الثلاثاء 16 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

ومن الحكّام.. حُكماء

ومن الحكّام.. حُكماء
15 ابريل 2015 21:55
يصعب على المرء أن يحيط بكل ما يحمله كتاب «رؤيتي» من دلالات، وما ينطوي عليه من حكمة ووعي ومعرفة.. ففي كل قول يعثر القارئ على ما يدهشه، ومن كل عبارة تولد معانٍ لا تحدّ.. وما هذه القراءة سوى غيض من فيض سموّه. مفاتيح صيغ الكتاب بلغة سهلة وسلسة للمواضيع المطروحة (شملت التجارب المختلفة والمتباينة في القيادة والإدارة والسياسة والنجاح والصداقة والعائلة و..... إلخ)، وهو منهج نجاح وأسلوب مدروس في فن التطوير الذاتي للشخصية، التي تريد التميز والتفوق. ففيه يتحدث صاحب السمو حاكم دبي عن الطاقة الإيجابية، والإبداع، والحفاظ على الهوية، والتوازن، واحترام الوقت، وتحدي المستحيل.. وكثير من الجوانب التي تجعل من الفرد قائداً في مجتمعه، إلى ذلك، يعلمنا الكتاب كيف يكون نجاحنا من صنع أيدينا. وتشكل الموضوعات التي طرحها الكتاب (36) موضوعاً مفاتيح رئيسة للإدارة والتنمية والثقافة وفلسفة التعاطي معها، وتأتي ومن واقع خبراته المتراكمة ومن وجهة نظر رجل خبر الحياة وتقلباتها، وأسهم بدور بارز في مسيرتها، وما استمده من معارف وخبرات من خلال مدرسة «زايد» و«راشد» (رحمهما الله). وباعتباره أحد الشخصيات المؤثرة في عملية التنمية في بلاده، وفي مجمل حالة التغيير التي شهدتها دولة الإمارات، فإن تلك الرؤى تحولت إلى نموذج تنموي، فقد كانت لديه القدرة: على تحويل لحظات المعاناة والأزمات واليأس إلى إنجاز ونجاح. قائد تجد فيه نخب اقتصادية وثقافية وسياسية وإعلامية محلية وإقليمية مثالاً يحتذى به. من يملك تلك الخصائص لا بد أنه يجلس على كرسي من المجد. والإمارة التي يتولى مقاليد الحكم فيها محظوظة بهذه الكينونة القيادية. في تسعة أعوام كان ولا يزال وسيبقى صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد يعمل أكثر مما ينام. ويجسّد عمله على الأرض أكثر مما يحلم، وإن حلم لا يقرن الحلم بالمستحيل. هذه الكلمة الأخيرة ليست موجودة في أبجدية رجل جعل من دبي مدينة الرخاء والسعادة والتفاؤل والثقافة والتواصل الحضاري مع شعوب الأرض. دبي مدينة طفولته وصباه وشبابه أراد لها أن تكبر أسرع منه، ليرى فيها كيف تتحول الحياة إلى سيمفونية وقصيدة مشغولة باللؤلؤ وضحكة الشمس. وصفة للتفوّق تنافسية دبي تقوم على الأفكار الجديدة المبدعة وعلى التطوير المستمر، والأفكار الجديدة بحاجة إلى عقول نيرة تحتاج بدورها إلى شبكة تواصل فيما بينها لترجمة أفكارها بانسيابية على أرض الواقع وفي شتى الميادين. هذه المعادلة الفكرية بلورها صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، وكانت العنوان الذي اندرجت تحته جميع إنجازات السنوات الماضية، وفي طليعتها الفوز باستضافة «إكسبو 2020» على أرض دبي بعد حملة عالمية استمرت سنتين، تكللت بالنجاح تحت شعار: «تواصل العقول وصنع المستقبل»، بدعم كبير من قيادة الإمارات، وعلى رأسها صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، حفظه الله.  