادي''، و''الشرق الأوسط ''الأمريكي'' و''بدايات السقوط''· ويخلص الباحث فنسان الغريب إلى تأكيد ما قاله الكاتب بشير نافع، بأن ''الامبراطورية الأميركية'' اليوم لا تختلف عن تلك الامبراطوريات القديمة، ولا تقل دموية عنها، ''إذ نشهد لجوءَها إلى إستخدام القوة المفرطة في مرحلة السقوط التي تمر بها''· من هنا فإن السؤال المطروح حالياً، يدور حول ماهية الوسائل الكفيلة بالحد من هذا التوجه الدموي ومن تمدده في بلاد عديدة من أرجاء هذا العالم، ومنها بالأخص دول هذه المنطقة العربية· المصرية القديمة شاركت العربية في عدد من التصريفات وفي تاء التأنيث واستعمال الواو للجمع أصول واحدة للغتين جارتين أحمد الصاوي، منذ صدور هذا الكتاب في منتصف عام 2007 وهو يثير جدلاً واسعاً في أوساط المتخصصين في فقه اللغات القديمة وينقسم المعنيون باللغة المصرية القديمة بين متحمس له ومعترض عليه· وكتاب ''البرهان على عروبة اللغة المصرية القديمة'' يعد تتويجاً لسلسلة من المؤلفات التي أطلقها الدكتور علي فهمي خشيم، رئيس مجمع اللغة العربية في ليبيا للكشف عن الوجه العربي للغة المصريين القدماء، بدأها بكتابه عن آلهة مصر القديمة واختتمها بهذا السفر الذي يمكن اعتباره معجماً فريداً في بابه للمقاربة بين اللغة المصرية القديمة واللغة العربية· وفي رأي الدكتور خشيم أن أفضل سبيل لمعرفة صلة لغة بأخرى هو البحث في الجذور الأولى لأي منهما أو لكل منهما ويعني بذلك مفردات الحياة اليومية وما يحتاج إليه الانسان في عيشه وفي تعامله مع محيطه الطبيعي· ووفقا لهذه القاعدة يؤكد المؤلف أن هناك علاقة تزداد وضوحا كلما مضى البحث قدما في المقارنة بين اللغتين المصرية القديمة والعربية العدنانية أو المضرية، لغة الجزيرة العربية التي نزل بها القرآن الكريم وانتشرت بفضله· بدايات لغوية ويعتبر علي فهمي خشيم أن الإنسان في بداية عهد سحيق في القدم كان يعبر بالمقطع الواحد عن أمر ما ''قبل أن تتطور أدوات الكلام لديه'' ثم نمت قدراته واتسعت مداركه وتطورت أدواته الصوتية والعقلية فجاءت مرحلة الجذر الثنائي للألفاظ وتلت ذلك مرحلة الجذر الثلاثي وهي أوضح ما تكون في العربية العدنانية وهي مرحلة متطورة جداً يسميها المؤلف مرحلة الكمال، وفي هذه المرحلة العليا نزل القرآن الكريم· ويقدم خشيم من المعجم المصري القديم بعضاً من أمثلة الكلمات الأحادية مع مقاربتها بالعربية مثل كلمة ''با'' وهي تعني في المصرية القديمة ''نفس حياتيه'' أو روح حيوانية ''النفس النامية حسب تعبير أرسطو'' مؤكداً رأي علماء أجانب من أمثال ''امبير'' بأن اللام ساقطة من أصل الكلمة ''بل'' وهي تقارن بالعربية بال والبال هي النفس، ورمزها في الهيروغليفية رسم لصورة طائر· وكلمة مثل ''سا'' التي تعني في المصرية القديمة ابن يمكن مقاربتها إلى ''ذو'' في العربية وكذلك سوى ''السواء'' والمثل باعتبار الابن صورة من ابيه وقد لاحظ ان في المصرية القديمة تعني كلمة ''مس'' الولد او الابن كما تعني ايضا: مثل ـ شبيه· كلمات أحادية وهناك ايضا حشد من الكلمات الاحادية المقطع المقاربة للعربية مثل ''ب'' التي تعني في المصرية القديمة مكان وهي من العربية بوأ ـ تبوأ أي أخذ مكانا والبيئة