الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

أوباما.. فوزٌ في «الاستطلاعات» وخسارة للمعارك

26 ابريل 2014 22:45
فريد حياة محلل سياسي أميركي كتب المحلل السياسي روبرت كاجان مؤخراً يقول إن أوباما، ومن خلال القرارات المتتالية التي اتخذها خلال الآونة الأخيرة بخصوص مواضيع تتعلق بالسياسة الخارجية، منح الأميركيين ما يقولون إنهم يرغبون فيه. ولكن النتيجة لم تجعلهم فخورين بأميركا أو برئيسهم. وربما تفسر الظاهرة نفسها الشعورَ بخيبة الأمل تجاه سجل أوباما الداخلي. فـ«كاجان» يقول إن الأميركيين يتفقون مع دعوات أوباما بخصوص قضايا خارجية عديدة مثل الانسحاب من العراق، والإنهاء التدريجي للحرب في أفغانستان، والبقاء بعيدا عن سوريا. غير أن الصورة التي تتشكل نتيجة لذلك، صورة أميركا في تراجع وزعيم ملتزم التزاماً فاتراً بالدفاع عن الحريات، ليست هي ما كانوا يسعون إليه. أما في الداخل، فقد جاءت اللحظة المفصلية في 2011 عندما تجاهل أوباما توصيات لجنة تضم أعضاء من الحزبين وكان قد عينها بنفسه وأناط بها مهمة تصحيح الأوضاع المالية للبلاد على المدى الطويل. وكان ذلك أيضاً قراراً يتناغم مع استطلاعات الرأي. لجنة سيمبسون- باولز كانت قد دعت إلى زيادة الضرائب وإبطاء الإنفاق على «ميديكير» و«الضمان الاجتماعي»، وكلاهما أمران لا يحظيان بالتأييد الشعبي. وبالتالي، فلو تبنى أوباما توصيات اللجنة، لخسر «الديمقراطيون» أهم سلاح لهم في الحملة الانتخابية: تحذير المسنين من أن «الجمهوريين» يريدون أن يسلبوهم استحقاقات التقاعد والرعاية الصحية. ويمكن القول إن إعادة انتخاب أوباما في 2012 تؤكد هذا الحكم على ما يبدو. ولكن بأي ثمن؟ فقد هزم خصماً ضعيفاً عبر تصويره على أنه أوتوقراطي يقضي على الوظائف؛ ثم إنه لم يفلح في استعادة السيطرة على مجلس النواب التي فقدها في 2010؛ وأجندة ولايته الثانية هزيلة ومتواضعة. وعلاوة على ذلك، فإنه يواجه الآن خطر خسارة مجلس الشيوخ أيضاً. أما سلاحه لتجنب ذلك، فهو حملة خبيثة ضد «الحرب» التي يشنها «الجمهوريون» على النساء – وهي خبيثة لأنها تبالغ في تصوير الهوة بين أجور الرجال وأجور النساء، وتفرط في تبسيط سبب المشكلة الموجودة بالفعل، وتقترح حلا لن يعالج الأسباب الحقيقية. ولكن، دعونا نتخيل أن أوباما تبنى توصيات لجنة سيمبسون- باولز وسعى إلى أن يمرر عبر الكونجرس حزمة تجعل النظام الضريبي أكثر إنصافا وتحل مشكلة الديون التي تعاني منها البلاد منذ وقت طويل. ربما كان ذلك سيقوي «الجمهوريين» في الكونجرس الذين يريدون العمل والتعاون مع «الديمقراطيين» وإنجاز بعض الأشياء. ولكن التأثير على الحزب «الديمقراطي» كان سيكون أكثر أهمية؛ ذلك أنه بدلا من تقييد أنفسهم بمقولات ولوبيات القرن العشرين، كان باستطاعة «الديمقراطيين» أن يشرعوا في بلورة برنامج تقدمي للقرن الحادي والعشرين يركز على التعليم المبكر مثلا. وكان يمكنهم