وفي تعميم لهذه المعادلة الفكرية اتحادياً أطلق سموه مبادرة «العصف الذهني» لتطوير حلول للتحديات، التي تواجه القطاع التعليمي والصحي في الدولة، فأدى التفاعل الشعبي الواسع مع المبادرة إلى توليد أكثر من 82 ألف فكرة تمت مناقشة أبرزها في خلوة وزارية شهدت أيضاً إطلاق «مختبر الإبداع الحكومي». ويعزو صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نجاحات الإمارات ودبي إلى تبني مفهوم الإبداع وتواصل العقول، فتم الانتقال من الاقتصاد التقليدي إلى اقتصاد المعرفة، وإلى الحكومة الذكية، لتتحول دبي إلى مدينة تعتمد الاقتصاد الرقمي، كما تم إطلاق مبادرة «دبي عاصمة الاقتصاد الإسلامي»، والتي يتولى سمو الشيخ حمدان بن محمد بن راشد آل مكتوم، ولي عهد دبي، الإشراف على تطويرها. فالتواصل الحقيقي هو جسر العبور نحو مستقبل أفضل لأبنائنا والأجيال الطالعة، لتكون دبي مقصد المفكرين والمبدعين من كل الأجناس والأديان ونقطة التقاء بين الحضارات والثقافات العالمية. دعوة للتغيير كتابه دعوة مفتوحة لشباب الإمارات للعمل الجماعي والوطني الجاد: لم يتحدث عن النجاح وحسب، وإنما صنع نجاحات حقيقية في مختلف المجالات وعلى الصعد كافة المحلية والإقليمية والعربية والعالمية، سواء على المستوى الشخصي أو الحكومي: «من أراد أن يترك لنفسه أثراً في صفحات هذا الوطن، فالميدان أمامه، ومن أراد أن يبني لنفسه مجداً شخصياً فليعلم أنه حكم على نفسه بدنو الهمة وكتب نفسه في صفحات المنسيين». والكتاب يحفز الطاقة الإيجابية، ويدعو للحلم، ويحث على الإبداع، والحفاظ على الهوية، يقوي القدرة على الحلم، ويدفع  للإقدام على المخاطرة المدروسة والمغامرة لا المقامرة. يوصي  بالسعي لتحقيق المركز الأول دائماً، وحتى تتوهج طاقتك الداخلية فلابد أن تتحلى بالإبداع، لأن الإبداع لابد أن يكون جزءا من شخصيتنا إذا أردنا التميز، فالإبداع  هو روح النجاح،  ولأنك لن تستطيع تحدي إنجازاتك السابقة بغير إبداع،  ولن تستطيع تغيير واقعك الحالي بدون إبداع،  ولن تسبق الآخرين إذا خلوت من الإبداع، والإبداع لا يتحقق بإلقاء الكلمات، لأنه ثقافة راسخة، وحتى نحرزه فلابد من التعلم والمعرفة وألا نخاف من التغيير. ولكن كيف تكون مبدعاً؟ تقول لنا صفحات الكتاب، إنك حتى تصبح مبدعاً لا بد أن تتعود ألا تتعود.. فالتعود هو مصدر للراحة والكثيرين يؤثرون الراحة ولا يحبون التغيير ويحاربون من يسعى إليه» لذلك يوجه صاحب السمو الشيخ محمد الدعوة لكل المبدعين: «ستجدون دائماً من يقاوم أفكاركم، وهذه أولى العلامات أنكم في الطريق الصحيح، وأقول لكل المسؤولين، لا تقاوموا التغيير، بل كونوا جزءاً منه». أولويات يرى صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم أن أولويات التنمية ثلاثة: التمكين والتعليم والتوطين: اليوم مرحلة تمكين إنسان الوطن، وإذا تعودنا أن نبدع في الأشياء الصغيرة فإننا سنبدع في أشياءً أكبر. وخلاصة التمكين تتمثل في: 1 - نظام تعليمي رفيع المستوى: إن نهضة الدول والشعوب والحضارات تبدأ من التعليم، وإن مستقبل الأمم يبدأ من مدارسها». 2 - نظام صحي بمعايير عالمية: تغطية بنسبة 100% للخدمات الصحية الحكومية ولكن التحدي في الوصول إلى جودة الخدمات الطبية المقدمة. 3 - التنمية البشرية: أن تكون دولة الإمارات من أفضل دول العالم في مؤشر السعادة العالمي.  4 - اقتصاد معرفي تنافسي: «لا بد أن تكون لدينا الروح التنافسية القوية مع الدول والأمم الأخرى. متى ما فقدنا الروح، بدأنا في التراجع». ويهدف أن تكون دولة الإمارات من أفضل 10 دول عالمية في مؤشر التنافسية والمؤشر العالمي لريادة الأعمال ومؤشر سهولة الأعمال. 5 - بيئة مستدامة وبنية تحتية متكاملة: إن بناء الحجر أسرع من بناء البشر». وأن دولة الإمارات وصلت إلى بنية تحتية عالمية. 