هي المكان، وهناك ''د'' التي تعني أعطى وفي العربية أدى ـ أعطى، وكذلك ''ث'' التي تشير في المصرية القديمة إلى معنى ''زمن ـ حين'' وفي العربية: توا ـ التو أي الزمان، الحين· ومن الكلمات الثنائية المقطع أورد المؤلف عددا من الكلمات المصرية القديمة المقربة للعربية مثل ''إب'' بمعنى نبات وهي في العربية ''أب'' وفي القرآن الكريم ''وفاكهة وأبا''، ومثل ''تب'' بمعنى رأس مرتفع وفي العربية تبا ـ ارتفع، و''حي'' التي تعني بالمصرية القديمة مطر وفي العربية حيا ـ مطر، و''حر'' أي أعلى، فوق مرتفع ويقابلها بالعربية حرر، وحر الوجه أعلاه وكذلك ''شم'' وهي في المصرية القديمة صيف، حرارة وبالعربية لدينا ''سموم ـ حرارة'' و''عر'' أي الاسد في المصرية القديمة وبالعربية نجد: عرار ـ عروة ـ الأسد· ثم ينتقل المؤلف بعد ذلك إلى اختبار فرضياته حول عروبة اللغة المصرية القديمة باستخدام قواعد اللغتين مؤكدا ان المعول عليه هو قواعد اللغة، نحوها وصرفها، وما تبنى عليه من نظام قاعدي لاستعمال الألفاظ اسما وما يتبعها من تصريف بحسب الحال، وفي ذلك يرى الدكتور خشيم ان التوافق يوشك ان يكون تاما بين المصرية القديمة والعربية في قضايا مثل الاسم والعدد وعلامة الجمع والعطف والتثنية والاضافة والمنادى والضمائر وأسماء الإشارة وأداة التعريف والأسماء الموصولة والصفة والأفعال وحروف الجر وأدوات الاستفهام· فالمصرية القديمة شاركت العربية في عدد كبير من التصريفات، وفي اتخاذ التاء للتأنيث، واستعمال الواو للجمع واتفقت المصرية مع لغة اليمن القديمة في اتخاذ الياء للمثنى ''المصرية تا أي أرض وتاوي ارضان وفي اليمنية ثنتي صفحتي اي صفحتان''، وهي كالعربية عرضا ياء النسبة ''رس: جنوب/ رسي: جنوبي/ رسيت/ جنوبية بياء النسبة وتاء التأنيث''· بين لغتين وقد اسهب المؤلف في شرح بعض الظواهر البارزة المشتركة بين المصرية والعربية واهمها القلب والإبدال والقلب او القلب المكاني هو ان يقدم حرف في الجذر الثلاثي ليحل محل آخر في نفس الجذر، يؤخر ويظل المعنى مع هذا واحدا· ففي العربية ''عطس'' يمكن ان تنطق ''سعط'' و''فرغ'' تصبح ''فغر'' وفي العامية المصرية امثلة واضحة مثل ارانب ''أنارب'' أما في المصرية القديمة فنجد لفظا مثل ''مرح'' يقابل معناه الحرفي بالعربية ''رمح'' وايضا الكلمة المصرية ''شنوت'' التي تعني في المصرية القديمة وإلى اليوم تخزين الحبوب ويقابلها في العربية ''شونت'' والشونة هي المخزن· أما الابدال الشائع في العربية والمصرية القديمة على السواء فمعناه ان يبدل الصوت بآخر يكون في الغالب الاعم قريبا من الصوت المبدل ولا يمتنع ان يكون بعيدا عنه وهذا ما يسمى بالتعاقب كذلك· ومن امثلته في اللغة المصرية القديمة كلمة ''إعب'' اي قدح وهي في اللغة العربية ''وعب'' و''إو'' التي تعني في المصرية القديمة كلب ويقاربها بالعربية عوى/ أوى ''لذلك سمى ابن آوى لصوته'' وهناك أيضا ''إب'' اي قلب وبالعربية ''لب''، والكلمة المصرية القديمة ''حأت'' أي جدار كما في العربية حيط، حوط ''حائط'' ومثلا الكلمة المصرية ''دردن اوراق الشجر'' التي تقربها بالعربية جريد ''النخل''
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©