الثلاثاء 23 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الانتخابات العراقية.. ورهان الديمقراطية

الانتخابات العراقية.. ورهان الديمقراطية
26 ابريل 2014 22:45
لقمان الفيلي السفير العراقي لدى الولايات المتحدة عندما يصوت ملايين المواطنين العراقيين في الانتخابات البرلمانية المزمع عقدها في الثلاثين من الشهر الجاري، فإنهم بذلك لا يدلون بأصواتهم لاختيار مرشحيهم المفضلين فحسب، وإنما يوجهون أيضاً لطمة قوية لوجوه الإرهابيين الذين يحاولون إخافتهم وإبعادهم عن أماكن الاقتراع بهدف الحيلولة دون إرساء دعائم الديمقراطية في العراق. وفي حين من المتوقع أن يشارك نحو 60 في المئة ممن يحق لهم التصويت، ستكون الصفوف الطويلة في يوم الانتخابات دليلاً دامغاً على أن العراقيين يرغبون في أن تحدد قيادة وإدارة دفة دولتهم عبر صناديق الاقتراع، وليس صناديق الرصاص. وتمثل الانتخابات البرلمانية -وهي الرابعة منذ الإطاحة بصدام حسين في عام 2003 والأولى منذ انسحاب القوات الأميركية في نهاية عام 2011- مَعلماً بارزاً على طريق رحلة العراق من الاستبداد إلى الديمقراطية، وتصديقاً إضافياً على أن تضحيات كثير من العراقيين والأميركيين لم تذهب سُدى. ومع خوض أكثر من تسعة آلاف مرشح ينتمون إلى 107 كيانات سياسية للمنافسة على 328 مقعداً برلمانياً، ستكون أمام الناخبين على اختلاف توجهاتهم ومشاربهم فرصة للتعبير عن اختياراتهم للقادة الذين يفضلون توجهاتهم وانتماءاتهم السياسية. وعلى رغم ذلك، هناك أيضاً اتفاق على بناء نظام ديمقراطي متعدد الأحزاب والعرقيات والأيديولوجيات يرتكز على حكم القانون. وقد تم اتخاذ كافة الخطوات الضرورية لضمان عقد انتخابات حرة ونزيهة وشفافة، على رغم التهديدات الإرهابية، وتدار العملية من قبل «المفوضية العليا المستقلة للانتخابات»، وهي كيان مستقل مكون من تسعة مفوضين عينهم ووافق عليهم أعضاء البرلمان. ونتلهف إلى إجراء انتخابات شفافة، وكبناة للديمقراطية، نرحب بالرقابة الدولية، ولهذا السبب تعمل «المفوضية العليا المستقلة للانتخابات» مع بعثة الأمم المتحدة في العراق وترحب بـ667 مراقباً دولياً. وهناك إجراءان من بين تدابير أخرى كثيرة لضمان أكبر قدر ممكن من المشاركة في عملية التصويت بحرية، إضافة إلى إجراء الإحصاءات بدقة: - بينما لا تزال بعض المناطق التي تعج بالعنف في محافظة الأنبار غير آمنة لإجراء التصويت، سيتمكن النازحون من التصويت في أماكن بديلة آمنة، وفي أنحاء العراق، سيتم استخدام بطاقات التصويت الإلكتروني للمرة الأولى. - بعد أن خضع العراق لحكم الفرد والحزب الواحد في ظل نظام صدام حسين، يدرك العراقيون الآن أنه ما من فصيل واحد -سواء أكان سياسياً أو عرقياً أو إقليمياً أو دينياً- ينبغي أن يحكم الدولة بمفرده. وبدلاً من ذلك، تشجع العملية الانتخابية على تشكيل حكومة شاملة، مع تخصيص ربع المقاعد للنساء، وهو أمر نادر في منطقتنا، إلى جانب تخصيص مقاعد أخرى للمسيحيين والأقليات العرقية والدينية الأخرى. ولم تمنع «المفوضية العليا المستقلة للانتخابات» سوى 15 مرشحاً فقط من المشاركة في الانتخابات في أنحاء البلاد، استناداً إلى المادة السابعة من الدستور، والتي تنص على إقصاء أولئك الذين «ربما يتبنون العنصرية أو الإرهاب أو يدعون إلى التكفير أو التطهير العرقي». وبعد انتهاء الانتخابات، ستستمر العملية الديمقراطية، وفي ضوء احتمال وارد جداً بأن لا يفوز حزب واحد بأغلبية 167 مقعداً في البرلمان، فإن المحادثات الوطنية ستتواصل بشأن كيفية قيام الأحزاب المتنافسة بتشكيل حكومة ائتلافية سوياً. ولا تعتبر التعددية هي أفضل طريق لبناء الديمقراطية فحسب، ولكنها أيضاً الطريقة المثلى لهزيمة الإرهاب، وعندما يكون لكل شريحة في المجتمع صوتها المسموع، ولا يشعر أي من أفراد المجتمع بالإقصاء، ويثق المواطنون في أن مظالمهم يمكن حلها بطريقة سلمية، ستكتسب الحكومة الجديدة في العراق شرعية، ومن ثم تحول دون حصول المتطرفين على الدعم السياسي الذي يحتاجونه من أجل استخدام أساليبهم العنيفة. وبينما نعقد انتخاباتنا الوطنية، يتصدر العراق في عملية بناء الديمقراطية، وعلى جبهات محاربة الإرهاب، خصوصاً أن المعركة ضد «القاعدة» في العراق تعتبر جزءاً أصيلاً من النضال الأكبر ضد الإرهاب العنيف الذي يهدد دول الجوار في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، إلى جانب الشعوب الأخرى في كل مكان. وبناء على ذلك، يجب على الولايات المتحدة والعراق، تعزيز ما وصفه الرئيس أوباما بـ«شراكة ندية»، فالعراق يحتاج إلى المعدات والخبرات والتعاون في مجال الاستخبارات، ولكن من دون أي تواجد أميركي على الأرض، وبالمثل هناك حاجة إلى استثمارات اقتصادية وليس مساعدات أجنبية. وإلى جانب المشاركة السياسية، يعتبر تعميم الازدهار هو أفضل سبيل لهزيمة التطرف العنيف وترسيخ الاستقرار، ومن المتوقع أن يحقق التطوير المستمر لقطاعنا النفطي في العراق ما يربو على خمسة تريليونات دولار في غضون العقدين المقبلين. ويعتزم العراقيون استغلال هذه الإيرادات بصورة أساسية في إعادة بناء البنية التحتية للنقل ووسائل المواصلات وتحسين التعليم والرعاية الصحية واستعادة نظم الكهرباء وإمدادات المياه والصرف الصحي. وتوفر جل هذه المساعي وغيرها فرصاً استثمارية ضخمة للشركات الأميركية. وستكون الانتخابات البرلمانية خطوة كبيرة على طريق تقدم العراق صوب إرساء الديمقراطية والتنمية وهزيمة الإرهاب، وأيّاً كان ما ستتمخض عنه عملية التصويت، فإن العراقيين والعالم بأسره سيكونون هم الفائزين. يُنشر بترتيب خاص مع خدمة «إم. سي. تي. إنترناشيونال»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©