الحصول على موارد لسياسات الأسرة تساعد حقا على معالجة مشكلة الهوة بين الأجور. وبدلا من رئيس حزبي متعصب يتخذ موقفاً دفاعياً وأرقامه في استطلاعات الرأي آخذة في التراجع، كان بإمكان أوباما أن يكون رئيساً لكل من أميركا الحمراء (الجمهورية) وأميركا الزرقاء (الديمقراطية)، مثلما وعد بذلك ذات مرة. البعض (ومن بينهم أوباما) يجادلون بأن رفضه تبني توصيات اللجنة التي عينها إنما يعكس واقعية سياسية. ومن النسخ المتنوعة لهذه المقولة أن تبنيه لتلك التوصيات كان سيكون له أثر ضار بالنظر للعداء الذي يكنه له «الجمهوريون»، وأنه من خلال تحفظه عزز فرص التوصل لاتفاق مالي مع «الجمهوريين»، وقد بتنا الآن نعرف كيف نجح ذلك. هذا في حين تقول نسخة أخرى تشير إلى أن ذلك كان سيكون عملاً ميؤوساً منه، وذلك على اعتبار أنه لم يكن لديه شريك «جمهوري» جدي؛ وبالتالي، فإنه لم تكن لديه فرصة لتمرير الإصلاح عبر الكونجرس. نحن لن نعرف ما إن كان ذلك صحيحاً. ولكن يمكننا أن نكون واثقين إلى حد ما بأن رؤساء آخرين كانوا سيحاولون. وقد يجادل آخرون بأن أوباما كان على حق حين تجنب «تقشف» لجنة سيمبسون- باولز. والحال أن اللجنة لا علاقة لها بالتقشف أبدا. ذلك أنها أوصت وفازت بدعم «الجمهوريين» لمستوى أعلى من الإنفاق الحكومي مما اقترحه معدو الميزانيات «الديمقراطيون» أو «الجمهوريون» منذ ذلك الوقت. وبالمقابل، فإنها مثلت اعترافا بضرورة إعادة النظر، في مجتمع ما انفك يزداد شيخوخة، في بعض أوجه الإنفاق الحكومي التي تُركت على حالها لوقت طويل، وذلك حتى يتسنى منح أولويات أخرى – مثل الدفاع الوطني، والمنتزهات الوطنية، والكليات، والسكك الحديدية، إلخ. - نصيبها من الاهتمام، وتحصل جميعها على التمويل. وقد كانت تلك هي الخيارات الصعبة التي وعد أوباما بمواجهتها حين كان مرشحاً في 2008، بمواجهتها. وقد سماها اختيارات صعبة لسبب بالطبع: ذلك أن كل قرار من هذه القرارات يثير المعارضة. واستطلاعات الرأي العام، والمستشارون السياسيون يدقون ناقوس الخطر ويشددون على أن «إنقاذ» الضمان الاجتماعي يأتي بنتائج جيدة في استطلاعات الرأي، على غرار تجنب سوريا. ولكن مثلما لا يحب الأميركيون أن يفكروا في أنفسهم كشعب سيسمح لديكتاتور مثل بشار الأسد بارتكاب أعمال القتل والتعذيب من دون خوف من العقاب، فإنهم لا يحبون أن يفكروا في أنفسهم كأمة غير قادرة على التوحد ورص الصفوف لحل المشاكل الكبيرة. وعليه، فربما فاز أوباما في استطلاعات الرأي، ولكنه خسر المعارك المهمة. لقد أظهر أوباما مؤخراً أثناء حشده الحلفاء من أجل مساعدة أوكرانيا الزعامةَ التي يتوقعها الأميركيون من رئيسهم في الخارج. والواقع أنه مازال يمكنه أن يفعل نفس الشيء في الداخل. ونظرا للثلاث سنوات التي ما زالت لديه في الرئاسة، فإنه لن يكون «بطة عرجاء» إلا إذا اختار أن يكون كذلك! ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©