6 - مجتمع آمن وقضاء عادل: ان العدالة لا تتحقق فقط بسهولة الإجراءات إنما أيضاً بسرعة الفصل في القضايا. الاستثمار في العقول القيادة الناجحة هي التي تستطيع تعبئة جهود المجتمع لتحقيق الروية والأهداف الوطنية والتوجيه نحوها، ولها أهداف محددة. وفي سبيل بناء مجتمع نهضوي ذاتي الجهد والهدف، يصنع مقومات الرقي والتقدم والتحدي بنفسه ولنفسه، انطلاقاً من الاستقلالية في الرؤية التربوية الثقافية المميزة للدولة والملائمة لظروف وتطلعات ومعتقدات وأهداف وأفكار الفرد والمجتمع، قام سموه بتشكيل مجالس المستقبل، والتي تجسد رؤية سموه للاستثمار في العقول عبر النخب، وخلق البيئة المحفزة لهم للتفكير بطرق غير تقليدية، والاستفادة من أفكارهم للارتقاء بالقطاعات الحيوية التي تعتبر من ضمن أولويات حكومة الإمارات. وفي السياق ذاته، يأتي تأسيس مركز الشيخ محمد بن راشد المكتوم للتواصل الثقافي الحضاري في 2001م كونه مؤسسة إماراتية أصيلة تهدف إلى تعزيز التواصل، والاحترام والتعاون بين مختلف الحضارات، التي تعيش على أرض الإمارات العربية المتحدة. وتترجم رسالة المركز وأهدافه الخاصة بالمرأة، والفتاة، والطفل، نهج القيادة الرشيدة، وفي الأهداف نقرأ: «نحاول بذل جهودنا في تحقيق رؤية واضحة نحو مستقبل زاهر مليء بالنجاحات، وذلك لا يأتي إلا بالتركيز على القيادة وتضافر الجهود حتى نجعله يتجه نحو الصدارة وإلى الأمام دائما، منخلال تشجيع كل من الطفل والفتاة والمرأة على حفظ كتاب الله، والتقيد بتعاليمه السمحة، حتى نتمكن في النهاية من تربية جيل صالح واع وزوجة صالحة ومربية فاضلة يقتدى بها، ويبقى الهدف الرئيسي والأسمى هو توثيق العلاقات مع باقي الجاليات الأخرى العربية منها والأجنبية». وفي الدائرة نفسها تأتي جائزة محمد بن راشد للغة العربية، والتي تهدف إلى النهوض باللغة العربية، وتسهيل تعلمها وتعليمها، إضافة إلى تعزيز مكانة اللغة العربية وتشجيع القائمين عليها. وهناك الكثير مما يصعب حصره: ندوة الثقافة والعلوم ودورها النشط في خلق نشاط ثقافي فكري وفني في دبي، وجائزة القرآن الكريم في دبي، ومؤسسة سلطان بن علي العويس الثقافية، واتحاد كتاب وأدباء الإمارات، والمكتبات والجامعات والكليات والمعاهد،والمدينة الأكاديمية، وقرية المعرفة، ومدينة دبي للإنترنت، والمدينة الإعلامية، والمهرجانات الثقافية والفنية الموسمية.. كل ذلك وغيره ليس سوى انعكاس لرؤية صاحب السمو محمد بن راشد آل مكتوم لدبي كي تكون عاصمة للثقافة والفكر والفنون والإبداع من جهة، ومن الجهة الثانية عاصمة للتجارة والمال والسياحة والمبادرات الخلاقة، كما حددها في كتاب رؤيتي. توحيد القلوب.. قبل الدروب يقدم كتاب «رؤيتي» دروس خبير عرف الحياة، وعرف ما ينبغي على المرء فعله لكي يعيشها كما ينبغي لها أن تعاش، وفيه حكم كثيرة يصعب الإحاطة بها كلها، نستخلص هنا بعضها: * «إن لم تكن الأول، فالثاني والأخير.. نفس المصير»: الإصرار على تحقيق المركز الأول في أي عمل، هو أهم محفز للإنسان.  * «إطلاق المشاريع، أفضل من إطلاق الصواريخ»: دعوة للتعمير، والتميز والبناء، واستخدام طاقات الشعوب ومقدراتها، في توفير حياة الرفاهية الكريمة لهم، بدلا من التسابق في التسلح، وزرع بذور التوتر، لأن التنمية تعني الاستقرار. * «المستقبل يبدأ اليوم، وليس غداً»: «لو انتظرنا الغد حتى يأتي فسنستمر في تأجيل كل شيء»، «المستقبل لا ينتظر المترددين، وكلما أنجزنا أكثر أدركنا أننا يمكن أن نفعل أكثر»..* «التوقف مضيعة للوقت»: التوقف عن الانطلاق الطموح هو مضيعة حقيقية للوقت، فلن ينتظرك المنافسون حتى تتأخر في الإبداع والتطوير، وسباق التميز لا خط للنهاية له.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©